كـتـاب ألموقع

مرتكبو مذابح الآشوريين في العراق عام 1933// آدم دانيال هومه

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

الموقع الفرعي للكاتب

مرتكبو مذابح الآشوريين في العراق عام 1933

آدم دانيال هومه

 

1.   الملك فيصل الأول.

2.   الأمير غازي- ولي العهد.

3.   رشيد عالي الكيلاني.

4.   حكمت سليمان.

5.   نوري السعيد.

6.   ياسين الهاشمي.

7.   رستم حيدر.

8.   جلال بابان.

9.   صبيح نجيب العزي.

10.    بكر صدقي.

11.  اسماعيل عباوي توحلة.

12.  عبدالحميد الدبوني.

13.  مكي الشربتي.

14.  تحسين علي.

15.  خليل عزمي.

16.  نشأت جواد.

17.  نوري البريفكاني.

18.  نبشم آغا.

19.  الشيخ عجيل الياور.

20.  السير فرنسيس همفريز.

21.  السير كينيهان كورنواليس.

 

 

1. الملك فيصل الأول: (1883- 1933). هو ثالث أبناء الشريف حسين بن علي الهاشمي، وأول ملوك العراق. ولد في مدينة الطائف. وتربى في البادية مع أخويه علي بن حسين ملك الحجاز فيما بعد، وعبد الله الأول ملك الأردن فيما بعد، حيث تعلموا اللغة التركية قراءة وكتابة. وقد نشأ مع البدو ليتعلم فصاحتهم، ويتدرب على حياة الصحراء والتقشف وقسوة المعيشة، وتعلم أيضا الفروسية والقتال بالسيف والبندقية.

وعلى إثر المراسلات الشهيرة بين الزعيم الإنكليزي مكماهون  مع الشريف حسين، بتدبير من ضابط المخابرات الإنكليزي لورانس الملقب بـ(لورانس العرب)، والتي وعدت فيها بريطانيا بإنشاء المملكة العربية ودعم هذه المملكة سياسياً وعسكرياً واقتصادياً. أعلن الشريف حسين الثورة ضد الدولة العثمانية في حزيران عام 1916. وكان على رأس جيشه ابنه الأمير فيصل الذي تولى قيادة الجيش الشمالي للثورة العربية الكبرى إلى جانب القوات البريطانية، ودخل سورية في مطلع تشرين الأول عام 1918م. وأثناء حضوره مؤتمر باريس عام 1919 عقد معاهدة سلام مع حاييم وايزمان رئيس المنظمة الصهيونية آنذاك، وأول رؤساء اسرائيل للتعاون بين العرب واليهود في الشرق الأوسط. وبتاريخ 6 آذار 1920 عُقدت في النادي العربي بـدمشق جلسة حضرها الملك فيصل وأركان حكومته تقرر فيها بالإجماع تقديم العرش للأمير فيصل على أن تُعلن البيعة يوم 8 آذار في دار البلدية.

ولكن بموجب اتفاقية سايكس بيكو بين بريطانيا وفرنسا زحفت الجيوش الفرنسية باتجاه دمشق، بعد أن نزلت بالساحل اللبناني، وقامت القوات الفرنسية بتوجيه إنذارها المعروف بإنذار غورو إلى الأمير فيصل في 14 تموز 1920 بعدم مقاومة الزحف الفرنسي وتسليم الخطوط الحديدية وقبول تداول ورق النقد الفرنسي السوري وتسريح الجيش العربي وإلغاء التجنيد الإجباري. ودخلت الجيوش الفرنسية دمشق في 24 تموز 1920، بعد مقتل قائد الجيش السوري يوسف العظمة إثر المعركة التي عُرفت، فيما بعد، بمعركة ميسلون. بعد احتلال القوات الفرنسية لدمشق غادر فيصل سورية في تشرين الأول 1920 بدعوة خاصة من العائلة البريطانية المالكة، وبمغادرته انتهت الملكية في سورية لتبدأ حقبة الانتداب الفرنسي. عقد مؤتمر القاهرة عام 1920 بحضور ونستون تشرشل وزير المستعمرات البريطاني، آنذاك، للنظر في الوضع في العراق وتقرر في ذلك المؤتمر تأسيس ماسمي بالحكم الأهلي في العراق، وذلك بتشكيل أول حكومة وطنية مؤقتة برئاسة عبد الرحمن النقيب. وروعي في توزيع الحقائب الوزارية التمثيل الديني والطائفي والعشائري للبلاد، ووُضِع مستشار إنجليزي بجانب كل وزير عراقي. وأعلنت بريطانيا عن رغبتها في إقامة ملكية عراقية رشحت لها الأمير فيصل بن الشريف حسين بعد خروجه من سوريا. وتم اختيار الأمير فيصل ملكًا على العراق، وتوّج في 23 آب عام1921م. وقد واجه فيصل وحكومته مشكلات داخلية وخارجية معاً. أما المشكلات الداخلية فكانت تتعلق بالقبائل والأقليات كالأكراد والآشوريين والانقسام الطائفي بين السُنة والشيعة. أما المشكلات الخارجية فتتعلق بموقف العراق من بريطانيا والتي أجبرته على توقيع معاهدة معها في 10 أكتوبر 1922م تضمنت أسس الانتداب. واشترطت المعاهدة تأسيس مجلس تأسيسي منتخب لتشريع الدستور وإصداره. توفي فيصل الأول في 8 أيلول عام 1933 إثر أزمة قلبية ألمّت به عندما كان موجوداً في سويسرا للمعالجة. ووصلت جثته إلى بغداد في 15 ايلول 1933، ودُفن في المقبرة الملكية في منطقة الأعظمية في بغداد.وتولى حكم العراق من بعده ابنه غازي.  كان الملك فيصل الأول لا يختلف، في كثير أو قليل، عن بقية زمرته من الوزراء وقواد الجيش. فقد نُقل عنه، بعد اندلاع المعركة بين الآشوريين والجيش العراقي في ديرا بون، بأنه قال: (لا يهمني كم من الآشوريين قد تعرض للقتل، ولكن ينبغي أن تتخذ الحيطة لحماية النساء والأطفال)، وذلك تحسباً لما قد يسببه ذلك من تشويه سمعة المملكة العراقية في المحافل الدولية، وليس لأي اعتبار إنساني آخر. وهو الذي قام على رأس حكومته بتأجيج وإثارة العشائر العربية وفي طليعتها عشيرتا شمّر وجبور ضد الآشوريين، وتجنيد شرطة غير نظامية غالبيتها من الأكراد علماً بأنه كان قد أدلى سابقاً بتصريح خطير حين قال: (لا يوجد في العراق شعب عراقي بعد، بل توجد تكتلات بشرية خيالية، خالية من أي فكرة وطنية، متشبعة بتقاليد وأباطيل دينية، لا تجمع بينهم جامعة) . نُقل عن نوري السعيد، بعد مضي ثلاث سنوات على مذبحة سيميل، حين التجأ إلى السفارة البريطانية في أعقاب انقلاب بكر صدقي بأنه قال للسفير البريطاني: (سأسرّ لك بأمر خطير لم أبح به لأحد قبلك. ففي قضية المذابح الآشورية كان الملك فيصل المجرم الأول، وما حدث إنما كان بناءً على توصياته). وقد اعترف الملك فيصل، في آخر تصريح له، في العاصمة السويسرية (برن) قبل وفاته بأربعة أيام (معبّراً عن أسفه الشديد ليس لاقتراف الجيش جريمة بحق شريحة من شعبه العراقي، والتي بلغت مستوى المذابح أو الإبادة الجماعية، ولكنه تألم كثيراً بسبب توسّع الحقد والعداء نحوه ونحو بلاده إثر الاضطرابات الحدودية الأخيرة مع الآشوريين). ولكن بعد أن أصبحت أخبار المذبحة، والانتهاكات اللاإنسانية ومرتكبيها من السياسيين والعسكريين العراقيين على كل لسان، بعد ذلك اعترف الملك بالخطأ، وأبدى ندمه لما حصل في سيميل .علماً أن الملك فيصل كان قد قام باستقبال البطريرك مار إيشاي شمعون في (رأس عمادية) ووعده ببناء قصر له، وتخصيص راتب ضخم، وباب مفتوح على مصراعيه لأقاربه، ومن يتوصى بهم، في أجهزة الدول المدنية والعسكرية مقابل إلغاء رحلته إلى جنيف. ولكن حينما سأله البطريرك عما سيكون مصير شعبه ككل؟ تملص الملك من إعطاء الجواب الشافي.

