كـتـاب ألموقع

الوجيه- قصة قصيرة// د. ميسون حنا

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

د. ميسون حنا

 

عرض صفحة الكاتبة

الوجيه- قصة قصيرة

د. ميسون حنا

الأردن

 

اشتعل القنديل المعلق على شجرة في الطريق العام، أمر بإشعاله شيخ البلد لتستنير الناس في طريق أوبتهم من نهار مضن قضوه في أعمالهم المختلفة . قال رجل عندما لمح القنديل : شيخ البلد عطوف إذ يأمر بإنارة الطريق لئلا يعثر أحدهم أو يصاب بأذى في الليل الحالك . قال آخر: المهم زيت القنديل الذي سيقتطع من مؤونة أبنائنا . قال آخر : لنتناوب المسؤولية جميعنا ، وهكذا لن يقع العبء على أحد دون غيره.

 

وافق الجميع على اقتراج الرجل ، وكان كل واحد منهم يملآ القنديل بالزيت بانتظام . وذات يوم في طريق أوبتهم كان الظلام حالكا والقنديل مطفأ ، إذ أن أحدهم قد تخلف عن دوره وبعد تدقيق في الأمر تبين أن الدور كان لوجيه مرموق ، وعندما سئل عن سبب تخلفه ، قال: أمركم لا يعنيني ، وأنا إن أردت أن أنير دربي حملت قنديلي بيدي، والويل لمن يتبعني بقصد الإستنارة . نظروا إليه باحتقار إلاّ ذلك الرجل الذي تقدم منه مهددا قائلا: إياك يا هذا أن تمر بدربنا حيث نعلق قنديلنا ، فالنور منه عليك محرم كذلك . قال الوجيه بسخرية : دربكم لا يلتقي مع دربي.

 

قال عبارته وغادر بلا مبالاة وتجنب المرور في تلك الطريق بالذات . بعد مدة من الزمن ، أمر شيخ البلد بإنارة جميع الطرق ، تناوبت الناس مسؤولية تغذية القناديل بالزيت ، واستثني الوجيه من نوبته على ألاّ تطأ قدماه هذه الطرق، قابل الوجيه الأمر بازدراء في البداية ، ثم أخذ يسلك الطرق الملتوية الوعرة، وأخيرا شوهد يتسلل خارج البلدة حاملا قنديله بيده ، وصل إلى بلدة مجاورة ، طريقها مظلم ، تقدم بحماس وعلق قنديله على جذع شجرة في طريقها العام ، ومشى وسط الجموع التي رحبت به وشكرته على تفانيه في خدمة المصلحة العامة ، والغريب أن الوجيه صدق ذلك ، بل وتعجب لتنكر الناس له فيما مضى.