اخر الاخبار:
اخبار المديرية العامة للدراسة السريانية - الأربعاء, 24 نيسان/أبريل 2024 18:10
احتجاجات في إيران إثر مقتل شاب بنيران الشرطة - الثلاثاء, 23 نيسان/أبريل 2024 20:37
"انتحارات القربان المرعبة" تعود إلى ذي قار - الإثنين, 22 نيسان/أبريل 2024 11:16
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

لقاح ضد الغازات الإعلامية لفيصل القاسم// صائب خليل

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

صائب خليل

 

عرض صفحة الكاتب

لقاح ضد الغازات الإعلامية لفيصل القاسم

صائب خليل

4 تموز 2019

 

شاهد الفيديو هنا (1) اولاً من فضلك.. ثم أكمل القراءة.

شكل النقاش، يوحي للمشاهد ان فيصل القاسم يخوض "معركة" مع الإسرائيلي وأن فيصل كان يكذب محدثه الإسرائيلي ويشكك بأقواله ("لم تعد تنطلي على احد" "مش هيك؟؟؟ مش هيك؟؟.. "هذا كلام .. ضحكوا علينا به.."). وهذا يوحي ببعض المصداقية لفيصل المعروف الاتجاه، بين المشاهدين غير المنتبهين والذين يحكمون من طريقة الحديث وارتفاع الصوت فقط.

 

لكن من السهل أن نرى أن مجمل البرنامج بخطه العريض ليس صورة العداء للإسرائيليين، بل فقط "عتب شديد" عليهم، وتشكيك بعدائهم لإيران التي هي "عدوتنا". والعتب طبعا بين “الأصدقاء”.. (“صدعتم رؤوسنا”).

لذلك، وبغض النظر عن اللهجة، فالصورة هي: إسرائيل والعرب اصدقاء وايران العدو "المشترك" لهم.

اتهام إسرائيل بصداقتها لإيران، يقدم وكأنه اتهام لإسرائيل بارتكاب جريمة و "خيانة" لصداقتنا ولثقتنا بإسرائيل – نحن اصدقاءها العرب الذين كانوا يعتمدون عليها! وهكذا تضاف الى الصورة أن "صداقة ايران جريمة وخيانة".

من خلال هذه الطريقة خرج موضوع "عداء إيران للعرب" من النقاش، واعتبر حقيقة مسلم بها يتم الاستناد اليها في بقية النقاش والعتاب ضمن هذه الصورة.

 

عدا تثبيت هذه الصور في ذهن المشاهد العربي، تم إدخال بعض المصطلحات التي مررت بشكل عابر، في ذهنه، مثل "الصهاينة والصفاينة".. وتم تكرار عبارة "الصفاينة" والتي تم اشتقاقها من "الصفويين" و "الصهاينة" لتجمع بينهما في تركيبة في الذهن.

 

هناك الكثير من الكلام الفارغ من المعنى والمليء بالإيحاء مثل.. "من الذي ادخل ايران الى سوريا؟ انتم!". وهذا كلام لا أساس له لكنه يوحي بأن وجود إيران في سوريا "جريمة"، يتم اتهام المقابل بها، بينما يسعى المقابل لتبرئة نفسه منها بكل قوة.

وهناك طبعا العزف على نغمة "التشييع"، حتى لو كان الخبر لا أساس له مثل ("شيعو نصف غزة")

وهناك خبيصة لملئ الفراغ بكلام ما يساعد على التشويش: "الخامنئي صرح قبل يومين ان المقصود بالشيطان الأكبر ليس اميركا انما ترمب وخطيبته (؟؟)" لم اسمع ان ترمب لديه "خطيبة" قبل الآن، كما اني بحثت عن مصدر لكلام خامنئي عن ان اميركا ليست الشيطان الأكبر، فلم اجد إلا العكس!

 

هناك مشكلة منطقية لدى مخططي الإعلام الإسرائيليين لأنهم مكلفين بإعطاء صورتين مختلفتين لمجموعتين مختلفتين في الإمكانيات الفكرية والعقلية من المشاهدين الضحايا. الأولى هي للعرب الأكثر سذاجة والمستعدين لتصديق كل شيء، وهي أن إيران عدوتنا وان إسرائيل هي التي ستحمينا منها. والصورة الثانية للأقل سذاجة من الضحايا العرب، والذين قد يمكن اقناعهم بعداوة ايران، لكن من الصعب اقناعهم بصداقة إسرائيل التي يرون يومياً كيف تعامل العرب. وقد اختيرت لهؤلاء صورة اقل طموحاً، تمثل الاعتراف بأن إسرائيل هي عدو، لكن ايران هي ايضاً عدو، وأن إيران وإسرائيل متفقتان و "ينامان بنفس الفراش".

المشكلة انك لا تستطيع ان تطلب من هذين النوعين من المشاهدين ان ينفصلا ويشاهدا التلفزيون بالدور، ليتمكن الاعلام الإسرائيلي من توجيه الخطاب المخصص للكل مجموعة على حدة. الجميع سيسمع الخطابين، وهذا ما يكشف التناقض.

والتناقض هو: ان كانت إسرائيل متحالفة مع "عدوتنا" ايران، فكيف ستدعمنا ضدها وتحمينا منها؟

 

تناقض آخر يواجه الاعلام الإسرائيلي سببه صعوبة التزامه بالإيحاء بصورتين لا تتلاءمان: الأولى صورة العرب وهم يسارعون زرافات ووحداناً الى الانضمام الى التحالف مع إسرائيل، وانه لن تمض فترة طويلة حتى يأتي الجميع ليطبعوا معها. بل انهم دفعوا بأحد ابواقهم ليقول ان على إسرائيل ان تزيد طائراتها لأن الحجز سيتطلب عدة اشهر، وأن تحضر فنادقها وان تبني جديدة لأنها ستزدحم بالعرب..

