اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

محاولات اغتيال مصطفى بارزاني في عهد عبدالكريم قاسم ح2// عبدالله جعفر كوفلي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

عبدالله جعفر كوفلي

 

عرض صفحة الكاتب

محاولات اغتيال مصطفى بارزاني في عهد عبدالكريم قاسم

الحلقة الثانية

عبدالله جعفر كوفلي

ماجستير قانون دولي

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

 13/7/2019

 

بمناسبة الذكرى (61) لثورة (14) تموز 1958 الذي غيّر مجرى التاريخ السياسي العراقي, وأُعلن عن نظام جمهوري برئاسة عبدالكريم قاسم بعد الاطاحة بالنظام الملكي, هذه الثورة التي كانت ترى فيها الشعب العراقي بصورة عامة والشعب الكوردستاني خاصة الأمل والفرصة الذهبية لاصلاح ماكان يعاني منه الشعب من الظلم والاضطهاد, إلا انها لم تكن كذلك, فقد خاب ظنهم وتبددت احلامهم, فما ان وقف الثوار على اقدامهم إلا وبدؤا بضرب تطلعات شعبنا الكوردستاني, واعلنوا الثورة عليهم واستهدفوا قائد الحركة التحررية الكوردستانية بمحاولات متكررة للاغتيال والتخلص منه بشتى الوسائل ناسين ومتناسين تلك الوعود والعهود التي قطعوها على انفسهم باصلاح ذات البين.

 

لقد عرف الثوار ان وقوف (مصطفى البارزاني) في قيادة الحركة التحررية باعتباره شخصية نضالية مؤثرة تدافع عن حقوق شعبه بما اوتيّ من قوة وصلابة, يهز عروشهم ويزلزل الارض من تحت اقدام الطامعين, لذا كانت المؤامرات تحاك للتخلص منه باغتياله مهما كانت الثمن إلا ان قدر الله وخبرته الطويلة ومعرفته المسبقة بنواياهم كُتب له السلامة والانقاذ, وهذا ما جعل من البارزاني قائداً أمنياً ذا نظرة ثاقبة يستطيع ان يقرأ ماوراء الامور ويتنبأ ويكشف عن تلك الخيوط.

 

لقد تعرض البارزاني في فترة نضاله الى محاولات عديدة للاغتيال وفي زمن عبدالكريم قاسم (1958 – 1963) تعرض الى ثلاثة محاولات معلنة للاغتيال وما خفي كان اعظم, لذا سنتطرق اليها بشيئ من الاسهاب وبحلقتين:

 

-    المحاولة الثانية:

في أواخر الشهر العاشر من عام 1961 تم تطهير منطقة (كاني ماسي) من قوات الشرطة بالكامل، وبسط جيش الثورة سيطرتها التامة على منطقة بروارى بالا، ولم يعد فيها من يمثل السلطات الحاكمة هناك، وما أن حل شهر كانون الأول 1961 حتى كانت الثورة قد قطعت شوطاً هاماً في مجال تعزيز مواقعها، و حققت سيطرتها التامة عليها، وقد ذاعت أنباء، نجاحاتها في سائر أرجاء البلاد ولا سيما في كوردستان بخلاف ما إدعاه (عبدالكريم قاسم) من القضاء على الثورة في مؤتمره الصحفي، وفي اليوم العاشر من كانون الأول 1961 تم تحرير ناحية سرسنك من القوات الحكومية، وسيطر البيشمركة على وادي زاويته على مشارف دهوك، عندها حشدت السلطة قواتها لهجوم واسع النطاق بهدف فتح طريق سرسنك، و إعادة احتلال سرسنك...، لم تكن معركة بالمعنى العسكري المعروف، بل مذبحة فقد وقعت هذه القوات في كمين محكم، ولم ينج منها إلا عدد قليل، وبهذه المعركة انتقلت الثورة الكوردية إلى مرحلة جديدة، وثبتت روح الإقدام، والعزم، والثقة بالنفس، ورفعت معنويات أعضاء الحزب الديمقراطي الكوردستاني في كل مكان من البلاد، وعادت تنظيماته إلى النشاط دون خوف من ملاحقة السلطات، وتحدياً لها.

 

صُدم النظام بعد معركة زاويتة، إذ اكتشف الأبعاد السياسية الحقيقية لما كان يدور في كوردستان، بإعتبارها ثورة كوردية كاملة الأبعاد، واضحة المعالم والأهداف، وليست مجرد انتفاضةٍ عشائرية محدودة في منطقة بعينها، روح عمت الثورة، وسرت في أرجاء كوردستان، كما تسري النار في الهشيم، واصيب (عبدالكريم قاسم) بصدمة لم يكن يتوقعها، أو يحسب لها حساباً، و خشي سوء العاقبة، فأخذ يفكر بمعالجة الأمر قبل استفحاله عن طريق آخر غير المواجهة، فلجأ إلى الحيلة، والدسيسة، بأن تظاهر بإرسال أحد أعوانه للمفاوضة في موضع معلوم بنية مدبرة منه، لقصف الموضع عند اللقاء، بغية القضاء على البارزاني، والرجل المفاوض، كتب عبدالكريم قاسم للشيخ أحمد: بأنه مستعد للصفح عن البارزاني بالعبارة التي كان يرددها دائماً (عفا الله عما سلف) شريطة أن يعود إلى بارزان، ويخلد إلى السكون....

 

بعث الشيخ أحمد بفحوى رسالة (قاسم) للبارزاني بصحبة الرسولين (ولي هسني وأوسمان آغا بارزاني) وبعد يومين من وصول الرسالة، تلقى طلب قاسم بمقابلة رسوله العميد (حسن عبود) آمر اللواء الخامس، فوافق على اللقاء، وفي اليوم السابع عشر من شهر كانون الأول عينت الحكومة للمفاوضين محلاً للإجتماع قريباً من سرسنك، إلا أن البارزاني لم يحضر في المكان المعين، بل بقي في موضع قريب من قرية بامرني، ثم بعث برسله كل من (علي عسكري وعلي شعبان هسنكى/ بارزاني للذهاب إلى مكان التفاوض بالقرب من (جسر به ربانك)، لأبلاغ (حسن عبود) عند حضوره بأن البارزاني قد غير مكان اللقاء، وفضل ناحية سرسنك، وفي الساعة الحادية عشرة من صباح يوم (17/12/1961) حضر (حسن عبود) مكان التفاوض، وبعد إبلاغه بما أمر به البارزاني، توجهوا إلى سرسنك، وفي (قصر المهندس) تم اللقاء بين البارزاني، وحسن عبود، وبعد مضي حوالي نصف ساعة من اللقاء الثنائي، شاهد (حسن عبود) بنفسه عملية القصف، بعد أن أقبلت أربع طائرات بعد مغادرته الموقع، وقصفته قصفاً عنيفاً مركزاً، وأدرك (حسن عبود) الخجل الشديد، وصعب عليه الموقف إلى حد كبير، ولم يكن في ذهنه أي فكرة عن الجريمة التي دبّرها زعيمه، كان حسن عبود من العسكريين الشرفاء صافي النية، وكان يود من كل قلبه إحلال السلام، وقد أدركنا سلامة نيته هذه من موقفه النبيل في الحيلولة دون إلحاق الأذى بالبارزاني.

 

عاد حسن عبود إلى الموصل، فطلبه عبدالكريم قاسم، فشخص إلى بغداد وجرت مقابلة عاصفة له مع قاسم طفق خلالها يتهدد، ويتوعد، ومما قال له: (كيف تقول إنك مخلص لي في حين إنك لم تحاول قتل البارزاني أثناء اجتماعك به، فأجابه وكيف يمكن ذلك، قال اسحب مسدسك واقتله. قال حسن عبود : (إني اجتمعت به من أجل التوصل إلى إتفاق وسلام، وقد سمح لي بالاحتفاظ بسلاحي احتراماً، وكان بوسعه أن يطلب نزعه مني، ولو حاولت أن أفعل ما تقوله، لما نجحت فقد كنا محاطين بحرسه اليقظ). بادر قاسم إلى عزله من قيادة اللواء الخامس، وأحل محله العميد علي العامري. ولقي حسن عبود من سوء المعاملة الكثير، فقد ألحقه قاسم بإمرة إلادارة، وهو العقاب الذي ينزل بالضابط المغضوب عليهم، والذين يظهر منهم التقصير، وبقي محروماً من الخدمة الفعلية، حتى نهاية حكم قاسم.

وعلى اثر الكارثة التي مني بها الجيش العراقي في موقعة زاويتة. وفشل التأمر على حياة البارزاني اصدر قاسم الاوامر الى اللواء الحادي عشر من الجيش واللواء الاول من الشرطة بالتقدم نحو سرسنك ثم بامرنى...

 

-    المحاولة الثالثة :-

كانت محاولات (عبدالكريم قاسم) لأغتيال البارزاني مستمرة، وكان البارزاني يصفه بالكذاب، وفي محاولة أخرى للنيل من البارزاني يقول البارزاني : في (23حزيران 1962) أرسل قائد قوة الميدان في كركوك ضابطاً يدعى (علي آغا) لبحث شروط وقف إطلاق النار، وقال إنه مستعد لإلقاء منشورات من الطائرات تعلن إيقاف إطلاق النار، وعين لي موقعاً للقاء، لكني لم أذهب، لأني كنت أعرف أنه فخ، وفي الواقع إن الموضع الذي خصص لاجتماعنا قصف من الصباح حتى المساء، وفي اثناء ذلك أرسلت جوابي على مقترحاته بالشروط الثلاثة التالية :

1.   سحب كل القوات العسكرية من كوردستان.

2.   إطلاق سراح كل السجناء السياسيين دون استثناء.

3.   تجريد المرتزقة من السلاح.

و عندئذ سأكون مستعداً للمفاوضات.

هكذا يبدو أن (قاسم) كان وراء كل عملية قصف لمحل الاجتماع، ليقتل فيه البارزاني، ولا يهم ان قضي فيه على وفده المفاوض، وإن تقدير البارزاني كان صائباً جداً في اتخاذ الحيطة، والحذر، والاعتقاد أن هناك مؤامرات تحاك على حياته، المهم في الأمر إن (قاسم) لم يستجب لنداءات الكورد، بل تجاهلها تماماً، وإن القتال استمر في عهده حتى يوم سقوطه ومقتله في (9شباط 1963) .

هذا مما جعل من البارزاني قائدا أمنيا ذو نظرة ثافبة وبعد نظر واسعة .

 

المقال مقتبس من مشروع كتابنا (ملامح البُعد الأمنى في سياسة البارزاني)

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.