اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

رحلة دون تدخل في كتاب محمد الماغوط: سأخون بلدي (13) المواطن والكلب// عبد الرضا حمد جاسم

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

عبد الرضا حمد جاسم

 

عرض صفحة الكاتب 

رحلة دون تدخل في كتاب محمد الماغوط: سأخون بلدي

(13) المواطن والكلب

عبد الرضا حمد جاسم

 

....................

 كان المثقف العربي غارقاً في بث همومه ومكنونات صدره للكلب الصغير المتثاقل ترفا واسترخاءً في احدى سيارات ألسلك الدبلوماسي الأجنبي وسط تجمع المارة وسخريتهم عندما قدم احد رجال الشرطة مسرعا بمسدسه وهراوته واصفاده وغيرها من عدة الديمقراطية العربية.

المثقف: سنتابع حديثنا فيما بعد.

الكلب: لم يرتجف صوتك وتصطك ركبتاك؟

المثقف: لقد جاء الشرطي.

الكلب/ وان جاء ما علاقته بك او بسواك؟

 المثقف: اذا لم تفهموا هذه العلاقة حتى الان فلن تفهموا ما يجري في منطقتنا ابدا.

 الكلب: انا لا أخاف من حلف الأطلسي.

المثقف: لان حلف الأطلسي قد يراجع بشأنك اذا ما تعرضت الى مكروه.

الكلب: اليس لك اهل وأصدقاء يراجعون بشانك؟

المثقف: طبعا ولكن المشكلة ان الذين سيراجعون بشأني سيصبحون هم اوتوماتيكيا بحاجة الى من يراجع بشأنهم، الان وصل الشرطي ارجونك ان تتصرف وكأنك لا تعرفني.

الشرطي: ما هذا التجمع وسط الشارع؟

المثقف: الا تسمعون؟ ممنوع التجمع الا لرجال الامن.

الشرطي: هيا... كل في حال سبيله.

المثقف: مواطن يتحدث الى كلب، هل هي فرجة؟

الشرطي: بل جريمة.

المثقف: قبل ان ترفع هذه العصى يجب ان تعرف وانت رجل قانون انه لا يوجد في أي عرف او دستور او بيان وزاري ما يمنع المواطن من التحدث الى كلب؟

الشرطي: من ندرة الأشخاص والمنابر والمتفقهين من حولك حتى تتحدث بما تعانيه الى هذا المخلوق المنفر الغريب.

المثقف: ولمن اتحدث يا سيدي؟

الكتاب مشغولين بالجمعيات السكنية.

والفنانون بالمسلسلات الخليجية.

 والمعلمون بالامتحانات.

 والطلاب بمعاكسة الفتيات.

والتجار بإحصاء الأرباح.

 والفقراء بغلاء الأسعار.

والمسؤولين بالخطابات.

الشرطي: عم كنتما تتحدثان؟

المثقف: موضوعات عامة، كنا نتحدث عن الحب.

 الشرطي: كذاب لا احد يحب أحدا.

المثقف: عن الصداقة.

الشرطي: ايضاً كذاب... لا احد يثق بأحد.

المثقف: عن الصحافة العربية.

الشرطي: لا احد يقرؤها.

المثقف: عن الإذاعات.

 الشرطي: لا احد يسمعها.

المثقف/ عن الانتصارات.

 الشرطي: لا احد يصدقها.

المثقف: عن المقاومة الفلسطينية.

 الشرطي: لا احد يحس بوجودها.

 المثقف: عن حرب الخليج.

 الشرطي: لا احد يبالي بها.

المثقف: عن الزراعة.

الشرطي: لا احد يزرع شيء، كل طعامنا صار معلبات.

عم كنتما تتحدثان للمرة الأخيرة؟

المثقف: بصراحة كنت احدثه عن الصراء العربي الإسرائيلي من الالف الى الياء

الشرطي: يا للفضيحة تتحدث عن اهم قضية عربية الى كلب واجنبي أيضا

المثقف: لا تحمل الموضوع اكثر مما يحتمل اعتبره تتمة للحوار العربي الأوربي

الشرطي: ولماذا كنت تطلعه على صحفنا المحلية

 المثقف: كنت اتلو عليه احدى الافتتاحيات

الشرطي: وكيف كان تعقيبه عليها؟

المثقف: لقد عوى

الشرطي: كلب متواطئ

المثقف: لماذا تتحدث عنه بكل هذه الضعة والاستصغار يا سيدي؟

صحيح انه كلب صغير بحجم قبضة اليد ولكن انظر اليه كيف يبدو وادعاً مطمئناً وواثق من كل شيء يعرف متى يأكل ومتى يشرب ومتى يخرج الى النزهة ومتى يعود منها ومتى ينام ومتى يستيقظ باختصار كلب صغير يعرف مصيره ورجل طويل عريض لا يعرف مصيره أه يا سيدي الشرطي انا الانسان العربي لو كان لي حقوق كلب فرنسي او جرو بريطاني لصنعت المعجزات بقلمي البائس ودفتري المهترئ هذا

هل سمعت بإلياذة هوميروس؟

الشرطي: لا

المثقف: بالأوديسة؟

الشرطي: لا

المثقف: بملحمة غلغامش؟

الشرطي: لا

المثقف: بالكوميديا الإلهية لدانتي؟

الشرطي: لا

المثقف: بمسرحية فاوست لغوته؟

الشرطي: لا

المثقف: إذاً بماذا سمعت؟

الشرطي: منذ غزو لبنان لم اسمع الا اغنية "صيدلي يا صيدلي".

المثقف: إذاً : هل تسمح لي بأن أعوي معه قليلاٍ؟.

الشرطي: لا هيا أمامي.

 المثقف: لن امشي في الشارع هكذا.

 الشرطي: ماذا تريد؟ موكباً رسمياً؟

المثقف: اريد طوقاً حول عنقي فقد اهرب، كمامة على فمي فقد أعض.

الشرطي: من ستعض يا هذا؟

المثقف: قد اعض الأرصفة، البنوك، الجماهير، اليمين، اليسار، الشرق، الغرب، الجنوب، الشمال. اخفض مسدسك يا سيدي ولا تصدق ما أقول ففي النتيجة لن اعض الا لساني على قارعة الطريق، أو اصابعي حتى يتصل الناب بالناب لأنني آمنت بشيء ما في يوم من الأيام .. اليس كذلك يا سيدي الشرطي؟

الشرطي: ارجوك لا تضربني على الوتر الحساس والا تركت عملي وانضممت الى المحادثات معكما.

......................

التالية (14)/ الأقنية الرومانية

عبد الرضا حمد جاسم

.................................

*من كتاب: سأخون بلدي لمحمد الماغوط

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.