اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

ثرثرات في الحب– الثرثرة 36: عُودي، فما تَبقى لم يعد يَتَّسِعْ لخصام// د. سمير محمد أيوب

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

د. سمير محمد أيوب

 

عرض صفحة الكاتب

ثرثرات في الحب– الثرثرة 36

عُودي، فما تَبقى لم يعد يَتَّسِعْ لخصام

د. سمير محمد أيوب

 

شوارع عَمَّانٍ كالجحيم. كل طرقاتها مكتظة. مواعيد الذروة فيها كالحظ . لا تعرف بداية ولا نهاية. عصرَ يوم خميس، إعتقلتْهُ الزحمةُ في شارع صرح الشهيد ، لأكثر من نصف ساعة. منتظرا زوال عوائق السير، حاول الإحتيال على قهر الإنتظار القسري ، بالتلهي بواجهات المتاجرعلى يساره. بعد دقائق ، بحث عن علبة التبغ المسترخية في المقعد الفارغ بجانبه. تناول لفافة منها. قبل أن تستقر اللفافةُ بين شفتيه ، رفع بصرهُ بإتجاه يمينه. لمَحها في السيارة المتوقفة حذْوهُ مباشرة . حدَّق مليا ليتيقن . تمتم يا الله، إنها هي، حقا هي. إبتسم ، تنهد ، تردد ، ثم أنزل زجاج النافذة، لفت إنتباهها ببوقِ السيارة. إلتفتت إليه ، أنزلت زجاج نافذتها، فوجئت به . كطفلين لوّحا لبعض. تحرك السير، إنطلقا وعيونهما تقهقه جذلى والأصابع. ما أن إستقر في عيادته ، كتب لها: 

 

غمازاتُ خدَّيكِ، ما زالت بئرَ هَوايَ. الشامةُ المُسترخيةُ على يسارِ شَفَتك العُليا فاتِنَةٌ. ما زالَ مَبْسَمُكِ الأنيقُ ساحرا. إغواءاتُ أنوثتك، مهاراتُ عقلك ، وتضاريسُ قلبك  ، لا تَتَّقي الله ، لها كعهدها ، تأثيرُ هاروتٍ وماروت.

 

أما زِلتُ مُورِقاً في عينيكِ ؟ أما زالَتْ كفَّاكِ ناعمتين ، كلما قبَّلْتُهُما قَبلَ أنْ تَحْتَضِنا خدّايَ ، شلاّلَ حنان؟

 

أتذكرينَ ما كُنتُ أردِّدُ على مسمَعكِ، كلما إرتَطَمنا وتغاضَبنا؟ سؤالِيَ الفيروزيِّ: كِيفَك إنتَ ؟ فتُسارعينَ وأنتِ مُغْمِضةَ العينين، إلى الدَّنْدَنَةِ بتعويذتك الكلثومية: إنْ كنتِ أقدر أحب تاني، أحِبَّك إنت. أما زِلتُ على البُعدِ في خِصامنا ، أحظى بِحُلْوِ العواطف؟! أتُخاصِميني وأنتِ تُشبِهيني! أفهمُ الكثيرَ، ولكني أتَفَهمُ البعضَ مِما أفهم . كيفَ ترحلينَ بِلا مَلامِح ، وقد مَنَحْتُكِ زماني وكُلَّ العُمْر؟! ترحلينَ بِصمتٍ دونَ نِقاشٍ ، بِلا صَخَبٍ أو ضجيج ؟ ولا تأخذينَ صُوَرَكِ وهَمْسَكِ وقُبُلاتَك عن جُدراني !!  ماذا أفعلُ بهذا الكَمِّ الهائلِ مِنَ الألمِ  يا ظالمة؟

 

حضورُكِ الغائبُ يَعتصرُني، ويُلبِسنُي وجَعاً، مُمْتداً بينَ كلِّ غَفوةٍ وقَطرةِ حِبْر. إنتَظَرْتُكِ وأنا أعلمُ أنَّكِ كالغَدِ آتيةٌ، لا مَحالَة. فَمَنْ جاءت بياسَمينِها وَوردِها ودَحنونِها ، مُختَلِفَةً كالأماني ، ليست صديقةً أو حبيبةً ، بْل مُداولاتُ حياة.

 

حَدَّقَ فَرِحاً في تموجاتِ ضبابِ قهوتِه اليمانية. أنصتَ لِهَمْسٍ ظنَّهُ يَعرجُ من قيعانِها ، معَ فيضٍ مِن عَبَقِها . هَمسٌ يقول بِصوتِها المبحوحِ عبر سماعة هاتفه:

 

 طَمئنْ قلبَك، ما تَحَوَّلْتُ وما تَبَدَّلْتُ. رغمَ وَجَعي، ما زِلتُ مَسكونةً بِك ، لا شئَ يُشْبِهُك . أنتَ كالعمرِ ، لا يُعادُ ولا يُنسى ولا يَتكرَّر.

 

طَمئِن قلبَك، رغمَ رَفةُ الروحِ، ورجفةُ ما في يسارِ الصدرِ، ما زالَ لكَ مُتسعٌ، تسرحُ بهِ وتَمرَح . ومُتَّكئاً ومَثابةً . فأنتَ لستَ بالعابرِ أو إبنِ سبيل.

 

طَمئِن قلبك، صوتيَ باقٍ يتلو الحبَّ بصوتِكَ. وأقسمُ بِمَنْ لهُ أصَلِّي، أنكَ الروحُ وأوصادُها.

 

ولكنِّيَ ، إحْتجتُ لِخطوَتين إلى الوراء، لأُطَمْئِنَ قلبي، أنَّكَ ستلتفتُ وتَغُّذُّ الخُطى، باحثاً عنَّا أيها المَحظوظ.

 

طَمئِنْ بالَك، فأنتَ البَسْمَلَةَ ومِسكُ الخِتامْ . انتظرني عصر غد ، في السرو هناك ، مع طاسة من القهوة ، ودع نزار ونجاة الصغيرة عَلَيَّ .

 

الأردن – 20/12/2018

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.