د. محسن عبد المعطي عبد ربه
وَسَكَتَتْ صَبَاحْ عَنِ الْكَلاَمِ الْمُبَاحْ مجموعة قصص قصيرة
بقلمي أ د. محسن عبد المعطي محمد عبد ربه
شاعر وناقد وروائي مصري
{1} شَمُّ نَسِيمٍ خَاصْ قِصَّةٌ قَصِيرَةْ
كَانَ الْوَلَدُ يُمْسِكُ ذَيْلَ الْقِطِّ ,يَمْشِي إِلَى جِوَارِ حَاجِزِ الْبَرْسِيمِ, يَضْحَكُ وَأَسْنَانُهُ الْمَكْسُورَةُ تَظْهَرُ ,أَقْبَلَ الْوَلَدُ عَلَيَّ وَقَالَ:لاَ تَكْتُبْ (أَسْنَانَهُ الْمَكْسُورَةَ) وَأَقْبَلَتْ أُمُّهُ عَلَيَّ وَقَالَتْ:لاَ تَكْتُبْ (أَسْنَانَهُ الْمَكْسُورَةَ) اِنْطَلَقَ الْأَوْلَادُ يَلْعَبُونَ فِي الْبَرْسِيمِ ,(مُحَمَّدْ عَرَفَةْ) ,( مُحَمَّدْ مُحْسِنْ) ,( مَحْمُودْ عِمَادْ) الْأَوْلَادُ يَلْعَبُونَ فِي مَرَحٍ ,يَغْلِبُونَ بَعْضَهُمُ الْبَعْضَ فِي الْمُصَارَعَةِ , اِنْطَلَقَتِ الْبِنْتَانِ آيَةُ وَرِيمْ ,كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى حَاجِزِ مِنْ حَوَاجِزِ الْبَرْسِيمِ, مُوَازٍ لِلْآخَرِ,قَالَ أَبُو آيَةَ :-مُشِيراً إِلَى الْبِنْتَيْنِ –(اَلْحَاجَّةُ سَنَاءُ) وَ(اَلْحَاجَّةُ رُقَيَّةُ)-فَرَشُوا(الْإِيَاسَ) الْحَصِيرَ عَلَى الْبَرْسِيمِ ,وَأَخَذُوا يَأْكُلُونَ الْفِسِيخَ وَالرِّنْجَةَ وَالْأُنْشُوأَةَ ,وَالْبَصَلَ وَالْخِيَارَ وَالْخَسَّ وَالطَّمَاطِمَ وَ(الْقَبُّورِي) وَالْعَيْشَ الْقَمْحَ ,مَجْمُوعَةٌ كَبِيرَةٌ مِنَ الْعَائِلَةِ 000 عِمَادْ, مُحَمَّدْ عِمَادْ ,(مَحْمُودْ عِمَادْ), صَبَاحْ مَجْدِي, صَبَاحْ مُحْسِنْ , اِنْطَلَقَ الْوَلَدُ مُحَمَّدْ بِعَجَلَتِهِ وَرَكِبَ أَخُوهُ مَحْمُودُ وَرَاءَهُ ,وَ(مُحَمَّدْ مُحْسِنْ) يَذْهَبُ مَعَهُمْ إِلَى عِزْبَةِ عَمَاشَةَ,نَبَاتُ الْغَلَّةِ ,أَشْجَارُ الصَّفْصَافِ وَالْجَزْوَرِينِ, الْخُضَارُ مِثْلَ الْخَسِّ ,الْبَطَاطِسِ,اَلْجَامُوسَتَانِ وَإِلَى جِوَارِهِمَا الْحِمَارُ عَلَيْهَ عِدَّةُ (الْعَرَبِيَّةِ) يَقِفُونَ عَلَى الْمَعْلَفِ ,الْبَصَلُ , أَشْجَارُ الْجَوَافَةِ ,التُّوتُ ,التُّرْعَةُ مَاؤُهَا جَارٍ مِنْ خِلاَلِ السَّاقِيَةِ الَّتِي تَسْقِي الْأَرْضَ,اَلْمَاءُ يَجْرِي وَيَسْقِي حُقُولَ الْبَرْسِيمِ وَالْفُولِ,الْأَوْلاَدُ فَرِحُونَ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ عِيدِ شَمِّ النَّسِيمِ ,أَوْ يَوْمَ أَحْسَنِ الْأَعْيادِ أَشْجَارُ الْجِمِّيزْ (التُّرُمْبَةُ) اِنْطَلَقَ الْأَوْلَادُ يَأْكُلُونَ الْفُولَ ,إِحْدَى أُمَّهَاتِهِمْ تَقُولُ لَهُمْ:اَلرَّجُلُ صَاحِبُ الْفُولِ سَوْفَ يَضْرِبُكُمْ , أَشْجَارُ النَّخِيلِ ,اَلْأَشْجَارُ الْمُتَجَاوِرَةُ كَالْغَابَاتِ ,اَلسِّرِيسُ ,ذَيْلُ الْقِطِّ ,اَلْجَلَوَانِ , الْوَلَدُ(مُحَمَّدْ مُحْسِنْ) عَاصَ يَدَهُ بِالطِّينِ, وَأُمُّهُ تَقُولُ لَهُ: تَعَالَ اغْسِلْ يَدَكَ وَتُنَادِي أُخْتَهُ صَبَاحَ:تَعَالَيْ يَا صَبَاحَ دَوَّرِي لَهُ (التُّرُمْبَةَ), اَلْأَطْفَالُ وَالنِّسْوَةُ نَزَلْنَ إِلَى حُقُولِ الْبَرْسِيمِ وَ مَجْدِي يُنَادِي عَلَيْهِنَّ:( يَلاَّ يَا بِتِّ انْتِ وْهِيَّه, يَلاَّ يَا بِتْ, إِنْتِ يَا أَبْلَه إِنْتِ يَا بِهْ) وَهُوَ يَقُولُ:_فِي نَفْسِهِ- (عَالَمْ فَاضْيَة كِدَه) اَلْكُلُّ فَرِحُونَ وَسُعَدَاءُ ,تُنَادِي الْمَرْأَةُ عَلَى الْوَلَدِ (مُحَمَّدْ عَرَفَةْ ) وَتَقُولُ:حَرَامِي الْفُولِ أَشْجَارُ الْمَوْزِ ,مَاكِينَاتُ الْمِيَاهِ بِبَرَامِيلِهَا عَلَى(الْجَنَّبِيَّةِ) ,تَبْكِي الْبِنْتُ صَبَاحُ وَأَخُوهَا ( مُحَمَّدْ مُحْسِنْ) أَثْنَاءَ ذِهَابِهِمَا لِلْعِزْبَةِ ,لِأَنَّهُمَا قَدْ عَطَّلاَ دَرْسَ الْإِنْجِلِيزِيِّ ,قَالَ لَهَا أَبُوهَا:لاَ تَقْلَقِي ,سَأَسْتَأْذِنُ لَكِ مِنَ الْأُسْتَاذِ/مُسْعَدَ اَلنِّسْوَةُ يَضْحَكْنَ فِي سَعَادَةٍ ,فُرْصَةٌ عَظِيمَةٌ لِلسَّعَادَةِ فِي دُنْيَا مَلِيئَةٍ بِالْأَحْزَانِ , عِمَادْ يُرَكِّبُ ابْنَتَهُ آيَةَ عَلَى الْعَجَلَةِ ,أَشْجَارُ الْوَرْدِ فِي الطَّرِيقِ إِلَى الْعِزْبَةِ , الْأَوْلَادُ يَرْكَبُونَ عَرَبَةَ الْحِمَارِ ذَاتَ الْعَجَلِ الْكَاوِتْشِ ,يَنْظُرُ عِمَادْ وَمَجْدِي إِلَى بَاقِي الْجَمْعِ الْمُتَأَخِّرِ ,وَعِنْدَمَا يَطْمَئِنَّانِ يُوَاصِلاَنِ السَّيْرَ ,ثَلاَثُ بَنَاتٍ وَطِفْلاَنِ يَلْعَبُونَ وَيُصْدِرُونَ ضَجِيجاً ,وَكَأَنَّهُ يَوْمُ عِيدٍ , أَشْجَارُ النَّخِيلِ الْعَظِيمَةِ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى الشُّمُوخِ ,الْبَحْرُ الْكَبِيرُ ,النِّيلُ ,طَرِيقٌ فَرْعِيٌّ ,أَصْوَاتُ عَرَبَاتٍ ,عَرَبَةٌ حَمْرَاءُ مَلاَّكِي ,وَأُخْرَى بَيْضَاءُ تُطْلِقُ زُمَّارَتَهَا ,الْفَلاَّحُونَ يَلْبَسُونَ الْمَلاَبِسَ الْخَاصَّةَ بِالْفِلَاحَةِ (اَلْكَلْسُونَ وَالزُّبُونَ) الْحِمَارُ يُنَهِّقُ بِصَوْتٍ عَالٍ, وَكَأَنَّهُ يُعَبِّرُ عَنْ فَرْحَتِهِ , أَحَدُ الْفَلاَّحِينَ وَحْدََهُ يَعْزِقُ الْأَرْضَ بِالْفَأْسِ ,وَيَلْبَسُ الشَّالَ , حِمَارٌ مَرْبُوطٌ فِي الْغَابِ ,اِثْنَتَانِ ثَلَاثٌ تِسْعٌ ,يَطِيرُ وَيَلُفُّ فِي دَائِرَةٍ ,قُلْتُ لِحَنَانَ:مِائَةُ حَمَامَةٍ ,؟