اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

في المرأة وفلسفة القهوة (النص 26)- جدل العقل والقلب// د. سمير محمد ايوب

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

د. سمير محمد ايوب

 

عرض صفحة الكاتب

في المرأة وفلسفة القهوة (النص 26)- جدل العقل والقلب

د. سمير محمد ايوب

 

إنها في ربيع العمر الحقيقي. لها من عد السنين الكثير. بعض الفضة تساكن شعر رأسها. في وجهها زوجٌ من العيون المُتلألئةِ الهامسة، تَشي بالشئ الكثير. كل تضاريسِ جمالها طبيعيةٌ انيقةٌ ونبيلة. لها من روح الشباب وعزمه وجماله، الحظ الأوفر. ليسـت مُدْبِرَةً في الحياة، بل مُقْبِلةٌ عليها، بإبتساماتٍ شغوفةٍ، لها نكهةٌ ولها عِطر.

 

لها من العلم الشئ الغزير. ولها من عَركِ الحياة وباقات الخِبرات، ما يكفيها لفهمِ وإستبطانِ، ما خَفِيَ أوأُخْفِيَ عمداً، مما يُعلَنُ لها أو يقال أمامها، أو تشارك فيه، من منطوقِ البوح. هي سيدةٌ، صالت وجالت في رِحابِ الحياة، بِعقليةِ روبِنْسُن كروزو وكولومبس وماجلان.

 

بعد أن أقلعت كلُّ فِراخِها من العُش، وفَقَدَتْ الشريكَ، وعانَت مِنْ وحدةٍ باردةٍ، إستقاقَت على مُنْعطفٍ حادٍ في يومياتها. فبعضُ المشاعرِ التي ظنَّت أنَّها باتت في مَتْحفِ العُمْرِ، إستفاقت بعنفٍ. فأجلَسَها قلبُها وعقلُها، على عرشٍ جميلٍ، مِنَ المشاعرِ النبيلةِ الرَّقْراقة. وإقتسمَت تلكَ المشاعرَ معَ مَنْ جاءها غازياً، مًستعمِراً، مُتسلِّللاً، مُتمرِّداً، ثائراً بِجنون. وإحتلَّ هواها. ونشرَ أشرِعَتَهُ على صواريها. ورفع أعلامَه عاليةً خفَّاقةً. فأصابَها وهَنٌ شديدٌ. وهي تُحاول الصعودَ معه، مُمْسِكَة بأطرافِ الهوى، في حيرةٍ من أمرِها كما تقول. يَتقاذفُها تارةً عقلُها وتارةً أخرى قلبُها.

 

جائتني تلك الأنيقةُ النبيلةُ مساءَ يومٍ ما. جلَسَتْ قُبالَتي على بحرٍ ولا أجمل. تنفثُ دُخاناً كثيفاً من سيجارتِها التي لا تَنْطفِأ. مُمسكةٌ باليد الأخرى، فِنجاناً من القهوةِ المزبوطة، مُطلقةٌ عنانَ حُزَمٍ من إلتِماعاتِ عيونها، إلى هناك في الأفقِ البعيد أمامنا، وطلبتْ مني التشخيصَ والنصيحةَ، بعد أن باتَتْ تخشى قلبَها وعقلَها معا.

 

وسَألَتْ بحيرةٍ لها أنينٌ مسموعٌ مقشوعٌ: أين أسْكُنُ، مع القادمِ من خلفِ غيمِ السنين، وبرد الايام، ووحدة الليالي؟

 

قُلتُ، وأنا أدركُ تفاصيلَ ما أعلمُ عنهما، وعمَّا سيذهبُ إليه قولي: يا سيدتي الأستثنائيةِ المُتَفرِّدَه، أعلَمُ كمْ يُضنيكِ الجدلُ بين قلبك وعقلك، ما رأيك في الجلوس في تلك المسافةِ بينهما؟ فكلُّ القوافي على كَفَّيْكِ هناك، تَسْتَحِقُّ المعاناة.

 

الأردن -

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.