اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

كُتَّاب القِصَّة القَصِيرَة والقَصِيرَة جِدَّاً- الجزْء الثَاني (33)// شذى توما مرقوس

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

شذى توما مرقوس 

 

الموقع الفرعي للكاتبة

كُتَّاب القِصَّة القَصِيرَة والقَصِيرَة جِدَّاً- الجزْء الثَاني (33)

 (مُضَافاً إِلى ذَلِك فَنّ التَأْلِيف المَسْرَحِيّ وكُتَّابَهُ  ، وأَدَب الطِفْل)

إِعْداد وتَقْديم: شذى توما مرقوس

الخميس 1 / 5 / 2014  ــ والعَمَل مُسْتَمِّر

 

 طَابِع المَوْضُوع :

بِطاقَة تَعْرِيفِيَّة بِكُتَّاب وكاتِباتِ القِصَّة القَصِيرَة والقَصِيرَة جِدَّاً، والفنُون المَسْرَحِيَّة، وأَدب الطِفْل مِنْ الوَسَطِ المَسِيحيّ العِراقيّ.

 

لِلتَذْكير الجُزْءُ الأَوَّل كانَ خَاصَّاً لِلتَعْرِيف بِكاتِباتِ القِصَّةِ القَصِيرَة والقَصِيرَة جِدَّاً مِنْ المُكوِّن المَسِيحيّ العِراقي،  وفي الجٌزْءِ الثَاني/  من (1) ــ (32) ، تَعَرَّفْنا على عَدَدٍ مِنْ كُتَّاب القِصَّةِ القَصِيرَة والقَصِيرَة جِدَّاً (مُضَافاً إِلى ذَلِك فَنّ التَأْلِيف المَسْرَحِيّ وكُتَّابَهُ ، وأَدَب الطِفْل) ، نُواصِلُ هُنا التَعْرِيف بِهم، وفي هذِهِ الوَرَقَة ــ الجُزْء الثَاني  (33) ــ نَقْرأُ عَنِ الكاتِب جميل فرنسيس زورا ، تَمنِّياتي لَهُ بِالمَزِيد مِنْ العطاء، وأَشْكُرُ لَهُ تَعاونَهُ، كما أَتَقَدَّمُ بِخالِص شُكْرِي وتَقْديري لِكُلِّ المُتَابِعاتِ والمُتَابِعين، وكُل الشُكْر لِجَميعِ المَواقِع الالِكتْرونِية (تللسقف كوم، عنكاوا كوم، بحزاني نت، نالا فور يو، ينابيع العراق.....) والَّتِي تَتَعاونُ معي بِنَشْرِ وتَقْدِيمِ هذِهِ السِلْسِلَة، وأَتَمنَّى لَهُم المَزِيد مِنْ الازْدِهارِ والتَألُق.

 

د ــ كُتَّاب القِصَّة القَصِيرَة والقَصِيرَة جِدَّاً  والفنُون المَسْرَحِيَّة وأَدب الطِفْل .

ــــــــــــــــــــــ

( جميل فرنسيس زورا)

 

جميل فرنسيس زورا .

شَاعِر وقَاصّ وصُحُفي  .

مِنْ مَوالِيد البَصْرَة في 16-4-1962م، وهو مِنْ أصُول بَلْدَة تللسْقُف في سَهْلِ نَيْنَوى.

دَرَسَ الابْتِدائِيَّة والثَانَوِيَّة في البَصْرَة ثُمَّ الْتَحقَ بِالمَعْهدِ الصِحِيّ فيها وتَخَرَّجَ مِنْهُ وبَعْدَها واصَلَ دِرَاسَتَهُ في كُلِيَّةِ التَمْريض/ جامِعة بَغْدَاد حَيْثُ نَالَ البكالوريوس في قِسْمِ التَخْدِير .

ولَقَدْ سَعى كثِيراً لأَجْلِ تَحْقِيقِ تَحْصِيلِهِ الدِرَاسِيّ في ظِلِّ كُلِّ الظرُوفِ الصَعْبَة الَّتِي واجَهَتْهُ ، حَيْثُ كانَ يَعْمَلُ ويُواصِلُ تَعْلِيمَهُ في نَفْسِ الوَقْتِ، بِالإِضَافَةِ إِلى ظرُوفِ البَلَدِ الغيْرِ مُسْتَقِّرَة نَتِيجةَ الحرُوبِ المُتَتَالِيَة.

عَمِلَ مُنْذُ تَخَرُّجهِ على مِلاكِ وزَارَةِ الصِحَّة حَيْثُ تَعيَّن في كرْكُوك وبَعْدَها في المَوْصِل ثُمَّ تلْكيف وأَخِيراً ومُنْذُ عام 2005م اسْتَقَّرَ في تللسْقُف وعَمِلَ فيها.    

التَحْصِيلُ الدِراسِيّ: حاصِل على دبْلوم مَعْهَد الصِحَّة العالي ــ بكالوريوس في قِسْمِ التَخْدِير.

 

مُدِير تَحْرِير جرِيدَة طرِيق السَلام لأَكْثَرِ مِنْ خَمْسِ سَنَوات.

مُدِير تَحْرِير مَجَلَّةِ الجَوْهرَة. 

عَمِلَ كمُحَرِّر في جَرِيدَةِ ( فَجْر الكلْدان ) مُنْذُ عام 2007 م ، وهي جَرِيدَةٌ سِيَاسِيَّة عامَّة لِسَان حال حِزْب الاتِحاد الدِيمقراطي الكلْدانِيّ.

عُضو اتِحادِ الأُدَبَاء والكُتَّاب السرْيَان.

عُضو نَقَابَة صُحُفِييّ كوردسْتَان مِنْ عام 2013 م.  

 

مُؤَلَّفَاته الصَادِرَة /

1 ــ الغُروب يُشْبِهُ الفَجْر / الإِصْدَارُ الأَوَّل لَهُ / مَجْمُوعَة شِعْرِيَّة / بِاللُغةِ العرَبِيَّة / رَقْمُ الإِيداع في المَكْتَبَةِ الوَطَنِيَّة بِبَغْداد  ( 1027 ) لِعامِ 2011 م / ويَضُمُّ الكِتَاب مَجْمُوعَة قَصَائد لِلشَاعِر .

 

يَقولُ الشَاعِر عَنْ سَبَبِ مَنْحِهِ هذَا العُنْوان لِدِيوانِهِ التَالي :

"بِبَسَاطَة، لأَنَّ الغُروب يُشْبِهُ الفَجْر فِعْلاً، بَعْدَ تَخَرُّجي في مُحافَظَةِ البَصْرَة.... تَمَّ تَعْييني مُبَاشَرَةً في كرْكُوك، على مِلاكِ دائرَةِ الصِحَّة، في المُسْتَشْفَى، وبِصِفَتي مُخْتَّصٌ بِالتَخْدِير، وكانَ هذَا التَخَصُّص نَادِر، وإِذْ كانَ المُوَظَّف في عَهْدِ النِظَامِ السَابِق كالجُنْدِي، يَذْهَبُ أَيْنَما تُقَرِّرُ الدَوْلَة، ولا يَحِّقُ لَهُ الاعْتِراض، فكُنْتُ وَحْدِي القَادِم مِنَ البَصْرَة، ولا أَعْرِفُ لُغةَ أَهْلِ المَدِينَة الكُرْدِيَّة والتُركمَانِيَّة، فكُنْتُ أُعاني الوَحْدَة، وكُنْتُ دائماً في قَلَقٍ ويَقْظَة، سَواء في اللَيْلِ أَو النَهار، حَتَّى إِذا ما هُنَاك عَملِيَّة جِرَاحِيَّة في إِحْدَى المُسْتَشْفَيَات، فتَأْتِي سَيَّارَةُ الإِسْعاف وأَذْهَبُ إِلى صَالَةِ العملِيَّات الكُبْرَى، ودائماً كُنْتُ أَخْرُجُ عِنْدَ الفَجْرِ الفِضِيّ، وأَعودُ في الغُروبِ الَّذِي يُشْبِهُ الفَجْر تَماماً ، والغُروب في مَدِينَةِ كرْكُوك جمِيل ورَائع، عِنَّدَما كُنْتُ أَجْلُسُ وحِيداً في حدِيقَةِ المُسْتَشْفَى أَتَأًمَّلُ، وأَكْتُبُ أَجْمَلَ أَشْعارِي ومُذَكَّراتي وأَحاسِيسي المُرْهفَة "

 

 حالَةُ الحِفْظ في دارِ الكُتُب والوثَائقِ الوَطَنِيَّة وكما ورَدَ في صَفْحَتِها على الانْترنيت:

عُنْوانُ الكِتَاب: الغُروب يُشْبِهُ الفَجْر/ المُؤَلِّف: جميل فرنسيس زورا / مكانُ النَشْر والنَاشِر : بَغْداد ــ د. م / تَارِيخُ النَشْر : 2011 م / عَدَدُ الصَفَحَات : 42 صَفْحَة / رَقْمُ التَسْجيل في دارِ الكُتُب والوثَائقِ الوَطَنِيَّة :623331 ، 623333 / رَقْمُ التَصْنِيف :811,92  / رَقْمُ المُؤَلِّف : ج 898  / عَدَدُ النُسَخ : نُسْخَتين .

