كـتـاب ألموقع
كاميلا هاريس رئيسة ام شرارة في برميل البارود؟// د. ادم عربي
- المجموعة: ادم عربي
- تم إنشاءه بتاريخ الجمعة, 09 آب/أغسطس 2024 20:05
- كتب بواسطة: د. ادم عربي
- الزيارات: 1104
د. ادم عربي
كاميلا هاريس رئيسة ام شرارة في برميل البارود؟
د. ادم عربي
إلى أيِّ مدًى يُمكِنُ أن تُشَكِّلَ كاميلا هاريس المرشَّحةَ الأفضلَ لمواجهةِ دونالدَ ترامب؟ نَشأَتُها، بِيئتُها، أُصولُها، وزَوجُها، وصولُها لمَنصِبِ نائبِ الرئيس، وترشيحُ بايدنَ لها، كلُّ هذه العواملِ تَجعَلُها الأوفرَ حظًّا لمقارعةِ ترامب، على الرغمِ من وجودِ منافسينَ آخرينَ داخلَ الحزبِ الديمقراطي بعدَ انسحابِ بايدنَ من السباق.
السؤالُ المطروحُ هنا: هل سَتتمكَّنُ كاميلا هاريس من الوُصولِ إلى البيتِ الأبيض، أم أنَّها ستكونُ مجردَ شرارةٍ في برميلِ البارودِ الذي قد ينفجرُ في أيِّ لحظة؟ رغمَ أنَّها تبدو الأقدَرَ والأبرَزَ على منافسةِ ترامب، إلَّا أنَّ الظُّروفَ الحاليَّةَ تميلُ بشكلٍ واضحٍ لصالحِ الأخير. كلُّ العواملِ حتى الآنَ لعِبَتْ في مصلحتِه.
كاميلا هاريس تُمثِّلُ مرشَّحًا قويًّا تَمَّ إعدادُه منذُ فترةٍ طويلة، ومَن قامَ بإعدادِها يَعرِفُ جيدًا تعقيداتِ المشهدِ الأمريكي. فهي تَنتَمي إلى أُصولٍ آسيويةٍ، ووالِدَاها ليسا من الأنجلو ساكسونَ البيضِ، وزَوجُها يهوديٌّ. كانت قاضيةً ومَحسوبةً على يَسارِ الحزبِ الديمقراطيِّ من جماعةِ ساندرز. اختيارُها كنائبٍ لبايدنَ في انتخاباتِ 2020 كان عامِلًا مهمًّا في انتصارِ الديمقراطيينَ، إذا ما استَثنَينا اتِّهاماتِ ترامبَ بالتَّزوير.
التيارُ اليساريُّ في الحزبِ الديمقراطيِّ، بقيادةِ ساندرز، يَتَّخذُ مواقفَ معاديةً لنتنياهو ولعدوانيةِ إسرائيل، ويُؤَيِّدُ المُهاجرينَ ويُمَثِّلُ الفقراءَ والمُهمَّشينَ في أمريكا. هذا التيارُ يَدعو للعدالةِ الاجتماعيةِ ويُعارِضُ وول ستريت والليبراليةَ المتوحِّشة. من المنطقيِّ أن يكونَ ترشيحُها مُستفِزًّا لجماعاتِ اللوبيِّ الصهيوني، وأيضًا للإنجيليينَ الذينَ كسبَهم ترامبُ عندما اختارَ نائبَه من بينهم.
إلَّا أنَّ حملةَ كاميلا هاريس تبدو مُرتَبِكَةً وزَمنُها قصير، وإرثُ بايدنَ وضغوطُ فترته لا تَصُبُّ في صالحِها. في المقابل، تتصاعدُ حملةُ ترامب وتزدادُ قوَّةً وصلابةً مع نائبِه فانس. حتى لو فازتْ كاميلا بالانتخاباتِ، لن يتركَها ترامبُ وفريقُه بسلام؛ سيتَّهمونَ النظامَ بالتزوير، وقد يُنفِّذُ تهديدَه بتحويلِ أمريكا إلى ساحةِ حربٍ، كما وعدَ بأنَّها ستكونُ آخرَ انتخاباتٍ إذا لم يتمكَّنْ من البقاءِ في البيت الأبيض.
أُصولُ كاميلا، وتمثيلُها للهِسبانيك والملونينَ، سَتَدفعُ الأنجلو ساكسونَ البيضَ إلى الالتفافِ حولَ ترامبَ ودعمِه؛ هؤلاءِ لن يَقبَلوا بخسارةِ أمريكا، ولا يزالونَ يُشكِّلون نحوَ 60% من السكان، وهم متماسكونَ، عنصريونَ، مسلحونَ، ومقاتلونَ. في المقابل، يُعاني الحزبُ الديمقراطيُّ من التفككِ والصراعاتِ الداخلية، مما أفقدَه هويتَه وميزاته.
أمريكا، بعد 248 سنةً من استقلالِها ووحدتِها، تبدو مأزومةً بشكلٍ هيكليٍّ وبنيويٍّ. تحتاجُ إلى إعادةِ ترتيبِ نظامِها وإجراءِ تغييراتٍ جذريةٍ في توازناتِها بينَ السلطاتِ والولاياتِ والهُويات. مع تَراجُعِ هيمنتِها ومكانتها، تُواجهُ تحدياتٍ متزايدةً من قوى صاعدة، وتَسعى الكثيرُ من الأُممِ للتحررِ من سيطرتِها.
الاقتصادُ الرأسماليُّ الذي كانت تتبناه أمريكا في حقبةِ الليبراليةِ المتوحشةِ فقَدَ بريقَه، وأثبتَ فشَلَه، وولَّد كوارثَ للشعبِ الأمريكيِّ والعالم. كلُّ عناصرِ الانهيارِ الاقتصاديِّ متوفرةٌ، ولا أُفُقَ لإصلاحٍ أو معالجةٍ هذه المشاكلِ، فقد تمَّ استنفادُ كلِّ الحلولِ الممكنة.
في النهاية، أمريكا تُواجه ثلاثةَ سيناريوهاتٍ محتملةً:
انتخابُ ترامبَ رئيسًا، مما سيؤدي إلى تغييرٍ نوعيٍّ في هيكلِ النظامِ ودورِ أمريكا العالمي.
انتخابُ كاميلا هاريس أو ديمقراطيٍّ آخر، مما قد يُؤدي إلى فوضى لا تخلو من العدوانيةِ واستخدامِ السلاح.
عدمُ إجراءِ الانتخاباتِ لأسبابٍ تتعلقُ بالتوازناتِ القَلِقةِ، أو نجاحُ لوبيِّ العولمةِ في خَلقِ فراغٍ أو التسبُّبِ بحربٍ تَسمحُ بتأجيلِ الانتخاباتِ وتنصيبِ هاريس مكانَ بايدنَ بغطاءِ حالةِ الطوارئِ أو الحرب.
في أي سيناريو تختارُه أمريكا، سواءٌ من خلال الانتخاباتِ أو أيِّ مسارٍ آخر، فإنها ستظلُّ في حالةِ تراجعٍ وانشغالٍ بنفسِها. وهذا قد يكونُ فرصةً للشعوبِ والأُممِ الأخرى لاستثمارِ هذا التراجعِ لصالحِها أو يظفرَ مَن يستثمرُ فيها.
المتواجون الان
333 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع