اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

من جولاتنا في جبل القوش: رحلة الى بيسقـين// لطيف پولا

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

لطيف پولا

 

عرض صفحة الكاتب 

من جولاتنا في جبل القوش/ رحلة الى بـيــسقـيـن

لطيف پولا

 

 

قصرا دبيسقين ( برج بيسقين)

 

تعددت رحلاتنا الى بيسقين حتى غدت قبلتنا.. وكما يقول المثل: كل الطرق تؤدي الى روما ,كذلك كل الوهاد المطلة على القوش تؤدي الى بيسقين. مرة نتخذ وهدة گوپا دمايا سبيلا للوصول الى بيسقين أو  وهدة سيارك على غربها او  وهدة قپلا على شرقها .وفي هذه  المرة بدأنا رحلتنا من وهدة ربان هرمز ,اذ إاتجهنا غربا عبر وهدة برسملي متخذين مسالك لحف الجبل ,مررنا امام ـوﭙـا كوما ( الكهف الاسود ) و ـوبا ديوناثا ( كهف الحمام ) ثم صعدنا متخذين مسارا محاذي الى وادي ( بيــزلان ِ) .بعدها وصلنا الى مكان يـُعتقد انه كان ديرا لليعاقبة ,اذ لا زالت الصهاريج موجودة واثار القبور ,اما أسيجة الدير مع الاسف جعلت حضائر للحيوانات ...الدير المذكور يقع على قمة جبل بيسقين ومن عنده انحدرنا الى مكان قريب من ينابيع بيسقين وبرجها الشامخ الذي شيده بندق قس ميخائيل يوحانا البازي، والد جدي لأمي ، بحدود 1860م فوق القمة ولعدة اغراض منها:  للمراقبة وللسكن فيه ولتجفيف العنب والتبغ على سطحه ,كما ذكرت لي والدتي: أنو جبو بندق قس ميخائيل يوحانا البازي , اذ قالت ان جدها بندق مات قبل ان يسقف البرج الذي يُسمى قصرا دبيسقين ,والذي لازال قائما كما يُشاهد  في الصورة . وقد  شُيد من حجارة كبيرة منتظمة مع الجص الذي كان يُنقل من آتون كانت بقاياه موجودة في الوادي الذي يطل عليه البرج الى قبل عدة سنوات وقبل ان يُشق الطريق الذي يمر عبر وهدة برسمل ,وقد شاهدت بقايا ذلك الاتون بام عيني قبل اثنتا عشر سنة من كتابة هذه المقالةِ أما بيسقين فكانت جُنينة ذات ينابيع عذبة ..تقع خلف جبل القوش بعد واد (خاتونية) بقليل, تعود ملكية جنينة بيسقين وبرجها الشامخ الى بيت يوحانا اجدادي لأمي ,وبيت دمّان . وقد ذكر لي المرحوم الراهب مقاريس ان رئيس الدير كان يجمعهم في بداية قرن العشرين ,يوم كان راهبا مبتدءا مع زملائه المبتدئين ,ياخذهم الى بيسقين .ويقول المرحوم الراهب مقاريس:؛ كنا نجلس مع العم جبو ( جدي ) في بيسقين ,كنا نتسلى معه إذ كان حلو الكلام كريم النفس نقضي نهارنا هنالك وكأننا في الفردوس. وذكر لي ايضا المرحوم سليمان لاسو أن امه كانت تحمله يوم كان صغيرا الى بستان بيسقين ولم أرَ في بيسقين الا عمّا جبو وزوجته رملى ( جدتي ) واولاده. وقال لي ايضا المرحوم العم سليمان لاسو: ( المرحوم جدك  جبو هو الذي علمني التجوال في الجبل). واشاد به كثيراً.

