كـتـاب ألموقع

ثرثرةٌ في الحب 28- يا ابا الهول، حاورني من فضلك// د. سمير محمد ايوب

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

د. سمير محمد ايوب 

 

عرض صفحة الكاتب

ثرثرةٌ في الحب 28- يا ابا الهول، حاورني من فضلك

د. سمير محمد ايوب

 

كتبت تقول له: ِلِمَ تَبْتَعِدْ؟ إستحالتْ ضحكاتُك ضِيقا. تحاشت عيناك الإبحارَ في عينيَّ، والإنصات لهما. تصحَّرَتْ وذوى بريقُ اللهفة فيها. إستكانَ شغبُ شفتيك، فتماوت ولم تعُدْ تسأل عنْ غمَّازَةِ خديَ الأيمن. ذبُلَتْ أصابع يديك، تراخَ عُنفوانُها، ولم تَعُدْ تعبثُ في شعريَ أو تتخلله. صار حديثُك صدىً لصمتِ ليلٍ بهيم، بعد أن كان شلالا من حكاوى فيروزية وسندبادية. ما خَشينا يوماً مِنْ نقصٍ في الثرثرات. ولم نكن نعبأ بموانئ الوصول كثيرا. ما خلا يوما طعام لنا، من دردشة أو من عُجالة. كنتَ تحكي كلَّ شيء لي. وكنتُ أحدِّثُك عن كلِّ شيء. كنتُ أعلمُ أنَّك ترى حركاتي، وتفهمُ إيماءاتَ سكناتي. تُنصِتُ لأوجاعيَ وتُحسنُ السمعَ لهمسِ آلامي. وتُحسُّ بوميضِ تألُّقي وأنين إنكساري..

 

ما الذي حدث لنا وأوقع بيننا؟ وبثَّ فوقنا قبة من غربان الملل؟ فتر التعبير عن المشاعر، وتقلص الكلم الطيب. جفت الروح وقست القلوب. أنَضَبَت ينابيعُك، وهلك الضرع وجف الزرع، حتى غدوت أرتجي غيثك، بصلاة استسقاء!!!

كلما خلوت بنفسي، أذكر يوم رَضيتُ بكَ صديقا، ويوم إخترتُكَ حبيبا، ويومَ قبلتُ بك زوجا وأبا وأخا. من حينها، أنتظر عودتك بشوق وفرح لا ينضب. كنتُ أعانق السُّحبَ والشُّهبَ، حين تضمني إليك، وأنت تسألني عن حالي. كانت الطفولة في عينيك مشاغبة. تومض كلّما سمعتني أوشوِشُك، بكلِّ ما أوتيتُ من حواسٍّ: لكلِّ الأسبابِ، أنتَ حبيبُ كلِّ الفصول.

 

لأني أعلم أنك تحمل لي، مثلَ ما أحمل لك وأكثر، أسألك: لِمَ تَيْتَعِدْ عني؟ ما دهانا يا حبيبي؟ تعال وهات معك قبل يدك، قلبك وعقلك، لنكشف الغطاء عما تسلل بيننا من فاسد الهواء، والكثير مما باعد بيننا دون قصد أو تعمد، بضعَ ملليمترات كانت كافية لتسحبك مني بنعومة. وتستولي عليك. رغم مشاغلك وضيق وقتك تعال، قبل أن تصبح العودة ضربا من الخيال، أوحلما بعيد المنال.

 

أنتظر عودتك وأنا أفتش في نفسي، عما قد يكون السبب الذي أبعدك عني. أقف أمام مرآتي أنكوش ذكرياتي، أسائلها: أغَزْوُ بعضُ الفضة لشعري هو السبب، أم تسلل بعض التجاعيد حول زوايا عينيَّ وبينهما؟ كلُّ ما أدريه أنني إزددت في عدِّ السنين، ولكني ما هرمتُ بعد. وجهيَ ما زال وسيما. وعبقُ أنوثتي أخَّاذا. وملابسي نظيفةٌ أنيقة. وعطريَ الجوري ساحرا. أما الفائض في وزني فما زال طفيفا يا حبيبي. فماذا إذن؟ إحترتُ. وكثيرا ما احترتُ. أتقلَّبُ في نارالشك وظنوني، فأكاد أغرق وأختنق. تعال إحكِ لي عمَّا وعمَّا وعمَّا، ربما ستقنعني أسبابك، لو قلت.

 

كلُّ عتبة أعبرها، تشاركني الشوق لماضينا. سأنتظرك الليلة بكل طقوسنا على العشاء. فلا تتأخر. سأوقد لك شمع مجلسنا. وأنسق الزهر والورد والحنون في الممرات والردهات. وأنتخب لعشنا ما يشجيك من موسيقى. وأجهز أشواقي لتحدثك وتنصت لك. لا تتأخر فعندي حكايات لم تسمعها بعد، وأحلام لم أخبرك بها من قبل. تعال، فكل السواقي والغُدُرِ مُشتاقة لك. تعال أقاسمك أنفاسي بكرم.

الأردن – 6/2/2019