,قَالَتْ:حَوَالَيْ خَمْسِينَ, الْغَابُ الْكَثِيفُ عَلَى شَاطِئِ (الْجَنَّبِيَّةِ)وَوَسَطَ أَكْوَامِ السِّبَاخِ ,مُصَلِّيَّةٌ جِوَارَهَا (تًُرُمْبَةٌ),وَحَوْضٌ (تُكْتُكٌ) يَقِفُ فِي الطَّرِيقِ وَالسَّائِقُ دَاخِلَهُ ,يَبْدُو أَنَّهُ كَانَ يَغْسِلُهُ ,كَلْبٌ يَجْرِي عَلَى السِّكَّةِ ,وَمَجْمُوعَةُ النِّسْوَةِ,الصَّبَاحَانِ وَرِحَابُ وَعُلاَ وَسُوزَانُ يَضْحَكْنَ وَيُمْسِكْنَ فِي بَعْضِهِنَّ خَوْفاً مٍِنَ الْكَلْبِ ,وَ الْكَلْبُ خَائِفٌ مِنْهُنَّ , الْوَلَدُ (مُحَمَّدٌْ عِمَادُ) يَصْطَحِبُ اَلنِّسْوَةَ وَيُحَدِّثُهُنَّ عَنِ الْكَلْبِ , الْوَلَدُ (مُحَمَّدٌْ) يَقُولُ:عَمُّ مُحْسِنٌ مَا زَالَ يَكْتُبُ قَصَصَهُ,خَلْفَنَا ثَلاَثُ عَرَبَاتِ حَمِيرٍ ,يَجْرِينَ بِسُرْعَةٍ,عَلَى الْأُولَى رَجُلٌ وَزَوْجَتُهُ وَابْنُهُ , عَلَى الثَّانِيَةِ رَجُلٌ وَزَوْجَتُهُ عَلَى الثَّالِثَةِ رَجُلانِ,مَرُّوا عَلَيْنَا وَاحِدَةً بَعْدَ الْأُخْرَى ,وَهُمْ يُرَدِّدُونَ :اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ,وَنَحْنُ(أَنَا وَحَنَانُ وَصَبَاحُ) نَرُدُّ:وَ عَلَيْكُمْ اَلسَّلاَمُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ ,شَيْءٌ جَمِيلٌ وَتَحِيَّةٌ أَجْمَلُ ,تُكْتُكٌ وَعَرَبَةُ( دَاتْسُونْ)فِي الْجَانِبِ الْآخَرِ مِنَ الْبَحْرِ الْكَبِيرِ , وَعَرَبَاتٌ كَثِيرَةٌ(تُزَمِّرُ) اِقْتَرَبَتِ الْقَرْيَةُ كَثِيراً مِنَ الْمَدِينَةِ فِي ضَجِيجِهَا,سَاقِيَةٌ شِبْهُ مَهْجُورَةٍ ,عِجْلَةٌ (تُنَعِّرُ) بِجِوَارِهَا بَقَرَةٌ صَغِيرَةٌ تَأْكُلُ الْبَرْسِيمَ ,دَخَلْنَا الْعِزْبَةَ ,فَرِيقُ كُرَةِ قَدَمٍ يَلْعَبُونَ الْكُرَةَ,أَكْوَامٌ مِنَ الزَّلَطِ وَالرَّمْلِ,الْمَقَابِرُ,الْعِشَشُ ,قَارِبٌ يَسْبَحُ فِي النِّيلِ اِخْتَلَفَ الْأَوْلَادُ وَالنِّسْوَةُ مَعَ بَعْضِهِمُ الْبَعْضِ فِي اسْمِ الْعِزْبَةِ,اَلْبَعْضُ يَقُولُ:حِبِيشْ,وَ اَلْبَعْضُ يَقُولُ:فِنِيشْ, وَ اَلْبَعْضُ يَقُولُ:أَرْضُ الْعَذَابِ وَالضَّنَى ,وَصَلْنَا إِلَى بَيْتِ الْحَاجِّ/فَتْحَ اللَّهْ وَزَوْجَتِهِ أُمِّ الْخَيْرِ ,اَلْأَوْلاَدُ (شَرْقَانُونَ) إِلَى الْمَاءِ ,وَكَأَنَّهُمْ لَمْ يَشْرَبُوا مُنْذُ سَنَوَاتٍ ,وَ عِمَادُ يَقُولُ لَهُمْ:(أَيْوَه كُلُوا فِسِيخْ وِأَرْبَعُوا) , اَلْأَوْلاَدُ يَشْرَبُونَ بِالدَّوْرِ ,شَرِبْنَا الشَّايَ وَسَلَّمْنَا ,وَعُدْنَا مَعَ النَّسِيمِ الْعَلِيلِ قُبَيْلَ الْمَغْرِبِ , وَ الْبَحْرِ الْكَبِيرُ صَفْحَةُ مَائِهِ ,ثُلُثَاهَا نَهَارٌ مُضِيءٌ ,وَ ثُلُثُهَا الْبَاقِي مُظْلِمٌ كَاللَّيْلِ فِي مَنْظَرٍ رَائِعٍ ,وَأَضْوَاءُ مَصَابِيحِ أَعْمِدَةِ الشَّوَارِعِ تُطِلُّ مِنْ عِزْبَةِ نَظِيفَ فِي مَنْظَرٍ لاَ أَجْمَلَ وَ لاَ أَرْوَعَ000,عَادَ مُعْظَمُنَا مَشْياً عَلَى الْأَقْدَامِ ,وَالْقِلَّةُ الْقَلِيلَةُ رَكِبَتْ (تُكْتُكاً) ,وَاتَّفَقَ الْجَمِيعُ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَوْماً مِنْ أَجْمَلِ أَيَّامِ الْعُمْرِ وَشَمُّ نَسِيمٍ خَاصٍّ.
{2} آيَاتْ وَالسَّنْدَوِتْشَاتْ قِصَّةٌ قَصِيرَةْ
فِي يَوْمٍ مِنَ الْأَيَّامْ .
كَانَتِ الْبِنْتُ آيَاتْ خَارِجَةً مِنَ الْبَيْتْ .
فِي طَرِيقِهَا إِلَى الْحَضَانَةِ بِمَدْرَسَةِ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقِ الِابْتِدَائِيَّةْ .
وَفِي الطَريقِ لَمَحَتْ آيَاتُ أَحَدَ الْبَاعَةِ الْجَائِلِينَ يَبِيعُ سَنْدَوِتْشَاتِ الْكِبْدَةِ وَالسُّجُقِّ وَالْهَمْبُرْجَرْ .
كَانَتْ رَائِحَةُ السَّنْدَوِتْشَاتِ جَمِيلَةْ .
تُغْرِي النَّفْسَ بِالْأَكْلْ .
كَانَتْ أُمُّ آيَاتَ قَدْ أَعْطَتْهَا مَصْرُوفاً كَبِيراً حَتَّى تَسْتَطِيعَ أَنْ تَشْتَرِيَ مَا يُرِيدْ .
أَخْرَجَتْ آيَاتُ النُّقُودَ مِنْ جَيْبِهَا وَقَالَتْ:
لَوْ سَمَحْتَ يَا عَمُّ
أَعْطِنِي ثَلَاثَةَ سَنْدَوِتْشَاتْ
سَنْدَوِتْشَ سُجُقْ .
سَنْدَوِتْشَ كِبْدَةْ .
سَنْدَوِتْشَ هَمْبُرْجَرْ .
فَرِحَ الْبَائِعُ وَأَعْطَاهَا مَا تُرِيدْ
وَكِيساً مِنَ الطُّرْشِي .
أَخَذَتْ آيَاتُ تَأْكُلُ السَّنْدَوِتْشَاتِ فِي الطَريقِ بِتَلَذُّذٍ أَثْنَاءَ ذِهَابِهَا إِلَى الْحَضَانَةْ وَأَعْطَتْ زَمِيلَتَيْهَا هُدَى وَرِيمَ بَعْضاً مِنْهَا .
وَفِي الْفَصْلِ أَخَذَتْ آيَاتُ وَهُدَى وَرِيمُ يَتَأَلَّمْنَ بِشِدَّةْ .
وَبُطُونُهُنَّ تَتَلَوَّى مِمَّا أَلَمَّ بِهِنَّ مِنَ الْمَرَضْ .
اِسْتَدْعَتِ الْمُعَلِّمَةُ الطَّبِيبَةَ بِسُرْعَةْ .
وَاتَّصَلَتْ بِأُمِّهَاتِهِنَّ بِالْجَوَّالِ فَأَتَيْنَ عَلَى الْفَوْرْ .
كَشَفَتْ الطَّبِيبَةُ عَلَى التِّلْمِيذَاتْ .
وَقَامَتْ بِحَقْنِهِنَّ بِحُقَنٍ مُطَهِّرَةٍ لِلْبَطْنِ حَتَّى أَفَقْنَ.
سَأَلَتْهُنَّ الطَّبِيبَةْ: هَلْ أَكَلْتُنَّ شَيْئاً الْيَوْمْ؟!!!
أَجَبْنَ عَلَى الْفَوْرْ .
لَقَدْ أَكَلْنَا بَعْضَ السَّنْدَوِتْشَاتِ اللَّذِيذَةِ مِنْ أَحَدَ الْبَاعَةِ الْجَائِلِينْ .
سَأَلَتْهُنَّ أُمُّ آيَاتْ:
وَمَا اسْمُ هَذَا الْبَائِعُ ؟!!!
قُلْنَ:لَا نَعْرِفُهُ وَلَا يَعْرِفُنَا .
قَالَتِ الطَّبِيبَةْ: هَلْ عَرَفْتُنَّ سَبَبَ أَلَمِكُنَّ وَمَرَضِكُنَّ الَّذِي كَادَ يُؤَدِّي إِلَى مَوْتِكُنَّ؟!!!
قُلْنَ: لَا .
قَالَتِ الطَّبِيبَةْ:إِنَّ السَّبَبَ هُوَ شِرَاءُ الطَّعَامِ مِنَ الْبَاعَةِ الْجَائِلِينَ الَّذينَ لَا يُحَافِظُونَ عَلَى نَظَافَةِ الطَّعَامِ وَيَتْرُكُونَهُ عُرْضةً لِلْأَتْرِبَةِ وَالذُّبَابِ وَعَوَادِمِ السَّيَّارَاتِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ مُلَوِّثَاتِ الْبِيئَةْ .
فَاحْرِصْنَ يَا صَدِيقَاتِي عَلَى شِرَاءِ الْأَطْعِمَةِ مِنَ الْمَحَلَّاتِ النَّظِيفَةِ الَّتِي تَقُومُ دَوْلَةُ مِصْرِنَا الْحَبِيبَةِ بِالتَّفْتِيشِ عَلَيْهَا وَمُتَابَعَةِ مُرَاعَاتِهَا لِلْمُوَاصَفَاتِ الصِّحِّيَّةْ .
