اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

حقوق المرأة بين الإسلام والدولة مرة أخرى// عادل نعمان

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

عادل نعمان

 

عرض صفحة الكاتب

حقوق المرأة بين الإسلام والدولة مرة أخرى

عادل نعمان

كاتب واعلامي مصري

 

قلنا، فى المقال السابق، إن الإسلام دين وليس دولة، ولما كان الخلاف بين المذاهب لم يحسمه السيف أو القلم، فلا يصح أن تقع الدولة أسيرة هذا الاشتباك، ولما كان الحكم يقوم فيها على استعلاء فصيل على الآخر، المسلم على غيره، والرجل على المرأة، فإن هذا يهدم مبدأ المساواة ، ولما تصبح الدولة أسيرة حاكم ظالم يطاع لمجرد الغلبة بالسيف، فإن هذه الغلبة تقوض مبدأ الكفاءة، وحرية الاختيار. ونستعرض معا أولا: حقوق المرأة بين الإسلام والدولة.

 

حقوق المرأة: إذا كان المسلمون الأوائل قد عابوا على الجاهلين فى الكثير، فقد أخذوا عنهم أكثر مما عابوا، بل وأنزلوه منزلة التنزيل وهو أمر لا يستقيم مع جاهليتهم، وإذا كانت المرأة مضطهدة فى الجاهلية كما أشاعوا، وتورث لأكبر الأبناء كالمتاع إن شاء زوجها وإن شاء عاشت فى كنف قبيلته، فربما كان الأمر قائما عند بعضهم، وكل قبيلة تحكم بما شاءت إرادة الملأ فيها، فقد كانت سيدة أعمال وشاعرة فى بعض القبائل الأخرى، وملكة متوجة خارج حدود العرب، وإذا كانت المرأة لا تورث كالرجال، فقد كان أمرا مرهونا بعدم مشاركتها فى جمع المال من الغزو، ويسرى هذا الأمر على الصبية الصغار والكبار من الرجال الذين لا يشاركون فى الغزوات، وكان مال الغزو أشرف من مال التجارة والزراعة والرعى عند العرب، وظل كذلك دهرا طويلا، وكانت بعض قبائل العرب تورث المرأة نصف الرجل «قبيلتا ذو المجاسد، وعمرو بن النفيل»، ومما أشاعوه أيضا وأد البنات صغارا خشية العار، ولم يكن كذلك، بل كان خشية الإملاق فقط، وأسانيد وأد البنات مخافة العار ضعيفة ومفككة، وإلا كيف كان للعربى كل هذه الزيجات من النساء؟ والتى وصلت إلى عشر نساء غير ملك اليمين، وكيف كان العربى يطلق أسماء الإناث على الآلهة، اللات والعزة ومناة، إلا تكريما للمرأة؟ ولم يكن عمل النساء فى البغاء عارا تستجلبه المرأة، وكان سلوكا مقبولا، وعن قصة عمر بن الخطاب ووأده لصغيرته، فهى حكاية لا سند لها، وقد كانت ابنته حفصة مولودة قبل البعثة بخمس سنوات ولم ينلها ما نال سابقتها أو لاحقتها إذا كان قد تم لها ذلك. وكل مسالك الناس، ومنهم النساء، كان سلوكا اجتماعيا، وسيصيبه حتما الارتقاء والعلو كما يصيب غيره من مناحى الحياة، إما بالدين أو بالحراك المجتمعى أو كليهما معا، وكان انتشار العلاقات الجنسية وتعددها سببه هذه الكثرة من النساء والإماء والجوارى اللاتى انضممن إلى القبائل من هذه الغزوات، فزادت العلاقة بين الرجال والنساء وتمددت حسب الهوى والسعار الجنسى فى هذا الوقت، وبالمناسبة لم يستطع الدين الجديد أن يقضى على سلبيات هذه العلاقة وهوسها، ولم يمنع سهولتها ويسرها حوادث الاغتصاب والتحرش حتى بنساء المجاهدين فى الغزوات أو الذاهبات إلى المساجد للصلاة، ولو ألقينا الضوء على أنواع هذه العلاقات، فلم يكن منها خارج نطاق الزواج مشينا بل كان سلوكا مقبولا، ومنها زواج الصداق «المهر» ونكاح السبى ونكاح الإماء، ونكاح المتعة ونكاح الهبة،ونكاح الشغار «البدل»، ونكاح «الرهط» ونكاح «المباضعة والمخادنة»، ونكاح «البغايا»، وجاء الإسلام ينتصر للمرأة، ولكن ليس من العدل أن ينتصر لها على كل السلبيات، ويبقى على ما كان من إيجابيات، وقد كان للرجال فى هذا غرض آخر، فوقفوا ضد تحررها، وحملوا النصوص عكس ما تحمل، وأوقفوها جامدة لمنفعتهم، ونسخوا آيات الصفح والموادعة بآيات السيف والقتل لما فيها من مكاسب ومغانم، وأبقوا على نصوص النساء ثابتة جامدة، ثم قالوا: يصلح لكل زمان ومكان، والحقيقة فهو لا يصلح فى هذا إلا فى أوانه وحينه فقط، فهو وليد ظرف محدد، وحدث معين، وهو «سبب النزول»، ومادام للنص سبب للنزول، فوجب أن يدور مع الأسباب، فليس من العدل أن يقف النص جامدا ضد حركة الحياة وتطورها الحتمى، وإذا كان انتصار الإسلام للمرأة كما سنرى كافيا فى حينه، فإنه لم يعد كافيا فى حيننا، بل إن الحراك المجتمعى والثورات التحررية تتخطاه، وتتجاوز، فى كثير، كل ما وافق على بقائه مما ذكرت، وهو بحكم الزمن ظلم فادح الآن، وقد كان مقبولا فى حينه كملك اليمين والرق، فلا يعقل ولا يصح أن تتفوق الثورات وعجلة الحياة على ما جاء من عند الله وهو الأشمل والأعم.

 

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

 

"المصري اليوم" القاهرية

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.