من ناحية أخرى، تحتاج إسرائيل لإرهاب الناس من ايران إلى صورة أخرى: صورة جموع العرب ينتقلون إلى التشيع بتأثير ايران بسرعة كبيرة. ("نصف غزة تشيع" الخ.. )

فهل اتجاه الشعب العربي، وفق الخطاب الإسرائيلي، هو نحو التطبيع مع إسرائيل "الصديقة" أم التقرب نحو إيران و“التشيع”؟

استخدام الصراخ والجو المتوتر في النقاش يساعد على طمس تناقضاته وضياعها في الضوضاء، والكلام المستعجل لا يعطي وقتاً للتفكير، حتى لمن يريد التفكير.

 

لكن هذه الضوضاء مدروسة بدقة. لاحظ الدقة في عبارة فيصل القاسم حين قال عن لسان العرب: "نحن الآن نعتبر ايران اخطر علينا من .. القضية الفلسطينية"!

طبعا العبارة المنطقية في الجملة هي "اخطر علينا من إسرائيل". لكن قولها بهذه الطريقة، سيعني ان "إسرائيل" تمثل خطراً على العرب، حتى لو كان "اقل من الخطر الإيراني". ولا يمكن الحديث عندها عن "صداقة" لأن الصداقة لا تكون مع "خطر"! لذلك تم استبدال كلمة "إسرائيل" هنا اعتباطياً بـ "القضية الفلسطينية" فظهرت الجملة مختلة التركيب، لكنها تترك في الرأس الانطباع المناسب.. "إيران خطر" و "القضية الفلسطينية" خطر آخر..

 

في نهاية هذا الشريط هناك اعلان إسرائيلي صريح يتمثل بدعوة كل فلسطيني ان يهاجر الى أوروبا ويغريهم بأنهم سيحصلون على الإقامة والجنسية. ولا يشرح لنا كوهين سبب تلك الدعوة. هل يقصد أن الناس في غزة يتم تشييعهم بالقوة وينصحهم بالإفلات من ذلك "المصير" بالهجرة الى أوروبا؟ اليست غزة محاصرة بين إسرائيل وتابعتها الحكومة المصرية؟ فمن اين أدخلت ايران جيوش المشيعين وبالكمية اللازمة لإجبار الغزاويين على التشيع؟ وإن فرضنا جدلا أن ذلك حدث بشكل ما في غزة، فلماذا النصيحة نفسها للمليون والنصف الذين يسكنون الضفة، تحت السيطرة التامة والكاملة لإسرائيل "اللطيفة" التي تريد حماية كل العرب من إيران؟

 

علينا ان ندرك اننا جيل يعيش في بيئة تم تسميم فضاءها الإعلامي بشكل لم يسبق له نظير في  التاريخ. وإن كان العالم كله يتعرض لأسلحة الهلوسة الشاملة هذه فأن الامة العربية هي الأكثر تعرضا لهذا القصف ولأسباب مفهومة تماما.

ومثل كل الكائنات التي تأمل البقاء على قيد الحياة، يتوجب علينا ان نكيف انفسنا للظرف الجديد وان نعدل رؤوسنا بما يجب لكي تتمكن من استنشاق هذا الهواء الملوث دون ان نصاب بالدوار. وهذا التعديل يتمثل بالانتباه الشديد وعدم الكسل عن التحليل والقراءة والمراجعة الشكاكة سيئة الظن.

 

"سوء الظن" هو السلاح الذي لا غنى عنه هنا، وان كان لا يكفي لوحده، لكن بدونه الضياع مضمون. يجب السعي الى قراءة الأخبار باعتماد المصادر الأكثر ثقة فقط، ورغم ذلك عدم الثقة بها تماما! يجب التمرن على "سوء الظن" بالإعلام حتى يصبح عادة ورد فعل طبيعي يبحث عن الألغام ويتعرف عليها بسرعة، في العبارات وفي الصور التي تتركها الأخبار وانطباعاتها علينا، وان نميز إن كانت تلك الانطباعات قد وصلتنا بشكل مباشر أم بالإيحاء المشبوه.

 

مهم جداً أن ننتبه لعنوان الخبر وان كان مناسباً لمحتواه. فالإعلام السام يعتمد كثيرا على تأثير العنوان الأولي، كما يعتمد أيضا على الخاتمة لأنهما يبقيان في الذهن فترة أطول. راجع إن كان للخبر مصادر محددة معروفة، وإن كانت تلك المصادر تشمل كل الإدعاءات التي جاءت في الخبر أم لبضعة منها فقط، وان الباقي تم حشوه معه بلا مصدر. يجب مقاومة الرغبة بقراءة أي خبر ذو مصدر مجهول وأية مقالة تستند إلى مثل هذا الخبر، ولن تخسر من ذلك إلا التشويش.

 

يجب ان ندرب رؤوسنا على اكتشاف التناقضات ايضاً. وفوق ذلك، يجب ان يتم كل هذا بهمة ونشاط المحارب الذي يرى الإعلامي عدواً له، وان يكون مستعداً للمزيد من غدره. إنهم يطورون أسلحتهم بهمة وسرعة، وما لم يتطور وعينا ليلحق بهم فهزيمتنا النهائية مسألة وقت!

 

(1) فيديو فيصل القاسم وكوهين

https://www.facebook.com/saiebkhalil/videos/338199783779106/

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.