اخر الاخبار:
محافظ نينوى يزور مطرانية القوش - الثلاثاء, 16 نيسان/أبريل 2024 10:33
زيارة وفد هنغاري الى دار مطرانية القوش - الثلاثاء, 16 نيسان/أبريل 2024 10:32
طهران تتراجع عن تصريحات عبداللهيان - الإثنين, 15 نيسان/أبريل 2024 11:24
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

من أجملِ ما قرأت (النص 18 بتصرف)// د. سمير محمد ايوب

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

الموقع الفرعي للكاتب

من أجملِ ما قرأت (النص 18 بتصرف)

غريزةٌ سليمةٌ، أفضلُ من عقلٍ مريضٍ

د. سمير محمد ايوب

الاردن

 

دعا نوحٌ عليه السلام، الحيواناتَ مرَّةً واحدة. فركبت السّفينة معه. وقضى تسعمائة وخمسين سنةً يدعو النّاسَ إلى الله، فاختاروا الغرق!

 

يحرك بعض الناس عقل غير سوي. والحيواناتُ تُحرّكها غرائز سليمة. ومنذ بدءِ الخليقةِ إلى اليومِ، حافظت الحيواناتُ على غرائزها سليمة. أمّا البشرُ، فعندما تمرضُ عقولُهم، تَفْسَدُ غرائزُهم، فيفعلون ما لا يخطر على بالٍ من مفاسِدْ. يتحولون معه، إلى ما بات يُسمى في منظوماتِ العلومِ المُعاصِرَة "بالجَحْشَنَلوجيا".

 

أمّا "الجحشنلوجيا" لمن لا يدري بعد، فهي علمُ تَحَوِّل مسلك الإنسان إلى أقل من مسلكِ جحش! وهذه المرتبة لا تصرفها جامعات. إنما هي انحرافات مسلكية شخصيّة ، يكتسبها بعض البشر وبعض الناس بالمارسة الدونية.

 

وهي دونية، غير مقتصرة على فئة محددة من الناس، في بلادنا. فقد يشترك فيها رئيسُ دولة  مع عامل نّظافة، وأستاذ جامعة، أو طبيب أو مهندس أو صاحبُ قلمٍ، مع نّجارٍ أو حداد أو بقال. وقد يشترك فيها مفتي أو مُعتمرُ عِمَّةٍ او قلنسوة مع مُلحد!

 

فلا تَغرّنك الثّيابُ الأنيقة، ولا يَرقُّ قلبُك للثيابِ الرّثة. ولا تَفْتِنُكَ الشّهاداتُ الجامعيّة، ولا تُشفِق على الأُميّة ، فكل إنسان يستطيعُ ممارسة "الجحشنلوجيا" في مجاله!

 

عندما يُضْرَبُ الأبُ، وتُهانُ الأمُّ، فهي الجحشنلوجيا! عندما يبيعُ الأبُ إبنته لمن يدفعُ مهراً أكثر، أو عندما يأكلُ الأخُ حقّ أخواته في الميراث، أو عندما تُحوّلُ المرأةُ من زوجةٍ إلى جاريةٍ، ومن رفيقةِ دربٍ، إلى وعاءِ إنجاب، ومن إنسانٍ إلى أثاثٍ في مبنى، فهي بالتأكيد تنويعات في منظومات الجحشنلوجيا!

 

تتجسد الجحشنولوجيا، عندما يكتبُ مشرفُ جامعي لطالبٍ رسالةَ الماجستير أو أطروحة الدكتوراه، مقابل حفنة دولارات. وعندما يَصفُ طبيبٌ دواءً لمريضٍ، او أن يطلب لمريضه قائمة لا أول لها ولا آخر، من تحاليل وصور أشعة، ليس بحاجة لها، ولكن فقط، لأن شركة الأدوية او صاحب المخبر، يعطيه عمولات مقابلاً على هذا.

 

أما يا رعاك الله، عندما لا نحصل على وظيفة، وسريرٍ في مستشفى أو منحة دراسية، إلا بالواسطة، فالحكومات المعنية، ساعتها هي المنافسة الرئيس، لبعض الفاسدين على ممارسة أبشع أنواع الجحشنلوجيا!

 

أما عندما يعرفُ بعض حواف او هلام هذا الجيل المعاصر، عن ميسي وريال مدريد، أكثر مما يعرفون عن عمر المختار وبن بيللا وصدام حسين وشوقي ومحمود درويش واحمد الدقامسه وجول جمال، ويعرفون عن شاكيرا أكثر مما يعرفون عن المناضلات تيريزا هلسه، ليلى خالد، وجميله بوحيرد، ويعرفون عن المتأهلين للمرحلة النهائية من أرب آيدول، أكثر مما يعرفون عن شهداء الجزائر وغزة العزة ومطار ببغداد والغزو المجرم لليمن وعن ضحايا الارهاب الدولي في سوريا، فهي الجحشنلوجيا بعينها!

 

 اما، عندما تُبادُ الشعوبُ على الهواء مباشرة، دون أن يرفّ لبعض حكام العرب جفن او تدمع لهم عين، فهي الجحشنلوجيا! وكذلك عندما يقتل أيٌّ كان بإسم الله، إنسانا مؤمنا أو حتى غير مؤمن، وهو يصرخ كاذبا ألله اكبر.

 

وخير من يمكن ان ينال وصمة وعار "الجحشنلوجيا" فهم أولئك الذين يدمرون أوطانهم بمبرراتٍ يزعمون أنها وطنية!

 

أعتذر للجحشِ إن كنا قد ظلمناه بتشبيهِ البعضِ به، ممن هم أقل منه سوية. (شكرا لأدهم الشرقاوي)

 

الاردن – 4/9/2017

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.