كـتـاب ألموقع
أوراق الخريف- رواية: الفصل العاشر// د. آدم عربي
- المجموعة: ادم عربي
- تم إنشاءه بتاريخ الإثنين, 27 أيار 2024 20:03
- كتب بواسطة: د. آدم عربي
- الزيارات: 1921
د. آدم عربي
أوراق الخريف- رواية: الفصل العاشر
د. آدم عربي
كنا ثلاثة في المصعد الكهربائي، أنا والأميرة قزمة وخطيبها الهولندي، المصعد الكهربائي في حي لندن المالي "السيتي"، وهو لا يتوقف عن الصعود والهبوط، بابه مغلق على طول طوابق ناطحة السحاب.
- أبي وأخي قتلوهما، قالت الأميرة قزمة بصوت خافت يكاد لا يسمع وهي تمسح بأطراف أصابعها دموعها، جاء رجال الإف بي آي إلى كُليَّتي، وقالوا لي عليك أن تغادري الولايات المتحدة وتذهبي إلى المملكة المتحدة أمك تنتظرك في لندن لأن أباك وأخاك قد قُتلا. أعطوني دبلومي على الرغم من أنني كنت أقوم بالامتحانات ولم أنته منها، وأركبوني أنا وخطيبي في أول طيارة إلى هذا المصعد الكهربائي. أنا لا أفهم، كان اتفاق العائلة إذا ما حصل شيء أن نلتقي كلنا في قصرنا النيويوركي.
- لماذا اصطحبت معك الزرافة؟ سألت وأنا أنظر عاليًا نحو رأس الخطيب الهولندي المطوي على سقف المصعد الكهربائي.
- قلت لنفسي أخلص قليلاً من رقابة عيون أبي المندسة في كل مكان وقد مات فأقبّله كما يحلو لي بحرية.
وَقَفَتْ على أصابع قدميها بينما طوى صدره ليصل إليها وطَبَعَا فم الواحد على فم الآخر.
- أنا مثلك جاء رجال السكوتلاند يارد وقادوني حتى هنا دون أن يقولوا لي الأسباب، أوضحت بدوري سبب وجودي في الصندوق الآلي.
- الأمر غريب، قالت سموها وهي تواصل تقبيل خطيبها، أتعبهما الوضع، فارتاحا قليلاً، ثم عادا يواصلان قبلة السيرك الملكي.
- حقًا الأمر غريب، أكدت.
- ربما لأنك تريدني أن أكون الملكة، همهمتْ وهي لا تبعد شفتيها عن شفتي الشاب وتنظر نحوي بجفنين ينفتحان وينغلقان.
- أرجو من سموك أن تنسي هذا الموضوع تمامًا.
- إذن لماذا قتلوا أبي الملك وأخي ولي العهد؟
- أنا لا علاقة لي بالأمر.
- أعرف.
- أنا نسيت كل الموضوع.
- أشك.
- أنا خارج لعبة الدم.
- أكيد.
- انزلي عن كتف الزرافة ولنعد إلى موضوعك.
- هه!
- جيد.
- لماذا أنتَ؟
- لماذا أنتِ؟
- لماذا أنا ماذا؟
- في المصعد.
- قلت لك لماذا.
- قلت لي كيف.
- أنا لا أعلم.
- هل قال لك رجال الإف بي آي من قتل أباك وأخاك؟
- ومن تريدهم أن يكونوا؟ ليس هناك غير رجال السي آي إيه! هم يقومون ويقعدون معنا. بابا أرادهم لنا حماية منذ كنا أطفالاً وله درعًا لا يخترقه الرصاص، فانظر ما فعلوا! كان غبيًا صاحب الجلالة، وضع نفسه في القفص معهم وأعطاهم المفتاح!
- هل قالوا لك لماذا.
- لم يقولوا لي.
- أنا كذلك لم يقولوا لي.
- لماذا لم تسألهم؟
- لم أسألهم لأني بطلت لا أريد كل هذا.
