كـتـاب ألموقع

يَحُدثُ في بلادِ الحِيرَةِ- يا أمة تضحك من جهلها الامم// د. سمير محمد ايوب

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

د. سمير محمد ايوب

 

عرض صفحة الكاتب

يَحُدثُ في بلادِ الحِيرَةِ- يا أمة تضحك من جهلها الامم

د. سمير محمد ايوب

 

سألتُ مُفْتِيَاً مُوسوما في بلاد الحيرة والقلق والرمل: هل أنتَ من أنجبتَنا من رحمك، وأنشأتنا وسهرت الليالي من أجلنا، لنستقيم؟!

 

فقال كمَن لسعه دبورٌ في موسمِ العنَب: لا ، لا ، بالتأكيد  لستُ أنا.

 

ومن ثمَّ، رشقتُه بسؤالٍ من العيار الثقيل: وهل صيَّرَك الله ربَّا فوقَنا، أو خليفة لهُ بينَنا، وهل ألبسك عمامة وقفطانا ولحية، ومن ثم نصَّبَكَ علينا إماما معصوما؟!

 

قال مُستَنكرا: حاشا لله، ربي وربك ورب كلِّ الناس، أن يفعل شيئا مثل هذا لي.

 

قلت مُتهكِّما: إذن قُل لي يا أنت، هل رفعك أحدٌ مِنَّا، وأسبغَ عليك لقبا، وكلَّفَكَ أن تكون مُرشِدَنا العام، تُتأتأ فتاوى وتبيع صكوك غُفرانٍ مُعاصرة؟!

 

قال بتململٍ ونفاذ صبر: لا ، وألف كلا.

 

فأكملتُ أسئلتي بشئ من غضب: وهل كانت بلادنا من قَبلِكَ، يَبابا وسرابا، أو أرخبيلا من مُستقرَّاتٍ ومَمَرَّات، تعج بدياناتٍ يغشاها أصنامٌ وأزلامٌ مِنْ صخرٍ ومِنْ تَمْرٍ ومن جليد، تزيد عن حاجتنا وتفيض، فوهبناك شيئا منها، ورجوناك ونحن نرتل في مضاربك، نشيدنا الوطني: شُبّيك لُبّيك... تابعيك وتابعيهم بِين يَديك، صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ، بِخدمتك وتحتَ امْرِك، إلى يومٍ آتٍ لا ريبَ فيه؟!

 

قال مبتسما مزهوا وكأنه لم يفهم كعادته سؤالي: لم يحدث أن كان شيء من مثل هذا ممكنا، وإن تمنيت أن يحدث ولو شيء مثله أو قريب منه، وما أزال.

 

قلت: هل أقرضتنا يا شيلوك، شيئا من مال أو جاه أو علم أو قوة أو حكمة أو حتى فهلوة، على أن تَخْسِفَ بنا الأرض، إن جحدناك ولم نسدد دينك، أو لَمْ نَكُن لكَ مِنَ الشاكرين الحامدين؟!

 

لا فُضَّ فُوهَهُ ، قال مسارعا محتارا: كلا والله ، وتالله كلا.

 

تَرجَّلْت ساعتَها عن صهوةِ أدبي ولَياقتي، وقلتُ بِغضبٍ وعَتبٍ وشَغَبٍ: ما دمتَ  لستَ إلها لنا، ولا حتى مبعوثَ إله، ولستَ أبَاً لنا في أرضِ الله، أو مُنْتَخَباً معصوما، ولا مِرْياعاً لأنعامٍ، أو دائنا بشئ يُنْتَفَعُ بِه، فلماذا لم تزل يا ابنَ الكَ..... ، تركبُ ظهورَنا وتحتلُّ عقولنا، وجِراؤُكَ تَعوي علينا، وضِباعُك المسعورة، تُقَرْقِطُ عِظامَنا وتُمَصْمِصَها وتُفَصْفِصَها، وأصنامُك تلوِّثُ أبصارَنا وأسماعنا وأفهامنا؟

 

ثكلتكَ أمُّكَ وأمهاتُنا، وكلُّ أمٍّ في بلاد العجم والبربر وذوي السلطان الأكبر. يا أخو الشلِّتِه، هات عنك هالعمة والقفطان، قبل ما تِنِمْعِطْ هاللحية كمان. 

 

 ((مع الإعتذار لشاعرنا الكبير أحمد مطر

 

الأردن – 18/1/2019