 

 كانت بيسقين بستان للفاكهة والخضراوات الى سنة 1933م, ناهيك عن الأشجار الطبيعية مثل شجرة البلوط والبطم واللوز والصلم ,الخ . وبقربها كانت عدة قرى عامرة بكرومها وبساتينها لازالت آثارها موجودة هنا وهناك .هُجرت بعد مذابح  سميل آب 1933م . وعلى قمة جبل بيسقين كما قلنا بقايا دير لليعاقبة ,وصهارج الدير المذكور لازالت تثير العجب في طريقة حفرها .ثمة اسطورة تخبرنا عن فاجعة انهت وجود هذا الدير وبطريقة مأساوية, اذ تناقل رهبان دير ربان هرمز حكاية مفادها ان رهبان دير بيسقين اليعاقيبة لفقوا تهمة امام والي الموصل اتهموا فيها الربان هرمز بارتكاب الفحشاء مع حلابة كانت تحلب نعاج دير بيسقين وانجبت منه طفلاً! ،ولما قدم الوالي ومعه مفرزة لأعتقال ربان هرمز استطاع ربان هرمز عمل اعجوبة, حسب الرواية, ليثبت براءته, اذ جعل الطفل اللقيط الميت ينطق ويشير الى ان اباه الحقيقي كان احد رهبان دير بيسقين!, وليس ربان هرمز الذي ارتكب الفحشاء. وبعد تبرأة ربان هرمز من تلك التهمة طلب رئيس القوش انذاك المدعو ( كوريال ...؟) من ربان هرمز والذي كان نسطوريا ان يسمح له بحرق دير بيسقين انتقاما لمحاولتهم تشويه سمعة ربان هرمز والايقاع به . الا ان ربان هرمز، والكلام لرهبان دير ربان هرمزد، منع گوريال رئيس القوش انذاك من القيام بذلك وخول امره لله. وحسب القصة التي يرويها رهبان دير ربان هرمز اذ  يدعون ان الله لبى دعاء ربان هرمز وانتقم من دير بيسقين اذ احرقه بمن فيه!!. ولكن لي تحليلي الخاص لِما جرى لهذا الدير. اذ كانت القوش والمنطقة باسرها تتبع المذهب النسطوري, لكن في عهد القيصر يوليانوس المرتد عن المسيحية شن  حملة على المسيحيين وهدم الكنائس والاديرة من بينها دير( زقنين ) في آمد عام  (361م) .وكان ذلك الدير لليعاقبة المسيحيين. إضطر رهبانه الى الهروب الى جبل مقلوب في نينوى يقودهم الشيخ متي الراهب المعروف ,ربما استقر المقام ببعض من اولئك الرهبان في المنطقة التي تسمى اليوم ( بيسقين ) خلف جبل القوش وأسسوا ديرا على اسم ديرهم في امد والذي كان اسمه دير (زقنين ) ثم حور الاسم كما يسمى اليوم في لهجة القوش بيسقين ولازالت بقايا الدير موجودة في قمة جبل بيسقين, كما ذكرتُ اعلاه وقد زرتها وصورتها اكثر من مرة. ولما كان الرهبان القادمون من آمد يتبعون المذهب اليعقوبي اصبح وجودهم في منطقة ( القوش ) يوم ذاك كانت تعتبر قلب النسطورية ,مزاحما لهم.  لذلك وجدوا طريقة، وان كانت مأساوية، لإزالة وجود الرهبان اليعاقبة من منطقة كانت تتبع المذهب النسطوري!.. الا ان بقايا الدير من الاسيجة والقبور والصهاريج كما ذكرت لا زالت موجودة تنتظر من يزيل التراب عنها ويكشف هذا الغموض.

 

اما معنى كلمة ( بيسقين ) في اعتقادي هي تصحيف ل(بيث شِقيا ) أي الأرض المسقية بالماء. وفي بيسقين يوجد ينابيع ماء كان جدي ( جبو ) جبرائيل, يسقي منها بستانه. وذكرت اُمي ( وقد ترعرعت في ذلك البستان ( بيسقين ) ان في  بيسقين كانت توجد خمس بُرك طافحة بالماء, كانوا يسقون منها مزروعاتهم من اشجار وخضراوات وتبغ .ولازالت اشجار التوت وحبة الخضراء واللوز والصلم  والبلوط وغيرها موجودة بكثرة في بيسقين رغم الحرق الذي طالها عشرات المرات ورغم قساوة فؤوس الحطابين ..لتصبح بيسقين اليوم مهجورة والى الابد ..واحتراما لذكرى والدتي التي نشأت في بيسقين ولذكرى اجدادي الذين زرعوا تلك الاشجار وشيدوا ذلك البرج الذي لازال شامخا, من اجل كل ذلك, لازلت أزور بيسقين باستمرار واكتب عنها قصائد والتقط لها صورا.

وفي اللغة اللاتينية (بوشكين) ايضا تعني بركة ماء .وكلها في تقديري مُصحفة من بيث شقيا = الأرض المسقية.

ومن الجدير بالذكر ان بيسقين كانت ملجأ للثوار عبر الأزمان وفي وقت الضيق بالذات. كان الثائر الشهيد يوسف بندق, اخو جدي, وابنه الشهيد الياس يوسف بندق وثوار اخرين يقاومون الغزاة في بداية قرن العشرين واستشهدوا على يد الجاندرمة وعملائهم في الفترة التى كان الجاويش احمد الصقلي ( سقلي ) ومعه الجاندرمة يشنون حملات الاعتقال في القوش والمنطقة باسرها لأجبار الشباب لزجهم في الحرب العالمية الاولى عام 1914م.

 

حكايات عن  بيسقين

عن والدتي :

1ـ حول الذهاب كل يوم للعمل في جنينة بيسقين:

ذكرت والدتي انها كانت كل يوم, فجراً, تذهب مع والديها وإخوتها ميخا, هرمز ورحيم الى بيسقين, وكانت الشمس تشرق عليهم وهم ( ܪܫ ܪܝܫܐ ܕܛܘܪܐ رش ريشا دطورا ) على قمة جبل القوش ثم ينحدرون الى وادي خاتونيات ,ومن هنالك الى البستان (بيسقين) .ولصغر سنها كان خالي هرمز يحملها على اكتافه من القوش الى بيسقين.

 

2ـ حكاية الحيّة في بيسقين :

 قالت والدتي: في ايام طفولتي كنتُ في احد الايام نائمة عند البركة بجانب النبع  في بيسقين فشعرتُ بشيء ثقيل على صدري ولما فتحت عيني رأيت حَيَّة كبيرة قد التفت على نفسها على شكل قرص كبير جاثمة على صدري. فامتلكني الرعب وصرختُ منادية أبي وانا جامدة في مكاني ككي! ككي! )  أبي! أبي! . جاء جواب ابي فورا : لا تخافي ابنتي لا تخافي!  انها اليفة (شنيثايلا ) وما ان قدم ابي حتى نشرت الحية نفسها بهدوء وتركتني واختفت بين الاشجار .وصل ابي وهو يبتسم ليهدئني قائلا: ابنتي هذه حَيتنا في بستاننا منذ عهد ابي وجدي وقد كانت معي هنا منذ طفولتي.

 

3ـ حول الرجال المسلحين الثلاثة :

قالت والدتي كنتُ مع ابي مرة في بيسقين واذا بثلاثة رجال مسلحين كل واحد منهم متسلح بالبندقية ومسدس وعلبة معلقة على الصدر!. رحب بهم والدي وما ان شاهدوني صرخوا: آآ زردِ هذه انت !( زردِ اسم دلع لوالدتي في طفولتها ) . فقال والدي لي: تعالي عند عَمَّكِ ميخا! . فحملني المرحوم عما ميخا وتناول العلبة المتدلية على صدره ووضعها على عيني قائلا:  انظري يا زردِ  بالدَربين! ها ماذا ترين؟! . فقلت متعجبة: وي عمي ميخا ارى تلك الاشجار البعيدة امام عيني!!. ضحك الجميع .فقال عمي ميخا : زردِ هذا دربين يقرب كل الاشياء البعيدة.