 

 

 

2 ــ هُدوءُ العاصِفَة/ مَجْمُوعةٌ قِصَصِيَّة/ بِاللُغةِ العرَبِيَّة/ طُبِعَ في مَطْبَعةِ نَصِيبين في قَرْيَةِ الشَرَفِيَّة في الْقُوش/  عَدَدُ الصَفَحَات (124) صَفْحَة مِنْ الحَجْمِ الكبِير/ رَقْمُ الإِيدَاع في المَكْتَبَةِ الوَطَنِيَّة بِبَغْدَاد (607) لِعامِ 2012م/ تَحْتَوي المَجْمُوعَة على (17) قِصَّة قَصِيرَة، وهي كالتَالِي: هُدوءُ العاصِفَة، الوَاجِبُ الطَارِئ، قَلْبٌ مِنْ حَجَر، حُلُمٌ بَعِيدُ المَنَال، الترْمز، الفسْحة، الهَاجِس، مَعْرَكةُ الحَصَادِ الأَكْبَر، مَرَقَةُ هَواء، وَحِيدٌ في جَبْهةِ القِتَال، الرِهانُ الخَاسِر، مُذًكَّراتُ رَجُلٍ مَيت، غَفْلَة، ما بَعْدَ اليَوْمِ العظِيم، لِمَاذَا أَنْظُرُ إِلى الدُنْيا بِعَيْني أَنا، رَجُلٌ في ذَاكِرتي، مَعْرَكةُ الحوَاسِم.

 

 

 

3 ــ قَبْلَ أَنْ تَرْحلي/ المَجْمُوعَة الشِعْرِيَّة الثَانِيَة لِلشَاعِر جميل فرنسيس بِاللُغةِ العرَبِيَّة/ هذهِ المَجْمُوعَة الشِعْرِيَّة لَمْ تَأْخُذْ طَرِيقَها لِلنَشْرِ والتَوْزِيع بِسَبَبِ غَلْقِ مَطْبَعةِ نَصِيبين في قَرْيَةِ الشَرَفِيَّة في الْقُوش (بِسَبَبِ أَحْدَاثِ اجْتِياحِ عِصَابَاتِ الدَوْلَةِ الإِسْلامِيَّةــ داعشــ  لِلبَلْدَاتِ المَسِيحِيَّة في سَهْلِ نَيْنَوى)  وبِانْتِظَارِ أَنْ تُعاوِدَ العَمَلَ قَرِيباً.

تَتَكوَّنُ المَجْمُوعَة مِنْ ( 27 ) نَصّ مِنْ الشِعْرِ الوُجْدانِيّ، حَيْثُ تَبْتَدِئُ بِالإِهْدَاء، تَلِيها النصُوصُ الشِعْرِيَّة: قَبْلَ أَنْ تَرْحلي/ تَمَرَّدْتُ على الحُبّ/ ومَا زُلْتُ أَهوى/ هَمَسَاتُ الحُبّ/ أَصْدَافُ الحُبِّ والحُزْن/ هذَا الشِتَاء/ طقُوسُ اللَيْلِ والحُبِّ والمَطَر/ عصَافِيرٌ مٌحْتَرِقَة/ عِشْقٌ جدِيد/ أَوْرَاقُ الخَرِيف/ لا تَسْأَلِيني/ القَلْبُ أَيْنَعَ مِنْ جدِيد/ حُبٌّ، بُكاء، الفَرَاشَات، عِنَّدَما أَعُود، الأَزْهار، ذِكْرَى على الجِدَار، حُبُّ الطَبِيعة، قَدَرُ اللَحْظَة / يَأْخُذَني الحنِينُ إِلَيْك/ لَيْلَةُ اغْتِيالِ تللسْقُف/ حُبُّكَ سُكرِي/ قَصَائد في عِيدِ الحُبِّ/ لكِ حُبِّي/ نَظْرَة في السَرَاب  ذَلِكَ المَنْفَى/ هذَا القَلْب.

تُخْتَمُ المَجْمُوعَة بِالفَهْرِسْت، وتَتَكوَّنُ المَجْمُوعَة الشِعْرِيَّة مِنْ (56) صَفْحَة/ حَجْمُ الوَرَقِ المُسْتَعْمَل: 22 سم × 16 سم/ حَجْمُ الخَطّ: (22).

 

 

حَضَرَ الكثِير مِنْ المُؤْتَمَراتِ والمِهْرجانَاتِ وشَارَكَ فيها ، ومِنْها /

ــ شَارَكَ بِواحِدَةٍ مِنْ قَصائدِهِ في الأُمْسِيَةِ الشِعْرِيَّة الَّتِي أُقِيمَتْ بِمُنَاسَبَةِ عِيدِ الحُبّ في نَادِي الْقوش العائلي في الجمُعة 14 / 2 / 2016 م .

ــ شَارَكَ في مِهْرَجانِ نوهدرا الثَقَافيّ الثَامِن في دهُوك عام 2005 م ، ثُمَّ في مِهْرَجانِ نوهدرا الثَقَافيّ التَاسِع (والمُقَام مِنْ قِبَلِ نَادِي نوهدرا الاجْتِمَاعِيّ في دهُوك) المُنْعقِد لِلفَتْرَةِ مِنْ 13 ــ 15 آب لِعام 2006 م في دهُوك، كما شَارَكَ في مِهْرَجانِ نوهدرا الثَقَافيّ العاشِر.

ــ شَارَكَ في مِهْرَجانِ برْدِيصان.

ــ شَارَكَ في مِهْرَجانِ مار أفرام الشِعْرِيّ والفَنِيّ السَنَوِيّ الأَوَّل والَّذِي أَقَامَهُ مَرْكز كلْكامِش لِلثَقَافَةــ فَرْع تللسْقُف في 25-4 - 2014م

ــ شَارَكَ بِقَصِيدَتِهِ (غَرِيبٌ في مُدُنِ الضَبَاب) في تَأْبِينِيَّةِ الفَقِيد جميل روفائيل في تللسْقُف في 20 - 11 - 2009 م .

ــ شَارَكَ في الأُمْسِيَةِ الثَقَافِيَّة الشِعْرِيَّة والَّتِي أَقَامَها اتِحادُ الكُتَّابِ والإِعْلامِيِّين الكلْدان على قَاعةِ السَلامِ في تللسْقُف في احْتِفَالاتِ اكيتو ، حَيْثُ شَارَكَ الشَاعِر جميل فرنسيس بِإحْدَى قَصَائدِهِ بِالعرَبِيَّة.

ــ شَارَكَ في الحفْلِ التَكْرِيميّ الَّذِي أَقَامَتْهُ مُنَظَّمَة الطون للحزب الشيوعي العراقي في تللسْقُف لِتَكْرِيمِ عوائلِ الشُهدَاء، وأَلْقَى فيها إِحْدَى قَصَائده بِعُنْوانِ (قَدْ كانَ أَبي ....).

ــ شَارَكَ في عَدَدٍ مِنْ الأُمْسِيَاتِ الثَقَافِيَّة والأَدَبِيَّة والحلَقَاتِ الدِرَاسِيَّة والمُحاضَراتِ، وفي مِهْرَجانَاتِ الْقوش وجمِيعِ فعالِيَّاتِ جمْعِيَّةِ الْقوش الثَقَافِيَّة ونَادِي الْقوش العائلِي.

