اخر الاخبار:
اخبار المديرية العامة للدراسة السريانية - الأربعاء, 24 نيسان/أبريل 2024 18:10
احتجاجات في إيران إثر مقتل شاب بنيران الشرطة - الثلاثاء, 23 نيسان/أبريل 2024 20:37
"انتحارات القربان المرعبة" تعود إلى ذي قار - الإثنين, 22 نيسان/أبريل 2024 11:16
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

ثرثرة في الحب– 66: عِناقُ الحب ولودٌ ودود// د. سمير محمد ايوب

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

د. سمير محمد ايوب

 

عرض صفحة الكاتب

ثرثرة في الحب– 66: عِناقُ الحب ولودٌ ودود

الدكتور سمير محمد ايوب

 

منذ أن تنامى وعيي بألأيمان برب كل الناس، عَوَّدْتُ روحي، على أن أنتبذ ونفسي صبيحة بعض ايام الآحاد، مكانا في اقرب الكُنُسِ لي حيث اكون. ألأحد الماضي، مبكرا كنت اجلس وحدي، على مقعد خشبي انيق، في احد كُنُسِ مدينةِ مأدبا. استمع لترانيمَ الصلاة مُطاطِئ َالرأس إيماناً وإحتسابا، مُنصتاً ومستمتعا بما أسمع، ومستغرقا بمقاصد الرب فيه. قبل نهاية الموعظة سمعتُ نشيجاً مكتوماً بالقرب من يسار رأسي. أدرته باحثا عن مصدر البكاء المحزون . إلتقت عينايَ بعينين يغشاهُما دَمع. عَرَفته على الفور. إنه فادي إبن عبد الله، رفيق لي في النضال، لسنوات طوال. شابٌ أظنه في الأربعينيات من عمره، مهندس طيران على سفر دائم. تغامزنا وانا اطبطب على كتفه بحيرة حنونة. وما ان انتهت مراسم الصلاة، حتى خرجنا مسرعين يدا بيد، وانتحينا شجرة زيتون رومانية وارفة، وتحتها جلسنا على دكة من صخر، وقبل أن أسأل، ناولني فادي وهو حزين، مخطوطة زهرية اللون، مطوية باناقة ولها شذى ناعم. فضضتها، وتبصرت ما فيها وكان ما يلي كلُّ ما إحتوته: فادي! شاء الله ان يؤلمني بك. فرزقني فرصة إلتقيتك بها، خِلسةً عن قلبي . لَيْتَها ما كانت تلك الساعة.

 

أتمنى على مُقَسِّمِ الأرزاقِ في الحب، أن يُشفِيَني منك. كما كان قد إبتلاني بك وأشقاني. سأقول لقلبي إن جاء يسألني عنك: لا تَسَلْ عنه، فقد أضَعتُ عِنْوانَه. فكما تُجيدُ أنت حماقاتُك، أجيدُ انا فنونَ الأنتظارِ والنسيان.

 

عاجلته بسؤال، ما هذا؟ ومن هذه؟

قال وقد تثاقل لسانه، وفي عينيه شئ من الغيم: من لوريس زوجتي، التي كُنتَ أنت، قبل اكثر من 15 عاما، قد طلبت يدها لي للزواج. وصلني بالبريد السريع، قبل اغادر البيت الى هنا. فهي في زيارة لأهلها في الزرقاء، غاضبة منذ اسبوع..

 

سألت مُستطلعا بدهشة، عما أوصل الحبيبين العاشقين الى هذا المكان. فقال بتثاقل:

منذ تلك الومضةِ احببتُها. إلتقيتُ نفسي فيها. وذُهِلْتْ عن مثالِبِها. بل ونَسجتُ في مداراتِها صومعتي. وإتخذتُ من قلبها غارَ حِرائي. رافقني حبها مطولا دون ان يَرفِقَ بي. أكتَوي بها إن غابت، وأكتوي بها إن حضرت. ودائما هي مُعاتِبَةٌ بلا وُدٍّ. وعِتابُها كَشِباكِ الصيادين، كُلُّه نوافذ تفتح على كل شئ. عِتابُها تَحْمِلُه عيونُها ولِسانُها وتضاريسُ جسدها. أحاول جاهدا، أن اخفي حزني الموجوع عن كل من يعرفنا، ولكني فعلا حزين حد التشبع.

 

قلت مُخَفِّفاً عن فادي: إعلم يا ولدي، بأن الوجع أحيانا نصيب، وأحيانا حصادٌ مُرٌّ لما كانت قد جَنَتْهُ يدانا. يمكنك بالطبع ان تحزن امام معارفك، بإسمِ مستعار كما يقولون. ولكنك في النهاية لا تقدر على الحزن بقلبٍ مستعار. ففي قلب كُلٍّ منا مغارةٌ لعلي بابا، مُغلَقَة ُالأبوابِ والنوافذ. نخشى طَرْقَ بابها، أو التَّلَصُصَ عبر شئ من نوافذها، حتى لا نبكي حزنا.

 

قال : هل أعاتِبُها؟

 

قلت: شرط أن تعلم، أن كل السواقي في مواسم العتابِ الصاخبِ، تُصبحُ من المنبع الى المصب وِدْيانا مُزَمْجِرَه.

 

كلما إشتد غبارُ العتابِ او ضبابُه، عابثاً ومُخَلخِلاً لأنسجامَكُما ونسيج علاقاتِكُما، غُضَّ الطرفَ ولو مؤقتا. وإجعل لنفسك الصمتَ آيةً. ثم إستولِدْهُ وفق آداب الخصام. رتبه واقترب من لهيبه. وإلتصق به وراقصه حينا. وأحيانا تقوقع بصبره وتهجد، والتقي بحزنك فيه. فلا قيمة لصبر لا يحتوي حزنك، ولا ينتصر لمعاني ولمباني الحب. فالصمت الجميل كالصبر الجميل، سبب لكل جميل في المشاعر.

 

قال محتارا : إذن ؟!

 

قلت مُبتسما مُواسيا ومشجعا: قُمْ إليها يا فادي. إقتَحِمْ غَضَبَها. ولا تحصر هذا الأقتحام، في جغرافيا ابجديات هذا الغضب. فللغضب الموجوع كالحب الموجوع، وجوه كثيرة اخرى.

 

قل لها بصدقٍ تعنيه، وكأنك امام مِنَصة القضاء: أحبك ومكانك فارغ. قَبِّلْ راحة يَدِها. وإحمل الدفء الى عينيها. إحتضنها لأكثر من 21 ثانية. دون ان تنسَ ولو للحظة، ان فمك ليس للثرثرة فقط. إنثر مشاعرَكَ في كل أماكنها وأبجدياتها. وإجعل صهيل أصابعك، يسابق سنابِكَ لسانك. وتذكر ان الحب لا يُستدامُ إلا بالعناق الصادقِ الحَنانْ. وإعلم، ان العناق الصادق، يتوالد ويَسْتَنْبِتُ نفسه، عشرات المرات  فهو كالحب الصادق ولود ودود..

 

الأردن –

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.