اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

بغداد بين الأمس واليوم في ذاكرة عاشـــق// حميد الحريزي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

الموقع الفرعي للكاتب

بغداد بين الأمس واليوم في ذاكرة عاشـــق

(أنا وبغداد)

لأستاذ القانون والاديب والمناضل حكمت شبر

بقلم:- حميد الحريزي

 

        ((بغداد توأم روحي يامعذبة   متى يعود اليك الصفو والألق)).

محطات تستحق التوقف .... ((انا وبغداد)) كتاب جديد صدر توا للبرفسور استاذ القانون والاديب والكاتب ((حكمت شبر))، صدر عن دار الزمان  مؤلف من 193 صفحة ، صمم غلافه  المبدع  ((م. جمال الابطح ))

 

استاذنا القدير ينشط ذاكرته التي تراكمت في مخزونها ذكريات اكثر من ثمانين  عاما، عاشها  متنقلا بين احضان المدن والدول شرقها وغربها، عاش الحياة طولا وعرضا مرتشفا منها عذب رحيق زهورها، متجرعا بصبر واباء علقمها المر، فان ولد وفي فمه ملعقة من ذهب كاحد ابناء عائلة نجفية ثرية، فقد سحره جمال الحياة

وطيب ونبل الانتصار للعدالة باعتبارها جوهر ومعنى الجمال وجوهر ولب الحياة الحقيقة الصادقة، فعاش متمردا على كل مظاهر القبح، محطما قيود العرف المتخلف وقيود التقليد الاعمى، قفز على اسوار النجف الحصينة بقيمها المحافظة  ليجد حياته ومتعته وامانه في احضان عروسة الشرق والغرب بغداد، بغداد الحواري والجواري، بغداد التمرد والحرية والجمال، بغداد الفن والادب والعلم، بغداد العنقاء التي لاتعرف الموت ولا الخنوع رغم سياط وسيوف ومدافع وصواريخ انصار القبح  والقهر في الداخل والخارج، بغداد التي هزأت بهلاكو ومن سبقه وبالفرس  وجيوشهم وبالترك وغلمانهم وباالانكليز وبوارجهم وبالامريكان ومرتزقتهم، ستظل عصية على الموت والاندثار، قاومت كوارث الاوبئه والطاعون الاسود والكوليرا  والمجاعات المتوالية، ضحكت من غضب طفلها المدلل نهر دجلة وفيضاناته، فبعد كل كارثة  تعود صبية  ساحرة الجمال  باذخة الخيال ....

فتسحر الناس البسطاء قبل ان تفجر خيال الادباء والشعراء، وتنشط ذهن الباحثين والعلماء في جولة  الذكريات هذه  تناول الاستاذ  حكمت  :-

المكــــان :-

تحدث الدكتور عن مدينته وموقع ولادته وصباه مدينة النجف واصفا محلاتها  وشوارعها التي صممت وبنيت كحلقات ملتفة حول الصحن الحيدري الشريف،  ولتكون خير واقية للسكان من عواصف الصحراء في هجير الصيف  وبرد الشتاء ......محلات وشوارع غالبا ما تكون مجللة بالسواد في اغلب ايام السنة   وخصوصا في شهر عاشوراء وصفر، مدينة اجادت مراسيم الموت والحزن واللطم  والبكاء، معرضة عن كل فنون الحياة كالموسيقى والرقص والغناء، كل شيء فيها يمكن ان يندثر ويشيخ الا مقابرها فهي متجددة الشباب،  فاتحة ذراعيها للمزيد  من الموتى من داخل العراق وخارجه، اذرعها كاذرع الاخطبوط تمتد وتمتد لتضم اليها المزيد من الصحراء التي لاتشبع ولا تمل من التهام الجثث، ناشرة قبورها  بشكل عشوائي غير منتظم من حيث الشكل ومن حيث الانتشار،  تراكب وتداخل  بعضها ببعض فاصبحت كغابة متشابكة من القبور يصعب اجتيازها والمرور  بينها، وكأن القائمين على مقبرة النجف يرون ان الصحراء سوف لاتسع القبور  ان   اتت على نسق منظم كما هي قبور اغلب بلدان العالم ومقابر الاديان والاطياف غير  الشيعة  !!!!

يصف الدكتور ليالي سطوح المنازل في النجف حيث النسيم المنعش الوحيد اما على سطح الدار او في غياهب  سراديب النجف المعروفة بسعتها ولايكاد يخلو  بيت منها، وكانها مدينة ثانية مستترة تحت الارض، كما هو حال سكانها بين  ظاهر ومستتر، فالشخصية النجفية  تعيش ازدواجا وانشطارا حادا في الشخصية   نتيجة لهيمنة المحرمات  والمكبوتات، مما يخالف الطبيعة البشرية الساعية نحو التحرر والانطلاق وحب  متع الحياة ......

