ارشيف مقالات وآراء

• الى اين المسير؟

تيري بطرس

 الى اين المسير؟

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

 

في بدء نشاط الناس تحت لافتة الامة اي منذ اكثر من قرن ونصف القرن، اختاروا الامة لانهم كان يعتقدون ويؤمنون ان الكنيسة قد قسمت الشعب الواحد الى شذر واقسام متناحرة ومتباعدة تكاد ان تنحاز الى الخصم لكي تفوز على القريب. ولكن الفعل القومي ومنذ البدء تعرض للانتكاسة، فقسم فضل الكنيسة على الامة، وفي خضم الصراع وانتهاك كرامة الامة والفرد، ساومت بعض الكناس الانسان  على حياته، فاما معي او انت عدوي، والعمل القومي لم يكن قد نضج تعرضت الامة لابشع مذبحة في تاريخها الا وهي مذابح 1914-1017 ويخطئ من يحمل قادة الامة سببها، لان المذابح كانت قد شرعت اصلا منذ خريف عام 1914 باعلان مفتي السلطنة الجهاد ضد المسيحيين، اي قبل انحياز قياداتنا السياسية والعشائرية والبعض الدينية الى صفوف الحلفاء بكثير، ولم يكن في وسع هذه القيادات الاستكانة الى وعود المسؤولين العثمانيين الصغار وهم يعلمون بان الفتوى وبان السياسية في نظر هؤلاء ماهي الا الخداع.

 

بين كل كبوة وكبوة، كان بعض ابناء الامة ينهض لتحمل المسؤولية، ولكن الغريب اننا لم نتعلم من تجاربنا وليس من تجارب جيراننا، لم نتعلم كيف نتحاور ونتناقش، ونعطي لاخينا الاخر الاسباب الحقيقية لما قمنا به، فبالرغم من قبولنا كل ما يقوله الاخر ونطيع ما يفرضه علينا، الا اننا بين ابناء شعبنا وامتنا نريد ان نطاع وان نفرض عليهم كل شئ دون القبول ولو بعلامة استفهام. اذا انا وانت  والف وباء وتاء وثاء  كلنا للغريب الاخر اذان صاغية وحضور للتنفيذ، ولكننا غير مستعدين لخلق الية لنوصيل ارانا وحقائقنا ومعلوماتنا للاخر من ابناء شعبنا، لكي يعلم اسباب ما عملناه وما قلناه، وهكذا نحن مع الاخر من غير الامة ساحة مستباحة ومع ابن الامة نبني جدرانا ونقيم اسيجة ونخلق عداء. ان العلل الكبرى للتناحر داخل الامة هو انقطاع الاتصال والتواصل، واعتبار كل واحد نفسه انه المخول الوحيد للتكلم باسمها والتسيب وعدم الاعتراف باي ثابت في الامة، هذه الامور تعتبر الشر الذي ينخر في الامة والشعب، فهل من رجال يتصدون لهذا الشر لكي يبنوا مستقبل الامة الواحدة.

 

من جيراننا اخذنا اسوا ما فيهم، فالعالم يتقدم ويخطو الخطوات الكبرة الى الامام، اما محيطنا فهو وبكل المقاييس يتراجع الخطى نحو الخلف، وانا اختلف مع البعض ممن يعتقد ان الاسلام صار الهوية السياسية للمنطقة، قد يكون كذلك لسنوات قليلة ولكنه سينهزم كانهزام الفكر القومي العروبي الشوفيني. ان الاسلام وفرضه كقانون على البلد، يعني حرب شيعية سنية لن تتوقف الا والعراق اشلاء.

 

  نحن اخذنا سياسية الثبات على الموقف، وتخوين كل من يخرج بجديد والاعجاب بالماضي، الحاضر والمستقبل اما هما غير موجودان في مخيلتنا، او اننا نحاول ان نجيرهما للماضي، فويل لامة حاضرها ومستقبلها هو ماضيها.

 

خلال السنة الماضية نشرت اكثر من مقالة تحذر من المستقبل المظلم الذي ينتظرنا كاشوريين او ككلدان او كسريان او كمسيحيين، في وطننا الاصلي، وحذرنا من ان المهجر يعيش الهوية القومية لان الوطن يمدهم بالقوة، وحين يخلو الوطن من ابناء الشعب، فمصير المهجر هو الذوبان السريع، ولكن لم ارى اي شعور بالمسؤولية من لدن قادتا في الاتجاهين الكنسي والسياسي.

 

نحن بحاجة الى ثورة في الممارسة السياسية والكنسية على السواء، في الممارسة السياسية ثبت بالبرهان القاطع ان لا احد يمكن ان يلغي الاخر، ولكن القطيعة مدمرة، ليس للاحزاب ولكن للامة، بما تزرعه هذه القطيعة من الجروح والالام والضعف في بيتنا الداخلي. كل الامم عندما تجد انه ان اوان النهوض، لا تتهرب من دفع الواجب، بل تدفع وبسخاء من اجل المستقبل، فهل ان احزابنا مستعدة لدفع ثمن واحد للامة التي تدعي الدفاع عنها، الا وهو الترجل من حصان الكبرياء؟

 

تدرك كل كنائسنا اننا شعب واحد وامة واحدة، وان ما يقسمنا ليس اللغة ولا التراث ولا التاريخ، بل ان ما قسمنا هو التبعية الكنسية، ولكن بعض الكنائس مستعدة للذهاب بعيدا في تقسيم وشرذمة الامة. ان الكنيسة التي تعمل لنشر رسالة المسيح، من واجبها البحث عن خلاص شعبها، ليس فقط روحيا، بل شعبها كشعب يعيش وياكل ويشرب ويتمتع بما وهبه له الله من الغنى سواء بصورة مميزات او بالثروات، فلو زال الشعب بمميزاته هذه لما بقى للكنيسة دور مميز، على الاقل هذه الكنبسة التي تقول انها تحمل تراث كنيسة المشرق. ان المسيحية يمكنني ان اجدها في كنائس اخرى، ولكن المسيحية المشرقية لا اجدها الا في ورثة كنيسة المشرق، ولقد كات كنيسة المشرق وفية للمسيحية عندما قدمتها بلغة الامم، ولكن هذه الكنيسة لم تتخلى يوما عن لغة شعبنا، لا لصالح العربية ولا لصالح الكوردية او التركية او الفارسية!!!

 

نعم ايها السادة من ارباب الجبب الملونة  ومن اصحاب الكرافات المزينة، انه جرس الانذار، هل يهمكم امر امتكم ام لا؟ ان الساعة اتية ولا مفر منها، فهل سنعمل من اجل العلاج؟ ام سنستمر في تطاحنا الفارغ والخاسر والطفولي الحالي؟