ــ شَارَكَ في مُحاضَرَةٍ أُقِيمَتْ في كاليفورنياــ الكهون في قَاعةِ (النَخِيل) بِمُنَاسَبَةِ احْتِفَالِيَّة 14 تَمُّوز.

 

نَشَرَ الكثِير مِنْ قِصَصِهِ القَصِيرَة ونصُوصِهِ الشِعْرِيَّة والمَقَالاتِ في عَدَدٍ مِنْ الصُحُفِ والمَجَلات والمَوَاقِع الالِكتْرونِيَّة مِثْل:

الجَرائد: جَرِيدَة بهرا (بَغْداد) ، جَرِيدَة السَهْل الأَخْضَر (وتَصْدُرُ في تللسْقُف، مُتَوَقِّفَة حالِيَّاً عَنِ الصدُور) ، نَجْم تللسْقُف، طرِيق السَلام، بيث نَهْرين.

المَجَلات: مَجَلَّةِ شراغا (السِرَاج) والنَاطِقَة حالِيَّاً بإِسْمِ جمْعِيَّةِ الْقوش الثَقَافِيَّة، مَجَلَّة الجَوْهرَة، مَجَلَّة أُور، مَوتوا عمَايا، مَجَلَّة سَوْرَا.

 

  شَارَكَ في مُسَابَقَةِ القِصَّةِ القَصِيرَة في مَجَلَّةِ التَضَامُن عام 1986 م بِعُنْوانِ (زِيَارَة طبِيب).

لَهُ قِصَّة قَصِيرَة بِعُنْوانِ (قِلادَة زَواج) مَنْشُورَة في مَجَلَّةِ الفِكْر المَسِيحيّ في أَيَّار 1977م.

 

وفي المَواقِع : مَوْقِع عنكاوا كوم ، مَوْقِع تللسْقُف.

حائز على شَهاداتٍ تَقْدِيرِيَّة وجَوائزَ عدِيدَة لِمُشَارَكاتِهِ في المِهْرَجانَاتِ والأُمْسِيَاتِ الأَدَبِيَّة والشِعْرِيَّة مِنْها شَهادَة تَقْدِيرِيَّة في التَجَمُّعِ الثَقَافِي ( الاحْتِفَالِيَّة الثَقَافِيَّة الفَنِيَّة في عِيْدِ الأُمّ في 21 - 3 -2016 م).

 

 

ما يَجْدُرُ الإِشَارَة إِلَيْهِ إِنَّ القَاصّ جميل فرنسيس فَقَدَ نِتَاجات ثَلاثِين عاماً في أَحْدَاثِ اجْتِياحِ عِصَابَاتِ دَوْلَةِ الخِلافَة الإِسْلامِيَّة في العِراقِ والشَام (داعش) لِبَلْدَاتِ سَهْلِ نَيْنَوى مِمَّا اضْطَّرَهُ لِمُغادَرَةِ بَلْدَتِهِ عام 2014 م ، وكانَتْ هذِهِ النِتَاجات مَحْفُوظَة لَدَيهِ في عَدَدِ خَمْسَة ڨلاش ميمُوري (مَصْدَرُ المَعْلُومَة: القَاصّ جميل فرنسيس).

///////////////////////////

المَصَادِر

( 1 )

 

الكاتِب جميل فرنسيس .

مَعَ الشُكْرِ لِتَعاونِهِ وتَواصُلِهِ حَيْثُ زَوَّدَني بِصُوَرٍ لأَغْلِفَةِ كُتُبِهِ (هُدوءُ العاصِفَة، الغُروب يُشْبِهُ الفَجْر، قَبْلَ أَنْ تَرْحلي) ، كما زَوَّدَني بِسِيرَتِهِ الذَاتِيَّة، وتَفَاصِيلَ عَنْ نَشَاطاتِهِ ومُشَارَكاتِهِ في المِهْرَجانَاتِ والاحْتِفَالات ، وأَيْضاً بِنُسَخٍ مِنْ قِصَصِهِ القَصِيرَة.

 

( 2 )

الأَخ باسم روفائيل، مُدِير مَوْقِع تللسْقُف، شُكْرِي العمِيق لَهُ وتَقْدِيرِي، حَيْثُ كانَ حلَقَة الوَصْل بَيْني وبَيْنَ الأَخ القَاصّ جميل فرنسيس، كمَا قَامَ بِتَعْدِيلِ صُوَرِ أَغْلِفَةِ الكُتْبِ (هُدوءُ العاصِفَة، الغُروب يُشْبِهُ الفَجْر، قَبْلَ أَنْ تَرْحلي)،.....     

 

( 3 )

مَوْضُوع / صدُور المَجْمُوعَةِ القِصَصِيَّة هُدوءُ العاصِفَة لِلشَاعِر جميل فرنسيس .

في 8 / 6 / 2012 م . 

مَوْقِع عنكاوا كوم .

 

الرَابِط :

http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,581443.0.html

 

 ( 4  )

مَوْضُوع / حِوارُ الغُروب

حِوارٌ أَجْرَاهُ ناظم هرمز جكو مَعَ الشَاعِر جميل فرنسيس بِعُنْوانِ ( حِوارُ الغُروب ) في 22 / 1 / 2012 م وعلى الرَابِط : ــ

http://tellskof.logu2.com/t157-topic

 

مِنْ طَرَفِ : يوسف عظم .

 

وكذَلِكَ :

مَوْضُوع / إِصْدَارَات جدِيدَة لأَحَدِ أَبْنَاءِ شَعْبِنا مِنْ تللسْقُف .

مِنْ طَرَفِ : يوسف عظم . 

في الثَلاثَاء 17 أَبْريل 2012 م .

 

الرَابِط :

http://tellskof.logu2.com/t168-topic

 

 

( 5 )

مَوْقِع دار الكُتُب والوَثائق الوَطَنِيَّة .

 

الرَابِط :

http://www.iraqnla-iq.com/opac/fullrecr.php?nid=324630&hl=ara

 

 

( 6 )

مَوْضُوع / فَعالِيَّات مِهْرَجان نوهدرا الثَقَافِيّ التَاسِع في دهُوك .

الكاتِب : افرام فضيل البهرو . 

مَوْقِع عنكاوا كوم . 

في 22 / 8 / 2006 م .

الرَابِط :

http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=52809.0

 

 

 

( 7 )

مَوْضُوع / مِهْرَجانَات ثَقَافِيَّة : علياء المالكي ....... مِهْرَجان نوهدرا الثَقَافِيّ التَاسِع

الكاتِب : علياء المالكي .

مَوْقِع : الاتِحاد العامّ لِلأُدَبَاءِ والكُتَّابِ في العِراق .

الرَابِط :

http://iraqiwritersunion.net/modules.php?name=News&file=article&sid=10613

 

 

 ( 8 )

مَوْضُوع / مَرْكز كلْكامِش لِلثَقَافَةــ فَرْع تللسْقُف يُقِيمُ مِهْرَجان مار افرام الشِعْرِيّ والفَنِيّ السَنَوِيّ الأَوَّل.

الكاتِب: عصام شابا فلفل.

مَوْقِع عنكاوا كوم .

في : 29 / 4 / 2014 م .

 

الرَابِط :

http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=737012.0

 

 ( 9 )

مَوْضُوع/ حَفْلٌ تَأْبِينيّ في تللسْقُف بِمُنَاسَبَةِ أَرْبَعِينِيَّةِ الفَقِيد جميل روفائيل.

الكاتِب : لؤي عزبو . 

مَوْقِع عنكاوا كوم .

في 22 / 11 / 2009 م . 

 

الرَابِط :

http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=367014.0

 

 

 

( 10 )

مَوْضُوع / حَفْلٌ تَأْبِينيّ أَرْبَعِينِيَّةِ الفَقِيد جميل روفائيل في تللسْقُف.

الكاتِب : باسم روفائيل .

مَوْقِع عنكاوا كوم .

في : 22 / 11 / 2009 م .

الرَابِط :

http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=367014.0

 

 ( 11 )

مَوْضُوع / اتِحاد الكُتَّاب والإِعْلامِيّين الكلْدان يُقِيمُ أُمْسِيَةً شِعْرِيَّة ثَقَافِيَّة بِمُنَاسَبَةِ اكيتو .

