كـتـاب ألموقع

هل يروج سلام الزوبعي لصفقة مع عصابة سرقة مصفى بيجي؟// صائب خليل

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

صائب خليل

 

عرض صفحة الكاتب

هل يروج سلام الزوبعي لصفقة مع عصابة سرقة مصفى بيجي؟

صائب خليل

19 كانون الثاني 2019

 

تداول الفيسبوك فيديو يبدأ بالمقطع أدناه، يتحدث فيه الدكتور سلام الزوبعي النائب السابق لرئيس الوزراء، مع الاعلامي الدكتور نجم الربيعي عن سرقة مصفى بيجي.. ونفهم من المقطع (يمكن مشاهدة أربعة دقائق منه ثم اكمال المقالة (1)) ما يلي:

 

1- أن قطع السكراب الباقية من سرقة المصفى، قيمتها 4 مليارات دولار ..

2- أن هناك رجل اشترى السرقة من اللصوص بـ 100 مليون دولار- لكنه رجل شريف جداً!

3- هناك دولة ما عرضت على المشتري مليار دولار مقابل أجزاء المصفى المسروقة تلك.

4- لكن "الشريف" الذي اشترى أجزاء المصفى من اللصوص، رفض ذلك بكل إباء!

5- لكن "الشريف" يطلب من الحكومة العراقية "فقط" 200 او 300 مليون دولار، ويقول "تعالوا أخذوه.. بس اخذوه!"

6- الحكومة والمسؤولين يذهبون بوفود اليه لكنهم لم يستطيعوا عقد صفقة معه لأنهم اختلفوا على "الكومشن" .. لأنهم "سرسرية"

7- يسأل الربيعي: "الكومشنات ويه الرجل"؟ فيقول له الزوبعي: طبعاً!

8- الزوبعي يقول انه لا داعي للتحقيق فيمن سرق المصفى ومن باعه واشتراه.. وأن علينا ان نسترد المصفى "لنحفظ كرامتنا"

9- الدكتوران يبثان نجواهما تأثراً بهذه التضحية العظيمة للرجل الشريف.

10- الدكتور الربيعي يطلب من القناة ان يكون "هذا الحديث “برومشن” يومي في التلفزيون، الى ان يستعاد مصفى بيجي!"

 

حدث العاقل بما لا يعقل....

1- لا أحد يدري من اين جاء هذا التقدير لقيمة الأجزاء المسروقة (4 مليارات دولار)  رغم ان لا احد يعرف بالضبط ما هي! في كل الأحوال المبلغ مبالغ به بشكل كبير، لأن قيمة المصفى كلها عندما كان يعمل، ربما لا تصل الى نصف هذا المبلغ حيث انه يعمل منذ حوالي 35 عاماً، وليس "معدات بالنايلون" كما يقول د. سلام الزوبعي، بكل ثقة، تتركها داعش بدلا من مجرد نقلها!

 

أكد لي احد الخبراء ان بناء مصفى جديد بنفس طاقته قد يكلف ما بين 6 إلى 7 مليارات دولار، ومن المشكوك به ان قيمته كسكراب قديم تزيد عن مئة مليون دولار أو في اقصى الحالات بضع مئات الملايين (اعتمادا على ما تركت داعش منه، وقد اخذت منه كل ما تستطيع بيعه بلا شك).

 

كذلك لا إيران ولا تركيا، الدولتان الوحيدتان المرشحتان بالغمز واللمز الذي اصبح بصمة إعلامية عراقية، تهتم بشراء ذلك السكراب، إلا ربما بأسعار تافهة، ولا يمكن ان تكون أي منهما (ولا اية دولة أخرى) قد عرضت بالفعل مليار دولار أو حتى نصف ذلك المبلغ ثمناً لتلك القطع. فيجب ان نفهم أن شراء قطع (قديمة) لإضافتها إلى ما هو متوفر من مصافي لدى تلك الدولة، عن طريق "القص واللصق" ليس عملية سهلة، وتختلف تماما عن تصميم القطع كلها لمشروع واحد مسبقاً.

 

2- قصة ان هناك "رجل شريف" اشترى السرقة من اللصوص بمبلغ 100 مليون دولار (لا بد انه دفعها كاش، فمن أين اتى بكل هذه الدولارات؟)

 

3- لا توجد دولة تدفع مثل هذا المبلغ لسكراب، حتى لو لم يكن مسروق، وكون السكراب مسروق قد يسبب لها مشاكل.

 

4- رجل شريف يشتري من اللصوص ! في هذه الحالة يعتبر جزء من العصابة التي سرقت السكراب!

 

5- وهذا "الرجل الشريف" يريد من الحكومة 200 إلى 300 مليون كما يقول د. سلام الزوبعي. فهو يريد ان يربح 100 – 200% من سعر الشراء الذي دفعه للسرقة. إذن فقد اشترى الصفقة بهدف الربح، تماما مثل بقية العصابة التي قامت بالسرقة. لكنه من الناحية الأخرى يرفض ان يربح 900 مليون من "الدولة الأخرى" لأن ضميره يريد ان يبيع السكراب للعراق فقط!

 

6- الوفود تختلف معه على الكومشن! يبدو ان د. سلام الزوبعي على علاقة وطيدة بالرجل ليعرف ليس فقط مكان السرقة وإنما أيضا كل ما يجري من مفاوضات حتى تلك التي لا تقال لأحد!

 

7- المفروض ان د. الربيعي انتبه الى مفارقة هذا الشريف العجيب الذي يفاوض الوفد على كومشنات، لكنه "ثولها" ولم يعلق عليها او يسأل عنها.