قَالَتِ الْبَنَاتْ- فِي صَوْتٍ وَاحِدْ - :
شُكْراً يَا دُكْتُورَةْ .
وَلَنْ نَعُودَ إِلَى شِرَاءُ الطَّعَامِ مِنَ الْبَاعَةِ الْجَائِلِينَ .
{3} اَلْعُصْفُورَتَانْ قِصَّةٌ قَصِيرةْ
اِنْطَلَقَتْ هَنَاءُ إِلَى حَضَانَتِهَا فِي الصَّبَاحِ الْبَاكِرِ سَعِيدَةً وَنَشِيطَةْ.
كَانَتِ الْحَضَانَةُ بِجِوَارِ مَسْجِدِ عَنْتَرْ.
شَدَّ نَظَرَ الْمُعَلِّمَةِ مَنْظَرُ عُصْفُورَتَيْنِ جَمِيلَتَيْنِ نَشِيطَتَيْنِ تَقِفَانِ عَلَى حَائِطِ الْمَسْجِدْ.
قَالَتِ الْمُعَلِّمَةْ:تَأَمَّلْنَ يَا تِلْمِيذَاتِي فِي خَلْقِ اللَّهِ الْأَعْظَمِ وَتَفَكَّرْنَ فِي هَاتَيْنِ الْعُصْفُورَتَيْنِ الطَّلِيقَتَيْنِ الْفَرِحَتَيْنِ بِنِعَمِ اللَّهِ الْكَثِيرَةِ الَّتِي لَا تُعَدُّ وَلَا تُحْصَى.
قَالَتْ هِنْدْ:لَكِنَّ الْعَصَافِيرَ حَجْمُهَا صَغِيرٌ وَوَزْنُهَا خَفِيفٌ بِالنِّسْبَةِ لِحَجْمِ وَوَزْنِ الْإِنْسَانْ.
فَمَا النِّعَمُ الَّتِي أَنْعَمَ اللَّهُ بِهَا عَلَى الْعَصَافِيرْ؟!!!
قَالَتْ سَلْوَى: هَلْ تَسْمَحِينَ لِي بِالْإِجَابَةِ يَا مُعَلِّمَتِي؟!!!
قَالَتِ الْمُعَلِّمَةْ: تَفَضَّلِي يَا سَلْوَى.
قَالَتْ سَلْوَى:خِفَّةُ وَزْنِ الْعَصَافِير نِعْمَةٌ مِنَ اللَّهْ.
جَنَاحَاها الصَّغِيرَتَانِ اللَّتَانِ تُسَاعِدَانِهَا عَلَى الطَّيَرَانِ نِعْمَةٌ مِنَ اللَّهْ.
حِفْظُ اللَّهِ لَهَا أَثْنَاءَ الطَّيَرَانِ حَتَّى لَا تَسْقُطَ نِعْمَةٌ مِنَ اللَّهْ.
قَالَتِ الْمُعَلِّمَةْ:شُكْراً يَا سَلْوَى.
هَلْ مِنْ تَعْلِيقٍ يَا تِلْمِيذَاتِي؟!!!
قَالَتْ نُهَى: اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَهَبَ الْعَصَافِيرَ خِفَّةً وَرَشَاقَةً لَمْ يُعْطِهَا لِلْإِنْسَانِ فَهِيَ تَسْتَطِيعُ الْوُقُوفَ عَلَى أَعْلَى الْأَمَاكِنِ بِرِجْلَيْهَا الصَّغِيرَتَيْنِ وَكَذَلِكَ تَسْتَطِيعُ الطَّيَرَانَ وَالتَّنَقُّلَ إِلَى أَيِّ مَكَانٍ يَحْلُو لَهَا.
قَالَتْ ضُحَى: وَهَلْ تَشْكُرُ الْعَصَافِيرُ رَبَّهَا؟!!!
قَالَتِ الْمُعَلِّمَةْ:هَذَا سُؤَالٌ جَمِيلٌ يَا ضُحَى.
اَلْعَصَافِيرُ تُسَبِّحُ بِحَمْدِ رَبِّهَا وَتَشْكُرُهُ عَلَى مَا أَعْطَاهَا مِنْ نِعَمْ.
أَعْطَاهَا رِيشاً جَمِيلاً ذَا لَوْنٍ بُنِّيٍ جَمِيلٍ(أَحْمَرَ غَامِقْ)وَجِسْمُهَا مِنْ أَسْفَلَ(رُصَاصِي).
قَالَتْ لَمْيَاءْ:هَلْ تَلِدُ الْعُصْفُورَةْ؟!!!
قَالَتِ الْمُعَلِّمَةْ:اَلْعُصْفُورَةُ لَا تَلِدُ وَلَكِنَّهَا تَبِيضْ.
وَتَرْقُدُ عَلَى الْبَيْضِ حَتَّى يَفْقِسَ وَتَخْرُجَ مِنْهُ الْعَصَافِيرُ الصَّغِيرَةْ.
وَبِذَلِكَ تَزِيدُ أَعْدَادُ الْعَصَافِيرْ.
قَالَتْ سَمْرَاءْ:هَلْ الْعَصَافِيرُ مِنَ الْحَيَوَانَاتْ؟!!!
قَالَتِ الْمُعَلِّمَةْ: لَا يَا سَمْرَاءْ.
اَلْعَصَافِيرُ مِنَ الطُّيُورْ.
وَهِيَ تُصْدِرُ أَصْوَاتاً جَمِيلَةْ:صَوْ صَوْ صَوْ صَوْ صَوْ.
قَالَتْ أَحْلَامْ: اَلْعَصَافِيرُ وَزَقْزَقَتُهَا الْجَمِيلَةُ عَالَمٌ يَسْتَحِقُّ الدِّرَاسَةْ.
قَالَتِ الْمُعَلِّمَةْ: "بَارَكَ اللَّهُ فِيكِ يَا أَحْلَامْ.
فَالْعَصَافِيرُ أُمَمٌ كَثِيرَةٌ وَمُتَعَدَّدَةْ.
وَأَدْعُو اللَّهَ أَنْ يَزِيدَكُمْ عِلْماً عَنِ اَلْعَصَافِيرِ وَغَيْرِهَا مِنَ الْأُمَمِ الْجَمِيلَةِ الَّتِي خَلَقَهَا اللَّهْ " .
{4} وَسَكَتَتْ صَبَاحْ عَنِ الْكَلاَمِ الْمُبَاحْ قِصَّةٌ قَصِيرَةْ
صَبَاحُ بِنْتٌ صَغِيرَةٌ فِي التَّاسِعَةِ مِنْ عُمْرِهَا ,كَانَتْ صَبَاحُ تُحِبُّ التِّلْفَازَ حُبًّا شَدِيداً يَفُوقُ حُبَّهَا لِنَفْسِهَا ,بَلْ يَفُوقُ حُبَّهَا لِأَيِّ شَيْءٍ آخَرَ,تَظَلُّ صَبَاحُ طَوَالَ النَّهَارِ تُشَاهِدُ التِّلْفَازَ وَعِنْدَمَا يَأْتِي اللَّيْلُ تُصَلِّي صَبَاحُ الْمَغْرِبَ , وَتَعُودُ إِلَى مُشَاهَدَةِ التِّلْفَازِ ,يُنَادِيهَا أَبُوهَا
: ذَاكِرِي يَا صَبَاحُ ,تَلْتَفِتُ صَبَاحُ إِلَيْهِ فِي ذُعْرٍ وَكَأَنَّ صَاعِقَةً وَقَعَتْ عَلَيْهَا , وَكَأَنَّ
الدُّنْيَا قَدْ هُدَّتْ ,وَتَقُولُ:يَا أَبِي,أَنَا أَسْتَعِدُّ لِصَلاَةِ الْعِشَاءِ يَتَذَكَّرُ وَالِدُهَا قَوْلَهُ تَعَالَى:
{أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى ﴿ ٩ ﴾ عَبْدًا إِذَا صَلَّى ﴿ ١٠ ﴾ أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى ﴿ ١١ ﴾ أَوْ
أَمَرَ بِالتَّقْوَى ﴿ ١٢ ﴾ أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى ﴿١٣ ﴾ أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى ﴿ ١٤ ﴾
كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعَنْ بِالنَّاصِيَةِ ﴿ ١٥ ﴾ نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ ﴿ ١٦ ﴾ فَلْيَدْعُ
نَادِيَهُ ﴿ ١٧ ﴾ سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ ﴿ ١٨ ﴾ كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ} ﴿ صدق الله
العظيم ﴾،،،سُورَةِ الْعَلَقْ وَيَخَافُ أَنْ يَنْهَاهَا عَنِ الصَّلاَةِ, وَيَقُولُ لَهَا:صَلِّي يَا صَبَاحُ ,بَعْدَ الْعِشَاءِ بِفَتْرَةٍ طَوِيلَةٍ تَكُونُ صَبَاحُ مُنْهَمِكَةً فِي مُشَاهَدَةِ التِّلْفَازِ وَيُنَادِيهَا أَبُوهَا:
