اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

تقييم التقرير السنوي لمبادرة الشفافية في الصناعات الاستخراجية في العراق// احمد موسى جياد

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

احمد موسى جياد

 

عرض صفحة الكاتب 

تقييم التقرير السنوي الاخير لمبادرة الشفافية

في الصناعات الاستخراجية في العراق

احمد موسى جياد

استشارية التنمية والابحاث (العراق)

النرويج

 

اصدرت مبادرة الشفافية قبل ايام تقريرها السنوي الاخير والمتعلق بعام 2017 وهو التاسع في سلسلة هذه التقارير حيث كان الاول منها يتعلق بعام 2009. قامت شركة ارنست يونك الدولية باعداد هذا التقرير باعتبارها "الاداري المستقل" حسب متطلبات مبادرة الشفافية في الصناعات الاستخراجية (الدولية). علما ان التقرير السنوي في العراق يصدر بعد سنتين من السنة المعنية كحد اقصى؛ اي ان تقرير عام 2017 مثلا لابد ان يصدر قبل نهاية كانون اول 2019.

 

تم اصدار التقرير وبشكل متزامن (ولأول مرة) باللغتين العربية والانكليزية ووضع في الموقع الالكتروني لمبادرة الشفافية في العراق. التقرير كبير نسبيا حيث بلغ عدد صفحاته 154 صفحة (بنسخة بي دي اف) وتضمن سبعة فصول واربعة ملاحق مع قائمة بالمصطلحات والاختصارات وملخص تنفيذي. كما تضمن التقرير (ولأول مرة ايضا) توطئة كتبت من قبل المدير التنفيذي لمبادرة الشفافية في العراق.

 

يأتي اصدار التقرير بعد عدة اشهر من رفع تعليق تصنيف العراق كدولة ممتثلة في مبادرة الشفافية في الصناعات الاستخراجية؛ وقد تم اعداد التقرير لمعالجة جميع النواقص التي ادت الى تعليق تصنيف العراق في شهر تشرين اول 2017 وعليه فقد بذلت جهود مكثفة وعقدت عدة اجتماعات لإصدار التقرير بشكله الحالي.

 

اعتمدت في اعداد هذه المساهمة على النص الانكليزي للتقرير مع مقارنته بالنص العربي عند الضرورة.

 

بعد دراسة وتقييم هذا التقرير اتضح بانه يكاد ان يكون، في معظم اجزاءه، نسخة لتقرير عام 2016 و "ملحقه" باستثناء، طبعا، المتغيرات الكمية. وقد تم تسجيل عدد كبير من الملاحظات على ما ورد في التقرير الحالي من نواحي المنهجية والمضمون والشكل والبيانات، ومقارنته بالتقارير السنوية السابقة للمبادرة، والتي قمت بتقييمها جميعا منذ صدور التقرير الاول. وفيما يلي موجز لاهم الملاحظات والنتائج التي تم التوصل اليها.

 

اولا: ضعف السيطرة النوعية

افتقار التقرير الى السيطرة النوعية الجيدة والمطلوبة وذلك بدلالة وجود وتكرار العديد من المعلومات والبيانات الخاطئة او الناقصة او المتناقضة او المشكوك في مصداقيتها منطقيا.

بسبب خصوصية الصناعات الاستخراجية في العراق وخاصة النفطية منها فان مسؤولية تغطية الجوانب التقنية والتعاقدية والقانونية والمالية والعملياتية في التقرير وضمان دقة ومصداقية وتناسق وتحديث المعلومات (بضمنها البيانات الاحصائية) تتركز بشكل اساسي على ثلاثة اطراف:

1.   الاداري المستقل المكلف باعداد التقرير السنوي (اي شركة ارنست يونك)؛ ان شركة ارنست يونك من الشركات الدولية المرموقة ولها خبرة طويلة جدا في المنطقة وفي العراق، وقد سبق لها ان اعدت التقارير السنوية لمبادرة الشفافية للاعوام 2011 و2012 و2016. وهذا يحتم على او يتوقع من الشركة الالتزام واظهار اعلى درجات "السيطرة النوعية" لمضامين تقريرها؛

2.   ممثلي وزارة النفط والشركات المرتبطة بها في مجلس امناء (اصحاب المصلحة) المبادرة (الذي يتراسه وزير النفط ويشمل في عضويته العديد من المدراء العامين في وزارة النفط) ؛

3.   الجهاز الفني التخصصي للأمانة (السكرتارية) الوطنية للمبادرة. وهذا طبعا لا ينفي المسؤولية التشاركية لبقية اعضاء مجلس امناء المبادرة.

