كـتـاب ألموقع

قراءة في المجموعة الشعرية (فحم وطباشير) للشاعر فلاح الشابندر// جمعة عبدالله

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

جمعة عبدالله

 

عرض صفحة الكاتب

قراءة في المجموعة الشعرية (فحم وطباشير) للشاعر فلاح الشابندر

جمعة عبدالله

 

هذه المجموعة الشعرية هي الاولى في تجربته الشعرية, لكنها تعتبر محطة للانطلاق في الرحلة الشعرية في آفاقها العريضة والشاسعة. وهي ترسم ملامحه الشعرية لخطواته اللاحقة, التي تميز بها ببرعة متميزة ومتفردة في اسلوبيته الشعرية المتألقة, التي تحمل الرؤية الفكرية والفلسفية, في رؤى التعبير الرمزي الدال. في فن التصوير الصورة الشعرية بشكل ملهم في صخب السؤال والتساؤل, الذي يحتضن الحياة والوجود, بالصراع والجدل. فهو يبحر في امواج الواقع العاتية والهائجة دون شراع يقتحم الاشياء بالمجازفة المتمردة. لذلك يمتلك الفعل الشعري الصاخب الذي يفجره في المياه الراكدة. فهو المتمرد والعاشق يقتحم الزوايا والدهاليز, في البحث عن المفقود في علقم الحياة يبحث عن نور الحرية المفقودة ويفعلها . كما فعل ( بروميثيوس ) . فهو يطرق الجدار الصامت بصخبه الشعري , ليؤكد على وجوده . بحواسها التي يطرقها بلا وجل ولا كلل  . وانما هو الطفل الحالم والمشاكس الذي يكبر بعشقه المشتهى. يكبر بغريزته الطامحة الى امتلاك الاشياء. يغور في اعماق الحياة العارية بالاسود والابيض ( الفحم والطباشير ) فهو يصنع الحرف الشعري, ينحته, يرسمه, يصوره بأشكال مشتهاة الروح , يعجنه بالاسئلة الصاخبة في دلالتها الرمزية والتعبيرية. ويحاول ان يلفت انتباه القارئ او السامع ليشده في الانتباه اليه, ثم يجذبه بالمؤثرات, في أثارة الحواس الداخلية. ليضعه في محنة السؤال والتساؤل. لذا فأن ملامح قصائد المجموعة الشعرية ( فحم وطباشير ) فتحت الآفاق العريضة في تجربته الشعرية . بالطرق غير المألوفة, حتى اكتسب اسلوبية ملهمة في الشعر, التي تهيج بفعلها فوضى الحواس, في عواطفها الهائجة والمتمردة على أشياء الواقع. لذلك ان قصائد المجموعة في أسلوبيتها الشعرية, تمتلك المونتاج المركب بسيناريو خزين الذاكرة. وسيناريو الاشياء الحياتية والوجودية الظاهر والملموسمة في افعال الواقع . لذلك يطرقها بقوة بما يمتلك من الفعل الشعري المتعدد الابعاد في التمرد. في العشق, في كنة الضياع الحياتي. في كنة الاشتياق الجامح, بما فيها الشهوة والغريزة الايروتيكية. فهو العاشق المتمرد ينتمي الى كل الاشياء في كرسي الحياة الهزاز والمهزور, فهو العاشق من الصليب الى الهلال ( صليب يبكي هلاله الذي/ في السماء !!) ص45 . فهو عاشق بغزيرته وفطرته, في الاشتهى الى الحرية المفقودة, كالاشتهى الى الايروتيكية المشتهاة. الى الانوثة العاشقة البريئة . لذلك يرسم حواس الوجدان والواقع, بالاسود والابيض ( الفحم والطاشير ) كما هي في الحياة العارية. فهو ( بروميثيوس ) في العتمة والنور. في الفعل الى امتلاك الحرية الفقودة, مهما كانت النتائج, فهو العاشق المتمرد. في الصمت والصخب. في استفزاز الحواس. لكنه يظل بحاراً,  يسعى ويجول في البحث عن العشق والحرية. هذه ملامح قصائد المجموعة التي انطلق بها الى القمة الشعرية في الشعر بعد ذلك. نحاول ابراز هذه الرحلة الحياتية والشعرية في بعض مقتطفاتها الشعرية أ بعض محطاتها :