الكاتِب : هدير كوندا .

مَوْقِع : عَمْكاباد .

في 15 / 4 / 2012 م .

 

الرَابِط :

http://www.amkaabad.com/vb/showthread.php?t=25854&page=1

 

 

( 12 )

مَوْضُوع / مُنَظَّمَة الطون لِلشيُوعي العِراقِي في تللسْقُف تُكرِّمُ عوائل الشُهدَاء الأَبْطال .

تللسْقُف ــ خَاصّ . 

مَوْقِع تللسْقُف .

في 18 / شِبَاط / 2012 م .                                                                 

 

الرَابِط :

http://www.tellskuf.com/index.php/tel-hist/18523-2012-02-18-11-45-48.html

  

( 13 )

مَوْضُوع / أُمْسِيَة شِعْرِيَّة غِنَائيَّة بِمُنَاسَبَةِ عِيْدِ الحُبّ في الْقوش .

الكاتِب : كرم الالقوشي .

مَوْقِع : خَوْرَنَة الْقوش .

في 18 / 2 / 2014 م .

 

الرَابِط :

http://www.khoranat-alqosh.com/vb//showthread.php?p=194359#post194359

 

 ( 14 )

مَوْضُوع / أُمْنِيَاتٌ بِالحُبِّ والسَلامِ وعَوْدَة المُهَاجِرِين خِلال أُمْسِيَة شِعْرِيَّة في الْقوش بِمُنَاسَبَةِ عِيْدِ الحُبّ .

بَرْطلي نت / مُتَابَعة .

مَوْقِع بَرْطلي دوت نت .

في 17 / شِبَاط / 2016 م .

 

الرَابِط :

http://baretly.net/index.php?topic=56191.0

 

 

////////////////////////////

 

مُذَكَّرات رَجُل مَيت ....

ــ قِصَّة قَصِيرَة ــ 

بِقَلَمِ : جميل فرنسيس

 

ها هو يستعيد وعيه، بعد غيبوبة طويلة ، لا يعلم كم مر من الوقت ، وكم من الأَيام انقضت، وهو فاقداً للوعي والحس والإِدراك بسبب استنشاقه غاز الاعصاب ( السي فور c 4  في احدى المعارك التي استخدم فيها السلاح الكيمياوي في جبهات القتال في الحرب العراقية الايرانية )...

بصعوبة كبيرة بدأ يحرك يده اليمنى ويتشبث بالحلقة الجلدية المتدلية من أَعلى السرير ، كي يرى النور من النافذة التي في جانب سريره ، وهو راقد في الحجرة الصغيرة المعزولة التي اودع فيها منذ أَيام وأَسابيع معدودات .. فهو لا يستطيع الكلام ، ولا الحركة ، ولا يعرف له حتى اسماً ، فهو جندي مجهول الهوية ، نصف ميت ، أودع هنا ليموت وحيداً غريباً .... إِنها الحرب ، والحرب وليمة الموت ......

ذات ظهيرة شتائية دافئة ، تناهى إِلى مسامعه صوت لغط وصراخ في الشارع القريب المحاذي للمستشفى الذي يرقد فيه ، وضجيج منبه السيارات متقطع ، رفع يده الواهنة ، متشبثاً بالحلقة الجلدة المتدلية ، محاولاً الجلوس على مؤخرته ، وليشرأب برأَسه من النافذة ، فإِذا بمجموعة من الرجال والنساء يسيرون في موكب ، يتقدمهم كاهن ، يشيعون جنازة لشهيد سقط في المعارك الأَخيرة الدائرة بضراوة الآن ، فمثل هذه المشاهد باتت مألوفة  لدى الناس والشارع ، خاصة بعد دخول الحرب التي يخوضها البلد عامها الثامن ، ولكن الغريب في الأَمر ، إِن هناك صبيّان يتقدمان الموكب يحملان لافتة كتب فيها ( الشهيد البطل جميل فرنسيس زورا ...، استشهد في قاطع ....)  ، فتجمدت أَوصاله وجف الدم في عروقه ، وهو يشاهد أُمه تبكيه ، تصرخ وتلطم وجهها ، ويرى أَخواته الصغار يبكون ، وجمع غفير من أَقربائه وأَصدقائه والناس الذين يعرفونه ، يسيرون في موكب جنازته  ..... ، حاول الصراخ .... يا ناس يا عالم ، ها أَنا هنا ، أَنا جميل فرنسيس ، أَنا لم امت ،  أَنا حي ، تلك الجثة التي تحملونها ليست جثتي ... انظري إِليّ يا أُمي أَنا هنا أَنا حي .. هنا هنا هنا في الغرفة ، فقط  إِرفعي رأَسك وانظري إِلى هذه النافذة .. لكن حنجرته لم تستطع أَن تصدر غير صوتاً مبهما ً وأنيناً مكتوماَ ، فما كان من الممرضة الخافرة ، والتي لاحظت قلقه وانفعاله ، إِلا َّ أَن تأَتِ بحقنة الفاليوم ، وحقنته بالوريد ، فغاب عن وعيه ، وإِلى إِشعار آخر .... وفي اليوم التالي استفاق من غيبوبته ، وفتح عينيه ، وبدأ يتحرك يميناً ويساراً ، ويحرك يده اليمنى ، إِلا أَنه ما زال غير قادراً على الكلام ، أو حتى الإِشارة أَو الكتابة ، لأّن إِصابته الكيمياوية كانت مؤثرة تاثيراً مباشراً على مخه ، غير أَنه لم يفقد ذاكرته بالكامل ، ونجا من الموت باعجوبة ، لأَنه  عند الإِصابات الكيمياوية ، هناك محطات تطهير في جبهات القتال ، وإِن المسعفين في تلك المحطات يقومون بتجريد المصابين من كامل ثيابهم ، وينزعون عنهم حتى قرص الهوية المعدني ( قرص التعريف ) الخاص بكل جندي وضابط ، والذي يعلق في الرقبة ،  بحجة إِن هذا القرص تلوث بالكيمياوي ، وبسبب كثرة أَعداد المصابين ، يصبح البعض من هؤلاء الجنود مجهولي الهوية ، وثم ينقلون إِلى وحدات الميادين الطبية ، ومنها إِلى المستشفيات المختصة في داخل المدن ، والتي تعج بمئات الجرحى والمصابين ، وبما إِن هناك معارك طاحنة مستمرة تدور في جبهات القتال ، فقد تستمر معركة ما  لأَيام وليال طوال ، وربما أَشهر ، فإِن الكثير من الجنود يعتبرون في عداد الشهداء أو المفقودين ، أَما صاحبنا فقد أُصيب في معركة سابقة ، وبسبب مجهولية هويته ، تم نقله من مستشفى إلى آخر ،  حتى آل به المطاف في هذا المستشفى في المحافظة التي يسكن فيها والقريبة من بيته ..... فحينما رأى الناس يشيعون جنازته وهو ما زال حي يرزق ، انتفض بقوة ، محاولاً جذب الاهتمام أَو الصراخ ، اخرجوني ، اخرجوني ، اخرجوني من هنا ، لكن صوته كان مكتوماً ، وحنجرته لا تستطيع إِصدار صوتٍ بسبب تأَثرها بجرعة كيمياوية كبيرة ، إِضافة إِلى كونه نزيلاً مُهملاً مجهول الهوية ميؤوساً من حالته ، ملقى في حجرة صغيرة ، يعيش على بعض الأَمصال والمحاليل الوريدية التي تعطى له ، ولا أَحد من معارفه ، أَو أَقاربه يعلم بوجوده في هذا المكان ، ولا يزوره أَحد غير الطبيب المقيم الذي يشرف على علاجه ،  فيزوره بين حين وآخر ، أَو عندما يتذكره ، فيعطي تعليماته للممرضة بعمل ما ينبغي ... ، فهو مريض أَصم أَبكم ، مشلول الحركة ، غريب لا أَحد يعرفه ، واستمر به الحال هكذا أَياماَ وأَسابيع ، وكلما حاول النهوض والحركة ، يأْتي من يزرقه بالمخدر ، فيشل حركته بالكامل  ، لينام نوما عميقا ، وإِلى حين ...  لكنه عندما استعاد قليلا من عافيته ، وبدأَ يدرك الأُمور شيئاً فشيئاً ، عرف اللعبة ، عليه إِذنْ الهدوء والتزام الصمت ، كي لا يزرق بالمزيد من المخدرات والمنومات ، وهكذا بمرور الوقت ، استعاد بعض ملامح وجهه الذي كان مشوهاً وداكناً متورماً  ، وفاقداً معالمه ، لا بل كان يحاول أَن يتعلم النطق من جديد ليستعيد قابليته على الكلام ، فكان يُصدر بعض الأَصوات ، كلما سنحت له الفرصة ، بعد أَن يتأَكد ، إِن لا أَحدَ يسمعه ، ولكن أَهله وأَقاربه ومحبيه ، كانوا قد دفنوا تلك الجثة التي شيعوها في المقبرة الخاصة ، وأَقاموا لها صلاة الجنازة التي تليق به كشهيد ، حسب الاصول والأَعراف ، لكن أَطباء المستشفى أَيضاً يئسوا من حالته ، فلم يعاود أَحداً منهم زيارته ، لكنهم لم يقطعوا العلاج والمحاليل الوريدية عنه ، فماذا يساوي جندي واحد ، مصاب إِصابة كيماوية ، مجهول الهوية فاقد الملامح والحس والإِدراك ، مقابل العشرات ، لا بل المئات من الجرحى من الجنود والضباط ، الذين لهم من يأَتيهم ، ويعاود زيارتهم باستمرار ، ومنهم من معه مرافق خاص  ، يغدق  البخشيش والمكافأَة بسخاء للأَطباء والعاملين والممرضين ، إِذنْ ما هو  إِلا ذلك الجريح الميت الحي المجهول الهوية الذي ينتظرون موته في أَي لحظة ، كي يرسلون جثته إِلى الطب العدلي ...... 

وذات نهار دافئ جميل ، فتح عينيه ، وكان قد استعاد الكثير من وعيه وقوته ، وتمكن من الحركة والإِشارة والتنهد والأَنين ، فاستطاع أَن يلفت انتباه الممرضة ، عندما تشبث بجلباب صدريتها البيضاء ، ثياب ملاك الرحمة ، كي ينبهها على إِنه حي ، ولكنها بدل من أَن  تنتبه وتستجيب لما يريده منها ، هرعت مسرعة ، وزرقته بالحقنة المخدرة ، فغاب في غيبوبة عميقة فاقداً للوعي مرة اخرى ، أَراد فقط أَن تأَتي بورقة وقلمٍ ليكتب شيئاً ، وليعرفها باسمه وشخصه ، لكنه الجندي المهمل المجهول ، فلا أَحدَ يهتم به ، وفي صباح اليوم التالي ، استفاق من رقدة عميقة ، فوجد عامل التنظيف ، ينظف الحجرة القذرة ، فأَصدر حركة وأَنيناً وهذيان ، فاندهش عامل التنظيف ، لما عرف إِنه يريد أَن يكتب شيئاً ، لكن المنظف صرخ في وجهه :

ــ هاااااا ، هل صحيت من الموت ؟ ماذاااا ؟ ماذاااا تريد ، أَلا تريد أَن أُنظف لك الغرفة وأَمسح قاذوراتك أَيها الميت المجهووول ؟

لكنه ظل يجوس في سريره ويتوسل بعينيه ، ويئن كي يساعده ، وأَن ياتيه بورقة وقلم ، وهو يحاول النهوض من مكانه ، فأَدرك عامل التنظيف ، أَنه يريد ورقة وقلماً ، فدنا منه مستعلماً محدقاً في وجهه ، هازئاً منه :

ــ  من أَنت ؟ تكلم ... من ؟  ماذا تريد ؟ هل تريد ورقةً وقلماً ؟ غداً .. غداَ .. عندما أَعود لأُنظف لك الغرفة سآتيك بورقة وقلم لترسم بها منظرا جميلا ..... ههههههه ...

لكنه لم يرض بكلام عامل التنظيف ، فحاول أَن ينتفض من مكانه بقوة ، وهو يئن ويتوسل ، حتى رق له قلب المنظف ، وقال له :

ــ  لا بأَس لابأَس ، سآتيك بورقة وقلم ، ولكن ، ما الفائدة منك ؟ أَنت ليس من ورائك حتى فلس واحدا بخشيش ، انتظرني ، سأَذهب إِلى الطبيب ، وأَطلب منه ورقة وقلماً .. انتظرني لحظة .....

غادر المنظف قاصداً الطبيب المقيم :

ــ دكتور ، دكتور .... دكتور .... المريض الميت .... المشلول في الحجرة المعزولة يريد ورقة وقلماً ...

لكن الطبيب لم يصدق كلام المنظف البسيط ، ولم يعر للأَمر أَهمية ، فقال :

ــ  دعه ، فهو كاذب ، لا تصدقه ، فلا وقت لديّ له .

عاد المنظف أَدراجه بخفي حنين ، ليحمل أَدوات التنظيف ويغادر المكان ، ثم أَردف :

ــ الدكتور يقول أَنت كاذب ... كاذب ، أَنت إِنسان ميت ، ميت ، هل تفهم ما معنى ميت ؟ !! أَنت ميت مجهول الهوية ..... أَنت جندي مجهول .....

فعندما هم بالخروج انتفض المشلول بقوة محاولاً النهوض من سريره ، وأَخرج من حنجرته صوتاً أَشبه بالأَنين ، فأَدرك عامل التنظيف ، أَن هناك أَمراً مُهما ً سوف يحصل لهذا المشلول المجهول ، فقال في نفسه ، لاذهب بنفسي ، وآتي بورقة وقلم ، لن أَخسر شيئاً ، فخرج من الحجرة متردداً ، فالتمس من أَحد المضمدين  أَن يعيره ورقة وقلماً ، فكان له ما أَراد ، وجاء بها إِليه ، وثبتها على مسند السرير الخشبي ، فقال له :

ــ هيا ارسمْ .. ارسمْ ،  أُكتبْ ما تريد ....

فكتب المجهول بيد راجفة :  

ــ  أَنا ... أَنا اسمي جميل .... فرنسيس  ..... من البصرة .....

أَخذ المنظف الورقة وهرع مُسرعاً إِلى الطبيب المقيم ، والذي كان يتوسط الممرضات الجميلات ويحتسي الشاي مع الكعك في غرفة الاستراحة ، فقال :

ــ دكتووووور ،  دكتوووور ، المريض الميت  كتب هذا .....

لم يصدق الطبيب المقيم ، ولم يعر للمنظف أَي اهتمام ، فتناول قطعة من الكعك من الصحن الذي أَمامه وقضمها ، ثم تبعها برشفة من قدح الشاي ، لكن المنظف نفذ صبره ، وبدأَ يتوسل الطبيب أَن يرافقه إِلى الحجرة التي يرقد فيها المريض مجهول الهوية ، فقام الطبيب على مضض قاصداً المريض ، وتبعه عامل التنظيف بحذر ، وهو يحدثه كيف كتب المريض هذه الكلمات ، وكيف وجده يتحرك ويصدر أَنيناً ، فلمّا وصلَ الطبيب ، كان المريض قد استجمع كل قواه ، فرفع يده اليمنى ، وأَصدر صوتاً أَشبه بالهذيان ، قال الطبيب :

ــ هل حقا أَنت كتبت هذه الكلمات ؟ هل هذا اسمك الحقيقي ؟

انتفض المريض بقوة وحرك معه السرير ، محاولا أَن يومئ برأْسه بالايجاب ، فاندهش الطبيب واقترب منه بدافع الفضول ، وقال :

ــ أَنت جميل فرنسيس ؟ وماذا بعد ؟ هل تستطيع ان تخبرنا بشيء اخر ؟

فاجاب المشلول بالايجاب ، فأَخرج الطبيب دفتراً صغيراً من جيبه ووضع القلم بين أَصابع المشلول ، محاولاً مساعدته أَن يكتب ، فكتب المجهول :

(  أَنا .. أَنا جميل فرنسيس من البصرة )

فكر الطبيب ملياً ، ولكن أَين أَجد من يعرف هذا الجندي في هذه المدينة الكبيرة يا ترى ؟

ثم طرأت في ذهنه فكرة ، ها ، لقد وجدتها وجدتها .. لماذا لا أَبعث عامل التنظيف ليبلغ الكنيسة عن هذا الاسم ؟ لا بد هناك من يعرفه .. ثم قال لعامل التنظيف :  

ــ خذْ هذه الورقة ، واذهبْ بها إِلى كاهن الكنيسة ، أَو أي شخص تجده هناك ، وأَخبرهم أَن جريحا بهذا الاسم يرقد عندنا في المستشفى منذ أَيام وأَسابيع ، قد استعاد وعيه ، فلرُبما يأَتي أَحد يعرفه ، أَو يأَخذه .