وفي الحقيقة ان ما تضمنه التقرير لا يتناسب مع ضخامة الهيكل البشري للمبادرة الذي كان بحدود 37 مسؤولا (من ناحية عدد الامناء والمواقع الرسمية وموظفي الامانة العامة). وبما ان تقرير عام 2017 قد تم اعداده خلال عام 2019 فان ذلك يعني توفر فترة زمنية اكثر من كافية لتجميع وتدقيق وتحليل كافة البيانات والمعلومات المتعلقة بذلك العام على اساس الادلة المادية الفعلية والوثائق والتقارير المعتمدة والرسمية. واخيرا، كما ذكر اعلاه، فان معظم اجزاء التقرير هي مجرد استنساخ من تقرير عام 2016!

 

ثانيا: عدم الالتزام بمنهجية واضحة

يعاني التقرير من مجموعة من الاشكاليات المنهجية ومن نواحي عديدة منها ما يتعلق بالاطار الزمني او التصنيف الصناعي او عدم الثبات في الوصف والتصنيف او مطابقة البيانات وغيرها.

ففي الوقت الذي يختص التقرير بعام 2017 لكنه تضمن فقرات عديدة وتفاصيل كثيرة تتعلق بعامي 2018 و2019 ومعلومات مطولة معروفة ومنشورة وقديمة تعود جميعها لعام 2009 وحتى قبل ذلك حيث فصل التقرير معلومات تعود الى 1995 !!!! . 

بالمقابل فقد اغفل التقرير العديد من التطورات المهمة التي حصلت في عام 2017 والتي لها علاقة مباشرة بموضوع الشفافية، وكما سنري لاحقا فقد عجز التقرير عن تغطية بيانات مهمة تتعلق بعام 2017.

ومن امثلة التخبط في المنهجية هو اعتبار نشاط بعض الشركات ضمن القطاع الاستخراجي في جزء من التقرير واستثنائها في جزء اخر! واعتبار بعض الشركات على انها استخراجية في حين ان نشاطاتها لا تقع ضمن الصناعات الاستخراجية؛ او ضم شركة باخرى في مكان ثم فصلهما في مكان اخر ..وهكذا.

وكما سنرى لاحقا فان تأثير عدم وضوح المنهجية كان واضحا في عملية مطابقة البيانات التي تناولها التقرير. 

وقد ترتب على هذه الاشكاليات المنهجية تكرار الكثير من المعلومات المعروفة مما ساهم في تضخيم حجم التقرير على حساب او لتغطية العجز في نوعية بيانات عام 2017. كما ان عدم الوضوح في تمييز تصنيف النشاطات الاستخراجية عن غيرها يقود بالتاكيد الى عدم دقة وفهم وتفسير المتغيرات الاقتصادية والمالية والعمالة في تلك النشاطات.

 

ثالثا: مطابقة بيانات 2017

ان جوهر "مطابقة البيانات"، والذي يشكل اهم مكونات التقرير التي تعكس التغييرات الكمية السنويه، يتطلب مقارنة ومطابقة البيانات التي يجب تجميعها من اكثر من مصدر ذا علاقة مباشرة بموضوع تلك البيانات. وفي هذا المجال تم تسجيل المآخذ التالية على التقرير:

1.   تضمن التقرير العديد من الجداول والبيانات ولكن معظمها كانت احادية الجانب- اي مأخوذة من مصدر واحد. ولكن اعتماد بيانات مصدر واحد لا يشكل مطابقة حقيقية للبيانات فقط بل هو مخالف لمبادئ الشفافية في الافصاح والمطابقة، مما يعني عدم التزام الاداري المستقل بالضوابط التعاقدية لاعداد التقرير من جهة واغفال مجلس امناء المبادرة لدوره في ضمان المطابقة الصحيحة والشاملة من جهة ثانية؛

2.   وفي بعض مطابقة البيانات الثنائية فقد اغفل التقرير الاشارة الى وتفسير التباين الكبير والمؤثر في تلك البيانات الواردة في جداول مختلفة. فمثلا وجدت ان التباين في بيانات كميات النفط المصدر حسب شركات النفط الوطنية تزيد على 32 مليون برميل، ولكن التقرير غفل الاشارة اليها وبالتالي لم يفسرها. وكمثل اخر، وجد ان التباين في معدل سعر النفط المصدر بلغ 1.031 دولار للبرميل مما يقود الى فرق في عوائد الصادرات تزيد على 1.245 بليون دولار. لم يشير التقرير الى هذا التباين وكان يفترض ان يقوم بتفسيره لان نسبة التباين (2.139%) تجاوزت مؤشر "العتبة المادية" الذي يحكم مطابقة البيانات؛

3.   لم يوفر التقرير اية بيانات تتعلق بموضوع مهم للغاية وهو نضام المقاييس الحقلي والذي يتحدد بموجبه انتاج النفط وبالتالي اجور الخدمة واسترداد الكلف الراسمالية للشركات الدولية بموجب جولات التراخيص؛

4.   تم اعتماد قيمة تساوي او تزيد على 2% من اجمالي عوائد القطاع الاستخراجي (النفط والغاز والتعدين) كمؤشر العتبة المادية لاجراء مطابقة البيانات؛ بمعنى ان الاداري المستقل ملزم بتفسير التباين في مطابقة البيانات اذا كان التباين مساويا او متجاوزا  لقيمة العتبة المادية. وهي نفس العتبة التي تم اعتمادها لتقرير 2016 ولكنها اكثر من تلك التي اعتمدت في التقارير السنوية السابقة. ومن اهم نتائج هذه الزيادة في قيمة العتبة المادية: أ- انحياز عملية مطابقة البيانات الى عوائد الصادرات النفطية؛ ب- استثناء بيانات كثيرة تتعلق بنشاطات متعددة من عملية المطابقة لان قيمة كل منها كان اقل من عتبة المادية ولكنها مجتمعتا تشكل قيمة تفوق تلك العتبة، ومع ذلك تم استثنائها جميعا على الرغم من الجهود التي بذلت في تجميع وتبويب وتضمين تلك البيانات في التقرير مما ساهم في تضخيم حجم التقرير وزيادة عدد الجداول وهذا يقود الى التساؤل عن جدوى تجميع بيانات لا يتم مطابقتها ؛ ج- ان اقصاء مطابقة تلك البيانات يقود بالنتيجة الى تضييق نطاق الشفافية.

 

لمعالجة هذه الاشكالية في مطابقة البيانات وتفسير التباين الحاصل بينها اقترح امريين: الاول هو تخفيض عتبة المادية الى ما يعادل او يزيد على 0.5% واقل من 2% من قيمة البيانات موضوع المطابقة (وليس حصرها بعوائد صادرات النفط فقط) لأغراض مطابقة البيانات والثاني هو ضرورة تفسير اي تباين في مطابقة البيانات اذا كان حجم التباين يعادل او يزيد على 2% من قيمة البيانات موضوع المطابقة (وليس حصرها بعوائد صادرات النفط فقط). وهذا يعني ضرورة اجراء  مطابقة البيانات اولا ثم تفسير التباين اذا تجاوز التباين هذه النسبة. وبعكسه ستكون المطابقة محصورة بعائدات صادرات النفط الخام فقط وبذلك يتم اقصاء العديد من البيانات والنشاطات الاخرى مما يعني تضييق ممارسة الشفافية وينعدم مبرر اصدار تقارير سنوية كبيرة الحجم محدودة الشمولية والشفافية!!!!

