اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

عن أي حوار تتحدثون؟!// محمد عبد الرحمن

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

محمد عبد الرحمن

 

عرض صفحة الكاتب 

عن أي حوار تتحدثون؟!

محمد عبد الرحمن

 

لم يعد بمقدور الحلول الترقيعية معالجة الجروح العميقة والمشاكل الصعبة وحالة الانسداد السياسي والاحتقان الاجتماعي، دع عنك المشاكل الاقتصادية المتراكمة وتفشي الفساد وتعدد مظاهره. الفساد الذي غدا ظاهرة  سياسية – اقتصادية – اجتماعية، ظلت تتفاقم باستمرار حتى بلغت مديات خطرة جدا، وهي الآن تبدو خارج السيطرة جراء ضعف الدولة وهيئاتها المتخصصة، وحالة التشابك في المصالح للفاسدين مع قوى متنفذة في مؤسسات الدولة وخارجها، فيما تتدهور الحياة الاقتصادية والمعيشية لملايين المواطنين وتسوء الخدمات العامة وتتغوّل الجماعات المسلحة الخارجة عن القانون والمتمردة على الدولة، ويتعمق الفرز الاجتماعي وتزداد الهوة بين فئة متنفذة تحتكر السلطة والمال والاعلام والسلاح وتتمتع بمزايا ذلك.

 

وتتعمق كل يوم حالة عدم الثقة  بين عموم المواطنين من جهة والقوى الحاكمة التي تتشبث بنهج المحاصصة الحاضن للفساد والفوضى وحالة اللادولة، والتي تسعى الى إدامة هذا النهج الفاشل من اجل تقاسم النفوذ ومغانم السلطة تحت عناوين تمثيل المكون الطائفي او القومي الذي اختُزل الى تمثيل أحزاب وقوى واشخاص. كما انها مستعدة تماما في الوقت نفسه للتماهي، من اجل مصالحها ونفوذها،  مع قوى خارجية على حساب مصالح الوطن والشعب والقرار الوطني المستقل . 

 

هذه هي أسباب الازمة الشاملة التي يعيش تداعياتها المواطن العراقي، وهي أساس السخط والتذمر المتسعين، وحالة الرفض والاحتجاج المتواصلة بسبب استمرار دوافعها واخطاء وخطايا المتنفذين، وعجز القوى المهيمنة عن إيجاد مخارج وحلول ، وهي غير القادرة على ذلك اصلا بحكم طبيعتها وتفضيلها لمصالحها .

 

امام هذه اللوحة الآخذة بالتعقد يوما بعد اخر، لا يكمن الحل في اجراء هذا اللقاء او ذاك وهذا الاجتماع او غيره ، مهما خلصت نوايا الداعين اليه. فحالة الاستعصاء تجاوزت ذلك كثيرا ودخلت منعطفات خطرة، خصوصا وان المواطنين العراقيين لا يرجون خيرا من أي لقاء للقوى التي جُربت سابقا وعُرفت حقيقتها، واشتهرت بطأطأة رؤوسها حتى تمر العاصفة، ثم سرعان ما تعود حليمة الى عادتها القيمة، غير مكترثين بكل الوعود والتعهدات التي اطلقوها وكتبوها ووقعوا عليها.

 

الازمة المركبة الراهنة لا ينفع معها تبويس اللحى والكلام المعسول واغداق الوعود  والادعاء بالحفاظ على هيبة الدولة، ولا ما يسمي بـ "الحوار الوطني" وهو في حقيقته  لقاء اعتيادي من لقاءات الرئاسات مع كتل سياسية، وقد عقد مثلها العشرات، ولا تجدي معها نفعا الاستعانة بممثلة الأمم المتحدة، ولا بالدول الخارجية. فالحل يتمثل أولا وقبل كل شيء في الاستجابة السريعة لارادة المواطنين الرافضين بأغلبية واضحة، لمنظومة المحاصصة والفساد والسلاح المنفلت بقضّها وقضيضها .

 

ان حلول التراضي والعودة بالناس والبلد الى المنهج الفاشل ذاته، لا تعني الا الهروب الى امام من استحقاقات راهنة، والا تدوير الازمة واسبابها ، ما يعني المزيد والمزيد من الازمات، وتأخر البلد وتخلفه وضياع  المال والوقت والجهد والفرص، بجانب المزيد من الفقر والجوع والمرض والبطالة.

 

ان المطلوب اليوم بالحاح هو تدشين طريق التغيير المنشود، والا فالاوضاع مفتوحة على الاحتمالات كلها.

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.