2. الأمير غازي. (1912 - 1939). هو الأمير غازي بن فيصل الأول بن حسين بن علي الهاشمي  ثاني ملوك العراق. حكم من (8 سبتمبر 1933) ولغاية (4 أبريل 1939). ولد في مكة وعاش في كنف جدّه حسين بن علي شريف مكة وقائد الثورة العربية، والمنادي باستقلال العرب من الأتراك العثمانيين، والمطالب بعودة الخلافة للعرب.سمّي ولياً للعهد عام 1924 وتولى الحكم وهو شاب يتراوح عمره 23 عاماً، ثم ملكاً لعرش العراق عام 1933 لذا كان بحاجة للخبرة السياسية التي استعاض عنها بمجموعة من المستشارين من الضباط والساسة الوطنيين.شهد عهده صراع بين المدنيين والعسكريين من الذين ينتمون إلى تيارين متنازعين داخل الوزارة العراقية. تيار مؤيد للنفوذ البريطاني، وتيار وطني ينادي بالتحرّر من ذلك النفوذ حيث كان كل طرف يسعى إلى الهيمنة على مقاليد السياسة في العراق. فوقف الملك غازي إلى جانب التيار المناهض للهيمنة البريطانية حيث ساند انقلاب بكر صدقي، وهو أول انقلاب عسكري في الوطن العربي. كما قرّب الساسة والضباط الوطنيين إلى البلاط الملكي فعين رشيد عالي الكيلاني رئيساً للديوان الملكي. توفي في حادث سيارة وهو في حالة سكر شديد حيث أغرق البلاد بالفوضى بينما أغرق نفسه بالملذات ومعاقرة الخمر ومعاشرة النساء. وتقول الوثائق الحكومية الرسمية أن الوفاة حدثت بسبب اصطدام سيارته التي كان يقودها بنفسه بالعمود الكهربائي في منحدر قنطرة النهر بالقرب من قصر الحارثية في الساعة الحادية عشرة والنصف من ليلة 3/4/1939، وقد مات في الساعة الثانية عشرة والدقيقة الأربعين من الليلة نفسها متأثرا بكسر شديد للغاية في عظام الجمجمة وتمزّق واسع في المخ. كان الملك غازي، باعتراف أساتذته، متخلفاً عقلياً ، ومحباً للهو والسكر والعربدة. كانت له اليد الطولى في مجازر الآشوريين، في غياب والده للاستشفاء في سويسرا. وهو الذي قام، بعد اقتراف المذابح، بزيارة الموصل التي استقبلته استقبال الأبطال، فتم نصب أقواس نصر في الشوارع وقد زينت بأعلام وشعارات تهيب بالجيش، وعُلق على بعضها ثمار البطيخ الأحمر وقد شكت فيها الخناجر ثمثيلا لرؤوس الآشوريين المقطوعة. كما تعالت هتافات تشيد بالعراق وأتاتورك (كون الموصل لا زالت واقعة تحت تأثير تركيا) حيث قام ولي العهد غازي شخصياً بتقليد كبار الضباط وقادة العشائر المشاركة بعمليات القتل والسلب والنهب أنواط الشجاعة، ومن بينهم المجرم شيخ مشايخ شمّر عجيل الياور الذي أفسح المجال على مصراعيه لرجال عشيرته كي يواصلوا نهب القرى الآشورية . كما تكرر الأمر في بغداد حيث تم استقبال الفرق العسكرية لدى عودتها بحفاوة وقام الجيش باستعراض عسكري في شوارع المدينة. وتمت ترقية بكر صدقي الذي قاد لاحقاً أول انقلاب عسكري في تاريخ العراق عام 1936.

3. رشيد عالي الكيلاني، رئيس الوزراء: (1892 - 1965) هو من عائلة الكيلاني وهي أسرة من ذريّة الشيخ عبد القادر الكيلاني المولود في قرية جيلان الإيرانية. وقد طالبت الحكومة الإيرانية من الحكومة العراقية في عهد الرئيس أحمد حسن البكر باسترجاع رفات الشيخ عبد القادر الكيلاني كونه من مواليد جيلان في إيران. ولد في بعقوبة في محافظة ديالى بقرية السادة، وهو من أقرباء عبد الرحمن الكيلاني النقيب أول رئيس للوزراء في العراق.وخير ما قيل عن رشيد عالي الكيلاني: (أنه رجل مخادع حين تضيق به الأمور ويشتدّ عليه الخناق. مهزوز الأعصاب ضعيفاً، وإن خوفه من أن تطيح به المعارضة كان يثير أعصابه دائما). وقد عرفه تاريخ العراق متاَمراً دسّاساً عام 1935 وعام 1941. وكذلك شقيقه طه رشيد عالي السفّاح الذي قاد الجيش لمقاتلة عشائر الفرات الأوسط ونفّذ الإعدام بحق أبنائها. في 1 شباط من عام 1941 أعلن رشيد علي الثورة حيث توجه نحو بغداد ولكن فشلت حركته وحكم عليه بالإعدام غيابياً حيث كان قد أفلت من الأسر ولجأ إلى إيران فتركيا فألمانيا، ومن ثم إلى المملكة العربية السعودية طالباً حماية الملك عبد العزيز آل سعود. كان رشيد الكيلاني الرأس المدبر لكل الفواجع التي ألمّت بالآشوريين، والمجازر التي تعرضوا لها في العراق عام 1933. لقد كان متعصّباً وحاقداً على كل القوميات غير المسلمة في العراق. فلم يكتفِ باقتراف أشنع وأبشع مذبحة في تاريخ العراق الحديث بحق الآشوريين المسالمين في سيميل، وخمسة وتسعين قرية آشورية أخرى، حتى أوعز إلى وزير الاقتصاد ورئيس الحركة النازية في حكومته (محمد يونس السبعاوي) إلى تشكيل ثلاث منظمات شبابية هي: (كتائب الشباب)، و(الحرس الحديدي)، و(فدائيو يونس السبعاوي) وهذه الكتائب كانت في طليعة القوى التي هاجمت اليهود ونفذت مذبحة اليهود المعروفة باسم (الفرهود) في بغداد يومي 1-2 من حزيران 1941 بعد فرار رشيد عالي الكيلاني والمفتي الحاج أمين الحسيني والعقداء الأربعة وغيرهم من أنصار النازية في العراق، لفشل الجيش العراقي في الصمود أمام القوات البريطانية في الحبانية، وتراجعه في بغداد لأنه في تلك الفترة، بالذات، انتشرت الحركة القومية النازية والفكر النازي الذي ركز على تربية الشباب والطلائع بقيم الكراهية ضد اليهود والتهليل لما يقوم به النازيون ضدهم في المانيا. فقد بدأ تثقيف الشباب في المدارس بالفكر القومي ومعاداة الطائفة اليهودية بواسطة المعلمين والمدرّسين الفلسطينيين العاملين في سلك التعليم في وزارة المعارف العراقية.فقد راح ضحية الفرهود (ومعناها باللهجة البدوية السلب والنهب) من اليهود العراقيين أكثر من 200 قتيل. فقد استغـّل الناس فقدان السلطة وعدم وجود جيش أو شرطة في البلاد فخرجوا إلى الشوارع والأسواق والساحات مسلحين بالخناجر والعصي والسكاكين ليقوموا بعمليات (الفرهود) التاريخية وينفذوا ضد اليهود حملة قتل ونهب واغتصاب. فكانت مجزرة وحشية رهيبة حقاً. هبّ المسلمون يهاجمون دور اليهود ومحلاتهم التجارية ويفتحونها فيسرقون ما كان فيها ويحطمون ما لا يقدرون على حمله ويبقرون بطون النساء الحوامل ويقتلون الأطفال ويذبحون الرجال ثم يعمدون إلى أثاث الدار ومحتوياته أو إلى ما في المحل من بضائع فيسرقونها بأسلوب النهب البدوي المتوارث. كان الجار المسلم يقتحم دار جيرانه من اليهود الذين ترعرع معهم منذ الطفولة وعاش معهم العمر بسلام وصداقة ليسبي بناتهم ونسائهم وينتزع منهن مصاغاتهن الثمينة من الذهب والفضة ويغتصبهن جنسياً بضراوة، ويقتل من أهل البيت من يشاء بكل قسوة. فشهدت أزقة بغداد والأعظمية وبيوت اليهود فيها مآسي ظل الناس يَرْوُونها بتلذذ غريب. ولم يكفّ المفرهدون عن القتل والاغتصاب والحرق والتدمير إلا بعد أن أمر الوصي الذي عاد إلى بغداد باطلاق النار على المفرهدين بعد أن أصبحت ممتلكات المسلمين في خطر النهب أيضا. ثم شكلت لجنة تحقيق عن حوادث يومي 1 و2 حزيران 1941 بقرار من مجلس الوزراء الصادر بتاريخ 7 حزيران 1941 برئاسة السيد محمد توفيق النائب، ولم ينشر التقرير الذي قدّمته لجنة تقصّي الحقائق عن الفرهود إلى الحكومة العراقية إلا بعد 17 عاماً من الأحداث الأليمة في كتاب المؤرخ العراقي عبد الرزاق الحسني "الأسرار الخفية في حوادث السنة 1941 التحررية"، وذلك في مدينة صيدا - لبنان، عام 1958. (كانت حكومة رشيد عالي ترغب فعلا في وقوع اصطدام مسلح مع الآشوريين حيث أمرت حكومته العميد بكر صدقي آمر موقع الموصل بإجراء مناورات حربية في الشمال. أما الشرطة العراقية فقد قامت بتشكيل (15) مخفراً في القرى الآشورية على طريق الموصل- دهوك لمحافظة الأمن) . كما أعلنت في الأول من آب 1933 الجهاد المقدس. وقامت عبر الصحف المحلية، بتحريض رجال القبائل العربية ومختلف طبقات الشعب للتطوع والتوجه نحو الشمال لمقاتلة الآشوريين. ولقد أصر الكيلاني وحكومته على موقفهم من اعتقال البطريرك لدفع الآشوريين المتعلقين برئاستهم الدينية للقيام بما يكون حجة دامغة للفتك بهم.