فأَخذ المنظف الورقة من الطبيب متذمراً ، كيف إنه ورط نفسه مع مريض لا نفع منه ولا فائدة ، وغادر على مضض ، وعند باب الكنيسة وجد شابين هناك ، فاستفسر منهما عن الكاهن ، فأَشار أَحدهما بطرف أُصبعه أَن يدخل ، فدخل على الكاهن وأَخبره بموضوع المريض المجهول الهوية وأَعطاه قصاصة الورق التي أَحضرها معه ، فضحك الكاهن مندهشا من كلام المنظف ، قائلاً :

ــ كيف يحصل هذا وأَنا من دفنت جثته قبل أَقل من أُسبوع وعملت له صلاة وجناز ؟ !

لكن المنظف أَجاب على الفور :  

ــ عفواً ، عفواً أَيها الكاهن اقسم لك بالله إِن هذا الميت موجود عندنا في المستشفى وهو حي يرزق ...!

فانتفض الكاهن من مكانه وهرع مسرعاً مع عامل المستشفى ليتحقق  بنفسه من الخبر ، دون  أَن يبلغ ذوي المتوفي ، فلربما يكون الخبر كاذباً ، وهناك في الحجرة الكئيبة وجد الجريح مجهول الهوية وتعرف عليه على الفور ، عرف أَهله وأَقاربه وكان المصاب قد استعاد شيئا من وعيه وعافيته ، فاستدعى  الطبيب والممرضات لينظفوا جسم المريض من الأَوساخ خلال فترة إِصابته ورقوده وإِهماله  ، فشكر الكاهن الطبيب وجميع كادر الردهة ، فمد يده في جيبه وأَخرج بعض الدنانير  ودسها بيد عامل التنظيف ، ففرح كثيرا ، ثم ذهب وأَخبر ذوي المصاب ، وهرعوا لزيارته غير مصدقين أَعينهم واحتضنوه وقبلوه بدموع الفرح ، وكان يوماً بعد يوم يستعيد عافيته ، ومرت الأَيام والسنوات وانتهت الحرب ، وأَصبحت محنته ذكريات من الماضي ، وكُتب له حياة جديدة ، وها هو اليوم يقص حكايته وينقل للملأ  شيئا من تلك الذكريات ...

جميل فرنسيس \  من هدوء العاصفة

/////////////////////////////////////

ذِكْريَات مِنْ زَمَنِ الحَرْب 

هُدوءُ العاصِفَة .....

ــ قِصَّة قَصِيرَة ــ

بَقَلَمِ : جميل فرنسيس

 

السماء داكنة مكفهرة، الظلام ينتشر سريعا على هذه السواتر الترابية القذرة ، والمعفرة برائحة البارود والاحتراق .... والليل تقدم نحونا من جهة الشرق ، وبدأ الظلام يبتلع كل شيء ... 

ولجت إلى داخل ملجأي المحفور في باطن الارض ، وأشعلت قنينة التمر والكيروسين كي لا يغمرني الظلام فارتفع خيط من الدخان الأسود نحو سقف الملجأ ، وتوهج ضوء خافت فضح محتويات الملجأ المؤثث بالرصاص ، وشواجير بندقيتي التي اسميتها ( صبيحة ) ! كونها تلازمني ليل نهار وتعايشني في السراء والضراء ... وكانت القصعة  ( إناء الطعام ) مركونة قرب فتحة الدخول إلى الملجأ ، وظَهَرَ يطغي ( فراشي ) الذي ما زال مرزوما بإحكام بحبل ٍسميك ، وأحمد الله لانني وجدت  ( أريكة ) صفيحة من الجينكو داخل هذا الموضع ، عليها بطانية قميئة ممزقة ، فمن يدري ؟ ربما كان هذا الملجأ ( الراقي ) لآمر الحضيرة أو رئيس عرفاء السرية ، بسبب وجود تلك الصفيحة المثبتة بعناية على اكياس الرمل ، ولأن الجنود البسطاء ينامون على أديم الأرض العارية ..فتحت يطغي فوق تلك الصفيحة  ، وقبل أن أستلقي على ظهري لاحظت شيئا يدب بسرعة ليتوارى عن ناظري ، فأدركت على الفور إنها عقربة ، سحبت طرف البطانية بقوة ، فسقطت العقربة على الارض ، فسحقتها بكعب بسطالي الثقيل فتحولت إلى أشلاء ......

فتحت جعبة الأرزاق ، وهي عبارة عن حقيبة من قماش مخملي ، وجدت بداخلها ثلاث صمونات ( صمون الجيش ) نصف يابسات ، مع أربعة ( رؤوس حربية ) من البصل مع حبة طماطة  (مسحوقة ) ، كانت زمزميتي مملوءة بماء شبه ساخن ، ولا أمل بالقصعة وقت العشاء في هذه الليلة المضطربة ، وربما حتى ظهيرة يوم غد سأكتفي بما لديّ من طعام  ، كوننا استلمنا هذا القاطع اليوم ، أي قبل سويعات قلائل ، ولأني صاحب شهادة جامعية ، دائما أفضل الانعزال في موضع  منفرد ، على الاختلاط بهؤلاء الجنود الثرثارين في فوج المغاوير الذي انتسب اليه ، وهؤلاء اعتبرهم أسوأ شريحة في الجيش العراقي ... وكنت حال وصولنا لهذه الأرض ، أو الثكنة العسكرية من جبهة القتال الشرقية ، في شرق البصرة ، كنت قد قسمت أفراد المفرزة الطبية الذين هم بأمرتي على سرايا الفوج الأربعة ، إضافة إلى سرية مقر الفوج التي اشغلها ، وكان العدو الايراني يعلم باستلامنا نحن المغاوير لهذا القاطع ، وكان  يتوجس من وجودنا ، وحذراً جداً منّا ، كوننا لقَّناه دروسا بليغة في معارك سابقة ، ولكن بين آونة وأُخرى يطلق علينا بعض قذائف الهاون ( 106 ) ملم ، لجس النبض ومعرفة ردة فعلنا وعددنا من قوة النار التي نرد بها ، لكونه لا يبعد عنا غير مسافة ( 500 إلى 600 متر ) ويفصلنا عنه بعض السواتر الترابية ، وأرض حرام مفتوحة ( حقل ألغام ) متنوع مضادة للأشخاص والدروع والعجلات ، ومشاعل العثرة الحارقة للإِنسان والحيوان ..!!! عند الساعة التاسعة مساءاً ، أصبح الظلام حالكا كثيفا ، ولأَن العدو دائما يختار الليالي الداكنة المعتمة للهجوم على قوتنا ، وأثناء ذلك الصمت والسكون الرهيب ، سمعنا أَصواتا عالية مدوية تملأ الأَرجاء ، كان أمامنا آلاف من الجنود الايرانيين محتشدين ويهتفون بنبرة واحدة متناغمة مدوية ( الله أكبر .. خميني رهبر ) ،  ( الله أكبر .. خميني رهبر ) ....  فعم فيض من الخوف والفزع والذعر بين صفوف جنودنا ، والذين بدأوا يتراكضون ، وبتهيئة البنادق والعتاد ومدافع الهاون المحمولة على الأَكتاف ، وتهيئة مواضع الرمي على السواتر المحصنة بأَكياس الرمل ، وكنت استمع لبعض من تعليقات الجنود الخائفين ، عندما يمرقون من موضعي ، لان تعداد جنود فوجنا ، لا يتجاوز الـ ( 350 ) مقاتل مقابل أكثر من ألف من هؤلاء من جنود الأَعداء الذين سوف يهجمون علينا الان ، ففي هذه الاثناء ، جاءني مراسل آمر الفوج ، وهو ينادي باسمي من خارج الموضع ، قائلا بأن السيد الآمر يطلبني على الفور ، تقدمني المراسل ، وأنا أسير خلفه بتوجس وحيرة ، ولما حضرت أمام  النقيب ، السيد الآمر ، كان معه في الملجأ  ، النقيب مساعد آمر الفوج ، مع ملازم أَول آمر سرية المقر ، وملازمين اخرين أُمراء السرايا والفصائل ، وكان مرتبكا خائفا من الهجوم المرتقب ، ثم بدأ يملي علي بعض الأَوامر والتوجيهات العسكرية بخصوص اليقظة والاستعداد  الكامل للمعركة ، والحيطة والحذر ، وتوفير كل مستلزمات الصمود ، كان يتكلم بسرعة ، وأَنا أُردد نعم سيدي .. نعم .. حاضر سيدي ، صار سيدي ، وأخيرا طلب مني أن أُحضِرَ له حبوب الإِسهال ، بصفتي أَنا مسؤول المفرزة الطبية في الفوج ، ولأَن هذا الضابط منقول حديثا إلى فوجنا ، فوج المغاوير ، ولم يشهد معارك كبيرة وطاحنة سابقا ، وليس لديه خبرة في قيادة المعارك ، لذلك من شده خوفه ، أُصيب بالإِسهال ، وهذه الحالة معروفة ومشخصة لدينا في جبهات القتال ، لمن هم على شاكلة آمرنا الجديد .

