اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

بركان تال وهجرة العاملات بحث عن رزق ووطن بديل// سارة السهيل

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

سارة السهيل

 

عرض صفحة الكاتبة 

بركان تال وهجرة العاملات بحث عن رزق ووطن بديل

سارة السهيل

 

في ليلة من ليالي الشتاء البارد في مدينة عمان الجميلة اصطحبت المساعدة المنزليةمعي على العشاء بعد نزهة شتوية و جلسنا  جلسة انسانية خاصة جدا حرصت فيهاعلى ان  اجد تفسيرا لما يحيط بعينيها من أحزان عميقة، وربما يكون هذا الحزن جزءبسيط مما يخزنه القلب مآسي وآلام خاصة و هي في غربة عن وطنها بعيدة عن أهلها وأصدقائها فوضعت نفسي مكانها وهي إنسانة طيبة و خلوقة

 

تناولنا أطراف الحديث، فاذا بها  تحدثني عن أسباب هجرتها من وطنها للعمل والكفاح،وعن اهتماماتها ومشاغلها. كانت مرتبكة وحزينة على ما حدث في احدى المدن السياحيةالجميلة في بلدها، حدثتني  عن البركان وعن العرس وما بينهما وما بعدهم هذا العرسالذي اشتهر بسبب البركان الذي حدث في هذه المدينة للمرة الثانية بعد مئة عام ،

 

مدينة تال من اهم المدن السياحية في الفلبين يأتيها السياح من كل مكان في العالم

 

كما تعد مكانا مفضلا وشعبيا لقضاء عطلة نهاية الأسبوع بعيدا عن العاصمة مانيلا. وقالت لي جنيفير ان ابنتها تجمع المال من مصروفها منذ سنة حتى تقضي عطلة الصيففي مدينة تال الجميلة لكن الحظ لم يوافيها لما حصل من مآسي

 

 

وكيف ان الوطن في لحظة الفرح يتحول الى مكان مرعب وهلع وفرار بعد ان تحولت ارضالزفاف الى جحيم بفعل تساقط الحمم البركانية، وتحولت المنازل الى اطلال، والاستقراروالامان الى نزوح بديل لحين سكون الحمم البركانية والعودة الى مدينتهم  مجددا .

 

وما حدث في هذا العرس من أكبر مشاهد الدراما التي يمكن للانسان ان يراها ويفزع لها،فأهل الفلبين يقيمون حفلات زفافهم في مدينة  "تاجايتاي" استفادة من الخلفيةالساحرة للبركان والبحيرة، في منطقة تال البركانية،

 

وكذلك فعل العروسان إيزا وجيزريل أوتور، البالغان من العمر30 عاما، حيث تزوجا فيحديقة بمدينة "تاجايتاي"، في نفس يوم ثوران بركان "تال"، وفي توقيت تبادل نذورالزواج أثناء الحفل، وعلى اثره ، اضطر حوالي 100 ضيف، إلى الإسراع بمغادرة المكانهربا من الرماد البركاني، وتأثيره الخطير على الجهاز الصدري والتنفسي للانسان.

 

وهكذا لحظة فان سعادة العروسين تبدلت بالحزن لما لحق بالمدعوين من خطر وضرر، ومالحق بالمدينة من اضرار، حيث جفت البحيرة البركانية الرئيسية نتيجة ثوران البركان، وماتت خصوبة الجزيرة وصارت أرضا قاحلة، كما غطى الرماد البركاني بلونه الرماديالكثيف المنازل والنباتات والحقول.

 

وانتشر غاز ثاني أكسيد الكبريت في الهواء، وعثر على جثث حيوانات نافقة مدفونة فيالرماد، أو طافية على الشاطئ ، بينما غطى الرماد المنازل التي شقى سكانها في جمعالاموال في بنائها وتأسيسها.

 

وتواصل المساعدة الفلبينية، جنيفير حديثها معي  لتحكي أثار ما حدث في بركات تال،وغيره من البراكين التي تثور في  بلادها، حيث يتسبب البركان في دفع المسئولين الىاغلاق القرى والمدن وقطع الكهرباء والمياه لدفع السكان إلى مغادرة المكان حفاظا علىارواحهم، ولذلك يجري إغلاق الأسواق والمتاجر والبنوك والمدارس والمؤسسات التجارية،وتخلو الطرقات إلا من بعض سيارات عمال الطوارئ وأفراد الشرطة، الذين يقيمون نقاطتفتيش حول البلدات المتضررة، بجانب إلغاء 240 رحلة طيران دولية.

 

فنشاط  بركان تال خلال الايام الماضية  دفع السلطات الفلبينية الى  إجلاء كلي لما يقربمن نصف مليون شخص بالقرب من العاصمة مانيلا، بعد أن أطلق بركان "تال" رمادايصل طوله إلى 14 كيلومترا فى الهواء، مما أثار مخاوف من إمكانية ثوران البركان.

 

والطامة الكبرى انه بحسب مسؤولين فلبيين، فان بركان تال لايمكن التكهن معه بانتهاءفترته، وانهم لا يعرفون ما إذا كان سيثور بصورة أكثر كارثية أم سيظل مضطربا لمدةأسابيع أو أشهر، في ظل تواجد أعداد هائلة من القرويين النازحين في ملاجئ الطوارئ.

 

ولعله من المثير للدهشة، ان الفلبين  تقع على طول "حلقة النار" في المحيط الهادئ، وهيسلسلة من الصدوع حول حوض المحيط تشهد الكثير من الزلازل والانفجارات البركانيةفي اوقات مختلفة، وهو ما يفسر اندلاع بركان " مايون " في الفلبين في15 يناير 2018،وجرى اجلاء  أكثر من 12 ألف شخص من المنطقة، وكان أعنف ثوران له وقع في 1814 عندما قتل 1200 شخص في الحمم البركانية التي دمرت بالكامل مدينة كاغساوا، ويعودآخر انفجار لهذا البركان إلى 2014، ودفع السلطات إلى إجلاء 63 ألف شخص.

 

ومع استمرار النشاط البركاني في الفلبين فان اهلها يهجرونها لبعض الوقت يجمعونالمال خلال هجرتهم ويعودون عندما تخمد البراكين لبناء منازلهم المدمرةمجددا داخل وطنهم الذي ينتمون اليه ويوفر لهم مصدرا جيدا للدخل من خلال السياحة،حيث ان أكثر من 11 ألف من السائحين المحليين والأجانب يزورون المدن والبلدات المحيطةببركان "تال"  ويتنزهون اعلي قمة الجبل ويستمتعون بمشاهدة البحيرة البركانيةومياهها الخضراء ويتمعون بركوب الخيول.

 

اخيرا، فانني اعتقد ان الاعلام لا يسلط الضوء على هذه النكبة التي هجرت مليون انسانومنهم عائلات العاملات في بلاد الغربة الذين ذهبوا للقمة العيش لبناء منازل هدمهاالبركان واصبحوا نازحين، والحقيقة ان في بلادنا ماسي الحروب و لكن في بلاد اخرىحروب الطبيعة فكل البشر يأخذ قسط من الهم والحزن أتمنى ان تنتهي كل المآسي منكوكب الأرض

سارة السهيل

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.