4. حكمت سليمان، وزير الداخلية: (1889- 1964). هو ابن سليمان فائق رئيس المماليك في العراق. أي أنه مملوك شركسي وقيل مغوليّ الدم، وقد نشأ في استانبول تحت رعاية أخيه الجنرال محمود شوكت الذي قاد انقلاباً عسكرياً وخلع السلطان عبد الحميد الثاني عن عرش الامبراطورية العثمانية. فكان من الطبيعي أن يتربّى حكمت سليمان على نفس الأساليب العثمانية في السياسة والإدارة، والقائمة على الدسّ والتاَمر والاستبداد والغطرسة في الأداء.وقد مارس دور الوالي التركي ليس في مواقفه مع المسألة الآشورية، بل مع الشأن العراقي عموماً. وفيما يتعلّق الامر بالآشوريين فإنه كان مهيئاً للعب ذلك الدور بجدارة انطلاقاً من ثقافته التركية العنصرية وأصله المملوكي، إذ كانت ماتزال تراوده فكرة خيانة الآشوريين لأسيادهم الأتراك العثمانيين حسب زعمه، ومسألة "التجريدات" أي شنّ الحملات العثمانية لإبادة أولئك العصاة. وهو والحالة هذه كان يمارس دور المكمل لتلك الحملات التأديبية الانتقامية من الأحفاد بسبب زلّة الأجداد حسب ظنه. فقد أراد حكمت سليمان من مار إيشاي شمعون بطريرك الاشوريين تعهداً تحريرياً بالتخلي عن المطالبة بالسلطات الزمنية والحكم الذاتي. وهذه المطالبة لم تكن خطراً مخلاً بالامن وتهديداً للدولة، وإن عصيان مار شمعون المزعوم مهما اتسع فلن يبلغ شيئاً تجاه الثورات المستمرة للأكراد والإيزيدية وعشائر الجنوب.كما كان يعلم جيداً بأن اعتقال مار شمعون في بغداد سيثير أتباعه في الشمال ويدفعهم الى إظهار غضبهم وتمسّكهم بقيادتهم الدينية، وإلى القيام بالعصيان المسلح. وهذا ما كانت الحكومة العراقية تصبو إليه أصلاً لتخلق عدواً ملموساً من الناحية الإعلامية على الأقل. وتبثّ إشاعاتها لتخلق جوّاً مشحوناً بعواطف الحقد والكراهية ضد الآشوريين. وكان الطيارون العراقيون ومن خلال طلعاتهم يختلقون أخبار التجمّعات المسلحة في القرى الآشورية. وهذا أمر طبيعي لما عرف به الطيار العراقي حينها من جموح في الخيال، وقدرة فائقة في المبالغة واختلاق القصص والاحداث.يشكل حكمت سليمان، مع رشيد عالي الكيلاني وبكر صدقي، الثلاثي الأكثر إجراماً في كل المذابح والمآسي التي تعرض لها الآشوريون في العراق عام 1933 لأنه هو الذي قام بالتخطيط لها، إضافة إلى محاولته الفاشلة في اغتيال البطريرك مار شمعون، ومن ثم اعتقاله ونفيه بعد ذلك. انتقل بعد انهيار الدولة العثمانية إلى خدمة الحكومة العراقية الجديدة، وصادق بكر صدقي بعد مذبحة سيميل. وهو المخطط الرئيس لكل المذابح بشقيها السياسي والعسكري بصفته وزيراً للداخلية.

5. نوري السعيد، وزير الخارجية (1888- 1958)،كان ابن موظف بسيط في الجمارك، سعيد أفندي، من عشيرة القره غولي. وقد لمع نجمه كضابط في الجيش العثماني وقاتل في البلقان والثورة العربية. شغل منصب رئاسة الوزراء في المملكة العراقية  14 مرة بدآ من وزارة 23 مارس 1930  إلى وزارة 1 مايو 1958. كان نوري السعيد، ولم يزل شخصية سياسية كَثُر الجدل والآراء المتضاربة عنه. اضطر إلى الهروب مرتين من العراق بسبب انقلابات حيكت ضده. ولد في بغداد وتخرج من الأكاديمية العسكرية التركية في اسطنبول ، خدم في الجيش العثماني وساهم في الثورة العربية وانضم إلى الأمير فيصل في سوريا، وبعد فشل تأسيس مملكة الأمير فيصل في سوريا على يد الجيش الفرنسي، عاد إلى العراق وساهم في تأسيس المملكة العراقية والجيش العراقي. حاول الاختباء ولمدة يومين كاملين تمهيدا للهرب ومقاومة النظام الجديد وتنكر بزي امرأة واستقل سيارة انطلق بها إلى منطقة الكاظمية لاجئاً لبيت صديقه الحاج محمود الاستربادي التاجر الكبير. ولما علم قادة الثورة بهروب نوري السعيد أعلنوا عن مكافأة مالية كبيرة لمن يدل على مكان اختبائه. وتوالت إعلانات هروب نوري السعيد بشكل هستيري من خلال بيانات أذاعتها وزارة الداخلية من دار الإذاعة العراقية مما وجّه اهتمام الشارع نحو البحث عن السعيد بشكل تراجيدي محموم، وأسقطت من يد السعيد كل محاولات الاختباء والهرب. وبدأت تضيق الدائرة حول تحركاته. ففي يوم 15 تموز 1958 انطلق على وجه السرعة تاركاً خلفه بيت الاسترابادي في محاولة منه للتقدم بخطوة للأمام نحو خارج العراق متوجهاً نحو بيت الشيخ محمد العريبي عضو مجلس النواب، وأحد المقربين إليه، في منطقة البتاويين وسط بغداد التي كانت تعج بالفوضى جراء سقوط النظام الملكي وانهيار الدولة. حيث امتزجت فيها مشاعر الفرح بنجاح الحركة وإعلان الجمهورية بالحزن جراء أعمال العنف والقتل العشوائي من قبل الدهماء والغوغائيين والأحزاب الشيوعية التي أخذت تمارس القتل المنظم بسحل معارضيها في الشوارع. توجه السعيد على عجل إلى البتاويين وتعرّف عليه أحد الشبان في منطقة الكاظمية وهو يحاول ركوب السيارة فانكشفت ملابسه التنكرية فقام ذلك الشاب، على الفور، بتزويد السلطات برقم السيارة المنطلقة. وبعد اجتياز عدد من الحواجز والطرقات الفرعية بصعوبة جمة، وصل إلى بيت البصام، تصحبه الحاجة زوجة الحاج محمود الاستربادي. وبعد ترجله من السيارة تعرفت المفارز الأمنية على السيارة فتمت ملاحقته، وما لبث أن تطورت المواجهة إلى اشتباك بالأسلحة الخفيفة بين نوري السعيد وعناصر القوة الأمنية حيث أصابت رصاصة طائشة السيدة الاسترابادي وأردتها قتيلة، في حين حوصر السعيد ولم يتمكن من دخول البيت أو الهرب عبر الأزقة المجاورة، فانهمرت عليه رصاصات الجنود ثم قاموا بسحل جثته في شوارع بغداد.

ومن سخرية القدر أن صلاة الميّت على أرواح أحفاد النبي محمد الذين قتلهم أتباع النبي محمد في ثورة 14 /تموز/ 1958لم تُقام في مسجد في بلد عربي، وإنما في كنيسة مسيحية في بلد مسيحي حيث أن عدداً قليلا من أصدقاء العائلة المالكة، وأصدقاء نوري السعيد في لندن أقاموا صلاة تذكارية على أرواحهم. كان نوري السعيد مشاركاً فعلياً في المذابح الآشورية حيث سافر إلى سوريا إثر معركة ديرا بون، واجتمع مع المندوب السامي الفرنسي بالوكالة حيث وعده هذا الأخير (بأن السلطة الفرنسية ستتخذ التدابير المشدّدة كي لا يتسرب الثائرون إلى الأراضي الواقعة على الحدود السورية- العراقية).

6. ياسين الهاشمي، وزير المالية: (1884-1936). اسمه الكاملياسين حلمي سلمان ينتمي إلى أسرة تركية سلجوقية. ولد في بغداد، ودرس في استانبول وتخرج من المدرسة العسكرية ضابطاً عام 1902 ثم تخرّج من كلية الأركان عام 1905 والتحق بالجيش التركي في بغداد، ثم اشترك في حرب البلقان. وأثناء الحرب العالمية الأولى أرسل إلى حلب، ثم إلى استانبول. ثم ذهب للدفاع عن النمسا ضد الروس عام 1916. وقد حارب في فلسطين وتقهقر أمام قوات الجنرال اللنبي بعد إصابته بجروح بليغة، وتم أسره وأودع سجن حيفا. ثم أطلق سراحه بعد الهدنة فالتحق بالملك فيصل في دمشق ليتم تعينه رئيساً لأركان حرب حاكم سورية العسكري. وبسبب تشجيعه للحركات الوطنية العربية عام 1919 اعتقلته بريطانيا لستة أشهر. وبعد سقوط الحكومة الفيصلية في سورية بقي الهاشمي يعمل تاجراً ولم يوفق فتركها إلى العراق عام 1922. وبسبب طبيعته القيادية ونزعته القومية صار يتدرّج في المناصب حتى تسلم وزارة المواصلات عام 1922، ثم انتخب نائباً عن بغداد عام 1924 وشكل حكومته الأولى عام 1924. بعد أن استقالت وزارة جميل المدفعي الثالثة في 15آذار 1935 كلف الملك غازي ياسين الهاشـمي بتأليف الوزارة.فصار العراق يعيش تحت ظل وزارة ياسين الهاشمي هـذه وضعاً شاذاً وسياسة قمعية قاسية، فتعطلت الحياة الديمقراطية، وأوقفـت الأحـزاب الـسياسية، وخنقـت الحريات، وصحف المعارضة عطلت جميعها الواحدة بعد الأخرى. وبثت الوزارة الجواسـيس فـي كـل مكان لمراقبة المشتغلين بالسياسة وفرضت الرقابة على المخابرات والرسائل والكتب، وألقت عدد اً كبيـرا في السجون بدون محاكمات، وحكمت على البعض الآخر بأحكام متباينة منها الإعدام. وقد خولـت هـذه الأحكام قائد القوات العسكرية بتنفيذ حكم الاعدام دون أخذ موافقة الملك. وقامت الوزارة بفصل عدد كبير من الموظفين المعارضين لسياستها، وانتشرت في عهدها المحسوبية وابتزاز الأمـوال حتـى أن ياسـين الهاشمي نفسه ووزير داخليته رشيد عالي الكيلاني كانا متهمين بها. حيث تنامت ثروتهمـا عـن طريـق حصولهما على أراضٍ أميرية جديدة، كما اتبعت أسلوب الرشاوي والمكافآت إذ أغـدقت علـى رؤسـاء العشائر الموالية لها الأموال والأراضي والإعفاء من الضرائب، وصادرت الأموال والأراضـي وفـرض الغرامات على رؤساء العشائر المعارضة لها. واستخدمت الجيش فـي ضـرب الحركـات المعارضـة لسياستها، وأصدرت مجموعة من التشريعات أدّت إلى انفراد ياسين الهاشمي بالسلطة، وفرض دكتاتوريته في البلاد، إذ أخذ ينشر الدعاية لنفسه. وإضافة إلى ذلك اتبعت الوزارة سياسة قمعية وقاسية وشـديدة ضـد الطائفة الشيعية حين طالبت ببعض حقوقها التي كفلها لها القانون الأساسي. اشتهر ياسين الهاشمي بكونه أول رئيس وزراء عراقي يتمّ الإطاحة به عن طريق انقلاب عسكري حيث قام بكر صدقي بانقلابه الشهير عام 1936. ونتيجة لهذا الانقلاب فرّ الهاشمي إلى لبنان، وبعد شهرين توفّاه الأجل، ونقل جثمانه إلى دمشق ودفن فيها.

7. وزير الأشغال والمواصلات محمد رستم حيدر. (1889_1940). ولد في مدينة بعلبك اللبنانية. تخرج من المدرسة الملكية الشاهانية في اسطنبول عام 1910، ثم سافر إلى باريس لإكمال دراسته، وعاد إلى مسقط رأسه عام 1912، وبما أنه كان من الأعضاء المؤسسين لجمعية العربية الفتاة فقد التحق بالأمير فيصل في 10/8/1918 عندما كان الأخير على رأس الحملة العسكرية المتجهة إلى سوريا ولبنان وفلسطين لطرد الجيش التركي بدعم مباشر من القوات البريطانية. استمرت ملازمة رستم حيدر للأمير فيصل في سوريا، ورافقه بعد ذلك عند قدومه إلى العراق في 23/6/1921 وأصبح سكرتيراً خاصاً له بعد تتويجه ملكاً على هذه الدولة الحديثة. ثم تقلد بعد ذلك منصب رئيس الديوان الملكي، ثم وزيرا للمالية في 1/10/1930 وكان ذلك بداية تقلده سبعة حقائب وزارية مختلفة في فترات متقطعة ولحين اغتياله في عام 1940 في ديوان وزارة المالية في العاصمة العراقية بغداد. حيث كانت الساعة تشير إلى الحادية عشرة قبل ظهر يوم 18 كانون الثاني 1940 وبينما كان في مكتبه الرسمي دخل عليه المدعو (حسين فوزي توفيق) وهو مفوض شرطة مفصول، وقدم له كتاباً. وأثناء قراءته توجّس الوزير من المذكور شراً غير أنه لما همّ بالخروج من مكتبه أطلق المذكور عليه من الخلف رصاصة من مسدسه أصابته في خاصرته اليسرى.اعتقل الجاني ونقل المجني عليه إلى المستشفى الملكي حيث لفظ أنفاسه الأخيرة بعد أربعة أيام من إصابته وكان أعزباً وهو في الحادية والخمسين من عمره، ودفن في المقبرة الملكية في بغداد. كان رستم حيدر متعصباً دينياً وقوميا حيث صرّح عام 1932 لمراسل إحدى الصحف البغدادية قائلا: (إن القضاء التام على الأقليات المسيحية والأكراد معاً في لواء الموصل واقعة لا محالة. يجب التضحية بالأقليات على مذبح العروبة، وعلى العراق أن ينظر إليه كواجب مقدّس. وفي حال عدم سنوح الفرصة المناسبة لذلك، ينبغي علينا أن نجد الوسيلة الملائمة لتحقيقها) .

8. جلال بابان، وزير الدفاع: وزير الدفاع من تاريخ 20 آذار 1933 وحتى 28 تشرين الأول 1933. أصله من عائلة بابان الكردية. كان له مجلس علمي وأدبي ينعقد في داره في بغداد كل يوم جمعة. يلتقي فيه الكثير من أبناء العوائل العراقية من البابانيين والآلوسيين منهم العلامة محمود شكري الآلوسي، والعلامة الحاج علي أفندي الآلوسي، والعلامة الشيخ عبد الوهاب النائب، وعبد الرزاق الحسني وغيرهم. وظل جلال بابان حتى 1959 يسكن في داره في الكرادة الشرقية حتى مغادرته العراق. اشترك في جمعية حرس الاستقلال على الرغم من أن الاتجاهات القومية العربية كانت تسيطر على سياسة تلك الجمعية ولم تطرح مسألة الاتحاد مع الحركة الوطنية التحررية الكردية. عين جلال بابان في 25 تشرين الثاني 1931 متصرّفاً للواء أربيل، وقد شهد اللواء في تلك المدة حركات التحرر في منطقة بارزان بقيادة الشيخ أحمد البارزاني فقرر مجلس الوزراء القيام بحركات قمعية وتشكيل ناحية في كل من مناطق شيروان، ومزوري بالا، وبارزان. وانتهت تلك الحركات في 22 حزيران 1932 إثر لجوء الشيخ أحمد ومن معه إلى الحدود التركية. ثم شكلت وزارة الدفاع العراقية رتلا من 3 أفواج مشاة لتتولى الهجوم على مناطق البارزانيين. ثم صدر قانون العفو العام عـن البارزانيين حيث ألقت الطائرات على منطقتي شيروان وبارزان منشورات تحمل هذا القانون، مع إنذار الحكومة بالتسليم خلال عشرة أيام من تاريخ إلقائه. وبعد تسليم البارزانيين أنفسهم في 26 حزيران 1933 أصبحت منطقة بارزان تحت إدارة الحكومة .وقام، إثر ذلك، وزير الدفاع جلال بابان بزيارة (مرگه سور) مركز ناحية شيروان، فعدّ أول موظف عراقي يصل إلى مرگه سور، كما أن سيارته هي السيارة الأولى التي اجتازت الطريق المؤدّي إلى هذا المركز. وقد فتح جلال سوقاً كبيرا في القرية المذكورة .وبدأ، بعد ذلك، بإصلاح شؤون اللواء حيث ربط لواء أربيل بلواء الموصل بجعل الطريق المؤدّي إلى منطقة بارزان يمرّ عبر مركز قضاء العمادية، ومن هناك إلى سوري، ثم إلى بارزان. وبذلك يتمّ ربط لواء أربيل بلواء الموصل شمالا بواسطة قضائي الزيبار وراوندوز، ويربط الموصل من ناحية الگوير. وقد أحدث ثمانية مخافر في منطقة بارزان في نقاط: بارزان، شيروان، مازن، كاني يوط، سيلكي بارزان، سنجار، مَيزوز فَيرزوك، ومرگه سور. بتارخ 7 آب 1933 وصل إلى الموصل كل من وزير الدفاع العراقي جلال بابان، ومدير الشرطة العام صبيح نجيب، وقائد المنطقة الشمالية بكر صدقي مزودين بأوامر من الحكومة تخوّلهم تجنيد شرطة غير نظامية من العشائر العربية والكردية. وعلى إثر ذلك اندفعت بعض القبائل العربية والكردية، وبعض الايزيديين إلى مهاجمة قرى الآشوريين في دهوك وزاخو. وقامت قوة عسكرية بتمشيط جبل بخير، وكانت كلما عثرت على آشوري شارد ترديه قتيلاً. وفي ذات اليوم بدأ أتباع الشيخ الكردي نوري البريفكاني، الذي فاق بشرّه الجميع، بسلب ونهب القرى الآشورية في أعالي الجبال. ولم يكتفِ هذا الشيخ الكردي المجرم بذلك بل عمد إلى تسليم كل الرجال الذين كانوا يعيشون في عدة قرى مجاورة إلى قوات الجيش ليُقتلوا في الحال. وقد كانوا قد قصدوه في بداية الاضطرابات راجيين حمايته فوعدهم خيراً، ولكنه أخلف وعده وتنكر لكل التقاليد العشائرية والمبادئ الخلقية كما هي عادة أسلافه دائما.