ذهبت إلى الموضع ، وفتشت في عدة الاسعافات الأَولية والأَدوية التي أَحضرتها وسط ظلام الملجأ ، ويا للمصيبة ، لم أَجد حبوب الإِسهال !! لانني كنت قد نسيت أَن أُجهِّز المفرزة الطبية بهذه الحبوب عندما كنت في الموقع الخلفي من الجبهة  ... ، ماذا عساي أَن أَفعل يا ترى ، أمام جبروت وغضب السيد الآمر ؟! ولكن وجدت بعض من حبوب الفاليوم رقم 2 ، وهي شبيه بحبوب اللموموتيل ، وبنفس حجمها ، فوضعتها في كيس صغير وذهبت بها إلى السيد الآمر ، وكان ما زال يزعق ويزبد ويعربد كالطبل الفارغ ، أمام الضباط الآخرين ، وكان رئيس عرفاء الوحدة قد حضر هو الآخر .. أديت التحية بقوة للسيد الآمر وللضباط الحضور ، وقلت له تفضل سيدي ، هذه حبوب الإِسهال ، فتناوله من يدي وفتح الكيس وابتلع أَربع حبات دفعة واحدة مع قدح ماء كان قد جهزه مسبقا ، ثم أومأ لي بطارف سبابته بالانصراف ، أديت التحية ، وعدت مرتبكا متوجساً إِلى موضعي المعتم ، تتقاذفني الهواجس والأَفكار ، فأَنا لست خائفاً قط من الهجوم المرتقب ، بقدر خوفي من افتضاح أَمر حبوب الفاليوم التي قدمتها للآمر بدل حبوب الإِسهال ...!  وبعد دقائق معدودات سمعنا دوي انفجارات عنيفة دكت أَرض العدو ، حيث دكت قوتنا الصاروخية تلك الحشود المجتمعة المتجحفلة بصواريخ أرض أرض الكبيرة ، وحولتهم إِلى شتات وهباء في أَرضهم قبل الشروع  بالهجوم علينا  ، فتكبدوا خسائر كبيرة جداً بالأَرواح والمعدات ،  وساد على الأَجواء صمت وظلام ... وفي صباح اليوم التالي ، وعند الساعة العاشرة صباحاً ، كانت جهام الشؤم والحرب قد انقشعت ، ولاحت الشمس من وراء نتف الغيوم الهاربة المندحرة ، والسماء زرقاء صافية ، فسمعت صوت مراسل الآمر منادياً باسمي مرة أُخرى ، ويدعونني للمثول أمام السيد الآمر ، وبالسرعة الممكنة ، فراودتني هواجس وانتابني قلق وخشية وخوف وقلت في نفسي ( جاءك المووووت يا تارك الصلاة ) ... ولكني عندما دخلت ملجأ السيد آمر الفوج ، وجدته باشاً ضاحكاً مرتاحاً جداً ، منشرحاً ، وهو يتكلم بجهاز الاتصال مع آمر الفوج الثاني ، ولما انتهى من كلامه وأَغلق الهاتف ، نظر إِليّ ، فناولني ظرفاً مختوماً ، وقال لي ، خذ هذا الظرف واذهبْ مع السائق بعجلة الإِسعاف إِلى وحدة الميدان الطبية ، واحضِرْ لنا ضماد الميدان بموجب هذه الطلبية ، ووزع قطعة ضماد لكل جندي وضابط في الفوج قطعة واحدة .. ثم نظر إِليّ وأَردف قائلاً بعد صمت قصير:

ــ  أَشكرك على الحبوب التي جلبتها لي أَمس ، لقد فادتني كثيراً وأَنقذتني من الإِسهال ....

تناولتُ الظرف من يد الآمر وأَديت التحية واستدرت إِلى الوراء وخرجت من الموضع ، وأَنا مدرك ومتيقن جداً من أَن السيد الآمر كان فعلاً بحاجة إِلى حبوب الفاليوم كي يهدأ ويرتاح ، وليس إِلى حبوب الإِسهال .

( شرق البصرة 1987  ــ بحيرة الاسماك ) 

 

////////////

لِماذَا أَنْظُرُ إِلى الدُنيا بِعيني أَنا ....؟

ــ قِصَّة قَصِيرَة ــ

بِقَلَمِ : جميل فرنسيس 

 

يطفرُ الدمع من عينّي كلما أتذكر أمي ، أو تصادفني واحدة من حاجياتها ، أو صورة قديمة لها من صورها المعدودات .... عندما أعود قليلا لأيام شبابي التعسة ، أيام طيشي وعقوقي ..... لا يتحمل وزر تلك الايام إِنسان آخرٌ سواي .... فأنا المُلام ُ في كل شيء .... أمي كانت منذ ان عرفتها ، لها عين ٌواحدة .. وكنت اخجل ُمن أن تتحدثَ معي أمام زملائي في المدرسة ..... كانت تسبب ُ لي الكثير من الاحراج ... ! كانت تعمل منظفة في مدرستي الابتدائية ، وتخِدم بجدٍ من أجل ديمومة حياة الاسرة ، بعد أن فُقِدَ والدي في الحرب ، ولم يعِد للبيت أَبداً ..... ذات يوم ، بينما كنت في المدرسة المتوسطة بين زملائي الطلاب ، قدِمَت أمي لتلقي علي ّالتحية ، ولتحضر الاجتماع السنوي مع إِدارة المدرسة وأَولياء أمور التلاميذ ، لقد كنت محرجا جداً أمام التلاميذ ..... كيف استطاعت ان تتجرأ وتفعل هذا بي ، وكنت قد أَخبرتها بعدم الحضور ... فقد كنتُ محرجا من شكلها  أمامهم ومن هيئتها وملابسها المتواضعة جداً ، لقد تجاهلتها ، احتقرتها ، رمقتُها بنظرات ِحقد ، وهربت ُمنزويا ًبعيدا ً،مترقبا لحظة انتهاء الاجتماع بأَسرع وقت ٍخشية أَن يسألونها أو تسألهم عني ...

