اخر الاخبار:
محافظ نينوى يزور مطرانية القوش - الثلاثاء, 16 نيسان/أبريل 2024 10:33
زيارة وفد هنغاري الى دار مطرانية القوش - الثلاثاء, 16 نيسان/أبريل 2024 10:32
طهران تتراجع عن تصريحات عبداللهيان - الإثنين, 15 نيسان/أبريل 2024 11:24
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

• بعض ما قيل في تاريخ البساتين

شعر: ياسين طه حافظ 

 بعض ما قيل في تاريخ البساتين

 

 

(1)

ما يقولونه في المقاهي

ما يقولونه في السفر:

"1"

لا طريق لماضيهِمُ

لا نرى شارةً في حجارِ منازلهم

او معابدهم

لا نرى نقشَ آجرةٍ،

لا نرى مَنْ يقصُّ لنا خبراً

عن رجالٍ معاوِلُهم فوق اكتافهم

نزلوا في المناقع او في اليبابْ،

عن حياةٍ أتتَْ ومضتْ في الضبابْ.

قيل اما تحرّيتَ في الليلِ،

سمعت أناشيدَهم

ورأيت مصابيحَهم والقبابْ...

"2"

قالَ بعضُ الذين روَوا سِيَراً غامضاتْ:

"أمرُهم عجَبٌ هؤلاءْ

عالمٌ آخرٌ ينتمون لهُ

وكتابٌ لهم يقرؤن

هُمُ مثل الدراويش في الخَلَواتْ

لهُمُ سوَرٌ واحاديثُ غامضةٌ

وأسانيذ مُربِكةٌ لحياةٍ تجيءْ

من ظلمات الحياة.

"3"

اقترِحْهُ نظاماً يجيءُ به عالمٌ

من تصاويرَ او عالمُ من حكايا

لترى في البساتين خوارقَ من ثمَرٍ

وحياةً مهذبةً لا نشاز يبعثرُ افراحَها

وجمالاً رضياً على كل بابْ

وترى ما يشيرُ الى انهم

حاصرَتْهم عصاباتُ موت أتَتْ

من بعيدْ

وهم انقرضوا بالسيوفِ

او انقرضوا بالرصاصِ

وضاعت امام الخيول المُغيرة أرواحُهم

فهمُ جملةٌ من أحاديثَ تناقَلَها

في الزمان الرواة...

"4"

نحن نرى دماءَهم

او نقرأ الرسائل المُلقاةَ في الطريقْ

نجومهم تباعدتْ،

كانوا معلّقين في السقوفِ

او كانوا على الصُلْبانْ

او كانت الرقابْ

محزوزةً، على الترابْ

ما غيّروا وعودَهم، ما أنكسر الصوانْ

ولا انثنتْ على الطريق قدَمٌ ولا

تناثرتْ جموعُهم وهم يشقون طريق الشمسْ

في وسَط الرصاص والدخانْ.

 

"5"

" تتسربُ في الريحِ

حكايات ناسٍ يعيشون ما بين اشجارهم

وهُمُ زَرعوا شجراً نادراً

فأهاجوا من الظلمات سلاحفَها القاتله

واستماتوا صفوفاً هنا يطردونَ

خنازيرَ فتّاكةً،

كي يصونوا ملايينَ اوراقِهم والطيورْ

وتلالَ عنابرهم وبيوتَهمُ والفوانيسَ

وأعشابهَم والجذورَ

وكي يُنقذوا السمك السارحَ في

النهرِ ويحموا مضاربَ ليمونِهم والتمورْ..

"6"

" دمهم يصل الارضَ وهم ينظرون

لأشجارهم

وهي القريةُ احترقتْ

والبساتين مذعورة تتساقطُ

ازهارُها والنجومْ

والسواقي ينام باحشائها

حجرٌ أسودٌ وأكفٌ مقطّعةٌ

ورؤوسُ نسورْ.

"7"

انهم في الظلام، وحين ينام الحرسْ

يخرجون بصمتْ

يرسمون رؤى فوق جدرانِنا،

فوق اشجارِنا، كلماتْ

نتحيّر في فهمها

انما نستريحُ لها

واذا ما ابتعدنا الى الصيد نأتي

بكل قرابيننا لها!

"8"

كانوا يقولون بصوتٍ مثلما النشيدْ:

تغيّرتْ حقائقُ الكون لنا:

الميلادُ بعد الموت"!

كانوا يقولون بصوتٍ مثلما النشيدْ

نقايض التاريخَ

ضربةً بضربةٍ، ونفتح الطريقْ!

.....

كانوا يضجون بصوتٍ مثلما النشيدْ...

"9"

موجُهم يتقدم يعرف ان الطريق لهُ،

والصدورْ

تتقدم واثقةً في الزمانْ .

وعليهم مسوحُ معاركَ غابرةٍ

وكأنْ ليس يخدِشها السيفُ

او تقتل الطَلَقاتْ

قائدُ المجزرة

صاح في غضَبٍ:

أيُّ ناسٍ أولاء! "

"10"

"كل شيء هنا يتلقّفهُ شركٌ من مخالبَ

حتى تلاشى البنفسج في الطينِ

حتى ذوتْ خِصَلٌ من نجومْ

وحتى تكوّم رملٌ واشجارُ خوخٍ مقطعةٌ

ودم فائرٌ في الترابْ

ودم في الغيومْ.

