اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• على ضوء مناقشة البرلمان العراقي بتاريخ 24-11((المرعب السري))

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

حميد الحريزي

مساهمات اخرى للكاتب

 

·        على ضوء مناقشة البرلمان العراقي بتاريخ 24-11((المرعب السري))

 

في طفولتنا كنا نلاحظ أهلنا تتغير ملامحهم وتظهر على وجوههم علامات الانزعاج والمضايقة حينما يحضر مجلسهم شخص بعينه سواء كانوا في المضيف او في المقهى او في مجلس عزاء او حفل فرح فيبدو كشخص مصاب مرض معدي خطير فيحاول الناس الابتعاد عنه او تحاشيه قدر الإمكان،فغالبا ما يغير المتحدث وجهة وعنوان ومغزى حديثه بصورة مفاجئة ويتبادلون بينهم الغاز وكنى تشير الى الحذر فقد حظر المكروه مثل ((برغش)) او ((بكَه))، وأحيانا يتحدث المتكلم بطريقة الكلام القابل للتأويل والذي يحمل في ثناياه معنى مستترا يختلف عن المعنى الظاهر والمباشر وهذا ما يسمى في مناطقنا بل((حسجه)) وهي محملة بالشتم والذم والنيل من ((السري)) وسيده ولكن دون ان يستطيع ان يرد عليها او يعترض على مضمونها وقد يؤدي به الأمر الى الجزع والهرب للتخلص من هذه النكات او ((البسامير)) التي تدق عنقه وتنال من شخصه دون ان يكون له أية حول او قوة في الرد عليها إلا في حياكة الدسائس والتهم الكيدية الكاذبة ليسود بها وجوه أسياده ،كانت هذه التصرفات والأفعال تثير استغرابنا نحن الأطفال في الخمسينات او الستينات فنصدع رؤوس آبائنا بالأسئلة والاستفسار وكانوا يخبروننا بهمس ان هذا الشخص ((سري)) او ((كراش)) وهو الشخص الذي نحاول ان تزرعه السلطات الحكومية او قوى ((الإقطاع)) بين صفوف الناس لينقل أخبار الناس وخصوصا ممن يحذر جانبهم او ممن يسميهم بالخطرين او المعادين للسلطة والسلطان او المحرضين ضد نفوذ الشيوخ المستبدين والإقطاعيين وتأليب الناس على العصيان والتمرد وعدم إطاعة أوامر وطلبات ((أولي الأمر)).

وقد كنا نلقب بعض أقراننا ((بالكَراشة)) اي اللذين يفشون أسرارنا وتصرفاتنا التي تعد تمردا على توصيات الأهل او معلمينا في المدرسة كالسباحة في النهر او التدخين او عمل المقالب او إرهاصات الحب والمراهقة ...الخ من التصرفات والشقاوات الصبيانية البريئة، لذلك غالبا ما نحرص على استبعادهم من مرافقتنا او مشاركتنا في هذه الشقاوات الصبيانية.

ومن المعروف ان من يتطوع ليكون ((سريا)) او ((كَراشا)) او ((عسسا)) غالبا ما يكون من الشخصيات الوضيعة والمنبوذة والتي غالبا ما تشعر بالدونية والنقص فتكون هذه الوظيفة وسيلة لكي يكون الشخص مهاب الطرف وذو سلطة وسطوة على الناس من أهل قريته او مدينته او بلده تعوضه عن الدونية والمهانة في وسط المجتمع، وان كان له اهتمام بحماية النظام او مصالح الشيخ او السلطة والسلطان فهي في واقع الأمر تقع في ذيل قائمة اهتماماته،بل يسعى جاهدا موظفا كل ذكائه وطاقاته وقدراته في سبيل إيذاء واهانة من لا يظهرون له الاحترام والتبجيل،او ممن يحمل لهم ضغينة سابقة كرد فعل ثأري سيستعمل نفوذه السلطوي للأخذ به.

ليس بعيدا علينا مثل هذه النماذج وتعدد أوصافها وأسمائها ومهامها من الرجال والنساء ألتي سلكة طريق ((السري)) و((وكيل الأمن)) و((المخبر)) في ظل واقع الشبكة العنكبوتية من الارهاب والتعسف والقمع للسلطة الديكتاتورية وفي ظل انحسار القيم الايجابية بين الناس نتيجة الجوع والخوف طويل الأمد، ومن الملاحظ ان كلمة((امن)) او (أمين)) جاءت متأخرة ولم نكن هي الكلمة او المصطلح او العنوان الشعبي لمثل هؤلاء لان الكلمة او العنوان لا يدل على معناه كالأمن ولامان للمواطن بل العكس من ذلك بسبب وجود حالة من الاغتراب بين الشعب والحكومة وأجهزتها ((الأمنية)) المختلفة التي غالبا ما تكون أجهزة قمع وكبت وملاحقة وسلب الأمن من المواطن العراقي الحر وضمانته للحاكم المستبد والطاغية الدكتاتور.

ليس هناك ن عنوان وظيفي أكثر بغضا وبشاعة في مخيلة المواطن العراقي من ((المخبر)) او ((السري)) او ((شرطي الأمن)) او ((وكيل الأمن)) وقد التحقت بهذه العناوين في عهد الديكتاتورية كلمة((رفيق)) التي أصبحت مرادفا بديهيا ((للمخبر)) وشرطي الأمن والمخبر السري بعد ان كانت من المصطلحات ذات الخصوصية الحميمة والسامية حيث يتداولها المناضلون ضد الظلم والقهر فيما بينهم ولا يحظى بها إلا ذو جهد وعزم وخلق رفيع ومشهود.