9. صبيح نجيب العزي: (1892- 1948). كان ضابطاً سابقاً في الجيش العثماني. ثم درس في إسطنبول وتخرج منها ضابطا. واشترك في حزب (العهد). ولما أعلنت الحرب العالمية الأولى كان ضابطا في جبهة القفقاس. انشق من الجيش (العثماني) بعد قيام الثورة في الحجاز عام 1916 واعتقله الإنجليز في بغداد عام 1917، ونفوه إلى الهند. التحق بالجيش العربي في الحجاز عام 1919 وأصبح ضابط ركن جيش الأمير زيد بن الحسين. وبعد دخول القوات العربية إلى سوريا عين مرافقاً للشريف فيصل بن الحسين، ثم أصبح مدير عام للشرطة، ويعتبر مؤسس الشرطة العراقية. أسس كلية الأركان العسكرية وأصبح أول آمر لها، ثم أصبح مستشارا للمفوضية العراقية في برلين ومعتمدا للعراق في القاهرة. أصبح وزيراً للدفاع العراقي من 31 تشرين الأول 1938 ولغاية 25 كانون الأول. عندما بدأت الأحداث الآشورية عام 1933 كان بمنصب المدير العام للشرطة العراقية. وعُرف بمقته الشديد للآشوريين خاصة وللمسيحيين بصورة عامة. وقد حضر في السابع من آب إلى مدينة الموصل مزوداً بأوامر الحكومة تخوله تجنيد شرطة غير نظامية حيث جنّد في غضون أيام قلائل ألف نفر، منحهم الحرية المطلقة في قتل أي آشوري يصادفونه. كما أطلق أيديهم في سلب ونهب ممتلكات الآشوريين من دون أي حسيب أو رقيب. 

10. بكر صدقي، القائد العسكري للمنطقة الشمالية: والذي وصف بأنه كان على قدر عظيم من الغرور والحمق. بالإضافة إلى كونه يضمر الحقد المقرون بالكراهية والعداء ضد الاشوريين بسبب الاطماع القومية، كونه قوميا كردياً متطرفا، وكون مسار حركة التحرّر الكردية يتقاطع مع المسألة الآشورية في المنطقة آنذاك، حسب ظنه.عسكري وسياسي عراقي من أبوين كرديين، ولد في قرية عسكر القريبة من مدينة كركوك، درس في الأستانة - إسطنبول في المدرسة الحربية وتخرج منها ضابطاً في الجيش العثماني، وشارك في الحرب العالمية الأولى قبيل انتهائها. وبعد نهاية الحرب واندحار (الدولة العثمانية) انضم إلى الجيش العراقي الذي أسسه البريطانيون في 6 كانون الثاني 1921م، وعين برتبة ملازم أول. بعد الإنقلاب الذي قام به أصبح الجو في العراق مكتظا بالإرهاب وحوادث التهديد والاغتيال لشخصيات عديدة، ومشبعاً بروح السفه السياسي والأخلاقي سواء على مستوى الضباط الصغار ومرافقي القادة، أو حتى على مستوى القادة والوزراء أنفسهم. لقد تفتق ذهنه بضرورة إنشاء دولة كردية عظمى في العراق وإيران وتركيا يكون هو على رأسها. ولكن مشروعه سرعان ما واجه احتجاجاً شديدا من إيران وتركيا على التدخل في شؤونها الداخلية. وقد اشتهر بالتهتك والاستهتار لذلك فانه عندما شعر بالخطر لم يتردد في إحاطة نفسه بمئات المستهترين والمتهتكين الذين أطلق أيديهم في بغداد ليفعلوا ما يحلو لهم مع البغداديين من رجال ونساء بحرية تامة ومن دون رقيب. كما أنشأ جهازاً قوياً للمخابرات، اختار عناصره بنفس الطريقة ونشرهم في الشوارع البغدادية حتى بدا الناس يتندرون فيقولون (إذا رأيت ثلاثة فقل أن احدهم في المخابرات). وكانوا يقولون أيضا (إن للحيطان آذانا). لقد جعل صدقي من هؤلاء أسياداً على العراقيين يجوز لهم ما لا يجوز لغيرهم. يقتلون من يشاؤون، ويسجنون من يشاؤون، ويعتدون على أعراض الناس، ويرعبون النساء والأطفال. وكان يستخدم أكثر من سيارة واحدة حتى لا يعرف في أي منها هو. وكان لا يخبر إلا ذوي العلاقة بوجهته. وحين ضاقت به السبل قرر اللجوء إلى الحيلة والمكر والدسائس والمؤامرات كعادة أسلافه. هذه الخلفية الفكرية والسياسية العثمانية لدى النخبة الحاكمة في العراق والتي ترسخت في عقلية العديد من العراقيين أصحاب النفوذ والقرار ولحد الان، هي ذاتها كانت وراء تأجيج المشاعر ضد الاشوريين وسببت في تصاعد الحملة الاستبدادية ضدهم، وكانت ذروتها مذبحة سيميل عام 1933 وما أعقبها من نتائج مدمّرة أثرت على مستقبل حقوقهم الوطنية في العراق، والتي كان بطلها بكر صدقي الذي استغل البطش بالآشوريين ونصّب نفسه بطلاً وطنياً استعداداً للوثوب على زمام السلطة بعد ثلاث سنوات في انقلابه العسكري الذي هو الأول في الانقلابات العسكرية المتوالية في العالم العربي. وبعد نجاح انقلابه، قرر بكر صدقي السفر إلى تركيا لحضور المناورات العسكرية التركية المقرر القيام بها في 18 آب 1937 وقد اتخذ الإنكليز قرارهم بتصفيته وهو في طريقه إلى تركيا. غادر بغداد في 9 آب بالطائرة إلى الموصل، وكان برفقته العقيد محمد علي جواد قائد القوة الجوية. وكان من المقرر أن يغادر بالقطار ولكنه أحس بوجود مؤامرة ضده لذلك قرر السفر بالطائرة. وصل إلى الموصل ونزل في دار الضيافة وقد وجد المتآمرون فرصتهم في التخلص منه، حينما انتقل إلى حديقة مطعم المطار. وبينما كان جالساً مع العقيد محمد علي جواد، والمقدم الطيار موسى علي يتجاذبون أطراف الحديث، تقدم نائب العريف عبد الله التلعفري نحوهم ليقدم لهم المرطبات وكان يخبئ مسدساٌ تحت ملابسه، ولما وصل قرب بكر صدقي أخرج مسدسه وصوبه نحو رأسه وأطلق النار عليه فقتل في الحال، ثم أقدم على إطلاق النار على قائد القوة الجوية وقتله هو آلآخر. قيل أن العقيد فهمي سعيد كان لولب الحركة وأن الضابط محمود خورشيد هو العقل المدبر لتلك العملية. ترك بكر صدقي، بعد مقتله، ظاهرتين أصبحتا تقليداً مألوفاً في الحياة السياسية العراقية. الأولى هي الانقلابات العسكرية لإسقاط الحكومة القائمة وتنصيب وزارة جديدة موالية لمجموعة الانقلاب، والثانية ظاهرة الاغتيال السياسي والتصفية الجسدية لكل المناوئين.كان يوصف بكر صدقي بعد مذبحة سيميل بالذراع الأتاتوركي الضارب. ولقد أكد المفتش البريطاني ستيفن لونكرك بأن بكر صدقي هو السبب الرئيس في مذبحة سيميل حيث يقول: (إن مما لا شك فيه أن هذا العمل الوحشي البشع كان بتدبير بكر صدقي وبإيعاز منه حيث غاب عن الجبهة ذلك النهار بذهابه إلى الموصل. وكاد بكر صدقي أن يعيد المأساة ذاتها في قرية ألقوش لولا أن بشاعة ما جرى في سيميل منعه من اقتراف ما كان ينوي القيام به) . ولبشاعة ما جرى في حادثتي سيميل وقتل الأسرى الآشوريين والذي وصل إلى درجة مذابح جماعية فقد أمر بكر صدقي ضباطه بالتعتيم على أخبارها، وهدد بأقصى العقوبات لكل من يجري خبرهما على لسانه. وبعد التجاء عدد من الآشوريين إلى قرية (ألقوش) فراراً من همجية العشائر العربية والكردية المتعطشة للدماء. أراد بكر صدقي تطبيق ما نفذه في سيميل بحق ألقوش رغم هويتها الكاثوليكية. ولكن انتفاضة أبنائها وخاصة الكهنة منهم وعلى رأسهم القس فرنسيس حداد وتهديدهم للبطريرك مار عمانوئيل توميكا إما الاتصال بالبابا لوقف مذبحة ألقوش أو أنهم سيعودون إلى أحضان الكنيسة النسطورية. فقام البطريرك المذكور بالاتصال ببابا روما من جهة، وبالملك فيصل من جهة ثانية، فتم إيقاف بكر صدقي عن تنفيذ المذبحة في ألقوش.

11. الملازم أول اسماعيل عباوي توحلة. لصق به الاسم توحلة عندما تزوج فتاة من أسرة توحلة الذي عُرف عميدها (سعدالله) في أواخر العهد العثماني بوصفه زعيم المهربين وحرامي الموصل الأكبر. كان اسماعيل توحلة برتبة ملازم أول في عام 1933. وكان قائد الجيش العراقي إلى جانب الملازم أول (حجي رمضان) اللذين دخلا قرية سيميل مندحرين ومنهزمين من ساحة المعركة في ديرابون، وهما يغليان حقداً وهياجاً. فلما وجد الجنود العراقيون ذلك العدد الكبير من الرجال الآشوريين وهم عزّل وتحت رحمتهم، وقد التجأوا جميعهم إلى دار العميلين الشماس كبرئيل البازي وأخيه يونان اللذين بدآ يطمئنانهم، ويؤكدان بأن الحكومة ستحميهم لأنهم من أنصارها وليسوا من أنصار البطريرك. وحينما حاول بعض أنصار البطريرك الاحتماء به ردّهم على أعقابهم خائبين قائلا: (اليوم سيتم فرز الأشرار عن الخيّرين). وبعد أن طمأن عريف مخفر سيميل اسماعيل عباوي وحجي رمضان بأنه جرّد جميع الآشوريين من أسلحتهم بالكامل، دخلا بسيارتيهما إلى القرية يتبعهما عساكرهما في الشاحنات والمصفحات العسكرية. فأمر اسماعيل عباوي العساكر بنصب رشاشاتهم في نوافذ البيوت بعد أن أمر أحد الجنود بإنزال العلم العراقي عن سارية المخفر. ولكن انبرى، في تلك اللحظة، الشماس كبرئيل رافعاً هويته العراقية، طالباً الرحمة لهؤلاء الآشوريين الملتجئين إلى داره لأنهم من أنصار الحكومة العراقية وضد البطريرك وأعوانه، وأن عزرا أفندي ابن أخيه اللزم. ولكنه مالبث أن وقع صريعاً يتخبط بدمه، ثم تبعه ابنه وشقيقه. وبعد ذلك بدأت المجزرة الرهيبة. قتل جميع الرجال والأطفال دون العاشرة. وأي معارضة من النساء كان جزاؤها القتل أو الاغتصاب. وعلى أثر المذبحة التي قاما بها كل من حجي رمضان واسماعيل عباوي في سيميل رقيا إلى رتبة نقيب. وعلى إثر ذلك أصبح هذان الضابطان من أقرب المقربين إلى المجرم بكر صدقي بوصفهم شركاء في نفس الجريمة. وبعد ذلك انطلق اسماعيل عباوي ورفاقه من الضباط الخلعاء يعيثون في بغداد فساداً. يقتحمون النوادي الليلية وهم سكارى، فيختارون من يشاؤون فضلا عن اقترافهم الاعتداءات والجرائم بحق الأبرياء والمسالمين. وبإيعاز من بكر صدقي قام اسماعيل عباوي بقتل القانوني (ضياء يونس) سكرتير مجلس الوزراء في 11 كانون الثاني 1937، وقتل وزير الدفاع (جعفر العسكري) في 16 أيار 1938، وعلى إثرها حكمت عليه المحكمة بالإعدام ثم خفف الحكم إلى الأشغال الشاقة المؤبدة. ولكن بعد ثلاث سنوات قضاها في السجن المركزي ببغداد وقع انقلاب أيار 1941 فسارع رشيد عالي الكيلاني إلى إصدار حكم بالعفو عنه. وعلى إثر انقلاب 14 تموز 1958 كان اسماعيل عباوي أحد الضباط الذين شملهم القرار الذي أصدره عبد الكريم قاسم بإعادة الاعتبار إلى جميع الضباط الذين طردوا من الخدمة، أو أحيلوا إلى التقاعد ممن شارك في انقلاب بكر صدقي أو في انقلاب أيار 1941. فأعيد إلى الخدمة برتبة مقدم وعين مديراً لشرطة الموصل. وطوال مدة بقائه مديراً لشرطة الموصل عاش أبناؤها عامة، والمسيحيون منهم بوجه خاص أسوأ أيامهم، وأعادت إلى أذهانهم أحداث سيميل المروعة. وحين لم تعد بغداد تتحمل سلوك رجال أمن الموصل، واعتبرت مدير شرطتها هو المسؤول الأول أحالته على التقاعد عام 1962.  فغادر الموصل محملا بمنهوباته التي لا تعد ولا تحصى، وفي مقدمتها قطعان المواشي الكثيرة التي استلبها من الأكراد بحجة تعاونهم مع الثورة الكردية التي أصدرت قراراً بهدر دمه. ولكن في شهر آب عام 1964 سقظ فطيساً حينما كان يشرف على العمارة الفخمة التي كان يقوم ببنائها.

12. عبد الحميد الدبوني، قائمقام زاخو (1892 – 1969 ). تخرج في الكلية الحربية العثمانية، وبعد تشكيل الدولة العراقية الحديثة 1921 انخرط في خدمتها فعين متصرفا للحلة ثم قائمقاما لزاخو. وقد شارك في ثورة 1941 التي عرفت بحركة رشيد عالي الكيلاني ضد الانكليز، فاعتقل لمدة ثم تقاعد وتوفي سنة 1969 . يقول عنه ستافورد، المفتش الإداري البريطاني في الموصل: (هذا الموظف كان نموذجاً لأسوء طائفة من الرجال. عُرف عنه بأنه ليس عدواً للآشوريين وحدهم بل للمسيحيين قاطبة) . هذا القائمقام كان قد جمع متطوعين أكراد من عشائر سليفاني، وطلي، وسندي، ودعمهم بالمال والسلاح لمهاجمة قرى تخوما الواقعة على سفوح الجبال شمال شرقي سيميل لملاحقة وقتل من فرّ من الآشوريين إلى جبل بيخير ووادي خابور العراقي. فالرجال الذين سلكوا طريق جبل بيخير الوعر وكان يبلغ تعدادهم حوالي مائتين فقد اعترضتهم ربايا العشائر الكردية التي قام بتنظيمها هذا القائمقام الشرير. علماً بأن جميع الأسرى الذين سلموا أنفسهم للسلطة في زاخو ربطت أيديهم وتم طرحهم على وجوهم، وسارت مصفحات الجيش العراقي على ظهورهم. حصل كل ذلك بعلم وموافقة هذا اللعين باعتباره رأس السلطة في زاخو. وفي يوم الثامن من آب 1933 بدأت التقارير تَرِد إلى المفتش الإداري البريطاني في الموصل الكولونيل ستافورد حول أعمال القتل والسلب والنهب التي تتعرض لها القرى الآشورية، وتم نقل الميجر ساركَن إلى بغداد لئلا يطلع على حقيقة ما يجري حيث بات معروفاً للجميع بأن الجيش العراقي قد قرر بصورة رسمية وجوب قتل وإبادة كل الآشوريون في العراق. وكان الجيش يعرف مسبقاً بأن قراره هذا سيكون مدعوماً من حكومة بغداد. ونتيجة حالة الفزع المتأتية من ذلك ترك جميع الآشوريين قراهم والتجأوا إلى قرية سيميل أكبر القرى الآشورية المجاورة والتي تبعد عن دهوك مسافة ثمانية أميال تقريباً. وفي ذلك اليوم بالذات ظهر قائمقام زاخو المجرم عبد الحميد الدبونيفي قرية سيميل مع شاحنة محملة بالجنود، وكانت هذه المنطقة خارجة عن دائرة صلاحياته. دخل القرية وطلب إلى الآشوريين تسليم سلاحهم مدعياً بأنه يخشى من نشوب قتال بين الثوار الآشوريين الذين غادروا العراق إلى سوريا وبين قوات الحكومة، وقد يُحتمل أن يُشارك فيه أهالي سيميل في وجود السلاح بحوزتهم، وأكد لهم بكلام ظاهره الصدق وباطنه الكذب والنفاق بأنهم سيكونون في أمان تحت ظل العلم العراقي الذي يرفرف فوق مخفر الشرطة. فسلمَ الآشوريون كل ما لديهم من قطع السلاح إلى الجنود الذين حملوها وعادوا من حيث أتوا. وللحق والتاريخ نقول: بأنه في ذلك اليوم وصلت برقية من الملك فيصل الأول ملك العراق، الذي كان في سويسرا حينذاك، يطالب فيها رئيس الوزراء المجرم الفارسي الأصل رشيد الكيلاني ومجلس وزرائه بالاستقالة حالاً، أو إيقاف المذابح الآشورية على الفور. فكان الرد: أن بإمكانه ترك عرش العراق فيما إذا كانت سياسة الوطنيين العراقيين لا تلائمه لأنه ليس سوى لاجئ في البلاد.