 

8- لماذا يرفض الزوبعي فكرة التحقيق فيمن سرق السكراب؟ وكيف تحفظ الدولة "كرامتها" كما يقول، حين توافق على شراء اغراضها المسروقة من لص داخل أراضيها؟

 

9- د. نجم الربيعي يتبادلان المديح المطلق لشرف تاجر المسروقات، ويؤكدان ان مثل هذا الرجل هو أمل العراق ويرى الدكتوران أن هذا الرجل "الشريف" برهان أن الشعب العراقي مازال فيه أمل لأنه مازال ينجب شرفاء مثله وأن العراق منتج للشرف، الخ.

 

إذا كان هذا اللص الذي اشترى اغراضاً مسروقة من الحكومة ليحقق أرباحاً تصل 200% ويتفاوض مع الوفود على الكومشنات، هو اشرف ما انجب الشعب العراقي وهو مدعاة "أمل" لهذين المعتوهين، فلنقرأ على العراق السلام، لكن القضية ليست قضية خلل في الدماغ.

 

10- أخيراً د. الربيعي يدعو القناة إلى بث اعلان يومي للضغط على الحكومة لإتمام الصفقة!

 

بما ان الرجلان ناضجان وبكامل قواهما العقلية ويمتلك كل منهما اعلى شهادة دراسية – فأن احتمال ان يكون أي منهما اهبلا غير قادر على إدراك ما يقوله، أمر مستبعد. لذلك لا يبقى هناك إلا تفسيران لا ثالث لهما لهذه التناقضات: أما 1- انهما يمثلان مسرحية الغرض منها التشويش على الناس عمداً لحساب جهة يهمها ذلك، أو 2- أنهما حصلا على وعد بكومشن كبير إن تمكنا من تسويق الصفقة للحكومة!

 

ربما يجد البعض في هذا مبالغة في الاتهام بشكل غير معقول، لكني اجد ان افتراض ان إعلامي حصل على الدكتوراه، لا يمكن ان يكون غبيا. إن لم يكن من خلال دراسته فمن خلال مهنته التي اول شروطها هي النباهة والمقارنة والتحليل. وإن لم تكن شهادة الزوبعي تكفي للبرهنة على انه ليس غبيا الى هذه الدرجة، لا بد ان ممارسته السياسية أو المنصب الذي اشغله كنائب لرئيس الوزراء، يثبت انه ليس متخلفاً عقليا، وبالتالي فهو مسؤول عن كلامه. فمن الصعب ان نتخيل نائب رئيس وزراء سابق لا يفهم ما يقول، لان كل مهارته هو وزملاءه الساسة في العراق تتلخص في المفاوضة على المحاصصة في نهب البلاد. وصحيح انها مهمة غير مشرفة لكنها تتطلب بلا شك انتباها لمعنى كل كلمة تقال، تماما كما هو حال الإعلامي وأكثر منه.

 

هل هي مسرحية الهاء؟

أن ينشغل الإعلامي في مسرحية لإلهاء الناس او تشويش أفكارهم ليس أمراً عجيباً، فهذه هي مهمتهم غير الشريفة التي يستلمون رواتبهم عليها في العراق على الأقل. لكن من الصعب ان يقبل نائب رئيس وزراء سابق مثل هذه المهمة التافهة. ليس ترفعاً أخلاقيا، لكن لقلة ما يمكن ان يحصل عليه من مردود منها.

 

لذلك فالتفسير الوحيد المعقول للمسرحية التي قدمها الدكتور سلام الزوبعي والدكتور نجم الربيعي هو أنهما يحاولان تسويق صفقة إعادة شراء سكراب المصفى من قبل الحكومة، والضغط عليها بطرق مختلفة واعتبار إتمام الصفقة "استعادة للكرامة" وأن الفشل في تنفيذها ليس إلا بسبب فساد الحكومة ووفودها التي تريد كومشن عالي جدا، من "الرجل الشريف العفيف" الذي لم ينجب العراق مثله!

 

الطريقة القانونية الوحيدة لتبرئة أي من الدكتورين أعلاه من تهمة الترويج لصفقة مع لصوص مصفى بيجي، هو في مثل هذه الحالات، ان يقدم كل منهما تقريراً طبياً يثبت انه يعاني من خلل عقلي يجعله غير مسؤول عن كلامه!

 

لكن هذا مستبعد. لاحظوا كشيء إضافي، أن د. سلام فتح الموضوع بدون أية مناسبة، وكأنه كان قد قرر مسبقا ان يحشره في مكان ما من المقابلة! إذا راجعتم الفيديو، لاحظوا انه قال انه سيأتي بمثال يثبت ان الصراع بين القوى السياسية "مزيف"! قصة سكراب المصفى والكومشنات التي تتصارع عليها وفود الحكومة مع "الرجل الشريف المسكين"، وضرورة شراء ذلك السكرات ممن اشتراه من سارقه، وأن المبلغ "بسيط" وان هذه الصفقة ضرورية لكرامة العراق... ما علاقة هذا بالصراع بين الكتل السياسية وكونه صراع مزيف أم حقيقي؟

 

راجعوا الفيديو بهدف فحص تفسيري ومدى صحته، (ان د. سلام الزوبعي و د. نجم الربيعي يحاولان تسويق السرقة)، ولاحظوا كيف تم إدخال الموضوع عنوة في النقاش، وانتبهوا لحماسة وردود الفعل للطرفين، وستجدون كل حركة وكل عبارة وكل تعبير في الوجوه، يدعم هذا التفسير!

 

(1) شاهد أربعة دقائق من المقابلة ابتداءاً من هذه النقطة

https://youtu.be/OzsFweNoBWs?t=1629