لقد تنفس أحرار العراق الصعداء عند انهيار الديكتاتورية رغم غصة الاحتلال لأنهم سيتخلصون من ((الرفيق)) و((المخبر)) و((شرطي الأمن)) و ((وكيل الأمن)) وملاحقهم من التوابع لأجهزة السلطة القمعية في كل العصور.

ولكننا نرى العجب العجاب وسؤال بلا جواب وهو :- كيف يقر مناضلي الأمس وضحايا هذا((المخبر السري)) وشرطي((الأمن)) و((الرفيق)).؟؟؟

كيف يتم إقرار هذه الوظيفة وهذا العنوان المقرف والذي يثير الخوف والاشمئزاز لدى الناس في ظل ((الديمقراطية))والحرية المزعومة وان احد ابرز ميزات مثل هذا الموصوف بالديمقراطية والحرية هو غياب الوجه القبيح ((للمخبر السري)) وملحقاته وتوابعه ومرادفاته؟؟؟

ان العودة الى مثل هذه الوظائف والعناوين مكنت قوى الارهاب والظلام والقمع وأزلام والديكتاتورية ان تدق إسفينا خطيرا بين ابناء الشعب الذي هم جميعا حماة الأمن والسلطة الشرعية والديمقراطية وبين ((السلطة)) التي يترض إنها منتخبة ومختارة من قبلهم وهم حماتها طوعا وعلنا وليس في كتابة التقارير والإخباريات الكاذبة في الظلام.

ويتبادر هنا سؤال هام وهو :- من سيتطوع ويقبل على العمل في مثل هذه الأجهزة،هل هم أحرار وأبناء أحرار العراق اللذين قدموا الكثير للتخلص من مثل هذه الوظائف المقيتة ؟؟

بالتأكيد سيتدافع عليها من يحسون بالانكسار والضعف ومن تمرس في هذا العمل ((الخسيس)) أيام الأنظمة القمعية اللذين سيكون شغلهم الشاغل إلحاق الأذى بكل عنوان حر وكل عقل ناقد وكل عمل حريص ،وسيكونون تربة خصبة لنفوذ القوى الشريرة من بقايا الديكتاتورية تحت تأثير مختلف الضغوط والإغراءات المالية والوعود بالجاه والسلطة او التهديد بكشف أوراقهم السوداء وممارساتهم الإجرامية السابقة أمام مسؤليهم ان لم يتعاونوا مع أسيادهم السابقين؟؟؟!!!

ان زرع مثل هذه العناوين والوظائف لنكون أجهزة سلطوية انماتحدث شرخا في شرف ووجدان وضمير الإنسان العراقي الوطني الحر الذي تفرض عليه مبادئه وتربيته وموروثة الثقافي وعرفه الاجتماعي وحبه للحرية ان يكون متطوع ذاتيا وبالعلن للحفاظ على امن وطنه وامن ابناء شعبه وحفاظه على مؤسسات الدولة باعتبارها مؤسساته،ان مأسسة الضمير الشعبي النابذ للفساد والمفسدين وللجريمة والمجرمين والإرهاب و الارهابين والطائفية والطائفيين والعرقية والعرقيين والجواسيس والتابعين محصورة في مؤسسات ((معصومة)))) تعلو على الضمير الاجتماعي الجمعي العراقي مثل((المخبر السري)) و((هيئة النزاهة)) وهي ليست أكثر من عملية تضخم وترهل وانشطار المؤسسات القضائية والأمنية والتنفيذية العراقية إنما هو مؤشر خطير على تآكل الكونفورميا الاجتماعية ذاتية الفعل ورد الفعل التي بدون ترسيخها وتنميتها بين أفراد المجتمع كثقافة عامة ،لا يمكن ان يستقر الأمن ولا يسود السلم ولا العدل وقيم الحرية والديمقراطية..

فان يكون ((المخبر السري)) مطلق اليد موثوق ومصدق تبنى على تقاريره قرارات التحري وإلقاء القبض والسجن وربما يطال الشخص المخبَر عنه التعذيب والاهانة دون ذنب سوى تعكر وعدم ارتياح هذا ((المعصوم)) الجديد؟، ان مصداقية هذا المخبر ((السري)) هو القبض على المخبر عنه في الجرم المشهود والتحرز على أدلة قاطعة لأدلة الجرم او النية التي ليشوبها الشك في الإصرار على الفعل الغير شرعي.

نأمل ان يكون ضمير الإنسان العراقي هو الرافض العلني قبل السري لكل ماهو شرير ومعادي للوطن والمواطن ولكل مظاهر الفساد الإداري والمالي وما إليه.

ان على الأحزاب الوطنية الديمقراطية وبكافة أطيافها ومؤسسات المجتمع المدني مثل منظمات حقوق الإنسان وغيرها من الفعاليات المدافعة عن حرية الإنسان وصيانة كرامته والمناهضة لكل عمل يناهض الديمقراطية ويحاول ان يعيد بناء الدولة البوليسية السرية المتناقضة مع ما تضمنه الدستور الحالي وما يجب ان يركز عليها ألدستور المعدل القادم ان تعمل بفعالية اكبر ولتكون بمستوى مهامهم لرصد مثل هذه الإجراءات الاستثنائية والغير دستورية وإبطالها ومطالبة السلطات بوقفها.

ان ممارسات وتاريخ هذا الدخيل على زمن ((الحرية)) والديمقراطية المفترض إننا نعيشها الآن إنما تثير الخوف والرفض من قبل كل أحرار العراق ولا تدل إلا على كونه مرعبا سريا او مخربا سريا يلبس ثوب الشرعية نأمل التخلص منه وبأسرع وقت حتى لا تعود كوابيس الديكتاتورية تقض مضجع العراقي الحالم بالحرية-2010 لعنوان ووظيفة المخبر السري

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.