13. مكي الشربتي، قائمقام دهوك: يلي عبد الحميد الدبوني في السوء موقف ذلك الكردي الشرير الذي قام بتهديد عامة الشعب في دهوك بأنه في حال إيوائهم لأي آشوري، كائناً من كان، فإنهم يعرّضون أنفسهم لخطر الموت. وبأمر منه تم قتل أكثر من (500) آشوري حول مدينة دهوك من الذين سلموا أسلحتهم إثر المنشورات التي ألقيت عليهم تطمئنهم بالعفو عنهم في حال تسليم أنفسهم. وعندما سلم أكثر من (100) شخص أنفسهم طمعاً بالعفو فقامت الشرطة، بناء على أوامر القائمقام هذا، بنقلهم في شاحنات عسكرية، وأخذهم إلى الحدود السورية حيث تم إعدامهم جميعاً بعد أن لاقوا أشرس صنوف التعذيب خلال الطريق. ولم يكتفِ هذا المجرم بكل ذلك بل أراد دقّ الإسفين بين القادة الآشوريين حين ادعى لمالك خوشابا بأن مالك ياقو قد خرج إلى سواره توكا وبرفقته ستون رجلا قاطعاً الطريق عليك وهو مصمم على قتلك. وقد قام المجرم مكي الشربتي بتوقيف جماعة من أنصار مالك ياقو مالك اسماعيل بتهمة دخولهم المدينة مسلحين. وقدم مالك ياقو للوساطة لدى هذا القائمقام للإفراج عن الموقوفين، ولكن القائمقام رفض وساطته ما دفعه إلى الإقدام على دخول المدينة وبصحبته مائة رجل من أتباعه عمدوا إلى قطع خطوط الهاتف بين دهوك والموصل، وفرضوا على القائمقام إطلاق سراح الموقوفين أو المخاطرة بحياته، فرضخ لهم الجبان وتم الإفراج عن الموقوفين جميعهم. كان مكي الشربتي قد أعلن، في اجتماع خاص في دهوك، لجميع رؤساء ووجهاء المسلمين: أن الحكومة العراقية لن تقوم بأخذ أي إجراء، مهما كان نوعه، حيال أي اعتداء على المسيحيين عامة، وبالأخص الآشوريين منهم.

14. تحسين علي، متصرف الموصل: كان يعمل سابقاً حاجباً للملك فيصل الأول. على الرغم من أن التعليمات الرسمية من السلطات المركزية في بغداد كانت ترسل إلى هذا المتصرف بواسطة البريد الرسمي، ومن ثم يحيط مرؤوسيه بها في كافة المناطق إلا أنه كان، وفي كافة القضايا المتعلقة بالآشوريين، يوجه تعليماته شفهياً إلى قائم مقاماته ومدراء نواحيه . وبعد أن قام البطريرك بتقديم مطالب الأمة الآشورية إلى عصبة الأمم، وفي مقابلة بينه وبين متصرف الموصل قال له المتصرف: (بأن الشكاوى التي رفعها إلى عصبة الأمم باسم الآشوريين لا يمكن للحكومة العراقية السكوت عنها، وعليه أن حساب ذلك) . وقد قام هذا المتصرف الشرير، قبيل الأحداث الآشورية الدامية، بالتجوال شخصياً في منطقة زيبار/بارزان منادياً بالجهاد المقدس ضد الآشوريين. وبعد انتهاء المذابح الآشورية تم نقله إلى لواء آخر على ضفة الفرات بعد زيادة راتبه مكافأة للخدمات التي قام بأدائها في الموصل.

15. خليل عزمي، وكيل متصرف الموصل: في العاشر من تموز 1933عقد هذا الخبيث اجتماعا في مكتبه في مدينة الموصل ضم جميع القادة الآشوريين، وبحضور كل من المفتش الإداري البريطاني الكولونيل ستافورد، والخبير بشؤون توطين الآشوريين بالعراق الميجر تومسون، وكانت الغاية من وراء هذا الاجتماع الذي أعدته الحكومة العراقية زرع الخلاف والشقاق بين قادة الآشوريين وذلك من خلال استخدام بعض المأجورين للتسبّب في خلق صراع بين أولئك القادة في الاجتماع. وقد وضع أنصار مار شمعون أمام خيارين اثنين، إما القبول بالمشاريع التي تقرها الدولة أو مغادرة البلاد في الحال. وعلى إثرها وجّه القادة الآشوريون، أنصار مار شمعون البرقية التالية إلى وزير الخارجية العراقي جاء فيها: (سيادة وزير الخارجية! لما كانت إحدى مهام اجتماع الموصل توضيح سياسة الحكومة العراقية حيال مشروع التوطين وموقفها من قداسة البطريرك من جهة، أو مغادرة البلاد كما وضعها المتصرف علناً. إن بإمكان كل من لا يرغب بهذا المشروع مغادرة البلاد في الحال، لذلك اخترنا مغادرة البلاد على القبول بالمشروع. وبناءً على ما سبق فإن ما نطلبه من الحكومة العراقية هو السماح لكافة الراغبين بالانضمام إلينا وعدم وضع عراقيل أمامهم. ليست لدينا أية رغبة أو نيّة في الحرب أو المجابهة إلا إذا أرغمنا على ذلك) .

16. العريف نشأت جواد: كردي الأصل. كان المسؤول الأول في مخفر شرطة سيميل أثناء المذبحة. كان قد نشر بياناً في أكثر من 11 قرية آشورية بأن (أي آشوري يريد ضمان حياته، ما عليه إلا أن يلجأ إلى المخفر). وبحلول العاشر من آب بلغ عدد الملتجئين إلى مخفر سيميل أكثر من أربعمائة من الرجال، إضافة إلى النساء ولأطفال تاركين خلفهم كل ما يملكون، وسلموا أسلحتهم بالكامل بعد اقتناعهم بحسن نيّة الحكومة) . أمر عريف الشرطة نشأت جميع الآشوريين الذين احتشدوا في مركز الشرطة طلباً للأمان بعد تسليم أسلحتهم ونهب قراهم. أمرهم بأن يذهب كل واحد إلى قريته، ولما رفضوا الأمر خوفاً على حياتهم اقترح عليهم الانتشار في بيوت قرية سيميل. وفي فجر يوم الجمعة المصادف في الحادي عشر من آب قام العريف نشأت بفصل النساء والأطفال دون العاشرة عن الرجال، وطلب إلى الرجال دخول بيوت القرية لكي يختلطوا مع البقية ويُقتلوا جميعاً. حينما وصل الجنود العراقيون بقيادة آمر فصيل الرشاشات اسماعيل عباوي توحلة إلى أطراف قرية سيميل تردّدوا في الدخول إليها، ولكن العريف نشأت ذهب إليهم وأخبرهم بأنه قد جرّد جميع الآشوريين من أسلحتهم بالكامل. وبعد ذلك بقليل دخلت شاحنات ومصفحات عسكرية إلى القرية واقترفت المجزرة. وقد حاول عدد من الرجال النجاة عن طريق ارتداء ثياب النساء أو الاختباء في الأماكن الخفية، ولكن هذا المجرم كان يبحث عنهم من منزل إلى آخر. بعد انتهاء الجنود من تصفية جميع الآشوريين في سيميل أمر هذا العريف الكردي القذر النسوة الآشوريات بمسح وإزالة الدماء من حرم مخفر الشرطة، فثارت ثائرتهن على الأمر اللا إنساني وأهبن به أن يدير فوهات الرشاشات إليهن لأنهن يفضلن الموت على القيام بذلك.

17. نوري البريفكاني: هو نوري عبد الجبار بن عبدالقهار (1871- 1944). زعيم روحي كردي، من مشايخ الطرق الصوفية، نائب برلماني وزعيم عشيرة المزوري، ينسب إلى أسرة دينية معروفة في قرية (بريفكان) من أعمال دهوك. وكان أجداده من مرشدي الطريقة القادرية في التكية الموجودة فيها. تولى الإرشاد في التكية الرئيسية في بريفكان، ثم اشتغل بالسياسة العشائرية. حضر حفل تتويج الملك فيصل الأول في العراق سنة 1921م، وانتخب نائباً عن الموصل في مجلس النواب 1925م، وأعيد انتخابه في عام 1933م، وعام 1943م، وكان قد انتقل إلى دهوك ثم إلى الموصل حيث توفي فيها سنة 1944. لقد فاق هذا المجرم بشره الجميع حيث أمر أتباعه بسلب ونهب القرى الآشورية في أعالي الجبال، ولم يكتفِ بذلك بل عمد إلى تسليم كل الرجال الذين كانوا يعيشون في عدة قرى مجاورة إلى قوات الجيش ليُقتلوا في الحال، وقد كانوا قد قصدوه في بداية الاضطرابات راجيين حمايتهم، فوعدهم خيراً ولكنه أخلف وعده وتنكر لكل التقاليد العشائرية والمبادئ الخلقية، كما هي عادة أسلافه دائماً.