 

رابعا: التباين في البيانات

اضافة الى مشكلة مطابقة البيانات التي تمت مناقشتها اعلاه، فقد تم تشخيص العديد من حالات التباين المهمة في العديد من البيانات والجداول التي تضمنها التقرير. ومن اهم الامثل على ذلك ما يتعلق بقيمة المنتجات النفطية؛ ضريبة الدخل على شركات النفط الاجنبية؛ حصة الشريك الحكومي في اجور الخدمة في حقول جولات التراخيص؛ تخصيصات البترودولار؛ تخصيصات تنمية الاقاليم والمحافظات؛ بيانات الاستخدام في حقول جولات التراخيص؛ صندوق ونشاطات التدريب.

 

خامسا: المقارنات السنوية

تضمن التقرير بعض الجداول والاشكال البيانية تتعلق بعامي 2016 و2017 فقط مثل اجمالي انتاج الجهد الوطني واجمالي انتاج جولات التراخيص؛ اجمالي انتاج وصادرات النفط؛ توزيع الصادرات النفطية للاسواق الرئيسية الثلاثة. كما ورد في التقرير شكل بياني واحد يوضح قيمة الكميات المحملة سنويا من قبل شركات النفط العالمية العاملة في العراق (بموجب جولات التراخيص) للفترة 2011 -2017.

عدا ذلك لم يقدم التقرير بيانات تسمح بالمقارنة السنوية وتحديد اتجاهات التغيير وخاصة  في نشاطات القطاع الإستخراجي البترولي مثل الانتاج على مستوى الحقول وما يرتبط بها من اجور الخدمة واسترداد الكلف الراسمالية ونشاطات التدريب وغير ذلك. وفي الحقيقة يعتبر تقرير 2017 خطوة الى الوراء في هذا المجال مقارنة بتقرير عام 2015 الذي تضمن مقارنات سنوية لانتاج النفط في كل حقل ضمن جولات التراخيص.

 

سادسا: معلومات اخرى لابد من اعادة تدقيقها

ورد في التقرير العديد من المعلومات التي تحتاج الى اعادة تدقيق وتحديث وتصحيح؛ ومن الامثلة على ذلك ما يتعلق بصندوق تنمية العراق، ضريبة الدخل على الشركات النفطية الاجنبية، محاضر اجتماعات مجلس امناء البادرة، قانون لجنة (هيئة) الشفافية في الصناعات الاستخراجية لعام 2017، تكرار استخدام مصطلح او كلمة "ملكية" و "بيع" فيما يتعلق بحقول جولات التراخيص،  "عجز" بعض الشركات النفطية عن انتاج ما تحتاجه من النفط،  نظام ومستويات الحكم في العراق، معدل سعر تصدير النفط السنوي للاسواق الرئيسية الثلاثة اسيا واوربا واميركا وكذلك اسعار تصدير النفثا، وغيرها.

 

سابعا: بيانات اقليم كردستان

بسبب عدم تجاوب حكومة الاقليم المعتاد فقد تم تجميع بيانات الاقليم من مصادر مختلفة. ولكن اغلب المعلومات التي تضمنها التقرير قديمة ومعروفة ولم تتضمن اضافات مهمة. اما ما يتعلق ببيانات عام 2017 فانها استنساخ لتقارير شركة دلويتي، ولكن دون ذكر اسم الشركة!!!

 

ثامنا: الصناعات الاستخراجية خارج القطاع النفطي (وضمن مهام وزارة الصناعة والمعادن)

وهنا ايضا وجد ان معظم هذه المعلومات قديمة ومكرره حيث سبق نشرها في تقارير المبادرة لبعض السنوات الماضية وخاصة تقرير عام 2016. اما اجمالي العوائد المتحققة خلال عام 2017 فانها ضئيلة للغاية تثير التساؤل والاستغرب ولا تتناسب مطلقا مع عدد العاملين في هذه النشاطات غير البترولية!!

 

الخلاصة

في ضوء الملاحظات اعلاه جاء تقرير المبادرة لعام 2017 مخيبا للآمال؛ وعليه يصبح من الضروري اعادة النظر فيه وصياغته من جديد بعد معالجة العيوب والنواقص والهفوات التي تم تشخيصها.

 

النرويج

29 كانون اول 2019

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.