نَامِي يَا صَبَاحُ تَقُولُ صَبَاحُ:- بِعَيْنَيْهَا الَّتِي تَسْتَعْطِفُ أَبَاهَا فِي ضَعْفٍ- أُرِيدُ مُشَاهَدَةِ التِّلْفَازِ يَنَامُ أَبُوهَا وَقَدْ هَدَّهُ التَّعَبُ مِنْ كَثْرَةِ الْقِرَاءَةِ لَيْلاً وَنَهَاراً ,وَكَثْرَةِ سَعْيِهِ عَلَى عَيْشِهِ وَعَيْشِ أَوْلاَدِهِ , وَيَتْرُكُ صَبَاحَ تُشَاهِدُ التِّلْفَازَ ,يَسْتَيْقِظُ الْأَبُ فِي الثَّانِيَةِ صَبَاحاً يَجِدُ صَبَاحَ مُنْهَمِكَةً فِي مُشَاهَدَةِ فِيلْمٍ لِمُصْطَفَى قَمَرْ وَيَقُولُ لَهَا:نَامِي يَا صَبَاحُ,تَقُولُ صَبَاحُ:- بِحَيَاءٍ-أُرِيدُ أَنْ أُكْمِلَ الْفيلْمَ وَيَتْرُكُهَا أَبُوهَا تُكْمِلُ الْفيلْمَ وَيَعُودُ إِلَى النَّوْمِ مَرَّةً أُخْرَى,يَسْتَيْقِظُ الْوَالِدُ وَقَدْ أَذَّنَ الدِّيكُ كُوكُو كُوكُو قُومُوا وَصَلُّوا لِرَبِّكُمْ , وَقَامَ الْعَمُّ /مُسْعَدُ الْمَحَلاَّوِي يُؤَذِّنُ لِلْفَجْرِ فِي الْمِيكْرُوفُونِ,وَصَوْتُهُ يُجَلْجِلُ مِنْ عَلَى مِئْذَنَةِ
مَسْجِدِ الْأَرْبَعِينَ,يُنَادِي الْأَبُ ابْنَتَهُ :أَلَمْ تَنَامِي يَا صَبَاحُ إِلَى الْآنَ وَقَدْ أَذَّنَ الْفَجْرُ؟!!! ,تَقُولُ صَبَاحُ:- فِي ثِقَةٍ-لَنْ أَنَامَ ؟إِلاَّ بَعْدَ أَنْ أُصَلِّيَ الْفَجْرَ ,وَتُصَلِّي صَبَاحُ صَلاَةَ الصُّبْحِ وَبَعْدَهَا تُوَاصِلُ مُشَاهَدَةَ التِّلْفَازِ وَبَعْدَ فَرَاغِ الْأَبِ مِنْ صَلاَةَ الصُّبْحِ فِي الْمَسْجِدِ ,يَعُودُ
الْأَبُ لِيَجِدَ صَبَاحَ مُتَمَسِّكَةً بِمُشَاهَدَةِ التِّلْفَازِ فَيَقُولُ لَهَا:-بِصَوْتٍ عَالٍ- نَامِي يَا صَبَاحُ وَيَقُومُ بِنَفْسِهِ يُغْلِقُ التِّلِيفِزْيُونَ وَيَأْخُذُ بِيَدِهَا لِحُجْرَةِ نَوْمِهَا ,وَإِلَى سَرِيرِهَا
وَهُنَا تَسْكُتُ صَبَاحُ عَنِ الْكَلاَمِ الْمُبَاحِ وَتَرُوحُ فِي نَوْمٍ عَمِيقٍ تَحْلُمُ فِيهِ بِمُشَاهَدَةِ
التِّلْفَازْ
{5} دَرَّاجَةُ مُحَمَّدْ قِصَّةٌ قَصِيرَةْ
كَانَ وَالِدُ مُحَمَّدٍ قَدْ أَنْهَكَهُ التَّعَبُ بَعْدَ أَنْ طَحَنَ نَفْسَهُ فِي قِرَاءَةِ الْمَجَلَّاتِ الْإِسْلَامِيَّةِ وَالثَّقَافِيَّةِ فَنَامَ سَاعَةَ الظُّهْرِ يَحْلُمُ أَنْ يَكْتُبَ قِصَّةً جَمِيلَةْ.
اِسْتَيْقَظَ الْوَالِدُ عَلَى صَوْتِ زَوْجَتِهِ عُلَا قَائِلَةً:قُمْ وَاذْهَبْ مَعَ مُحَمَّدٍ إِلَى (الْعَجَلَاتِي)لِيُصَلِّحَ لَهُ الدَّرَّاجَةَ.
نَادَى الْوَالِدُ مُحَمَّداً فَأَتَى إِلَيْهِ وَهُوَ لَا يَزَالُ نَائِماً عَلَى سَرِيرِهِ.
قَالَ الْوَالِدْ: " اِذْهَبْ يَا مُحَمَّدُ إِلَى الدُّكَّانِ وَخُذِ الْمِفْتَاحَ مَعَكَ وَخُذِ الْعَجَلَةَ إِلَى(الْعَجَلَاتِي).
وَبَعْدَ أَنْ تَعْرِفَ كَمْ سَيَتَكَلَّفُ إِصْلَاحُ الْعَجَلَةْ.
تَعَالَ وَأَخْبِرْنِي وَسَأُعْطِيكَ النُّقُودْ " .
قَالَ مُحَمَّدْ: " لَقَدْ ذَهَبْتُ إِلَى(الْعَجَلَاتِي) فِعْلاً وَأَخْبَرَنِي أَنَّ تَصْلِيحَ الْعَجَلَةِ سَيَتَكَلَّفُ عِشْرِينَ جُنَيْهاً .
وَقَدْ أَعْطَتْنِي أُمِّي الْمَبْلَغْ " .
قَالَ الْوَالِدْ لِمُحَمَّدْ: " مَنْ هُوَ هَذَا (الْعَجَلَاتِي)؟!!! "
قَالَ مُحَمَّدْ: " (الْعَجَلَاتِي) الَّذِي دُكَّانُهُ فِي الشَّارِعِ الْكَبِيرِ بَعْدَ مَحَلَّاتِ امْرَأَةِ خَالِي أَمِيرَةْ " .
قَالَ الْوَالِدْ: " أَنَا أَعْرِفُهْ .
إِنَّ اسْمَهُ / رِفْعَتُ السَّلْخْ " .
قَامَ الْوَالِدُ وَاصْطَحَبَ مَعَهُ مُحَمَّداً إِلَى(الْعَجَلَاتِي).
أَلْقَى الْوَالِدُ السَّلَامَ عَلَى (الْعَجَلَاتِي):اَلسَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهْ.
مَاذَا فِي الْعَجَلَةِ(اَلدَّرَّاجَةْ)؟!!!
قَالَ(الْعَجَلَاتِي): اَلدَّرَّاجَةْ تَحْتَاجُ إِلَى كَاوِتْشٍ دَاخِلِيٍّ وَكَاوِتْشٍ خَارِجِيْ.
قَالَ الْوَالِدْ: " مَا الثَّمَنْ؟!!! "
قَالَ(الْعَجَلَاتِي): " هُنَاكَ كَاوِتْشٌ جَيِّدٌ ثَمَنُهُ ثَلَاثَةٌ وَعِشْرُونَ جُنَيْهاً وَهُنَاكَ نَوْعٌ مِنَ الْكَاوِتْشِ أَقَلُّ جَوْدَةً بِعِشْرِينَ جُنَيْهاً فَقَطْ " .
قَالَ الْوَالِدْ: " هَلِ الْعَجَلَتَانِ الْأَمَامِيَّةُ وَالْخَلْفِيَّةُ تَحْتَاجَانِ إِلَى تَغْيِيرِ الْكَاوِتْش؟!!! "
قَالَ(الْعَجَلَاتِي): " اَلْأَمَامِيَّةُ فَقَطْ .
اِسْتَلِمْهَا بَعْدَ الْمَغْرِبْ. "
قَالَ الْوَالِدْ: " أُرِيدُهَا الْآنْ " .
قَالَ(الْعَجَلَاتِي):" وَهُوَ كَذَلِكْ " .
ثُمَّ قَامَ بِعَمَلِ اللَّازِمْ .
وَاسْتَلَمَ مُحَمَّدٌ الدَّرَّاجَةَ فَرِحاً بِتَصْلِيحِهَا .
رَكِبَهَا ثُمَّ قَالَ لِلْوَالِدْ: " أَذْهَبُ أَنَا؟!!! "
قَالَ الْوَالِدْ: " اِسْبِقْنِي إِلَى الْبَيْتْ" .
سَأَلَ الْوَالِدُ (الْعَجَلَاتِي) عَنْ دَرَّاجَةٍ جَدِيدَةٍ كَانَتْ مُعَلَّقَةً أَمَامَ دُكَّانِ (الْعَجَلَاتِي):ثَمَنُ هَذِهِ الْعَجَلَةِ سَبْعُونَ جُنَيْهاً؟!!!
قَالَ(الْعَجَلَاتِي):" لَا.
إِنَّ ثَمَنَهَا مِائَةٌ وَخَمْسَةٌ وَثَمَانُونَ جُنَيْهاً" .
شَكَرَ وَالِدُ مُحَمَّدٍ (الْعَجَلَاتِي)وَأَعْطَاهُ اثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ جُنَيْهاً مُقَابِلَ تَصْلِيحِ الْعَجَلَةِ وَأَلْقَى عَلَيْهِ اَلسَّلَامَ عَائِداً إِلَى الْبَيْتْ .
اِنْطَلَقَ مُحَمَّدٌ بِالْعَجَلَةِ يَلْعَبُ هُنَا وَهُنَاكَ مُتَجَوِّلاً فِي أَنْحَاءِ الْبَلْدَةِ ثُمَّ عَادَ فَرِحاً.
قَالَ الْوَالِدْ: " يَا بُنَيَّ إِنَّ هَذِهِ الْعَجَلَةَ تَتَمَيَّزُ بِالسُّرْعَةِ وَالْخِفَّةْ.
لِذَلِكَ آمُلُ فِيكَ أَنْ تَكُونَ سَرِيعاً وَخَفِيفَ الْحَرَكَةِ فِي كُلِّ أَعْمَالِكْ " .
قَالَ مُحَمَّدْ: " إِنْ شَاءَ اللَّهُ يَا أَبِي سَأَسْعَى(وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ)سُورَةُ هُودْ (88) " .
قَالَ الْوَالِدْ: " صَدَقَ اللَّهُ الْعَظِيمْ .
وَفَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكَ يَا مُحَمَّدٌ .
فَإِنَّهُ مِنَ الْمُهِمِّ بَعْدَ السَّعْيِ وَالِاجْتِهَادِ فِي الْعَمَلِ أَنْ نَسْتَعِينَ بِاللَّهِ لِيُمِدَّنَا بِعَوْنِهِ وَمَدَدِهِ وَتَوْفِيقِهِ وَيَتَفَضَّلَ عَلَيْنَا بِقَبُولِ الْعَمَلِ فَيُثِيبَنَا عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ" .