في حين  تبهره  العاصمة  بغداد بجمالها وانفتاح مبانيها وسكانها، حيث النوادي  والمراقص والحانات ودور المسرح والسينما، والنهر دجلة العظيم الجميل المبهر  في  لياليه الرائعة وشواطئه الساحرة، وهل هناك اجمل من شواطي ابي نؤاس  وكازينوهاته ومطاعم السمك المسكوف وجلسات الخمر والسمر، وحضور فتيات   سافرات كفلقة القمر .....

يصف  الحياة  بكل بهجتها في ((جرداغه)) على ضفة دجلة هو وشلة الانس والطرب ، حيث ((البيرة)) والغناء  وحلو  الثمار  والرطب >>>

يسهب في وصف جمال بغداد، بكرادتها واعظميتها، برصافتها وكرخها جميلة فسيحة تعمها الخضرة  وتنشر في جنباتها الزهور وعذب شدو الطيور ..... في زمن الخمسينيات من القرن العشرين، في حين يعتصر قلبه الما لما آل اليه حال بغداد في زمننا الحاضر، فالبساتين جرفت، والشوارع اغلقت، كتل فوق كتل من  الجلاميد الكونكريتية، معالم الخراب والكراهية والوحشة في كل مكان، فلا دار سينما ولا مسرح ولا جرداغ ولا حانة ولا مرقص، بنادق شاكة واصوات انفجارات  مهولة، انت في كل مكان  وشارع  وزقاق  ودائرة  محل  شك  وموضع  تساؤل  فقد طبع الارهاب المدينة  بطابعه ... اه يابغداد واه  والف اه  يارض السواد .....

 ذكريات  السياسة والنضال :-

من  يسترجع زمن الاربعينيات والخمسينيات في مدينة النجف، يجد ان النخبة المثقفة من ابناء النجف بين ملتزم تنظيميا او صديق مقرب من الاحزاب والحركات اليسارية والثورية، هكذا كان حال الاطباء والمحامين والمدرسين والمعلمين والمهندسين، كخليل جميل، ورضا عجينه، وعبد الامير السكافي، وسلام عادل، وحسن عوينه، وحسين سلطان، ورحيم عجينه، ومحمد موسى التتنجي، وحميد السكافي، وجواد عبد الحسين... ووووو اخرين نجوم زواهر واقمار لازالت  تزين سماء العراق والانسانية، ناهيك عن الكسبة وصغار الموظفين، وكانك تقرء ردة الفعل لشباب المدينة على العادات والتقاليد المتزمتة والمحرمات المتكاثر  بالانشطار مما اثقل الحال على مزاج  ونفسية الشباب المثقف والمتعلم منهم   وعلى اصدقائهم ومجايليهم من الشرائح الاجتماعية الاخرى، وبذلك كان المجتمع النجفي مجتمع التناقضات حد الانفجار فبين مناضل مكافح حد التضحية بالروح  من اجل الخير والرفاه والتقدم لابناء بلده ومدينته وبين شاذ باحث عن لذته  ومتعته واشباع رغباته الشاذة في الخفاء والعلن كنوع من التمرد اللاواعي لى الواقع    ، وبين متملق متكسب ساعي للحصول على الثروة والمال  والجاه  باي ثمن .....

كان كاتبنا الاستاذ حكمت من النوع  الاول  حيث انسلاخه من طبقته  البرجوازية  لينتصر لقضايا الفقراء والمعدمين من ايبناء وطنه لا لكونه محروما  وبائسا  ولكن استجابة لروحه المحبة للعدل والجمال والحرية وقد كان متاثرا بوالدته المناصرة له في تمرده وسلوكه طريق النضال ومحبته للعلم اكثر مما هو متاثرا بوالده الذي كان مهتما بعمله وتجارته اكثر من اي شيء آخر، كان وجها واسما بارزا في الحركة الطلابية اليسارية المناضلة ممثلة ب(( الاتحاد العام لطلبة العراق)) المقرب جدا  من الحزب الشيوعي العراقي او هو احد روافده المهنية الديمقراطية  كاتحاد الشبيبة الديمقراطي  ورابطة المرأة العراقية  ....الخ

 هكذا كان شعلة متاججة من النشاط والحيوية النضالية في كل الحقوق في بغداد    منذ عام 1954 في بغداد، في مقارعة الحكم التابع لقوى الاستعمار البريطاني  ومريديه، حاضرا او قائدا لاغلب التظاهرات والفعاليات المناهضة للحكم الملكي  وللقيم المتخلفة والقهرية للسلطة الحاكمة وروافدها وذيولها من الاقطاعيين  والعشائريين ورجال ((الدين)) الموالين للسلطة مما عرضه للسجن والمضايقة والملاحقة من قبل الاجهزة القمعية للسلطات الحاكمة .. مساندا قويا لقضية الشعب الكردي  من اجل  تقرير مصيره  متمثلا بذلك  المنهج  الفكري  والموقف المبدئي الماركسي في مساندته لقضايا الشعوب ورفض  التسلط والهيمنة للقوميات الكبرى على  القوميات الاصغر ...

