اخر الاخبار:
اخبار المديرية العامة للدراسة السريانية - الأربعاء, 24 نيسان/أبريل 2024 18:10
احتجاجات في إيران إثر مقتل شاب بنيران الشرطة - الثلاثاء, 23 نيسان/أبريل 2024 20:37
"انتحارات القربان المرعبة" تعود إلى ذي قار - الإثنين, 22 نيسان/أبريل 2024 11:16
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

في حوار معها (ألجزء ألثالث والثلاثين)// د. سمير محمد أيوب

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

الموقع الفرعي للكاتب

في حوار معها (ألجزء ألثالث والثلاثين)

د. سمير محمد أيوب

الاردن

 

مُلْكي ومَلِكي ومَمْلَكَتي

جَلَسَتْ بِمحاذاتي. تشتكي حَزَناً يَحتَلُّها. تريد أن تُفرغ شحنةَ وجعٍ تُؤلِمُ روحَها، وتقض مَضْجَعَها. تريدُ أن تبكي. ولكنها تستنكر شُحَّ المدامع.

 

تعلم بأن دموعا عابرة، قد تتسلل كنعمة، في أوقات الضعف، وأن تتطفل على حِمى القوة. ومع هذا، فهي لا تُحِبُّ الضعفَ. بل وتَستحي أن توسَمَ بِه.

 

قلت لها: وإنسانيُّك؟ أنسيت بأن لا ضرر في ألَمِ الحَزَن؟ إنه في حياة تمورُ بموجٍ، كَمَدِّ البحرِ، دليلُ بَشَرِيَّتِنا وإنسانيتنا. ولا خجل في بعض الدمع الحزين، بل الخجل في أن يطول الحَزَنُ.

 

وإذ ببريق دمعة تغرغر في عينيها، سرعان ما تكاثرت وانهمرت  متقافزة في المنابع ، تقود سيلا يسح على خدّيها. وروحها تهتزً، وهي تلقي عنها ثقلها قائلة متنهدة:

 

به ومعه عرفت الحب مطولا. حررني من المجهول، وإستوطن أرضي ومقدساتي برضاي. وبات مُلْكِي ومَلِكِي ومَمْلَكَتي. وبت انا التمام في حياته.

 

قلت : أغبطك.

 

قالت: ولكنه رحل فجأة يا شيخي، وقلبي مسكونٌ به. وعطره يتخللني. إنه فخ كبير، غير قابل للترك ولا النسيان. يغنيني عن كوكب من المراهقين. يزيد السكونُ من ضِيقي ومن عَطشي إليه. أحاول ليلياً ألتدفق إليه، بشوقٍ أخشى عليه الصدأ، وحنينٍ أخشى أن تتشوه معالمه، أو أن تختنق تراتيله وهمسه. فأحنو بولهٍ على الهاتف، وأنا أعرف لحظتها معنى صوته، وأعرف معنى أن يرفع سماعته ليكلمني، ويدفأ غربة ليلٍ بأكمله. لكن شعوراً إلى ألعقل أقرب، يلجم أصابعي ، وهي في طريقها إلى مفاتيح جوالي. ترتد كَفِّيَ، وهي تعرف كم إنتظار يحمل حلمي، عليها تجاوزه، فتحاول الكَفَّ عن هذه العادة المذلة، ألتي قد تُثقل عبئَ العزاءِ كل يوم.

 

قلت: لا تجزعي كثيرا يا فتاتي، فحتى ألذ الأشياء لها تاريخ إنتهاء. ومع هذا، فلا يقال لأعزاء إذا إشتاقوا، أذلاء. في الحب كلكم ضيوف. ألعشق كعصرِ ألنبوة، يقينه هو زمن التوحيد، أكثر من همس الظنون وأطول.

 

قالت: خلف بسمتي الصامتة تختبئ كل معاني البؤس ألمتذبذب. فمن في قلبي يا شيخي، رجل لا يكرره ألزمن. لا أقبل كلمة سوء في غيابه . هو صفحة بيضاء في أعيني. له حنين متكرروذكريات تنزف ووجع نزاز. لا يحكى لبشر. لا يوصف ولا يقاس بمسافة ولا يبدده شك أو ظرف.

 

قلت: حتى ولَوْ !! كائنا من كان الراحل ومنزلته، والعقبات التي ينثرها رحيله في مدارجك، لا تبلغي مرحلة الجرح ألذي لا يعالج ولا يندمل. لتصبحين أفضل، تخطي كل ما لا يفيد التنكر له. إنتشلي نفسك من ألمعاناة ، وتعلمي منها . لتتقبليها بلا خجل، تبصري فيها، دون كثير من ألشكوى الرافضة ألمثقلة بالتذمر.

 

ما عاش أحد قبلك، حياة مثالية في الحب. ولن يعيشها أحد بعدك . رممي شروخك وشظاياك. وإجعليها ذات معانٍ جميلة ملهمة. في الأوقات العصيبة، كطائر الفينيق، برمادك قومي وانهضي. فقد سمعت ذات مرة، عاقلا يقول: تتطلب كل مرحلة في حياتنا، نسخة جديدة منا، يبدعها ترميم  يلده ترميم ، لا يتناسل إلا بالنار كَيّاً.

 

الأردن – 23/3/2018

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.