قَالَ مُحَمَّدْ: " وَهَلْ هُنَاكَ أَشْيَاءٌ تَجْعَلُ اللَّهَ يَرْضَى عَنَّا وَيُوَفِّقُنَا وَيُدْخِلُنَا الْجَنَّةْ؟!!! "
قَالَ الْوَالِدْ :" نَعَمْ يَا مُحَمَّدْ.
وَمِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ الْمُهِمَّةِ طَاعَةُ الْوَالِدَيْنِ وَاحْتِرَامُهُمَا وَالْإِيمَانُ بِأَنَّ اللَّهَ وَحْدَهُ بِيَدِهِ كُلُّ شَيْءٍ(أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (54) الأعراف) " .
قَالَ مُحَمَّدْ: " لَقَدْ عَزَمْتُ يَا أَبِي أَنْ أُقِيمَ عَلَاقَةً جَيِّدَةً بَيْنِي وَبَيْنَ اللَّهْ " .
قَالَ الْوَالِدْ: "كَيْفَ يَا مُحَمَّدْ؟!!! "
قَالَ مُحَمَّدْ: " سَأَكُونُ قَرِيباً مِنَ اللَّهِ بِطَاعَتِهِ وَالْاِلْتِزَامِ بِأَوَامِرِهِ وَاجْتِنَابِ نَوَاهِيهِ وَالْعَطْفِ عَلَى السَّائِلِينَ وَالْمَحْرُومِينَ وَالْبَائِسِينَ وَالْمُعْدَمِينْ " .
وَأَتَّخِذُ مِنْ ذَلِكَ طَرِيقاً لِحُبٍّ مُتَبَادَلٍ بَيْنِي وَبَيْنَ اللَّهْ.
وَعِنْدَمَا أَلْجَأُ إِلَيْهِ وَأَدْعُوهُ يَسْتَجِيبُ لِي.
قَالَ الْوَالِدْ: "نَعَمْ يَا مُحَمَّدْ.
كُلُّ كَلَامِكَ جَمِيلْ.
لِذَلِكَ أُبَشِّرُكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ يُخَاطِبُ رَسُولَهُ الْكَرِيمَ مُحَمَّداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186( " .
قَالَ مُحَمَّدْ: " وَالْإِنْسَانُ الَّذِي لَا يَلْجَأُ إِلَى اللَّهِ - فِي كُلِّ أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ وَحَرَكَاتِهِ وَسَكَنَاتِهِ وَشِدَّتِهِ وَرَخَائِهِ وَيُسْرِهِ وَعُسْرِهِ وَقُوَّتِهِ وَضَعْفِهِ وَشَبَابِهِ وَهِرَمِهِ وَصِحَّتِهِ وَسَقَمِهِ- يَكُونُ مُتَكِّبِّراً عَنْ الِاسْتِعَانَةِ بِاللَّهِ الْمَلِكِ الْأَعْظَمِ الْأَعَزِّ الْأَكْرَمْ " .
قَالَ الْوَالِدْ: " بَارَكَ اللَّهُ فِيكَ يَا مُحَمَّدْ.
وَطَمْأَنَ قَلْبَكَ بِذِكْرِهِ وَالتَّفَكُّرِ فِي عَظَمَتِهْ.
(الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (28) الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآَبٍ (29(سورة الرعد " .
{6} اَلْقَلَمُ الْأَسْمَرْ قِصَّةٌ قَصِيرةْ
ذَات مَسَاءٍ اِجْتَمَعَتْ أَقْلاَمُ شَاعِرِ.. الْحَرْفِ الْبَلْسَمِ الشَّافِي لِلْمَرِيضِ الشَاعِرِ الْكَبِيرِ الشَّامِخِ الْمُمَجَّدِ الشاعر والروائي/محسن عبد المعطي محمد عبد ربه, شَاعِرُ..الْعَالَمِ الذي بنوره اكتنف الألباب وَكَانَ بَيْنَ الْحَاضِرِينَ اَلْقَلَمُ الْبُنِّيُّ الْجَافُّ وَ اَلْقَلَمُ الْأحْمَرُ الْفَرَنْسَاوِي وَاَلْقَلَمُ الْبَمْبِي وَ اَلْقَلَمُ الْبُرْتُقَالِي وَ اَلْقَلَمُ الْأَزْرَقُ الْغَامِقُ , وَكَانَ رَئِيسُ الْجَلْسَةِ اَلْقَلَمَ الْبَمْبِيَّ فَخَبَّطَ عَلَى الدُّرْجِ الَّذِي يَجْلِسُ عَلَيْهِ فِي وَسَطِ الْحُجْرَةِ وَقَال:فُتِحَتِ الْجَلْسَةُ مَوْضُوعُ الْيَوْمِ هُوَ مَنْ مِنْكُم الْأَحَقُّ بِجَائِزَةِ شَاعِرِنَا الْعَظِيمِ, شَاعِرِ .. الْغُصْنِ الْمُورِقِ بِالطِّيبِ ,,فَاحَ عَبِيراً,, شَاعِرِ ..النَسِيمُ الطَاغِي كَمَا النَّعِيمِ ,, شَاعِرِ ..الْقَلَمِ الَّذِي يَسْتَحِقُّ الثَّنَاءَ اَلشَّاعِرِ وَالرِّوَائِيِّ/محسن عبد المعطي محمد عبد ربه شَاعِرٌ ..رَائِعُ الْحَرْفِ.. طَيِّبٌُ الْقَلْبِ,, وَدُودٌ وَلَطِيفٌ ,رَفَعَ اَلْقَلَمُ الْأحْمَرُ الْفَرَنْسَاوِيُّ يَدَهُ فَأَذِنَ لَهُ رَئِيسُ الْجَلْسَةِ بِالْكَلاَمِ وَقَالَ لَهُ :تَفَضَّلْ قَال:أَنَا اَلْقَلَمُ الْأحْمَرُ أحَقُّ بِجَائِزَةِ الشَاعِرِ.. الْإِنْسَانْ, الشَاعِرِ..الْفَنَّانْ شَاعِرِ..الْحُبِّ وَالْغَرَامْ , شَاعِرِ..الْعِشْقِ الْأَبَدِي, شَاعِرِ..الْأُمَّةْ , ,أَلاَ تَرَوْنَ أَنِّي أُُسَاعِدُ شَاعِرَنَا الشَاعِرَ.. الْإِنْسَانْ, ,شَاعِرَ..الْعِشْقِ الْأَبَدِي مُسَاعَدَةً كَبِيرَةً ,أَحْيَاناً يَكْتُبُ شَاعِرُ..الْأُمَّةِ قَصِيدَةً جَدِيدَةً بِي, وأَحْيَاناً يَعْمَلُ عَلاَمَةً لِكُلِّ مَوْضُوعٍ يَقْرَؤُه بِي أَيْضاً ,رَدَّ عَلَيْهِ اَلْقَلَمُ الْبَمْبِيُّ رَئِيسُ الْجَلْسَةِ بِقَوْلِهِ:أَيُّهَا اَلْقَلَمُ الْأحْمَرُ إِنَّ فَائِدَتَكَ لِشَاعِرِنَا شَاعِرِ الْأَمْجَادِ لَيْسَتْ كَبِيرَةً بَلْ إِنَّكَ أَحْيَاناً تُتْعِبُهُ إِنَّهُ يَكْتُبُ الْقَصِيدَةَ بِكَ وَلاَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يُقَدِّمَهَا إِلَى أَيٍّ مِنْ رُؤَسَاءِ التَّحْرِيرِ إِلاَّ إِذَا كَتَبَهَا بِالْكُومْبِيُوتَرْْ ,وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُصَوِّرَ مَا كَتَبَهُ بِكَ فَلاَ يَسْتَطِيعُ لِأَنَّ الصُّورَةَ تَكُونُ بَاهِتَةً وَلَيْسَتْ وَاضِحَةً ,وَرُبَّمَا لاَ نَرَى شَيْئاً مِنْها عَلَى الْإِطْلاَقِ ,أَمَّا كَوْنُ شَاعِرِنَا شَاعِرِ..الثَّقَلَيْنِ يُمَيِّزُ بِكَ مَا قَرَأَهُ ,فَهَذِهِ رُبَّمَا تُحْسَبُ لَكَ ,وَقَامَ اَلْقَلَمُ الْبُنِّيُّ وَقَالَ: أَنَا أحَقُّ بِالْجَائِزَةِ فَصَاحِبِي شَاعِرُنَا الْفَنَّانُ شَاعِرُ..الْحُبِّ وَالْغَرَامْ يُحِبُّ أَنْ يَسْتَمْتِعَ بِالْكِتَابَةِ بِي أَحْيَاناً وَفِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ رُبَّمَا يَكْتُبُ بِيَ الْخِطَابَاتِ إِلَى الْمَجَلاَّتِ وَالصُّحُفِ الَّتِي تَنْشُرُ لَهُ, قَالَ رَئِيسُ الْجَلْسَةِ اَلْقَلَمَ الْبَمْبِيَّ:أَنْتَ قُلْتَ إِنَّ شَاعِرَنَا الْمُتَمَكِّنَ شَاعِرَ الْإِسْلاَمِ يَكْتُبُ بِكَ أَحْيَاناً وَرُبَّمَا يَكْتُبُ بِكَ الْخِطَابَاتِ ,وَهَذَا اعْتِرَافٌ مِنْكَ أَنَّ فَائِدَتَكَ لَيْسَتْ دَائِمَةً لِصَاحِبِنَا شَاعِرِ النَّهْضَةِ, شَاعِرُ..الْأَطْفَالِ ,وَدَقَّ رَئِيسُ الْجَلْسَةِ عَلَى مَكْتَبِهِ وَقَالَ:اَلْكَلِمَةُ الْآنَ لِلْقَلَمِ..الْأَسْمَرِ ,قَامَ الْقَلَمُ..الْأَسْمَرُ مُنْتَصِباً فِي مَكَانِهِ وَقَالَ: سَيِّدِي الرَّئِيسْ, أُحِبُّ أَنْ أَعْمَلَ فِي صَمْتٍ وَأَنْ أَعْمَلَ أَكْثَرَ مِمَّا أَقُولُ ,وَلاَ أُحِبُّ أَبَداً أَنْ أُزَكِّيَ نَفْسِي ,بَلْ أَعْمَلُ فَقَطْ وَأَتَّخِذُ الْأَسْْبَابَ لِلنَّجَاحِ وَالتَّفَوُّقِ وَالاِمْتِيَازِ ,وَبَعْدَ ذَلِكَ أَتْرُكُ الْأَمْرَ لِلَّهِ وَحْدَهُ ,فَهُوَ الْمُوَفِّقُ وَهُوَ الْهَادِي إِلَى سَوَاءِ السِّبِيلِ ,صَفَّقَ الْحَاضِرُونَ بِحَرَارَةٍ لِلْقَلَمُ..