جلس الرجال الثلاثة مع والدي وبعد ان تناولوا الغداء وبعض الفاكهة ودعونا ورحلوا. فقلت لأبي من هؤلاء يا ابي؟ .قال والدي: هؤلاء هم ميخا زراگا, الياس شللى, وسليمان كتو. يزورونني هنا بين حين وآخر. ثم اوصاني ابي حذرا إياي  ان لا اخبر احداً لانهم مطلوبون للحكومة والشرطة تبحث عنهم في كل مكان!.

 

   اخر زيارة لبيسقين المهجورة :

ذكرت والدتي: بعد مذابح سميل 1933م اصبح الهجوم على القرى الاشورية وقتل ابنائها مُباحاً حسب قرار الحكومة انذاك بإبادة الاشوريين!! كما فعلت الدولة العثمانية بالارمن والاشوريين واليونانيين في مذابح سيفو. لذلك اصبح الذهاب الى  بيسقين والعمل فيها مستحيلا. وفي سنة 1935 م قال أبي لأخي هرمز, ( والكلام لاُمي ), لماذا لا تذهبون الى بيسقين وتجلبون بعض الخضراوات والفاكهة؟. مرت سنتان ولم نزرها ولا نعرف ماذا حصل لها؟. قالت والدتي: ذهب اخي هرمز واخذ معه موسى ابن المرحوم شمعون دمان ( طعان ) وتسلقا الجبل وذهبا الى بيسقين ولم تمض الا عدة ساعات واذا بموسى دمان يصرخ في ازقة محلة اودو في القوش: هاوار! هاوار!  هرمز ابن جبو  قـُـتل! . هبَّ شباب محلة اودو ومعهم ابي وامي واخواني وتوجهو نحو بيسقين. واذا باخي هرمز جالسا على صخرة تطل على جنينة بيسقين, هرعوا  اليه مستفسرين منه: ماذا جرى يا هرمز؟! لماذا عاد موسى دمان وهو يصرخ في الأزقة ويقول: هرمز قـُـتل!! ؟. فأجاب اخي هرمز (والكلام لوالدتي): عندما وصلنا الى بيسقين قلت لموسى: اجلس على هذه الصخرة المشرفة على بيسقين وراقب المنطقة وانا ساذهب واقطف بعض الفاكهة  فاذا رأيت شخصا غريبا قادما اعطني اشارة. ولما بدأتُ بجني بعض الفواكه من الاشجار رأيت رجالا مسلحين بالبنادق يتسلقون سور البستان .بدأتُ اُراقبهم وبعد قليل رايتهم يتجولون في البستان فالقيتُ بنفسي في الوادي القريب متخفية بين الاشجار وتمكنت من الوصول الى الصخرة التي يجلس عليها موسى واذا بموسى قد هرب وتركني!. ولما سألوا موسى لماذا تركته وجئت تصرخ في الأزقة؟.  قال: لما رأيتُ الرجال الغرباء المسلحين دخلوا البستان صرختُ: هرمز! هرمز! ولما لم يجبني ظننتهم قد قتلوه فهربت بجلدي لطلب النجدة.

 بعد هذه الحادثة قال والدي : ( والكلام لأمي ) اجلسوا في البيت ولا احد يتقرب الى بيسقين . ومن يومها اصبحت بيسقين مهجورة .

 

5ـ في سنة 1969م كان المرحوم خالي ميخا قد سافر من بغداد الى القوش وبعد عودته قالت لي المرحومة والدتي: غدا جمعة وخالك ميخا قدم من القوش  لنذهب نزوره ولنسمع منه اخبار القوش. كان بيت المرحوم خالي ميخا في الدورة .وما ان وصلنا نادى خالي على والدتي اُبشركِ اختي ذهبت الى بيسقين!. قالت والدتي متعجبة: صحيح؟ كيف؟

قال المرحوم خالي ميخا: اخذتُ معي هرمز خبير وسلكنا نفس الطريق الذي كنا نسلكه قبل 36 عاماً, لأنني لم ارها منذ احداث سميل  1933م. 

قالت والدتي: وكيف وجدتها؟ . قال المرحوم خالي لوالدتي:  ماذا اقول لك يا أنو؟! قد اصبحت غابة متشابكة الاشجار, سورها لازال قائما تغطيه الأشجار الشائكة ܣܢܝܬܼܐ سوَنياثا, وحتى الباب المصنوعي من خشب الجوز والمدخل مُغطيان بالاشجار الشائكة. وبصعوبة بالغة تمكنا انا وهرمز خبير من فتح طريق بين الاشجار الشائكة والمتشابكة ودخلنا الى البستان. وجدتها مليئة بالاْحراش واشجار متشابكة مع بعضها فتذكرت ابي كيف كان يزرعها وينظفها وينظم اشجارها  وسواقيها وبرك الماء. ولما كان  المرحوم خالي ميخا يتحدث عن بيسقين كانت عيون اُمي الزرقاء تغرورق بالدموع وقالت وقد غلب على صوتها النشيج: ليتني أزور بيسقين  مرة ً ثم أموت من بعدها!.

 

6 ـ بيسقين قِبلة الزوار :

ذكرتُ في متن المقالة اْعلاه اْن  الراهب المحبوب مقاريس قال لي مرةً, لما عرف ان جبو ( جبرائيل ) بندق يوحانا هو جدي, ان رئيس الدير كان يأخذهم الى بيسقين. ثم راح الراهب المحبوب مقاريس يحدثني عن جدي الذي كان يستقبلهم بحفاوة في بستانه. ولما اخبرتُ المرحومة والدتي بحكاية الراهب مقاريس قالت:  كان الكثيرون ياتون لزيارة أبي في بيسقين واستطردت قائلة : كنتُ طفلة صغيرة مع اُمّي في زيارة لدير ربان هرمز واذا بعدة عوائل قادمين من الموصل ومعهم الاستاذ بطرس نعامة واخوه الاستاذ صبيح نعامة,كان يسال الرهبان عن شخص يرافقهم الى بيسقين .فقال احد الرهبان هذه خالة رملى زوجة عما جبو وابنتها انو !. فقلت لهم بحماس طفلة نشطة ( والكلام لوالدتي ): هل تريدون ان اخذكم الى بيسقين؟ . فقال الاستاذ پطرس نعامة متعجبا: وهل تستطيعين يا حلوة؟ .فقلت بثقة نعم استطيع . فقال: هيا بنا! . سرتُ امامهم بسرعة في المسالك الجبلية وهم من خلفي يصرخون: على كفكي يَمعودة قتلتينا!! اشون عَجية هاي؟!. وما ان اشرفنا على البستان وانا في المقدمة قد سبقتهم بمسافة طويلة رآني والدي من بعيد وضع يده على عينيه يحجب بها اشعة الشمس ليرى من هذه الطفلة القادمة اليه؟!!. وما ان عرفني حتى صرخ: (زَردِ آيت ايوات ؟! ) زردِ هل هذه انتِ ؟!!.  من اتى بك الى هنا؟ وحدك  أتيت؟ ولماذا جئت من هذا الطريق؟! . قالت والدتي: ككي! أبي!  انظر من يأتي معي اليك من دير ربان هرمز؟!! . رفع والدي رأسه .وبعد قليل اقترب اليه استاذ پطرس واستاذ صبيح نعامة ومن معه ورحب بهم والدي كل الترحيب وفرش لهم بساطا في الظل  تحت الأشجار. وعند المساء عدنا جميعا سوية الى القوش.

ودار الزمان, وبعد اكثر من ستين عاماً من هذه الحكاية ,كنتُ مدرساً في بغداد ـ الغديرـ في متوسطة المعتصم كانت معنا في نفس المدرسة مدرسة رسم اسمها اُميمة صبيح نعامة ذكرت لي بان عمها پطرس نعامة كان معلما في القوش, فتذكرت ما قالته والدتي من حكاية زيارتهم الى جدي في بسقين. وما كان مني الا ان اسرد لزميلتي اميمة تلك الحكاية وكيف ان والدتي في طفولتها اخذت عمها وابيها ومعهم عوائلهم من دير ربان هرمز وقادتهم الى بستانهم ( بيسقين) حيث استقبلهم جدي .واليوم ازور بيسقين ولم اجد فيها أثراً لهم..

                     

وهذه  بعض الصور التي التقطتها اثناء زياراتي الى بيسقين.. وقد كتبت قصيدة من وحي ( بيسقين ) ايضا, مستذكرا فيها المرحومة والدتي العزيزة التي ترعرت في هذه الجنينة ولطالما لهجت بذكرها!, ومن وحي ابطالنا الثوار الذين اتخذوها قاعدة للمقاومة الشعبية ضد الغزاة والانظمة الدكتاتورية عبر التاريخ. واليكم القصيدة  ايضا أدناه:

           عــش النســور

                           لطيف پولا

حملتُ فوق القِمَمِ قلباً وحباً وعودا

وبدا الماضي حاضراً حين وطأتُ الجلمودا

بقايـا كروم فيها صهاريج ودوالي                  

            وشجيـرات تميــس مع النسيـم قـدودا

وسمـاء كأنهـا زرقة بحر المحيط       

     وطبيعـة قد فـاق سحر جمالهـا الخـودا(1)

وبتُّ مفتونـاً بهـا لتنسيني كل هَمّي

         وخيــال الشعــراء لا يتخـذ حــدودا

فعشقتُ ربيعهـا حَرَّهــا وبردهـا

        وعشــاقُ الحريـة يحطمـون القيــودا

وتهاديـتُ فـي وادِ كطير حُرّ طليق

    وكتيـسِ جبليٍّ حيـن واجهـهُ الصعـودا(4)

وهفوتُ الـى ((بيسقين)) وبقايا جنينة

    وسمعـتُ لفؤادي من الأعمـاقِ رعــودا

((بيسقين)) يا أم الثوارِ! وكم أرضعتِ الأسودا

    وقد أَجرمَ بنوكِ حين قطعــوا النُهــودا

كنــتِ ملاذاً للنجـاةِ، فمنحـوك الجحـودا

    ولا أحسبه حراً من يتناســى الجــدودا

أطلالُ أين أهلها؟ لمـن بذلـوا الجهــودا؟

 والبرج الشامخ يبكي مع الصخور شهـودا

لا زال النبعُ يسيل، والشحــرورُ مغــردا

         كدمـعِ يتيمِ يجـري ليستـدَّر النشيــدا

ــــــــــــــــــــــــ

ومن  القصائد التي  غنيتها من وحي بيسقين

هذا مطلع احدى قصائدي باللغة السريانية وترجمته بالعربية والسريانية وهو موال لأحدى اغنياتي

ܟܼܒܪܟܐ ܕܒܝܣܩܝܢ  ܒܨܦܪܐ ܕܟܢܘܢ

ܡܥܝܢܟܝ ܨܦܝܝܐ ܒܫܬܢ ܘܒܪܘܢ

ܙܡܝܪܝ  ܒܚܘܒܟܝ ܒܠܝܠܐ ܘܝܘܡܐ

ܐܝܡܢ ܕܡܝܬܢ ܒܥܘܦܪܟܝ ܒܗܘܢ

خ بركي دبيسقين مخوشكا دكانون

 مأينَخ صِپيي بشاتن وبراون

زميري بحوبخ بليلى ويوما

ايمن دميثن باوپبرخ بهاون

ــــــــــــــ

ترجمتها :

كنبع بيسقين في صباح كانون

من عينيك العذبة اشرب لأرتوي

وقد غنيت بحبك ليل نهار

ويوم أموت أحيا فيك من جديد

As the sprigs of Bisqin,

From your charming eyes I'll drink,

As I sang in your love day and night ,

When I die I'll be alive in you again.

By : Latif Pola

 

   رابط اغنية شلاما اللوخ أثري في اليوتيوب

https://youtu.be/8ntqh3AIPg4

 

 

 

 

 

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.