كـتـاب ألموقع

في حوار معها- ذَريني أقولُ..// د. سمير محمد ايوب

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

د. سمير محمد ايوب

 

عرض صفحة الكاتب

في حوار معها- ذَريني أقولُ..

د. سمير محمد ايوب

 

كتبَ يقولُ لها ردا على عتبٍ سابق: كنتُ ذاتَ مساءٍ، أبحثُ عنْ ثُمالةٍ لا تنتهي، فما عادَ لي حاجةٌ لصمتِ حائط. تركتُ صبريَ الجميل، ولِتُسعفيني ناديتُك: إجعلي لجمرِ خَطوك أقداماً. وهاتِ كلَّ دنانِ الشوقِ المُعتَّقِ، لا العنب وآتِ. فأنا مُترَعٌ بشوقٍ ليسَ كمِثلهِ شوق.

 

حتى أفُل القمر، ران صمتٌ مريبٌ، لوَّنَ خدودَه بحمرة الدم، ثم إغترب. حينها، إكتسى شوقيَ بمذاقِ العتَب، وصرتُ بقايا وطَنٍ، معارجه ليست نافذة، ودروبه بلا تراب، وبلا مسافات ولا طرقات.

 

ومع مطلع الفجر، تلقفتني دفقاتٌ من صمتٍ، له لهبٌ عارٍ ولظى. مع كل تنهيدة، كان يتشظى. ينساب مع كل شهقة. وتارة تصاب نسائمه، ب طلٍّ لا يجف، لا يتوارى ولا يُخلف الميعاد. وطورا يمتد كالوشاية ويشتد، حتى كان مع صياحِ الديَكةِ ، قد أورق وأزهروأثمر ، وغطى مُرُّ ثمره كلَّ شئ بيننا. 

 

وأظنني مع الفجر، سمعتُكِ كالغرباء تُتَأتِئين: ما بك يا رجل؟

 

وأنا في زحمةِ الوجع الغاضب، أثق أني قلتُ: هيتَ لكِ، لن أقولَ ثانية. فالليل والنجم يعرفان، أنكِ سادِنَةُ مُتْلِفَةٌ للهفة. قلتُ لكِ أكثرَ منْ مرَّةٍ، والآن ما عُدتُ أكرِّرْ.

 

ولكن ذريني أخبرك للمرة الأخيرة: أنكِ كنتِ ليلي وأنا نجمُك. أنِستُ منكِ نارا. سرعان ما اكتشفتُ، أنَّها بِلا نورٍ ولا هُدى. فلم يَعُدْ بيَ حاجةٌ، لماءٍ مالحٍ يغطي بساتيني. ولا لِلَهبٍ كثيرٍ، بِلا دفئٍ ولو قليل. سأرْتُقُ شوقيَ إليكِ بالصبرِ الجميلِ، عليهِ لا على صمتك الساذج.

 

ما عليك، فانا أعلم ان لِصمتِ الليلِ، صمتٌ آخر. ولكن، لأنقذَ نفسيَ منكِ، دعيني كالغربا أودُّعك. فبين سذاجة صمتُك، وجرأةُ صمتي، برزخٌ ونُواحُ ناي.

 

على مؤاء قطتي الحاضرة، أفَقْتُ. أدْنَيتُها. إحتَضنتُها. أهَلْتُ فوقَ رأسيَ الكثيرَ مِنَ الأغطِيةٍ. وعاودتُ النومَ في أحضانِ الفراغ، دون وطن يعصمني، ولا تلة تأويني، بعيدا عن أسوأ أنواع العبودية. فلا أسوأ من أمل يا سيدتي، لا جدوى منه.

 

الأردن – 2018/12/17