اخر الاخبار:
اخبار المديرية العامة للدراسة السريانية - الأربعاء, 24 نيسان/أبريل 2024 18:10
احتجاجات في إيران إثر مقتل شاب بنيران الشرطة - الثلاثاء, 23 نيسان/أبريل 2024 20:37
"انتحارات القربان المرعبة" تعود إلى ذي قار - الإثنين, 22 نيسان/أبريل 2024 11:16
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

من ثرثراتٍ في الحب (الثرثرة 35)- إلاّ أنت كما أنتَ// د. سمير محمد ايوب

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

د. سمير محمد ايوب

 

عرض صفحة الكاتب

من ثرثراتٍ في الحب (الثرثرة 35)- إلاّ أنت كما أنتَ

د. سمير محمد ايوب

 

كلما حاولتُ البحثَ عن نفسي، لا أجدُ في أيِّ زمان إلا عينيك. أنظرُ إلى وجهي فتقابِلُني ملامِحُك. أهربُ إلى أي مكان في شوارع الضياع المسماة وطنا ، فأجدُ ملامِحَك، تعتلي تلك الأجسادِ الهائمةِ هنا وهناك. أيُّ سلطانٍ تملكه عليّ حتى تحاصِرَ جهاتيَ السبع ، وتسرقني من ذاتي وتحبسني بين كفيك؟!

 

أيها الغائب الذي ما غاب، لِمَ لِمْ تأخذَ ملامِحَكَ معكَ بعدَ أنْ هشَّمتَ الكثيرَ مِنْ مَرايانا وعَرَجَتْ؟ لِمَ تركتَ عينيكَ تسرج القناديل في عيني؟ وكيفَ يا أوَّلَ الرجال ختمتَ على قلبيَ، ورصدتَني مصلوبةً على قلبك، فلم يعدْ يفتحُ بابه لزائرٍ غيرك؟!.

 

ما زلتَ تُعلنُ الحداد في شفتي، فلا تبتسمُ لأحدٍ سواك حتى تعود . أحاولُ في قبريَ التحرُّرَ منك. فيمنعني الكبرياء منْ تداولِ يأسيَ وحَزَني ولو خِلسة على واجهةِ غيابك. وتُقسِمُ الألسنةُ المُتَلَصْصة بأنها لا ترى ولا تسمع شيئا يُذكَر. وعندما وشْوَشتُها مُتسائلة، قالت أنها ترى وجهَكَ مُرْتَسما فوق شواهِدِ قبريَ، مُشاكِساً كما يجب أن يكون ، لا كما اعتاد أنْ يكون.

 

بوجعٍ مُمِضٍّ جزأتُكَ كما ينبغي. وأخفيتُ بعض تفاصيلك فوق هامات صنوبرات السرو، وبعضها بين أكباش التوت في وادي شعيب. والقلبُ مرتجفا من قحيطِ شباط، خبَّأتُ بعضَك جيدا في مكانٍ آمِنٍ بين أمِّ قيسٍ والمُخيبة في أغوار الاردن، حيث صَلَبْتَ شَفَتيَّ بين شفتيك، زَمناً حافِلاً بالتفاصيل. أدْفَأتْني على العموم. ولكني ما زلتُ لا أتذوق شيئا من طعمها حتى الآن.

 

لكنك وأنت آخر الرجال، متمادٍ في الحضور. أكتشف تفاصيلك دون أن أُدرك سرَّ حضورك، تعلمُ كما كنتَ، أنَّ عيوني لا تُجيدُ لعبةَ الإخفاء ولا فنونَ المُواربة ، ما زلتَ تتوهجُ حيثُ أنت، أحدُكُما كاشفٌ للآخر. وتعلمُ فيما تعلم أنَّ صوتيَ وإن اختَنَقْ ، مُثقلٌ بدموعِ شوقي وشغبِ شغفي وصمتي الحَكَّاء وجنونِ جُبْني ، يُجاهرُ صارخاً لك : تعالَ وعُدْ كما أنتَ إليَّ، فلَمْ أعد أُبالي. ما زلتَ تتقمَّصُني دون أن يعرف أيقونتكَ أحد. لا تقلَقْ، فتميمتك ما تزال معلقة بعناية على نحر زرافتك، كما كنت تحب ان تناديني.

 

لم أعد أبالي، هيا إنتفضْ، وتعالَ نَنْضو ثوبَ الحَزَنْ، لستَ خَطيئَتي لتَخْتلسَ السمع والبصر إليَّ. تعالَ مزِّقِ الصمتَ وقُمْ ثانيةً من جوفي، واعتلي هامتي، وامش مرحا واثق الخطو معي، فما من سلطانٍ لأحدٍ على قدميَّ وإن بدَتْ حافيةً، إلاَّ أنتْ.

 

ماذا عليَّ لو تَرَكْتُكَ تنسلخ عن راهن غيابك، لتلامسَ عيونَ النجمِ، والعابرين ممن نعرف ولا نعرف. دعهم محتارين، وإن قالوا وغالوا.

 

تعالَ أو اعتقني لوجهِ ما بيننا من جنونٍ أنيق. أُخرج مِنْ جسدي ومِنْ شخصي، لأعودَ لبصري أكثر، ولسمعي ولِساني .

 

ولكن، قُلْ لي بربِّكَ، قبلَ أن تَئِدَ مُناجاتي، مَنْ مِنَّا هو الأكثرُ شوقاً للإنعتاق، ومعاودةِ التَّوَحُّدِ؟!

 

أجِبْني إذْ سألتُكَ ، فأنا على السمعِ مُنْتَظِرَةٌ !!!

 

الآردن – 30/7/2019

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.