- لأنك تعرف.
- الواقع لأني أعرف.
- هل سأكون الملكة؟
- أعتقد.
- وأنتَ؟
- لا أعتقد.
- سأرفض.
- أرجوك سموك لا ترفضي.
- بدونك سأرفض.
- أرجوك.
- ....... أهأ أهأ.
- لا تبكي، قلت وخطيبها ينحني ويمسح بمنديله الدموع التي تسيل من عينيها.
- أهأ أهأ.
- سيعينك هذا الشاب المسكين.
- لماذا المسكين؟
- لن تتزوجيه عن حب ستتزوجينه لأنه طويل القامة مثلما تزوج أبوك أمك لأنها طويلة القامة، لكن لم يمنعها ذلك من إنجابك قصيرة القامة.
- المرحوم أخي كان طويل القامة.
- أخوك لا أنت.
- صحيح ما تقول.
- الدولة تحتاج إلى عقول لا طبول.
- وما دخل الدولة في الموضوع؟ الأمر شخصي بحت.
- هم يخلطون الاثنين الخاص والعام لأن البلد حظيرتهم والشعب بهائمهم.
- أنا لم أتعلم هذا في الولايات المتحدة.
- لم يعلموك هذا.
- لم يعلموني هذا.
- لغة الحكم كلغة القلب.
- ماذا تعني؟
- أنت لم تفهمي لغة القلب ولم تعرفي لغة الحب.
- ......... مفكرة.
- أنت لم تزالي عذراء.
- الآن وقد تحررت يمكنني أن أصبح امرأة على حقيقتي بعدة دقائق.
- الآن وقد تحرر الشعب.
- قال لي رجال الإف بي آي إن الشعب دخل المقر الملكي ليعبر عن فرحته بالتخلص من أبي، وأبدى كل التحضر الذي يتميز به، فلم يحطم أي شيء لم يحرق أي شيء لم ينتقم من الجلاد بابا.
- إذن ها هم قد قالوا لك ما يسر الخاطر ويسعد البال.
- وقالوا لي إن ماما بكت..... أهأ أهأ أهأ!
- أنت لن تعودي إلى البكاء.
- ماما بكت وأختي بكت وأخي الصغير بكى...... أهأ أهأ أهأ!
- تعالي بين ذراعيّ، ضممتها وخطيبها يمسح لها بمنديله الدموع.
في الليل أطفأنا المصعد الكهربائي، وحاولنا النوم ونحن نتلوى على بعضنا. أنا لم أستطع، ولا سمو الأميرة، وخطيبها لانحنائه وتعبه والمصعد يعمل طلوعًا هبوطًا طوال الوقت ذهب غافيَا، وما لبث أن راح يرسل شخيرًا متقطعًا. جاءتنا أنا وسموها أنوار المكان في المساء، أنسامها في الصيف، همساتها في الفراش. طلع القمر في المصعد، وابتسم لكل العاشقين في العالم. تلامسنا بشفتينا، وابتعدنا أكثر ما يكون عن الحكم، أغرقنا قارب السلطة في بحر العناق، محونا بؤس المكان بحلمه الذي كناه فجأة هكذا كما تُمحى العيوب، همستْ في أذني "خذني بابا"، فهل أقطف الثمر من أفواه النجوم، هل أنادي على الملائكة في القرآن لتشهد، هل أكتب الدستور، هل أحقق أماني المظلومين، هل أعانق طموحات الشعوب الذين ينامون مثلنا وهم يعانقون الصخور، هل أذهب بها وببلدي مع القوافل، هل ألوح بيدي للرمال، للنبي الذي يقف هناك على كَثْبٍ بداية ذهبه في الجزيرة العربية ونهاية ماسه في الجزيرة البريطانية، هل أجعل من لندن ابنتي، عشيقتي، أمي؟
يتبع في الفصل الحادي عشر.......
المتواجون الان
899 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع