اخر الاخبار:
صحيفة إسرائيلية: تل أبيب تخطط شيئا للعراق - السبت, 05 تشرين1/أكتوير 2024 19:06
مقتل جندي لبناني وإصابة آخر بقصف إسرائيلي - الخميس, 03 تشرين1/أكتوير 2024 21:13
استئناف حركة الطيران في مطار أربيل الدولي - الخميس, 03 تشرين1/أكتوير 2024 19:29
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

تنويهات عن سر الوضوء؛ المقاصدية ومنعكس الغوص// د. صالح الطائي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

د. صالح الطائي

 

عرض صفحة الكاتب 

تنويهات عن سر الوضوء؛ المقاصدية ومنعكس الغوص

الدكتور صالح الطائي

 

إن من الحقائق المتعارف عليها أن رجال الدين يعدون أنفسهم وحدهم المؤهلون شرعا وقانونا للتحدث عن الأحكام الفقهية، ولا يحق لغيرهم خوض هذا الغمار تحت أي صفة أو وصف أو مسمى، ولذلك تناولوا بعض مؤلفاتي التي نالت استحسان المثقفين والتخصصين والعقلاء بالنقد الجارح، ورفضوا طباعتها في بعض المؤسسات التخصصية العائدة لهم، حتى أن أحدهم قال عن كتاب "نظرية فارسية التشيع" الذي صدر في بيروت، والذي لا زال مطلوبا في سوق الكتب الورقية والالكترونية منذ عام 2010 ولحد الآن، وأعيدت طباعته في المملكة المغربية والجمهورية التونسية، قال بالحرف الواحد: "كتاب فيه حشو كثير"، وبعد التحري والتدقيق عرفت ماذا يقصد بالحشو، علما أن هذا الحشو هو الذي جعل الكتاب مقبولا لدى المدارس الفقهية أغلبها، لأنه منح الكتاب صفة الحياد والعدالة والإنسانية، وبالتالي تبدو أو هكذا يعتقدون بأن عملية الخوض في مثل هذه التخصصات يعتبر تحديا كبيرا لهم لا يمكن تجاهله، لكن ذلك لم يمنعني من التجربة، وإعادة التجربة مرة أخرى، واحتمال إعادتها للمرة الثالثة والرابعة، إن كانت في العمر بقية.

وكتاب سر الوضوء كتاب جديد ضمن منهج التحدي هذا، تناولت فيه مسألةً في غاية البساطة حصرها أحد الصحابة الكرام بقول: "الوضوء غسلتان ومسحتان"، ذلك بعد أن شاهدوا رسول الله يؤديها أمامهم على مدى ثلاثة وعشرين عاما بهذا الوصف والتحديد. وفيما بعد، ولاسيما بعد ولادة المذاهب والفرق، توسع أغلب العلماء والفقهاء والكهنة والمشرعون في التحدث عنها بإسهاب وتوسع كبير، لتتحول من تلك البساطة إلى أنماط من الأحكام التكليفية المتنوعة والمتناقضة فيما بينها إلى حد التعارض غير المحمود، بدأ من وقت سنها، وكيفية أدائها، وكمية الماء المستخدم، وطريقة صب الماء، ووجوب النية من عدمها، ووقت التلفظ بها، وغير ذلك؛ حتى غطت أقوالهم وأحكامهم عشرات الصفحات من مؤلفاتهم ضمن تفريعات مملة، شغلت شعوبنا عن متابعة العلم وتحصيل مكارم الأخلاق، للإسهام في تقدم الأمة ورفعتها، بل وتسببت في تشظي شعوبنا وفرقتها، وبالمحصلة اختلفوا بشأنها ليشمل الاختلاف كل تفرعاتها. والغريب أنهم مع هذا الاختلاف الكبير يرى بعضهم أن شعيرة الوضوء من حيث الأصل ليست عبادة؛ هذا وفق رأي بعض المدارس الفقهية، وإنما هي مقدمة لعبادة وفق رؤيتهم، ويرى بعضهم الآخر أنها عبادة، هذا وفق رأي مدارس فقهية أخرى، أي حتى في درجتها الوجوبية اختلفوا، ليشمل الخلاف والاختلاف جميع جوانبها.

والذي سعينا إليه، بعد أن أوردنا جميع ما وقع تحت أيدينا من أقوالهم وأحكامهم ونظرياتهم كان محاولة للعودة بالوضوء إلى أصوله التشريعية الأولى، وإلى القصد والسبب الرئيس في تشريعه، كمقدمة لبعض وليس لجميع الصلوات، من خلال الربط بين معطيات العلوم الحديثة، وتفكيك المقاصدية، وعلاقة ذلك بمنعكس الغوص، وصولا إلى النتائج المتحصلة بسبب ما يحدثه الوضوء على هيئة الإنسان الذي يستعد للوقوف بين يدي الله تعالى، وهو موقف عظيم يوجب أن يكون المسلم في كامل وعيه.!

هذا الكتاب هو الأول من سلسلة يجمعها عنوان "لماذا اختلفنا"، وتأتي هذه السلسلة مكملة لمشروع سبق وأن أنجزناه تحت عنوان "أثر النص المقدس في صناعة عقيدة..." تحدثنا فيه عن التكفير والتهجير والمثلة وقتل المرتد، وآمل أن يتلقى الناس هذا المشروع الجديد بعقل وحكمة وموضوعية بعيدا عن الانحياز والتطرف والطائفية والفرقية والأحكام المسبقة والتهم الجاهزة، علما أن المواقف مهما اختلفت وتنوعت لن تثنيني عن إتمام هذه السلسلة ما استطعت إلى ذلك سبيلا، إلا إذا ما شاء الله تعالى أن يختم رحلتي في الحياة بهذا القدر من العطاء بعد أن بلغ عدد مؤلفاتي (83) كتابا.

وسيخصص الكتاب الثاني من السلسة للتحدث عن الاختلاف في الأذان، ثم يليه كتاب الاختلاف في الصلاة، ثم في الصيام، ثم تستمر السلسلة لتغطية المماحكات التي تسببت في اختلاف وفرقة الأمة وتشتت جمعها واختلاف كلمتها، حتى بدت أمما مشتتة وغير متجانسة، ولا تخضع لما ورد في حديث "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى" وليس أمة واحدة مثلما وصفها الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ}، وأصبحت أقرب إلى مجموعة أديان تختلف في كثير من مناهج عبادتها وحياتها، لا دينا واحدا؛ هو من أعظم الأديان.

وهدفي من هذه السلسلة تصحيح بعض القناعات الموروثة الراسخة لأنها ابتعدت كثيرا عن الأصل المحمدي وما جاء به القرآن والسنة الصحيحة، فأبعدتْ الطريق بين الأمة ومثابات اللقاء، فاستحال لقاؤهم على ود، وتعذرت رؤية بعضهم بعضا ولو من بعيد.

ووالله لو كان وضوؤنا واحدا لما استطاعت أمريكا وإسرائيل ودول أوربا المؤيدة للعدوان أن تنظر إلينا تلك النظرة الدونية التي تستهين بجميع قيم الأرض والسماء، بل لما كانت الصهيونية تجرؤ على مصادرة أرضنا المقدسة وتشريد عربها في الآفاق، وهذا يعني أن أمتنا لن تصمد أمام تحديات العصر إلا إذا وحدت وضوؤها وضياها.

 

صدر الكتاب عن دار المرايا للنشر في بغداد، بواقع 156 صفحة من الحجم الوزيري.

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.