اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

ومضات// آدم دانيال هومه

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

اقرأ ايضا للكاتب

ومضات

آدم دانيال هومه

سدني – استراليا

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

 

على ضفة النهر الظامئ

الذي كان يتدفق يوما في ملكوت الكادحين

كشلال الذكريات

كنت جالسا أتأمل أسراب الطيور

وهي تهاجر أعشاشها المشيّدة فوق أغصان الأشجار الآيلة للذبول

فترفرف روحي في إثرها مثخنة بالألم

تاركة جسدي في هذه الصحراء التي اقتلعت فيها الطفولة من جذورها

والتي لاتثمر إلا دماء وثكالى

فأتسكع مع أحلامي الجريحة في ومضات خاطفةعلى تخوم الفجر

أحلامي التي يراودها الحنين إلى أيام الرقص على حبال الشمس

والضحك والبكاء بين سواقي ووحول قريتي المنسوخة

كالعصفور الدوري

الذي كان يتهجى حروف السنابل

ويلتقط الحبّ من أطراف البيادر

بعيدا عن ضراوة الصيادين.

 

قبل أن يعرف الله أسماءه الحسنى

ويستقر على عرشه الأزليّ الأثير

يوم كانت الملائكة لم تزل تحبو على بساط السماء

تجلببت بالرداء الكهنوتي

وسرت حافيا في شوارع أوروك

الأرض العذراء المقدّسة

الزاخرة بأسرار الآلهة

لأنزل ضيفا على (ننسون) الطاهرة

حيث كان (كلكامش) نائما في حضنها

ماداً رجليه في أعماق بحيرة أورمية

وقد أسند رأسه على وسادة جبل لبنان

وهو يداعب أسدا

ويقلّم أظافر نسر

وحين كان ينظر شزرا

كان البرق يضطرم في أغصان أشجار الغيوم.

ولما زرته عام 2003 في المتحف العراقي

بعد تسونامي السلب والنهب والتدمير

وجدته مسخا

يقوم الخبراء بفحص حمضه النووي DNA

ليؤكدوا للعالم بأن أبيه كان قردا هبط من السماء.

 

أمي عمرها ثمانية آلاف عام

ولازالت تتلألأ كماسة من خلف زجاج التاريخ

تواصل الحفر بأظافرها في الصخر

بحثا عن النبع المقدّس

الذي سيتدفق بمياه الحياة

لتروي أبنائها العطاشى

التائهين في صحارى التشرّد والضياع

ولتضفي أنوار أصابعها قداسة على تراب وادي الرافدين .

 

وطني ينزف بين براثن أخطبوط الجحيم

وشعبي يعدو صوب بصيص يلوح في آخر النفق

وهو لا يدري بأنه عين الذئب تتلألأ في الظلام.

 

قصص المجازر والويلات

محفورة في ذاكرة الآشوري أينما كان

فكلما كشّر المتعطشون للدماء عن أنيابهم

وتنادوا للجهاد

تتزلزل الأرض من تحته

وتنبت له أجنحة في قدميه

فيقطع البحار إلى مجاهل الأرض

بحثا عن عش آمن لأبنائه

خوفا منأن (يُعْطُوا الجِزْيةَ عَنْ يَدٍ وهم صَاغِرُون)

أو ( يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَاف)      

تاركا قلبه يغوص في عمق أعماق أطلال نينوى

وخرائب بابل      

وتهيم روحه بين الأودية والجبال

بحثا عن مقابر الآباء والأجداد المنثورة في البطاح المجهولة.

     

مذ بدأ أبناء الآلهة ينكحون بنات الناس

هُتك عرض الأرض

وبدأ صهيل الثأر يضج في مسامع الله

فأرسل أنبياءه ليشطفوا الأرض بالدماء.

 

ليس عجبي من بهلوانية هذا الحمار

وإنما من هؤلاء الذين يتباركون بذيله المقدّس.

 

عقيم إيماننا

عقيمة صلواتنا

وعقيمة معتقداتنا المهترئة

طالما أننا لانستطيع التمييز بين وحي الله

ووسوسة الشيطان.

 

الشاعر...

هو الوحيد الذي يسبر أغوار مجاهل لاتصل إليها مدارك الله.

 

يقف على مفترق الطرق مضرّجا بالشوق

لايعرف أي سبيل سيسلكه

ليصل سالما إلى بيت أحلامه.

 

عندما التقت حواء بآدم في الجنة

أول مالفت انتباهها الحية التي بين ساقيه.

 

في الشرق

أصبحت تفوح من الياسمين رائحة الدم والبارود

وصار الأطفال يشيخون من فرط أحلامهم الضارية.

 

في كل ليلة

بعد أن أقيم صلاة الحنين

أحلم بسحابة مكتنزة

تستقر فوق نهر الخابور

لتمطر بغزارة في حضنه القاحل

فتعود إليه نضارته القديمة

وتعود أشجار الصفصاف تتلألأ على ضفافه

وأعود أنا إلى طفولتي الزاهية

أرعى خرافي في المروج المترامية على أطرافه.

 

ما أروع أن تُغمض عينيك

وتقفز من شرفة الغمام

لترتطم بأغصان المطر

ثم تهوي في منزلقات الريح

إلى قاع اليم

لتتحطم بين ذراعي عروس البحر.

 

عندما قبّلتني

رأيت دمي يطفح على شفتيها.

 

تحت ظلال رموشك

كنت أراقب مهرة الشمس

تدك بسنابكها جسور السحاب

تجوب الآفاق

وترسل صهيلها في دمي

وعندما مضيتِ بلا وداع

وجدتكِ  في اليوم التالي في زهرة البنفسج

على ضفة الساقية التي تربط الأرض بالسماء.

 

رأيت طيفك يطلّ من شرفة نجمة الصباح

حاملا باقة ورد

ولما تلوت آية الوصال

طارت الورود من بين راحتيك عصافير

وحطّت على أغصان قلبي.

     

قال لي الشيخ الضرير: رأيتها بأم عيني

عندما تكشف عن مفاتنها

تضيء جوانب الأرض والسماء.

قلت: عندما ودعتني صامتة، مغمّضة العينين

واستقلت قطار الريح

عدت إلى البيت أجرجر أذيال اللوعة والألم

وبعد أن استوى طيفها على عرش أهدابي

تذكرت أني نسيت حقيبة روحي على رصيف المحطة.

 

لقد رحلت...  ولكن طيفها 

لازال يذرع غرفة ذاكرتي جيئة وذهابا

ولا زالت أنفاسهاالمضمّخة بعطر السنابل

تتسلل في كل ليلة إلى سريري

وأسمع صوتها العذب كصدى نشيج الناي

في أعماق الوديان.

 

 

قبل أن يفوح من نهدها رحيق الجنس

كتبتُ عليها كتابي

على سنّة هذا الغراب الغريب

الذي كلما عطش

أراد أن يولغ من دمي.

 

مثلما سيظل عقد عشتار اللازوردي

متجمدا في عنان السماء إلى يوم الدين

هكذا...

سيظل العراق أرجوحة الله إلى أبد الآبدين.

 

******

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.