اخر الاخبار:
محافظ نينوى يزور مطرانية القوش - الثلاثاء, 16 نيسان/أبريل 2024 10:33
زيارة وفد هنغاري الى دار مطرانية القوش - الثلاثاء, 16 نيسان/أبريل 2024 10:32
طهران تتراجع عن تصريحات عبداللهيان - الإثنين, 15 نيسان/أبريل 2024 11:24
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

العرب والتطبيع: الخروج من السر الى العلن// د. زهير الخويلدي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

د. زهير الخويلدي

 

عرض صفحة الكاتب 

العرب والتطبيع: الخروج من السر الى العلن

د. زهير الخويلدي

كاتب فلسفي/ تونس

 

وقل للشامتين بنا أفيقوا ... فإن نوائب الدهر تدور!

 

أبو الطيب المتنبي أثار الإعلان الرسمي للإمارات عن تطبيعها العلاقات مع إسرائيل الكثير من ردود الأفعال المتناقضة، فإذا كانت دولة الاحتلال قد رحبت بهذه المبادرة السياسية الجريئة واعتبر آخرون الاتفاق نجاح للوساطة الأمريكية ويصب في الرصيد الدبلوماسي لواشنطن ويزيد من حظوظ ترامب في الحصول على إمكانية دورة ثانية في الانتخابات الرئاسية القادمة فإن إيران وفصائل المقاومة العربية وبعض المثقفين العضويين أبدوا انزعاجهم من هذا التقارب المفاجئ بين دولة خليجية وكيان هجين واعتبروه تشجيعا لدول خليجية وعربية أخرى للمضي في خيار الاستسلام وطلب الحماية من بعض التهديدات الصادرة عن الشعوب المطالبة بالحرية والديمقراطية. لكن من أين أتي التطبيع الى النخب العربية، فمعظم التيارات السياسية مناهضة للصهيونية باستثناء بعض الليبراليين؟ وماهو موقف بقية الدول العربية والإسلامية؟ وما العمل من أجل تقوية جبهة المقاومة والصمود؟

 

والحق أن قسما كبيرا من النخب العربية في مجالات عديدة يقيم علاقة تعاون مع الدولة العبرية على صعيد العمل المشترك من أجل تطوير تبادل الخبرات وتحقيق مصالح معينة ويظهر ذلك بشكل واضح في المجال التجاري والثقافي والفني والرياضي ويبقى ضمن المحجوب في المجال السياسي والعسكري والدبلوماسي. بيد أن الإقدام على المجاهرة بالتطبيع من طرف الإمارات في هذا التوقيت بالذات خيانة للقضية الفلسطينية وخدمة للأجندة الامبريالية في المنطقة وترحيب بالمشروع الصهيونية والانخراط في مخططاته التوسعية وضرب على عرض الحائط لكل الاتفاقيات العربية والإسلامية التي تحرص على التمسك بالثوابت الحضارية والمبادئ البديهية للامة وطلب حماية بشكل غير مضمون من الدوائر الأجنبية المعادية للأمن القومي العربي. المرور من التعامل في السر الى التطبيع في العلن هو الأشد خطورة على الضمير العربي وينسف مستقبل القضية ومن الواضح أن العرب فقدوا البوصلة وأنهم في أضعف الأزمان وأن القوى الاستعمارية والنخب الانتهازية تتصارع على الفوز بثرواتهم ومصادرة مراكز اتخاذ القرار وتحتكر مواطن القوة ومواقع السلطة. استحمار الشعوب العربية بدأ منذ مدة عن طريق الإعلام المعولم وتوريط النخب العربية في العمل المأجور وتكبيل الجيوش العربية بالقرار السياسي المهادن وتوريط الأنظمة السياسية في حروب أهلية واثقال الاقتصاد بالديون ودفع الشباب العربي الى الهجرة السرية والادمان وتفكيك المؤسسات المنتجة وتشجيع قوى الاستبداد.

 

من المعلوم أن الأمة التي تفرط في شبابها ونخبها وتسمح لكوادرها بالمغادرة ولا تأكل مما تنتج من حقول ولا تلبس مما تصنع من معامل ولا تعتز برموزها وقادتها وأبطالها ولا تبجل أمجادها وتاريخها ولا تفتخر بمنابتها وتراثها وتخجل من هويتها وماضيها وذاكرتها هي أمة محكوم عليها بالفشل والانحطاط والتقهقر والزوال. من الناحية المبدئية التطبيع مع الكيان الغاصب جريمة ضد الإنسانية ومرفوض من غالبية العرب والمسلمين والقوى المحبة للعدل والحق والسلام في العالم وكل من يخالف هذه الرؤية فرأي شاذ يحسب ولا يقاس عليه.

 

الغريب أن بعض الدول العربية مطبعة أو في طريقها الى ذلك ولكن لماذا تحتج بعض الدول التي تعتبر نفسها اسلامية مثل تركيا العثمانية عليها بالرغم من وجود معاهدات تعاون عسكري ومبادلات تجارية مع اسرائيل؟

 

لعل أول خطاب الى العقل العربي بعد الكارثة يتمثل في أن أول شرط من شروط صمود الأمة هو الانخراط في الفعل المقاوم المشترك من أجل التحرير والاستئناف الحضاري وفك الارتباط مع الامبريالية والصهيونية وأن غياب المشروع الوحدوي من الساحة السياسية الدولية هو الذي ترك الفراغ الذي سمح للبعض بالتطبيع. اللافت أن تحديث العقل الحضاري وتنوير الإسلام التاريخي وتثوير التراث الرمزي وتجديد العروبة الجامعة كل هذه المهام الاستراتيجية لا تؤدي الى التخلي عن المبادئ التوجيهية للفعل المقاوم والثوابت المبدئية للأمة ولا تبرر عملية التطبيع والاستسلام والانبطاح والتنصل من الحقوق التاريخية في القدس والأرض الفلسطينية. فهل يوجد بصيص أمل في النموذج المنبثق من ثورات ربيع الشعوب العربية للتمسك بالقضية الفلسطينية؟

 

المعركة الحقيقية هي الرجوع الى المقاومة الثقافية والانحياز التام للقضايا العادلة للأمة من أجل الدفاع عن الحق السليب ووقف أي تعامل ثقافي مع المطبعين والانتصار الى الخط المقاوم والاشتغال على الوعي الرافض وتحويل الصراع من الأيديولوجيا الى اليوتوبيا ومن الواقع الى الحلم والتشبث بأمل الفوز والوعد بالنجاة. مهما حصل فلن نشفى من حب فلسطين ولن نتنازل عن شبر واحد منها ولن نصالح ولن نعترف ولن نتنازل. أليس من باع حريته وكرامته من أجل أمنه وسلامته قد لا يحصل على حريته ولا على أمنه في نفس الوقت؟

 

كاتب فلسفي

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.