1 - تصوير الحياة العارية بلا رتوش, كما هي في مجريات أشيائها المجردة  بالاسود والابيض ( الفحم والطباشير ) . فالحياة اصبحت لعبة بين هذين اللونين , تتحرك بهما من جهة الى اخرى. بما تحمل من زيف وتهريج في اشيائها الظاهرية . بما يجعل الغرق في التوجس الحياتي, في عذاب الكتابة بالفحم. وعذاب سر العشق في الكتابة بالطباشير. لكنهما في المحصلة النهاية  تكون بؤرة. الصراع والجدل. الفراغ والامتلأ . بذلك  تضيع الصياغات بين عالم المعلوم, او عالم الغيب او المجهول. لكن الفراغ ينتظر. الصمت ينتظر. السر ينتظر. الصيحة تنتظر, في عين الاشياء اللافتة. لكنها في النهاية تتعذب بين سر الفحم والطباشير.

 عذبني الفحم

 أجهد أن أرحله

 يباغتني رغما عني

 يعاودني .... فصلاً في الاخر

 والطباشيري  .... سر ُّ من ذاك الفحم  

 نفس كتبت .. كتبتْ ..... تتعذب بذات السر بين الفحم

 وطباشير

 هوة الاشياء في عين اللافتة

 متاهات ....

 وقبضة الصيحةٍ 

 في

 أثر المشنوقين غرقاً ....

 أتدري يا صاحبي ...... ؟

 على قيد الغيبِ

 يمضي البحر . . !

والليل الى سواء

 

2 - مرأة من ندى, عاشقة برئية, تتكون ملامحها في القلب والوجدان والحواس, تعيش معه في ذاكرة الفكرة يشعر أنه طفلُ يكبر بها بالحلم والاشتياق, في المعاكسة والاشتهاء, في المستحيل والمعلوم, في النور والعدم. يحبها كشمس الحرية, او حرية الانعتاق, يلمسها كالحرير العاري ويغالي في القبل, ليعلن انتصاره في لهيب الجوع بالحب والاشتهاء.

سيدتي .. سامحي خرافي، جنوني، وهذا التباهي

عيناك المستحيل

أحبك بكل ما ينبغي وعلى الرغم

كالشمس

كالحرية

أدور، وتدور.. مشدودة للانفلات

وأتنفسها

أتلمس حرير عريها

أغالي بالتقبيل

هي تعلم هذا انتصاري

وهوة تدركها جرحا صبورا يستسقي من أناملي هدأة طيبة

أدور، وتدور، وتلتف بضبابي جارية الصعلوك

تتنهد على صدري

تشاورني همسا

كم قبيح جميل أميري

هب لي الجوع

كل الحب

 

3 - لا أحد يعرف انه في فراغ. يدور في حلقة الفراغ . في العزلة الثقيلة تضربه  برأسها , وتجعله يتغذى على الفراغ . يبحث عن كينونات الفراغ بالارق. يبحث عن كتابها في قعر البئر. كما هو ساكن في قعر الفراغ, في الدلو الصاعد والنازل , يبكي عشقه او نصفه الثاني , كما الصليب يبكي هلاله, الذي  في السماء.

تطلُ العزلة ُ

برأسها الثقيل

 

ليس اكبر من رأس خنفساء

أمنـَّتُ عليه في الجرار

جرااااااااار ...

واجترحت شرخا:

يتغذى عليه ذاك الأرق

منذ ذلك الحين

 

يراني الفراغ ُ.. فراغا

ابحث كتابا ..

يعتمر قبعة البئر

إحدى عشرة غيمات شتات

الحبل النازل _ نصفه

الدلو الصاعد _ نصفه

ونصفه ..

صليب يبكى هلاله الذي

في السماء!!؟

 

4 - عبق الحياة بين الحب والموت. تستفزه الشهوة المرتعشة بقوة الرغبة الى الحرية, كقوة الرغبة في الاشتهاء الايروتيكي. لذلك يبحر بقوة هذا الدافع في الاشتهاء, لاجتياز حاجز الخجل المنافق. وهو يلتهب في رأسه أمرأة مشتهاة. ان يقتحم هذا الجمال بالجنون التعري, يلامس الجسد الحرام بالشهوة المشتهاة. فهو يسعى اليها. لكي يكبر في ألم المعاناة والخطايا لعاشقة الحب البريئة, لكنه يشتهي الجسد في سره المكبوت.

ها... وأدخل  جمجمتي بامرأة

جسدا أشهى ما فيه سرّه

وأنا في منتهاها، بيننا خوف لا يفسر

عصي هذا الجمال أو ما يكون به وحشي

أأكون أشجع من الجنون؟!!

كان التعري عاريا تماما

وراحة يدي تلامس ذاك الجسد الحرام

تزاحمني صور كثيرة.. خبال يزاحمني

أود الهروب اليها:

الى وحدتي فيها، وحريتي المشتهاة

وها هي هنا..امرأة خاصة

ننشق عن الحقيقة.. نبتكر التدمير

ليكون فينا من جمال عدوى لدمار

مبتداها... الذات والآخرون

كلنا يعرفه الألم، نحدق به ويحدقنا

يعرف خطايانا الجليلة

معنا من يرقص رقصتنا..

 

5 - ما يدونه  بدهشة العشق. تركض. تلهث. يبلغ صوتها الاتي من مغارة وفارزة  السؤال والصدفة الساقطة من مغارة العشق ينسخها بالطباشير. من مغارة الفحم يسنسخها في الفراغ والتشرد. عالقة بين أما وأما. بين القراءة السابقة واللاحقة. يبقى المكتوب جدلاً . يسجل ميلاد مسلة الحياة, في التأمل واليقين والصلاة والحرية . تبقى الحياة  لعبة بين  الفحم والطباشير.

حَملتُ قرطاسي و قنطرتي و مضيتُ

مفعمٌ بالطباشيرِ منتشراً فيه

يُقرئني (أقرأَ الفراغَ )

        (أقرأ الصدفةَ)

        (أقرأَ القــدرَ)

كتبتكَ لا أملكهُ ..... كتبتكَ يصنعني

يُقرئني

 

(أقرأَ ....

السابقةَ  .. أقرأَ اللاحقةَ )

كتبتكَ جدلاً عالقاً

كتبتك بينَ أمّا و إمّا

يُقرئني الضوءَ

يُقرئني التجليَّ

يُقرئني التأملَ

يُقرئني اليقينَ

يُقرئني الصلاةَ

يُقرئني الحريةَ

..

..

..

كتبتكَ .. هي غايةٌ للكونِ فينا

 

6 - في خندق الصورة, او في خندق الحياة يرسمها في ساعة الغيب العائم على الخوف , يتعرى , يبكي. يدمي. ينتصر, ويتجلى جسداً عارياً . منجذبا, صائعاً ,  أو هارباً , من نار او من لهب الحرير . تتجاذبه لعبة الغوايتين أو الشهوتين , في اية صورة يرسمهما لهما, لتتشكل في دائرة الصمت والصخب , لينفث  بالروح العاشقة .

شاقة رحلة الفرار المعكوس

عدت

وأسأل الخوف ...

أسأل المتهم منا

كل الخوف خائف

كل الخوف متهم

عدت منطويا على كون من الصمت

أسيرا بما يلوح..

يضاعف نفسه

يسعى أن يكون صورة ...

ونفثة من الروح يعشق نفسه

وأنا تحت المران لإرادة الصورة

تنتصر على عصيان الوعي القديم

كون

يدمي

يبكي

ينتصر

يتجلى جسدا عاريا، مدهشا، منجذبا هاربا

لهب نار أو لهب حرير ...

وأي الغوايتين..........؟

 

 × الكتاب : مجموعة شعرية : فحم وطباشير

× المؤلف : الشاعر فلاح الشابندر

×  تاريخ الاصدار : الطبعة الثانية عام 2016

× عدد الصفحات : 148 صفحة

  جمعة عبدالله