الْأَسْمَرِ ,وَأَخَذُوا يَهْتِفُونَ لَهُ وَقَامَ اَلْقَلَمُ الْبُرْتُقَالِيُّ وَقَالَ: سَيِّدِي الرَّئِيسَ إِنَّ الْقَلَمَ..الْأَسْمَرَ الْمُكَافِحَ يَتَفَانَى فِي عَمَلِهِ وَيُنْكِرُ ذَاتَهُ وَيُفَوِّضُ الْأَمْرَ لِلَّهِ بَعْدَ أَنْ يَعْمَلَ كُلَّ مَاعَلَيْهِ,رَدَّ رَئِيسُ الْجَلْسَةِ بِقَوْلِهِ:شُكْراً لَِلْقَلَمُ الْبُرْتُقَالِيِّ , اَلْكَلِمَةُ الْآنَ لِلْقَلَمِ الْأَزْرَقِ الْغَامِقِ,وَقَفَ اِلْقَلَمُ الْأَزْرَقُ يَقُولُ: سَيِّدِي الرَّئِيسَ,الْقَلَمُ الْأَسْمَرُ قَلَمٌ مُتَمَيِّزٌ فَهُوَ زَاهٍ فِي كِتَابَتِهِ ,حَتَّى إِنَّ إِنَّ شَاعِرَنَا شَاعِرَ ..القلم الذي يستحق التَّصْفِيقَ عِنْدَمَا كَانَ يَدْخُلُ الْمُسَابَقَاتِ الَّتِي حَصَلَ فِي بَعْضِهَا عَلَى الْمَرْكَزِ الْأَوَّلِ وَالْتَقَتْ بِهِ بَعْضُ الْمَحَطَّاتِ الْفَضَائِيَّةِ ,تكْرِيماً لَهُ كَانَ لِلْقَلَمِ..الْأَسْمَرِ دَوْرُ الْأَسَدِ فِي ذَلِكَ , فَشَاعِرُنَا يَكْتُبُ بِهِ ,لَوْنُهُ زَاهٍ وَوَاضِحٌ وَصَالِحٌ لِلتَّصْوِيرِ,بَلْ إِنَّ الْكِتَابَةَ بِهِ تَصْلُحُ لِتَقْدِيمِهَا لِلْمُسَابَقَاتِ وَالْمَجَلاَّتِ وَالصُّحُفِ مُبَاشَرَةً ,عِلاَوَةً عَلَى هَذَا- سَيِّدِي الرَّئِيسَ- فَإِنَّ الْقَلَمَ..الْأَسْمَرَ لَهُ دَوْرٌ عَظِيمٌ حَتَّى بَعْدَ أَنْ يَكْتُبُ شَاعِرُنَا شَاعِرُ الْيَرًَاعِ الصَّارِخِ الْحَارِِقِ بِالْوَجَعِ الصَّادِقِ قَصَائِدَهُ بِالْكُومْبِيُوتَرِ أَوِ الْآلَةِ الْكَاتِبَةِ فَهُوَ يَسْتَعِينُ بِالْقَلَمِ..الْأَسْمَرِ فِي تَشْكِيلِ الْقَصِيدَةِ بِنَفْسِهِ وَبِمِزَاجِهِ الْخَاصِّ ,وَرُبَّمَا يَجِدُ حَرْفاً زَائِداً فَيَمْسَحُهُ بِالْمُزِيلِ وَرُبَّمَا يَجِدُ حَرْفاً نَاقِصاً فَيَكْتُبُهُ بِالْقَلَمِ..الْأَسْمَرِ وَفَوْقَ ذَلِكَ فَإِنَّ رُؤَسَاءَ التَّحْرِيرِ كِبَارَ السِّنِّ يَسْتَطِيعُونَ قِرَاءَةَ الْكَلاَمِ الْمَكْتُوبِ بِالْقَلَمِ الْأَسْمَرِ فَهُوَ لاَ يُتْعِبُ عُيُونَهُمْ فِي الْقِرَاءَةِ كَالْقَلَمِ..الْأَخْضَرِ مَثَلاً ,لِذَا : سَيِّدِي رَئِيسَ الْجَلْسَةِ ,أَضُمُّ صَوْتِي لِلْقَلَمِ الْبُرْتُقَالِيِّ وَأُرَشِّحُ الْقَلَمَ..الْأَسْمَرَ لِنَيْلِ الْجَائِزَةِ ,فَمَنْ تَوَاضَعَ لِلَّهِ رَفَعَهُ, صَفَّقَ كُلُّ الْحَاضِرِينَ بِالْإِجْمَاعِ لِلْقَلَمِ..الْأَسْمَرِ ,وَقَامَ رَئِيسُ الْجِلْسَةِ اَلْقَلَمُ الْبَمْبِيُّ فَقَالَ:بِنَاءً عَلَى مَا تَقَدَّمَ , الْقَلَمُ..الْأَسْمَرُ يَأْخُذُ جَائِزَةَ شَاعِرِنَا الْعَظِيمِ شَاعِرِ الحرف الجميل الذي يروق, ,.., , شَاعِرِ ..الْقَلْبَ الطَّيِّبْ , وَيُسَافِرُ مَعَهَ إِلَى أُورُبَّا لِلتَّرْفِيهِ عَنْ نَفْسِهِ بَعْدَ كُلِّ مَا قَدَّمَهُ لِلْإِنْسَانِيَّةِ بِتَفَانِيهِ فِي عَمَلِهْ.
{7} أَحْمَدُ اللَّهْ قِصَّةٌ قَصِيرَةْ
كَيْفَ أَمْضِي فِي الْحَيَاةْ؟!= وَأَنَا طِفْلٌ صَغِيرْ
أَبْتَغِي دَرْبَ النَّجَاةْ= مِنْ عُلاَ اللَّهِ الْقَدِيرْ(1)
بِهَذِهِ الْكَلِمَاتِ الْجَمِيلَةِ أَضَاءَ الْوَلَدُ (أَحْمَدُ) يَوْمَهُ وَاعْتَمَدَ عَلَى اللَّهِ ,فَهُوَ سُبْحَانَهُ لاَ يَخْذُلُ أَبَداً عَبْدَهُ الْمُؤْمِنَ ,بَلْ يُنَجِّيهِ مِنْ كُلِّ سُوءٍ وَيُوَصِّلُهُ إِلَى أَعْلَى الدَّرَجَاتِ,اتَّجَهَ (أَحْمَدُ) إِلَى كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَأَخَذَ يَنْهَلُ مِنْ مَعِينِهِ الَّذِي لاَ يَنْضُبُ, حَتَّى بَلَغَ قَوْلَهُ سُبْحَانَهُ: (وَ لاَ تَهِنُوا وَ لاَ تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ, إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ, وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ ,وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ, وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ,وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ,أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ)الْآيَاتُ 139- 142مِنْ سُورَةِ آلِ عِمرَانَ, فَاغْرَوْرَقَتْ عَيْنَاهُ بِالدُّمُوعِ وَتَذَكَّرَ جِهَادَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الَّلهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمْ فِي سَبِيلِ نَشْرِ الدَّعْوَةِ الإِسْلاَمِيَّةِ هُوَ وَصِحَابِهِ الْكِرَامِ -رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ –وَكَيْفَ ابْتَلاَهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي غَزْوَةِ أُحُدَ وَاخْتَبَرَ قُوَّةَ إِيمَانِهِمْ وَصَلاَبَةَ أَعْوَادِهِمْ وَصِدْقَ جِهَادِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَصَبْرَهُمْ عَلَى الشَّدَائِدِ وَالْبَلاَيَا وَقْتَ الْمِحَنِ , تَذَكَّرَ (أَحْمَدُ) ذَلِكَ كُلَّهُ ,وَرَبَطَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مِحْنَتِهِ فِي وَفَاةِ وَالِدِهِ , ذَلِكَ الْوَالِدُ الَّذِي كَانَ كُلَّ دُنْيَاهُ, يَمْلَؤُهَا بَهْجَةً وَسَعَادَةً وَحُبًّا وَحَنَاناً وَإِيمَاناً صَادِقاً وَتَرْبِيَةً وَتَنْشِئَةً عَلَى حُبِّ كِتَابِ اللَّهِ وَحِفْظِهِ وَالتَّتَلْمُذِ الْأَكْثَرِ مِنْ رَائِعٍ عَلَى سُنَّةِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الَّلهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمْ , تَذَكَّرَ (أَحْمَدُ) ذَلِكَ وَتَذَكَّرَ وَصَيَّةَ وَالِدِهِ وَقَوْلَهُ :"يَا بُنَيَّ اِلْزَمْ كِتَابِ اللَّهِ وَ سُنَّةَ نَبِيِّهِ الْكَرِيمِ وَاجْعَلْهُمَا خَيْرَ رَفِيقٍ لَكَ عَلَى الطَّرِيقِ" تَذَكَّرَ (أَحْمَدُ) ذَلِكَ ,فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ بِالدُّمُوعِ وَقَالَ:"يَرْحَمُكَ اللَّهِ يَا وَالِدِي ,لَقَدْ كُنْتَ خَيْرَ قُدْوَةٍ لِي فِي الْعِلْمِ وَالْإِيمَانِ وَحُبِّ اللَّهِ وَرَسُولِهِ بَلْ وَفِي الصِّدْقِ وَالأَمَانَةِ الَّتِي عَرَفَهَا عَنْكَ أَهْلُ قَرْيَتِنَا الطَّيِّبَةِ" وَتَحَمَّسَ (أَحْمَدُ) قَائِلاً:سَوْفَ أَمْضِي عَلَى الطَّرِيقِ وَأَكُونُ نِعْمَ الْوَلَدُ الصَّالِحُ لِلْأَبِ الصَّالِحِ,كَانَ (أَحْمَدُ) قَدْ أَتَمَّ حِفْظَ كِتَابِ اللَّهِ عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ ,وَكَانَ يُوَاظِبُ عَلَى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ بِإِكْمَالِ طَهُورِهَا وَمَوَاقِيتِهَا ,وَبَعْدَ صَلاَةِ الْعِشَاءِ ,مَا أَجْمَلَهَا جِلْسَةَ (أَحْمَدَ) اللَّهَ اللَّهَ فِي هَذِهِ الْجِلْسَةِ! لَقَدْ كَانَ الصِّبْيَانُ يُحِبُّونَ (أَحْمَدَ) حُبًّا مَلَأَ قُلُوبَهُمْ وَيَلْتَفُّونَ حَوْلَهُ فِي حَلَقَةٍ رَائِعَةٍ وَيَتْلُو كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ رُبْعاً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَكَانَ (أَحْمَدُ) كَالْأُسْتَاذِ بِالنِّسْبَةِ لِهَؤُلاَءِ الصِّبْيَانِ يُصَحِّحُ لَهُمْ مَا يُخْطِئُونَ فِيهِ,وَيُلْقِي عَلَيْهِمْ دُرُوسَ التَّجْويدِ ,وَيُطَبِّقُهَا لَهُمْ عَمَلِيًّا فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَذَاعَ صِيتُ (أَحْمَدَ) بَيْنَ أَهْلُ قَرْيَتِهِ الطَّـيِّـبِـينَ ,وَأَحَبُّوا عِلْمَهُ وَأَدَبَهُ وَتَفَقُّهَهُ فِي الدِّينِ ,سَلَّمَ عَلَيْهِ إِمَامُ المَسْجِدِ بَعْدَ انْتِهَاءِ الْجِلْسَةِ وَقَالَ لَهُ:أَبْشِرْ يَا (أَحْمَدُ) بِقَوْلِ الْمُصْطَفَى صَلَّى الَّلهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمْ ):مَنْ يُرِدِ الَّلهُ بِهِ خَيْراً يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ ,وَإِنَّمَا أَنَا قَاسِمٌ وَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يُعْطِي ) أَشْرَقَ وَجْهُ (أَحْمَدَ) قَائِلاً:"سُبْحَانَ الْعَاطِي الْوَهَّابِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ
مَلِكُ الْمُلُوكِ إِذَا وَهَبْ= لاَ تَسْأَلَنَّ عَنِ السَّبَبْ
اللَّهُ يُعطِي مَنْ يَشَا=ءُ فَقِفْ عَلَى حَدِّ الْأَدَبْ (2)
وَأَضَافَ إِمَامُ المَسْجِدِ:"إِنَّ (الدُّكْتُورُ عَبْدُ الْعَاطِي) مُشْتَاقٌ لِرُؤْيَتِكَ يَا (أَحْمَدُ)" ,رَدَّ (أَحْمَدُ)- بِأَدَبٍ- "وَمَنْ هُوَ (الدُّكْتُورُ عَبْدُ الْعَاطِي) ؟" قَالَ الْإِمَامُ:"إِنَّهُ عَمِيدُ كُلِّيَّةِ أُصُولِ الدِّينِ يَا بُنَيَّ وَعَالِمٌ مَعْرُوفٌ عَلَى مُسْتَوَى الْعَالَمِ الْإِسْلاَمِيِّ ",وَجَاءَ (الدُّكْتُورُ عَبْدُ الْعَاطِي) وَشَاهَدَ (أَحْمَدَ) وَتَلاَمِيذَهُ عَلَى الطَّبِيعَةِ فِي المَسْجِدِ فَقَالَ-بِسَعَادَةٍ بَالِغَةٍ- "أَحْمَدُ00اللَّهَ أَنْ سَخَّرَ لِلْإِسْلاَمِ النَّابِغِينَ مِنْ أَمْثَالِكُمْ "وَقَامَ (الدُّكْتُورُ عَبْدُ الْعَاطِي) بِإِعْطَاءِ (أَحْمَدَ) كِيساً مِنَ الذَّهَبِ وَإِعْطَاءِ تَلاَمِيذَهُ بَعْضَ الْجَوَائِزِ فَقَالَ(أَحْمَدُ):"وَلَكِنْ"00000 وَقَبْلَ أَنْ يُكْمِلَ (أَحْمَدُ) قَالَ لَهُ (الدُّكْتُورُ عَبْدُ الْعَاطِي :"وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ" الْآيَةُ 11مِنْ سُورَةِ إِبْرَاهِيمَ"قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ " الْآيَةُ 73مِنْ سُورَةِ آلِ عِمرَانَ , فَاغْرَوْرَقَتْ عَيْنَا(أَحْمَدَ) بِدُمُوعِ الْفَرَحِ وَهُوَ يَقُولُ: أَحْمَدُ00اللَّهَ , أَحْمَدُ00اللَّهْ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
{1}اَلْبَيْتَانِ للشاعر الدكتور والروائي المصري محسن عبد المعطي محمد عبد ربه..شاعر العالم شاعر الثّلَاثُمِائَةِ معلقة
{2}اَلْبَيْتَانِ من التراث
{8} الطـَّبِيبَةُ الـْمُسْلِمَةْ قِصَّةٌ قَصِيرَةْ
شَيْمَاءُ طِفْلَةٌ صَغِيرَةٌ تَفَتَّحَتْ عَيْنَاهَا عَلـَى الدُّنْيَا كَمَا تَتَفَتَّحُ الْوُرُودُ الْجَمِيلَةُ فَتُضْفِي عَلـَى الدُّنْيَا السَّعَادَةْ.
نَشَأَتْ شَيْمَاءُ بَيْنَ أَبَوَيْنِ مُؤْمِنَيْنِ يَعْرِفَانِ اللَّهَ حَقَّ الْمَعْرِفَةْ وَيَعْبُدَانِ اللَّهَ حَقَّ الْعِبَادَةْ
وَكَانَ وَالِدُ شَيْمَاءَ دَائِماً مَا يَقُولُ لَهَا:
شَيْمَاءُ يَا بُنَيَّتِي=أُوصِيكِ بِالْإِيمَانْ
كُونِي لِخَالِقِ السَّمَا=شَدِيدَةَ الْعِرْفَانْ
قـَالـَتْ شَيْمَاءْ:نَعَمْ يَا أَبِي لَابُدَّ أَنْ نَعْتَرِفَ لِلَّهِ بِفَضْلِهِ وَأَنْ نَشْكُرَهُ عَلـَى مَا أَهْدَاهُ إِلـَيْنَا مِنْ نِعَمٍ لَا تُعَدُّ وَلَا تُحْصَى.
قـَالَ الْوَالِدْ:اِحْرِصِي يَا شَيْمَاءُ يَا ابْنَتِي عَلـَى أَنْ تُرَاعِي اللَّهَ فِي كُلِّ أَقْوَالِكِ وَأَفْعَالِكْ
وَأَنْ يَكُونَ كُلُّ مَا يَصْدُرُ عَنْكِ مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ ابْتِغَاءَ وَجْهِهِ الْكَرِيمْ .
كَانَتْ شَيْمَاءُ تَلْمَحُ وَالِدَهَا دَائِمَ الصُّحْبَةِ لِكِتَابِ اللَّهْ.
فَسَأَلَتْ وَالِدَهَا فِي شَغَفٍ:مَاذَا تَقْرَأُ يَا أَبِي؟!!!
قـَالَ الْوَالِدْ: أَقْرَأُ الْقُرْآنَ الْكَرِيمْ.
قـَالـَتْ شَيْمَاءْ: وَلِمَاذَا تُحِبُّ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ الْكَرِيمْ؟!!!
قـَالَ الْوَالِدْ: لِأَنَّ الْقُرْآنَ الْكَرِيمَ كَلَامُ اللَّهْ.
وَأَنَا أُحِبُّ اللَّهَ الْخَالِقَ الْمُنْعِمْ.
فَلِذَلِكَ أُحِبُّ كَلَامَهْ
وَأُحِبُّ دَائِماً أَنْ أَتَفَكَّرَ فِي مَعَانِي آيَاتِهْ.
اَلْقُرْآنْ اَلْقُرْآنْ
نُورُ اللَّهِ إِلَى الْإِنْسَانْ
وَهِدَايَةُ قَلْبِ الْحَيْرَانْ
وَبِهِ رِيٌّ لِلظَّمْآنْ
وَاحَةُ عِلْمٍ كَالْبُسْتَانْ
قـَالـَتْ شَيْمَاءْ: لَقَدْ شَوَّقتَنِي يَا وَالِدِي لِتِلَاوَةَ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ وَحِفْظِهْ
وَأَرْجُوكَ يَا وَالِدِي أَنْ تُسَاعِدَنِي عَلَى هَذِهِ الْمُهِمَّةْ.
وَحَفِظَتْ شَيْمَاءُ الْقُرْآنَ الْكَرِيمْ ,وَالْتَحَقَتْ بِالْمَعْهَدِ الِابْتِدَائِيِّ الْأَزْهَرِيِّ لِتَتَفَقَّهَ فِي الدِّينْ.
وَكَانَ خَالُ شَيْمَاءَ مُدَرِّساً بِالْمَعْهَدِ فَسَأَلَتْهُ شَيْمَاءُ النَّصِيحَةْ
فَقَالَ خَالُهَا الْأُسْتَاذُ/ عَبْدُ الْأَحَدْ:أُوصِيكِ يَا شَيْمَاءُ بِالتَّوَاضُعِ لِأَسَاتِذَتِكِ وَحُبِّهِمْ وَطَاعَتِهِمْ كَحُبِّكِ وَطَاعَتِكِ لِأَبِيكِ وَأُمِّكْ .
عَمِلَتْ شَيْمَاءُ بِالنَّصِيحَةْ
فَكَانَتْ مَحْبُوبَةً مِنْ زَمِيلَاتِهَا وَمُعَلِّمَاتِهَا فَتَفَوَّقَتْ وَنَبَغَتْ وَالْتَحَقَتْ بِالْمَرْحَلَةِ الْإِعْدَادِيَّةِ وَكَانَتِ الْأُولَى عَلَى الْمَعْهَدِ .
ثُمَّ الْتَحَقَتْ بِالصَّفِّ الْأَوَّلِ الثَّانَوِيِّ الْقِسْمِ الْعِلْمِي.
وَعِنْدَمَا سَأَلَهَا أَبُوهَا عَنِ السِّرِّ فِي ذَلِكَ قَالَتْ:أُرِيدُ أَنْ أَكُونَ طَبِيبَةً مُسْلِمَةْ.
قـَالَ الْوَالِدْ:عَلَى بَرَكَةِ اللَّهِ يَا شَيْمَاءْ.
وَالْتَحَقَتْ شَيْمَاءُ بِكُلِّيَّةِ الطِّبِّ فَكَانَتْ نِعْمَتِ الطَّالِبَةُ النَّابِغَةُ الْمُتَفَوِّقَةُ الْمُتَوَاضِعَةُ الْمُتَمَسِّكَةُ بِكِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ الْكَرِيمِ.
وَتَخَصَّصَتْ فِي أَمْرَاضِ النِّسَاءِ وَالْوِلَادَةِ وَأَصْبَحَتْ طَبِيبَةً مَاهِرَةً عَلَى خُلُقٍ وَدِينٍ وَفَتَحَتْ عِيَادَتَهَا فِي قَرْيَتِهَا قَرْيَةِ الطَّيِّبِينْ.
وَكَانَ أَهَالِي الْقَرْيَةِ يَمْتَدِحُونَ نُبُوغَهَا وَأَخْلَاقَهَا.
وَذَاتَ يَوْمٍ أَخْبَرَتْهَا إِحْدَى نِسَاءِ الْقَرْيَةِ بِالْخَالَةِ بَهِيَّةْ الَّتِي تَحْتَاجُ فِي وِلَادَتِهَا إِلَى عَمَلِيَّةٍ قَيْصَرِيَّةْ وأَخْبَرَهَا مُعْظَمُ الْأَطِبَّاءِ الَّذِينَ تَرَدَّدَتْ عَلَيْهِمْ بِأَنَّهَا تَحْتَاجُ إِلَى أَرْبَعَةِ آلَافِ جُنَيْهٍ لَا يَسْتَطِيعُ الْعَمُّ بَشِيرُ زَوْجُ الْخَالَةِ بَهِيَّةَ الْفَقِيرُ سَدَادَهَا.
وَعَلَى الْفَوْرِ قَامَتِ الدُّكْتُورَةُ شَيْمَاءُ بِنَقْلِ الْخَالَةِ بَهِيَّةَ بِعَرَبَتِهَا الْمَلَّاكِي إِلَى عِيَادَتِهَا وَأَجْرَتْ لَهَا عَمَلِيَّةَ الْوِلَادَةِ عَلَى نَفَقَتِهَا الْخَاصَّةْ.
وَعِنْدَمَا حَاوَلَتِ الْخَالَةُ بَهِيَّةُ الْكَلَامَ فِي سَدَادِ نَفَقَاتِ الْعَمَلِيَّةِ قَالَتْ لَهَا الدُّكْتُورَةُ شَيْمَاءُ:يَا خَالَةْ(اَلْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضَا).
فَهَمَتْ عَيْنَا الْخَالَةِ بَهِيَّةَ بِدُمُوعِ الْفَرَحِ وَقَالَتْ: "نِعْمَتِ الطـَّبِيبَةُ 00الـْمُسْلِمَةْ" .
وَقَرَّرَتْ أَنْ تُسَمِّيَ التَّوْأَمَ الَّذِي رَزَقَهَا اللَّهُ بِهِ شَيْمَاءْ عَلَى اسْمِ الدُّكْتُورَةُ شَيْمَاءْ ,وَمُحَمَّدْ عَلَى اسْمِ النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ صَاحِبِ الْخُلُقِ الْعَظِيمِ الَّذِي اسْتَقَتْ مِنْهُ الدُّكْتُورَةُ شَيْمَاءُ عِلْمَهَا وَأَخْلَاقَهَا.
{9} اَلْفَرْحَة قِصَّةٌ قَصِيرَةْ
عَادَتْ لُبْنَى إِلَى الْبَيْتِ فَرِحَةً سَعِيدَةً وَهِيَ تَقُول: " أُمَّاهُ لَقَدْ أَخَذْتُ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ عَشَرَةً عَلَى عَشَرَةٍ " هَلَّلَتِ الْأُمُّ مُسْتَبْشِرَةً: هَائِلَةٌ يَا لُبْنَى مُمْتَازَةٌ يَا ابْنَتِي لَقَدْ فُزْتِ بِخَيْرَيِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ اِبْتَسَمَتْ لُبْنَى: "وَكَيْفَ يَا أُمِّي " أَجَابَتِ الْأُمُّ :"سَوْفَ يَكْتُبُ اللَّهُ لَكِ النَّجَاةَ مِنْ مِحَنِ وَشَدَائِدِ الدُّنْيَا وَجَمِيعِ مَا فِيهَا مِنْ فِتَنٍ" قَالَتِ لُبْنَى: "وَهَلْ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ كُلُّ هَذِهِ الْمُمَيِّزَاتِ" اِبْتَسَمَتِ الْأُمُّ مُجِيبَةً: "نَعَمْ يَا لُبْنَى فَالْقُرْآنُ الْكَرِيمُ - كَمَا أَخْبَرَنَا سَيِّدُ الْخَلْقِ وَرَحْمَةُ اللَّهِ لِلْعَالَمِينَ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كِتَابُ اللَّهِ الَّذِي (لاَ يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) وَفِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ – يَا صَغِيرَتِي- نَبَأُ مَا قَبْلَنَا مِنَ الْأُمَمِ مِثْلَ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَقَوْمِ إِبْرَاهِيمَ وَقَوْمِ شُعَيْبَ عَلَيْهِ السَّلامُ " قَالَتِ لُبْنَى:"وَمَاذَا عَنْ هَؤُلاَءِ الْقَوْمِ يَا أُمِّي؟!!!قَالَتِ الْأُمُّ: "لَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ بِبَعْضِ هَؤُلاَءِ الْقَوْمِ عِقَاباً شَدِيداً قَالَتِ لُبْنَى:"وَلِمَاذَا حَلَّ بِهِمُ الْعِقَابُ وَالْعَذَابُ فِي دُنْيَا النَّاسِ؟!!!" قَالَتِ الْأُمُّ:"لَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُ اللَّهِ يَدْعُونَهُمْ إِلَى عِبَادَةِ
اللَّهِ وَالْمَشْيِ فِي الطَّرِيقِ الْمُسْتَقِيمِ وَلَكِنَّهُمْ أَبَوْا وَاسْتَكْبَرُوا وَعَانَدُوا" قَالَتِ لُبْنَى:"اَلْحَدِيثُ عَنْ هَؤُلاَءِ الْأَقْوَامِ – يَا أُمِّي- لَذِيذٌ وَمُمْتِعٌ زِيدِينِي يَا أُمِّي قَالَتِ الْأُمُّ:"لَقَدْ أَرْسَلَ اللَّهُ إِلَى عَادٍ هُوداً عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَأَرْسَلَ اللَّهُ إِلَى ثَمُودَ صَالِحاً عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَأَرْسَلَ اللَّهُ إِلَى مَدْيَنَ شُعَيْباً عَلَيْهِ السَّلاَمُ "اِبْتَسَمَتْ لُبْنَى وَقَالَتْ:"وَمَاذَا فَعَلَ رُسُلُ اللَّهِ– يَا أُمِّي- بَعْدَ تَكْذِيبِ أَقْوَامِهِم لَهُمْ؟!!!" قَالَتِ الْأُمُّ:" رُسُلُ اللَّهِ– يَا ابْنَتِي- مَا عَلَيْهِمْ إِلاَّ إِبْلاَغُ قَوْمِهِمْ رِسَالَةَ رَبِّهِمْ أَمَّا الْهِدَايَةُ وَالثَّوَابُ وَالْعِقَابُ فَمِنَ اللَّهِ – سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" قَالَتْ لُبْنَى:وَهَلْ أَنْزَلَ اللَّهُ الْعِقَابَ بِهَؤُلاَءِ الْمُكَذِّبِينَ؟!!!" قَالَتِ الْأُمُّ:"نَعَمْ يَا صَغِيرَتِي" قَالَتْ لُبْنَى:"كَيْفَ يَا أُمِّي؟!!!"قَالَتِ الْأُمُّ:"لَقَدْ أَغْرَقَ اللَّهُ الْمُكَذِّبِينَ مِنْ قَوْمِ نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَمَّا الْمُكَذِّبُونَ مِنْ قَوْمِ هُودٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَقَدْ غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَقَطَعَ دَابِرَهُمْ أَمَّا الْمُكَذِّبُونَ مِنْ قَوْمِ صَالِحٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَقَدْ أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ "دَخَلَتْ سَلْوَى اَلْأُخْتُ الْكَبِيرَةُ لِلُبْنَى وَهِيَ تُنْشِدُ:
" اَلْفَرْحَةُ بِكِتَابِ اللَّهْ=مَا أَجْمَلَهُ!!!مَا أَحْلَاهْ!!!
عَلِّمْنِي مِنْهُ.. رَبَّاهْ=ذَكِّرْ قَلْبِي مَا يَنْسَاهْ
اِِمْلَأْ رُوحِي فَيْضَ هُدَاهْ=وَاشْرَحْ صَدْرِي يَا رَبَّاهْ
هَلَّلَتِ الْأُخْتَانِ: اَلْفَرْحَةُ بِكِتَابِ اللَّهْ=مَا أَجْمَلَهُ!!!مَا أَحْلَاهْ!!!
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.