كـتـاب ألموقع

عن شارع الرشيد والطائفية// علاء اللامي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

علاء اللامي

 

عرض صفحة الكاتب

عن شارع الرشيد والطائفية

علاء اللامي

كاتب عراقي

 

 المشكلة في النظام الطائفي ودستوره وليس في طائفي اسمه سامي العسكري! أعتقد أن الذين فوجئوا بكلام سامي العسكري عن ضرورة تغيير اسم شارع الرشيد لأن "الخليفة العباسي هارون الرشيد سمم الإمام موسى بن جعفر" هم أولئك الذين لم يصدقوا بعد، أو لا يريدون أن يصدقوا، أن النظام الحاكم في العراق هو نظام طائفي رجعي تابع للأجنبي، ولا يريدون ان يصدقوا انه نظام يقوم على دستور مكوناتي رجعي مؤد إلى التقسيم. والتقسيم لا يكون إلى دويلات مستقلة فقط وفورا، بل هو يبدأ كتقسيم اجتماعي ونفسي واقتصادي وحتى فني وأدبي وكل هذا حاصل، بل هو واقع حال صار صلبا بفضل حكام الطوائف الذين جاء بهم المحتل الأميركي. إن هؤلاء الناس المتفاجئين بصريحات سامي العسكري ينسون تلالا من الشواهد والتصريحات والممارسات الطائفية ومنها تحطيم تمثال باني ومؤسس بغداد المجد والعزة أبي جعفر المنصور ورمي رأس تمثاله في المزبلة على طريقة مجرمي داعش وما فعلوه بتمثال الشاعر الفيلسوف أبي العلاء المعري في سوريا، وينسون التهجمات الرخيصة والسوقية ضد رموز المقاومة ضد الغزاة الفرنجة وفي مقدمتهم صلاح الدين الأيوبي، وينسون أن الحاكمين الفاسدين طائفيون وعنصريون كلهم بسنتهم وشيعتهم وأكرادهم، وهم يأخذون بركاتهم وتوجيهاتهم وتزكيات انتخاباتهم وتعين رئاساتهم من هيئات شخصيات ودول طائفية مجاورة وحتى من دولة العدو الصهيوني " إسرائيل" كمسعود البارزاني، مع أن الآمر الناهي الأخير يبقى هو المحتل الأميركي.

 

هذه بعض المعلومات عن شارع الرشيد لمن يجهلها ولمن اخترع تأثيلات خاطئة للاسم: أنشئ شارع الرشيد سنة 1910 في العهد التركي العثماني وكان اسمه "خلي باشا جاده سي" أي "جادة خليل باشا" وهو الحاكم والقائد العسكري التركي العثماني آنذاك في بغداد، وكان الشارع طريقا عسكريا لمرور العربات والقوات العسكرية. وقبل خليل باشا كان الطريق موجودا ولكنه لم يكن شارعا مستقيما ومنظما بل دربا يسلكه الناس والعربات والحيوانات. ولكن خليل باشا وسَّعه ونظَّمه وجعله مستقيما. أطلق اسم الرشيد على هذا الشارع لاحقا، مع قيام الدولة العراقية الملكية التابعة لبريطانيا سنة 1921، ونقرأ في أحد المصادر هذه المعلومات المفيدة عنه (لم يكن يسمى شارع الرشيد بل سمي أولا خليل باشا جاده سي ثم سمي الجادة العمومية ثم الشارع العام واخيرا اجتمعت اللجنة التاريخية الأدبية لوضع أسماء الجادات فأطلقت عليه اسم (شارع الرشيد) كما أبدلت كل كلمات (الجادة) باسم شارع مثل: (جادة علاوي الحلة) و (جادة الأكمكخانة) و(جادة السراي). وكان شارع الرشيد متربا غير مستو إلا بضعة أمتار في منطقة الميدان، فكان فيها بعض الطابوق المرصوف وكان الشارع منخفضا في ساحة الميدان وأمام سوق الصفافير وجامع مرجان وراس القرية لذلك كانت أشغال الحمالين في الأيام المطيرة رائجة في هذه المناطق لحمل الناس على الأكتاف لكي يعبر الشارع من جهة الى أخرى أما ازدحام العربات بأنواعها والحيوانات والسيارات فقد كان بالغا ومزعجا حيث كان هو المتنفس الوحيد لجانب الرصافة في بغداد وقد خصص للشارع بضعة أفراد من الشرطة تدربوا لتسهيل المرور في دورة خاصة).

 

وأخيرا فحين يصدق هؤلاء المتفاجئون بتصريحات سامي العسكري اليوم أن المشكلة ليست في شخص هذا الفاسد بل في النظام الحاكم ودستوره المكوناتي ودولته "الدويلات المليشياوية"  نكون قد وضعنا أيدينا على واحد من جراح العراق قبل الإصابة بداء الغنغرينا الوجودية للوطن والدولة معا!