في اليوم الثاني ، أحد طلاب فصلي وجه لي كلاما ساخراً .... أييييييييي، أمك لديها عيناً واحدة فقط ..... وإِن فراشة المدرسة المكروهة  القبيحة هي والدتك ...ها ها ها ... أردتُ أن أدفن نفسي في حينها ، وتمنيتُ أَن تنشق الارض وتبتلعني ، وأَن تختفي أمي للأبد ، فواجهتها ذلك اليوم وعاتبتها .... ( إنْ كنتِ تريدين أَن تجعلي مني مهزلة ، فلم لا تموتين ؟ أو تتركي العمل في المدرسة  ، أَو تتحولين إِلى مدرسة بعيدة في مكان آخر .. انظري كم أَنتِ قبيحة يا أمي ، وأَنا جئت إِلى الدنيا كثير الشبه إِليك ، حتى واحدة من عينيّ تشبه عينك كثيراً ، لماذا ...؟ لماذا أنا هكذا ؟ أنا لا أُريد التشبه بك أبداً أبداً .....!! ) ، مكثت أمي صامتة ولم تتفوه بكلمة واحدة ، وانصرفت بهدوء إِلى المطبخ لتُعدَّ لي ولإِخوتي الصغار الطعام ، لكني لم أُفكر للحظة واحدة فيما قلته لها وما وجهته لها من إِهانة ، لانني كنتُ سأَنفجرُ من الغضب لحظتها ، غافلا لمشاعرها ، أردتُ الخروج من ذلك المنزل ، والعيش لوحدي ، وليس لديّ شيء لأَعمله هناك معها ، وكأن لا شاغل  لي في  الدنيا إِلا شكل أُمي وعملها ، وعينها الوحيدة .. ! ، لكنها كانت صبورة جداً  وقوية الشخصية ، وقد خبرتها الحياة جيداً ، فتحملت ،  ولم تأبه أو تتأثر بما أُكنَّهُ لها من مشاعر ، ولكنني رغم كل ذلك كنت أجتهد في دروسي بجدٍ حقيقي ، حتى أكملت دراستي الثانوية ، وشجعتني أُمي التي أَكرهها ، وساعدتني بما ادخرَته من مالٍ ، لأُكمِلَ دراستي الجامعية خارج البلاد ، فنجحتُ وحصلتُ على شهادةٍ مرموقة ، وبعد ذلك تزوجت من إِحدى زميلاتي في الدراسة ، وامتلكت ُ منزلي الخاص من عملي وزوجتي ، وأَصبح لدينا اطفال ، وكوَّنتُ أُسرتي وبيتي ، وكنت سعيداً ببيتي وزوجتي واطفالي ، وفي قمة الارتياح ، بعيداً متناسياً أُمي وهي ما تزال ترعى وتكافح من أَجل إِخوتي كما عرفتها دائماً ، بدون كلل أو ملل ، وفي أَحد الأَيام ، جاءت أُمي لتزورني في منزلي الجديد الذي بنيته ،  ولترى أَحفادها ، ولتقدِّم لي هدية ، فهي لم ترَني منذُ مدة طويلة ، وأَنا أَيضاً لم أَزُرها أو أسأل عنها ، عندما وقفت على باب منزلي ، أَطفالي أَخذوا يضحكون منها ، ووبختها زوجتي لِقدومها بدون موعد ، ولم تقدم لها الترحيب اللائق ، فزوجتي كانت أَيضاً لا تحب والدتي ، وتتكبر عليها ، ولم استطِعْ أَن أَتفوه بشيء ، أو ثنيها عن هذا الشعور تجاه أُمي ، مقابل حبها وتعلقها الكبير بأهلها وأُسرتها ، كيف تجرأت والدتك وقدمت لمنزلنا بلا موعد ، وأَخافت أَطفالنا وأَفزعتهم بشكلها القبيح ...؟ أخرِجْها .. أَخرِجْها من هنا حالاً ..... سمعت والدتي هذا الحوار الدائر بيني وبين زوجتي في المطبخ ، فتقدمت نحونا وأَجابت بصوت رقيق ، عُذراً يا عزيزتي ، ويا ولدي العزيز ، أنا آسفة جداً ، لازعاجكم ، رُبَّما تبعت العنوان الخطأ ... منذ ذلك الحين أختفت أُمي ، ولم تعاودني مرةً أُخرى .... وفي إِحدى الأَيام وصلتني رسالة من المدرسة بخصوص حضوري مجلس الآباء والمعلمين ، كباحثٍ اجتماعي ، وكطالبٍ درسَ في تلك المدرسة الابتدائية التي تعلمتُ فيها ، حيث كانت والدتي تعمل في ذلك الحي القديم كعضو شرف ، طبعا لم أَرى والدتي من بين الحضور ، وكنت قد كذبتُ على زوجتي وأَخبرتها بأَني خارج في مهمة عمل ، وسوف أتأخر قليلاً ، وبعد الانتهاء من الاجتماع ، شدني الحنين والفضول لأَن أَتوجه لمنزلنا القديم ، حيث تسكن والدتي وإِخوتي الذين انقطعت صلتي معهم منذُ مدة طويلة ، أَمام الباب الخشبي البالي لمنزلنا القديم ، لم أَجِدْ أَحداً ، حتى إِخوتي ،  لقد كان المنزل مهجوراً .. لكن تقدم أَحد أَبناء الجيران ، وأَخبرني ( لقد توفيت والدتك قبل أَيام ، وكانت عيناها تذرفان الدموع وهي تطلب حضورك ، ولكن لم نجد لك عنوان ...)  أَما إِخوتك الصغار ، يُقال إِنهم انتقلوا إِلى بيت خالتك سكينة ....  في حينها سأَلنا عنك ، فكنتم  خارج البلد مع عائلتك  في رحلة  ..!! ولكنهُ سلمني أمانة من عندها ، قال كان لديها هذه الوصية حرصت على أَن أُوصلها ليديك قبل أَو بعد وفاتها ...

فتحت الظَرْف وقرأتُ ( إبني العزيز ، لم أَبرح التفكير فيك وبأَولادك الصغار طوال الوقت ، أنا آسفة جداً لقدومي  ذات يوم إِلى بيتك ، وإخافتي لأولادك الصغار ، لقد كان ذلك اليوم سعيداً جداً بالنسبة لي ، لأَني تكحلت عيني برؤية أَولادك وزوجتك المصون ، وكنت سعيدة جداً ، عندما أَراك وأَنت تحضر اجتماعات المدرسة التي تعلمت فيها وكنت أَنا أَعمل طول عمري من أَجلك كي تطال هذا المقام الذي أَنت فيه الان ....  كم أَنا فخورة بك يا ولدي ،  وأَعتذر مرةً أُخرى ، لأَنني دائما كنتُ مصدر إِحراج لك في فترة صباك ، ولكنني سوف أُخبرك بالحقيقة كاملة .... ( عندما كنتَ طفلاً صغيراً ، تعرضت َ إِلى حادثٍ خطير ، وفقدت إِحدى عينيك ، ولكنني كأم ، تأَلمت لك كثيراً ، ولم استطِع الوقوف وأُشاهدك تنمو بعينٍ واحدةٍ فقط ووجهٍ مشوّه ، لذا قررتُ أَن أُعطيك عيني مهما كلف الأَمر ... وكنتُ فخورة جداً بك وأَنتَ ترى العالم الجميل من خلال عيني وتريني العالم كله  بعينك .. حقيقة  كنتُ أَشعرُ وأُحسُ وأَعيشُ وأَرى ما تراه أَنت ، وما زلتُ أَراك وأَحرسك بدعواتي وصلاتي مع حبي لك ... أُمك التي تحبك إِلى الأَبد ) ...  وفي الحال سقطتُ جاثياً على ركبتي أَمام  باب بيتنا القديم ، وانهمرت الدموع من عينيّ ، وأَنا أَجهشُ ببكاءٍ حار ،  بعد أَن شعرتُ بصحوة الضمير ، ولكن هيهات ، بعد فوات الآوان ... كم أنا نادم على كل ما فعلته بحق والدتي التي ناضلت وتعبت وافنت حياتها من أَجلي ومن أَجلِ إِخوتي الصغار ، والذين أَجهل مكان إِقامتهم  الآن ، حتى هؤلاء كنت مُجحِفاً بحقهم بسبب رعونتي وأَنانيتي .. إِنَّها أُمي التي جعل الله الجنة تحت اقدامها ...  رباه ، كم كنتُ قاسيا بحقها ..؟  من أَجل أَن أُكفِّرَ عن ذنوبي وعقوقي ، أُعاهد نفسي أَن أَجد مكان إخوتي الصغار وأَرعاهم ما حييت ، وسأَعمل ضريحاً لأمي العزيزة يليق بمقامها الكريم .. ولكن زهرة لمن نحبهم وهم على قيد الحياة ، خير من باقة زهور على قبره بعد مماته ...

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.