18. الشيخ عجيل الياور: شيخ مشايخ قبيلة شمر، ونائباً عن لواء الموصل بالمجلس النيابي العراقي عام 1924. وهو جد غازي الياور أول رئيس للعراق بعد صدام حسين. هو الذي فسح المجال لرجال عشيرته كي يواصلوا نهب القرى الآشورية. وكان من بين الذين حضروا استعراض استقبال الجيش العراقي في الموصل ومنحه أنواط الشجاعة. وصفته المس بل، السكرتيرة الشرقية لدار المندوب السامي البريطاني في إحدى رسائلها لأمها قائلة: (إنه انضم إلينا في سنة 1917، ثم انجرف إلى الاتراك، وعاد إلينا مرة أخرى حينما احتللنا الموصل، ثم انجرف مرة أخرى ضدنا، لسبب لم نعرفه قط). وفي يوم 12 تشرين الثاني سنة 1940 كان يقود سيارته الخاصة في الطريق قرب الشرقاط فأصيب بنوبة قلبية لم تمهله فتوفي وكان في الخامسة والخمسين من العمر.

19. نيشم آغا الكردي: قامت جماعته بقتل اثني عشر آشورياً في موضع يدعى {سواره}، كما قامت هذه الجماعة أيضاً بقتل عدد من النساء الآشوريات وشوهت جثتهم تشويهاً مريعاً في {قلة بدري} بالقرب من دهوك.

20. فرانسيس همفريز،(1879- 1971). كان المندوب السامي البريطاني في العراق منذ بداية الأحداث الآشورية. (وكان قد وعد الآشوريين بالعمل على مساعدتهم في جنيف فيما إذا تركوا الأمور  بين يديه. ومع أن الآشوريين كانوا قد ملوا من وعوده الفارغة إلا أنهم وضعوا ثقتهم، مرة أخرى، في كلمة ممثل بريطانيا العظمى، وانتظروا عودته من جنيف بفارغ الصبر. ولكن تملكتهم الدهشة حينما وجدوا في نقاط لجنة الانتدابات الدائمة المنعقدة في حزيران عام 1931، والتي نقلتها إذاعة بغداد، التحاملات والتهجمات العنيفة والمسمومة ضد البطريرك، ومن قبل نفس الشخص الذي كان قد وعدهم بالدعم والمساندة، لتنطبع في أذهان الآشوريين، بدون شك، صورة واضحة عن الخطر المحدق بهم. كما كتب إلى الحكومة العراقية في الأول من شباط 1933 يقول فيها: (إذا استمر مار شمعون يلوذ بالصمت فأرى من الضروري أن تستدعيه الحكومة هو وسورما إلى بغداد، وأن تحتجزهما هناك بصورة دائمة). كان المندوب السامي البريطاني في العراق منذ بداية الأحداث الآشورية. (وكان قد وعد الآشوريين بالعمل على مساعدتهم في جنيف فيما إذا تركوا الأمور بين يديه. ومع أن الآشوريين كانوا قد ملوا من وعوده الفارغة إلا أنهم وضعوا ثقتهم، مرة أخرى، في كلمة ممثل بريطانيا العظمى. وانتظروا عودته من جنيف بفارغ الصبر. ولكن تملكتهم الدهشة حينما وجدوا في نقاط لجنة الانتدابات الدائمة المنعقدة في حزيران عام 1931، والتي نقلتها إذاعة بغداد، التحاملات والتهجمات العنيفة والمسمومة ضد البطريرك، ومن قبل نفس الشخص الذي كان قد وعدهم بالدعم والمساندة، لتنطبع في أذهان الآشوريين، بدون شك، صورة واضحة عن الخطر المحدق بهم. كان الهدف من وراء تهجمات السير فرانسيس هو من أجل الحط من مكانة البطريرك بين الآشوريين بحيث إذا أدّت الغاية، فإن سقوط النظام الآشوري سيتبع في الحال، وفي مدة لا تتجاوز بضعة أشهر، القضاء التام على العنصر الآشوري. وعوضاً عن ذلك فإن خطة السير فرانسيس الخبيثة لم تبلغ غايتها بل جعلت الآشوريين أشد تأييداً للبطريرك، وعلى استعداد تام لتقبل الموت عن تحمّل نير العرب على أكتافهم. وبينما لم يلقَ تحوّل نوري السعيد نحو البطريرك لإقناعه بسحب شكاويه في جنيف إلا معارضة شديدة، فقد أعيد تذكير السير فرانسيس بوعوده، إلا أن إجابته كانت، كالمعتاد، غامضة مبهمة، ومراوغة ملتبسة) . لذلك قال عنه أحد المسؤولين الانكليز الذين عاشوا في العراق لمدة طويلة: ( لم أرَ في حياتي قط مثل هذا التلاعب الفاضخ) . كما كتب همفريز إلى الحكومة العراقية في الأول من شباط 1933 يقول فيها: (إذا استمر مار شمعون يلوذ بالصمت فأرى من الضروري أن تستدعيه الحكومة هو وسورما إلى بغداد، وأن تحتجزهما هناك بصورة دائمة). كانت جميع تقارير السير فرانسيس غير صحيحة ومبنية على المعلومات التي يزوده بها المفتش الإداري في الموصل، والذي كان يحصل عليها، بدوره، من مسؤولي المناطق العراقيين والمحرضين الأصليين لتلك الجرائم  البشعة. في حين كان السير فرنسيس إبان الأحداث الآشورية الدامية قد رفع تقريراً إلى عصبة الأمم مثنياً على الحكومة العراقية السمحاء بينما لم يزعج نفسه لتصحيح أوضاع الآشوريين لكونه مشغولا بحضور المآدب والولائم الفخمة التي كان يقيمها الملك فيصل ووزرائه. علماً أن بعض الضباط الإنكليز قد حذروه مرات عديدة عن أوضاع الآشوريين، وأنهم سيتعرضون للكوارث والفواجع الأليمة ما لم يقم على تقييم الأمور بشكل صحيح قبل رفع الانتداب عن العراق. ولكنه غضّ الطرف عنها واعترف في عصبة الأمم بأن حكومته هي المسؤولة خلقياً تجاه حماية الآشوريين، ولو شاء هذا المجرم لكان أنقذ الآشوريين من كل الكوارث والمذابح التي تعرضوا لها لاحقاً. ولكنه كان يقضي إجازته بصيد السمك حين وردته أخبار المذابح الآشورية.

كينيهان كورنواليس، مستشار الملك فيصل: (1883-1959). كان رجلا عملاقاً يبلغ طوله أكثر من ستة أقدام، وذو أنف كبير بصفة مميزة، ومن السبّاقين إلى الشهرة في الجامعة التي كان يدرس فيها. وكان في أثناء الحرب العالمية الأولى يعمل في المكتب العربي في القاهرة تحت إمرة المستشرق الشهير (دافيد هوغارت) من اليهود المبرزين في عالم الاستشراق في بريطانيا، ومن أركان الحركة الصهيونية، ومن الرؤساء الذين تولوا الإشراف على المكتب العربي في القاهرة. وقد تولى قيادة وحدات عسكرية خلال الحرب العالمية الأولى. ومن ثم عمل كورنواليس ضابط اتصال بين فيصل ابن الشريف حسين والقائد البريطاني العام في سوريا، ومن ثم عاد، بعد مغادرة فيصل سوريا، إلى وزارة الماليةفي القاهرة. وحين وافق فيصل على ترشيح نفسه لعرش العراق سأل كورنواليس إذا كان يستطيع اللحاق به في السويس. فوافق، وأصبح مستشاراً  لملك.

ـــــــــــــــــــــــــــــ

 1. المقدم السير هنري مكماهون (Sir Henry McMahon)الممثل الأعلى لملك بريطانيا في مصر (1862 - 1949)، اشتهر بمراسلاته مع شريف مكة، الشريف حسين بن علي بين عامي 1915 و1916 خلال الحرب العالمية الأولى. موضوع الرسائل يدور حول المستقبل السياسي للأراضي العربية في الشرق الأوسط، حيث كانت المملكة المتحدة تسعى لقيام ثورة مسلحة ضد الحكم العثماني. وعد مكماهون الحسين بن علي باعتراف بريطانيا بالجزء العربي من آسيا إذا شارك العرب في الحرب ضد الدولة العثمانية.

 

 2. عبدالرزاق الحسني، تاريخ الوزارات العراقية، ج3، ص 315.

3 . نكبة سيميل 1933. عوديشو ملكو آشيتا، من منشورات رابطةالكتاب والأدباء الآشوريين، ص 380.

4 . عبد الرزاق الحسني، المصدر السابق، ج 3، ص 313-314 .

5 . عبد الرزاق حسني، المصدر السابق، ج 3، ص 320.

6 . ستافورد، مأساة الآشوريين، ص 1838.

7. عبدالرزاق الحسني، تاريخ الوزارات العراقية،ج 3،ص 277.

8 . يوسف مالك، الخيانة البريطانية للآشوريين، ص 86.

9. لونكرك، ص 235.

10 . ستافورد، مأساة الآشوريين، ص 1804.

11 . الخيانة البريطانية للآشوريين، ص 93.

12 . المصدر السابق، ص 97.

13 . المصدر السابق، ص 110.

14 . الناشرس. ميشيل،ص 62.

15 . يوسف مالك، الخيانة البريطانية للآشوريين. ترجمة: يونان ايليا، ص 57- 58.

16 . المصدر السابق، ص 58.

 

17 . المصدر السابق، ص 86.