قال لي رجل انه قد رأى في المساءِ

ليمونةً من فحَمْ

تتدلى بغصنٍ فحَمْ

ورأى رجلا راقداً قرب ساقيةٍ

مدَّ لي يدَهُ،

ثم نامْ

يتلوى على حنكِهِ خيطُ دمْ

يتلوى كلامْ .. "

"11"

" قطعوا زمناً يقربون لانفسهم

يتناءون عن صخبٍ حولها

فتجلتْ هنالك أرواحُهم

وارتضوا سبُلاً بين اشجارهم والنخيلْ

يُكمِلونَ مواسمَ افراحِهم بالوصولْ  

ليس يُحزِنهم ان اضاعوا اساطيرَهم

وشواردَ اخبارهم ،

فهمُ في الزمانْ

عزّلاً يرقبون الطريقَ حتى

تكشَّفَ غيمُ الضبابْ

فأقاموا صِلاتٍ مع النجمِ،

أقاموا صِلاتٍ مع الغيم مشتعلاً

في السماءِ،

أقاموا صِلاتٍ مُضَمَّخَةً بالترابْ

واذا همُ سادةُ هذي السهولِ

وسادةُ هذي الهضابْ

مُريدو جمالٍ، وناسٌ ملائكةٌ

يزرعون اليبابْ..

"12"

يروون يوماً قرأوا كتابةً تقولْ:

ايتها الارضُ التي تموتُ

بين نهَرٍ ونهَرٍ

ان كان هذا كلً ما نأملُهُ

ان كان خبزُنا

صَعْبا، وموتُنا

سهلاً، فاننا

نختم فوق الطينْ

اسماءنا،

نلقي بذورَ الله

في هذه البيداءْ

نصنع في يباسها وطَنْ

ونُطلِعُ الحياة

في هذه الفراسخ الموبوءة التي

ينام فيها الموتْ والعفنْ

 

"13"

قال لي آخرٌ:

"أمرهم عجبٌ هؤلاء ِ

فحولتهُم كاسحه

واغانيهم تُحبِلُ الحقولْ

واذا أطلعت ارضُهم ثمراً نادراً ،

خرجت كلُّ اقمارهم للعراءِ

وفاضت براياتها الفصولْ..

(2)

ما أكتشفوه في كهوف مهجورة

كتابات

ورسوم..

"1" 

"حين سرنا جموعاً وريحَ الصباح،

حين كان الصفيرْ

خلفَنا، حين كنا ندوسُ

باقدامنا الحافيه

فوق تاريخ هذي السباخْ،

حين كنا ندورْ

نتحاشى الكواسرَ...، كنّا

اذا ضاق من حولنا الافُقْ

وتهاوى على جرحه واحدٌ

ثم اغمض عينيه،

نرفع نحن الاكفّ لهُ.. ونودعهُ

ثم نحمله جانباً بامتنانٍ

ونجعل من قبره شارة في الطريق ..

"2"

كارثةٌ مسلحة

تجوب في الدروب ِ

تقولُ:

في هذي الرؤوس اختبأت خرائطْ.

تقول: في الوسائدْ

تقولُ بين خبزهم

وخلف قمصانهمُ وفي زوايا الدار

وفي شقوق أيّما جدارْ

أخفَوا بذورَ النارْ!

"3"

" حياتُنا لا تعرف الذبولْ

ولا الضياعَ في العدمْ

جمالُها مُقيمْ

ونحن بين اثنينْ

لا حقيقةٌ ولا وهَمْ

نحن بلا خوفٍ من المجهولْ

ونحن لا نقشٌ على قبورنا

ولا نريد قبةً ولا نذورْ

لكننا نترك في الحياة

حياتَنا تدورْ...

"4"

"لا نرى بيننا قاتلاً

او مُريشَ سهامٍ

ولا حاملاً للدروعْ

انتسبنا الى الماء كي نستقي

والى الظل كي نلتقي

والى الثمرات التي تتدلى لكي

لا نجوعْ".

"5"

" اذا دخلتم هذه الكهوفْ

تنحدرون لاصطياد لذةٍ

او فَرحٍ،  

تذكرّوا في ابعد الحقولِ

او في هذه الشوارعْ

صفَّ رجال وهبوا انفسهم

للافُق البعيد والمواكبْ

أكفُّهم مخلوقةٌ لتكسر الاقفالْ،

لكي تشدّ للصخر المحاريثَ

لكي تشيدَ ما بين الهُوى قناطرْ

تذكرّوا من مات واحترقْ

ضَخَّ دماءَ جسمهِ

وما نطقْ!

"6"

" منحدرات الاستبرقْ

يجري فوق زخارفِها

رجلُ أفلتَ خلف جدارْ

ظبيٌ واحدْ

وقطيعُ سكاكينْ ..

"7"

" بقيتْ شجره

تحمل اعلاماً سوداً

لقبائل منقرضه .. "

لمتابعة قراءة القصيدة على الصفحة الثانية / اضغط التالي ادناه

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.