وقد كان في غاية الموضوعية في عرض ونقد  تلك المسيرة  وعناوينها  السياسية من اشخاص واحزاب وحركات سواء اليسارية او القومية او الديمقراطية الوطنية، فلن يكون متعصب الانتماء  ولا مهادن  للاخطاء مهما كان مصدرها، وقد كان جريئا وصادقا مع ذاته وفكره وهو ينتقد بموضوعية مسيرة الحزب الشيوعي العراقي  خلال الحقب المختلفة ولحين التاريخ غير متخليا عن منهجه  الماركسي الفكري  ولا اسفا عما قدمه او قام به .....

كذلك لم يكن مهادنا للدينصورات الدينية والعشائرية والقومانية ولقيمها البالية والمتعصبة  والمغامرة  رغم  ما يمثل  مثل هذه المواقف من مخاطر جسيمة على حياته  وعلى عائلته  .....

لم يغفل  كاتبنا الحديث ووصف العديد من الظواهر الاجتماعية انذاك مثل   ظاهرة  ((الشقاوات )) وخصوصا في  مدينة بغداد ...

كنت اتمنى ان يغوص الكاتب القدير في تشريح مختلف الشرائح الاجتماعية  وتعريفها والحفر في اسبابها ومسبباتها ضمن خضم الحراك الاجتماعي في ظل تشكيلة اجتماعية اقتصادية  قائمة، لكنه قد اكتفى في اغلب الحالات  بالتوصيف دون التعريف وهو امر مهم جدا  ومن اهم مهام  الكاتب والباحث  ناهيك  عن السياسي الملتزم  صاحب المنهج الفكري  العلمي  كالمنهج الماركسي ....

 لازال حكمت شبر كما اعرفه الان، وانا متاكد ان الكثير ممن يعرفونه يتفقون معي في هذا التقييم لنزاهة وصلابة وقوة  وكفاحية وعلمية هذا الرجل ، راية خفاقة بين رايات  العلم  والعطاء  والنضال  من اجل  قيم  الحق  والعدل  ومقاومة القبح  والاستغلال  بكل  اشكالها  والوانها ..

 متعة الروح  وحب الجمال :-

قليل هم الناس اللذين يتفهمون الحياة على حقيقتها والقادرين على حفظ  توازناتها  في حياتهم العامة والخاصة، ففي الوقت الذي  يبذلون  الغالي  والنفيس  من اجل  ان تكون الحياة افضل واجمل  لكل بني البشر، ويستمتعون في لذة الكفاح من اجل الحرية والعدل والسلام، كجزء من كيانهم  المعادي للقبح  والرذيلة  ونزعة الاستغلال   والتجبر عند  البشر  وخصوصا  الحكام

فانهم لاينسون متعة الروح  في حب  النساء الجميلات وحب المتعة والرفقة الحميمية مع هذه المخلوقات الفياضة بالسحر والانوثة والجمال الروحي والجسدي   بعيدا  عن  الابتذال  والامتهان  بل  الاغتراف  من نبع الجمال والعشق  الصافي ..... فحين تقرء سيرة  حكمت  شبر تجده  شعلة متاججة من  الحب والعشق  والبحث عن  العشيقة والصديقة  التي تشاركه  متنعة الروح والجسد، فكانت له  انتصارات  واخفاقات،  متع  وحرمانات ، تدل على غنى روحه  ومدى  تشبع  فكره واحساسه  بقيم الجمال والحب ..... انه  يعشق الحياة انه يعشق النساء، انه  يستمتع بكل عذابات الكفاح والنضال من اجل الحرية والمساواة، انه يتدفق حماسا  من اجل العشرة  الجميلة مع الانثى العاشقة بصدق  ليكمل متعة الروح بمتعة الجسد .....فقد كانت له جولات وجولات وكما اعتقد انه وجد ضالته  في رفيقة حياته وشريكة عمره ((ام نوار))  فوجدها حبيبة ورفيقة  وشريكة حياة  لاتضاهى ارضت تطلعاته وطموحه فلازال عاشقا مفتونا بحبيبته وهو في عمر الثمانين  هكذا  فهمت وقرأة العديد من قصائده  واشعاره  وسردياته  وقد طرز  كتابه هذا بالعديد من القصائد الشعرية  الرائعة  وخصوصا  ماقاله في بغداد حبيبته الخالدة ....فالاستاذ حكمت  مبدع في السرد والشعر  كما هو  فقيه  ومنظر  وباحث  في القانون فله العديد من المؤلفات في القانون، كما له عدد من دوواين الشعر  العمودي، وله اكثر من رواية   عبارة  عن  سيرة ذاتية

فالف  تحية حب وتقدير  للانسان والعالم  والمناضل  البرفسور والاديب  الصديق   حكمت شبر متمنيا له المزيد من العطاء لاثراء  ذاكرتنا  من بحر  ذاكرته  الحافلة   بالحكمة  والتجربة الثرة  الممتعة  ....

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.