كـتـاب ألموقع

ماتت بان ....// خديجة جعفر

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

خديجة جعفر

 

عرض صفحة الكاتبة 

ماتت بان ....

خديجة جعفر

 

صرخة حزينة اطلقها معظم الشعب العراقي بعد حادث وفاتها المثير للشكوك بطبيعته.

 

ففي تاريخ ٤ آب/ أغسطس سنة ٢٠٢٥، "بان زياد طارق"، الدكتورة النفسية، البصراوية، باتت الاسم الأكثر شيوعا، يعرفها القاصي والداني، بين متعاطف ومتغاض بعد حادث وفاتها الحائر بين توصيف الشهيدة او المرحومة.

 

هزني الحدث، بل ربما هزمني. ومن لبنان، وانا لست عراقية الجنسية او المنشأ او الاقامة، واقول ذلك فقط لتاكيد، عمق الاثر لهذه القضية والتي بلا أدنى شك باتت قضية رأي عام محلي، وعالمي، لا سيما بعد دخول القضية المحكمة الدولية الهولندية.

 

وبحسب المتابعات التي اتقصدها بدقة وتعاطف وحشرية معرفية حول الموضوع.

يبادرني السؤال:

ماذا يعني أن تموت الدكتورة بان زياد طارق؟

وماذا يعني أن تتخذ قضية موتها هذا الشغب من تناقض المواقف؟

 

بالطبع، لست في موقع النقاش من زاوية وقائع ومستندات قانونية او شواهد، فهذا ببساطة، باب لا يحكم، ولا يحق لاحد تناوله غير القضاء المختص في البحث الجنائي، كمختص موضوعي، لدراسة كل مستند، اتصال، اشاعة، انتهاك. للاتهام او او التبرئة...

 

ان شابة طموحة في مجال عملها، "في الطب النفسي"، مع التركيز على مجال مهني قد يبرئ بعض الوفيات وقد يكون سببا لموتهم. ان تثار قضية موتها بشغب التناقض هذا، بين تبني الموقف الشعبي مقابل تجاهل او فلنقل لا مبالاة الجهات والمؤسسات الرسمية، امر من شانه ان يلقي الضوء على اسئلة تحمل من الأبعاد اكثر من قضية جنائية على فرادة ظروفها. فإن تتخذ قضية وفاة دكتورة شابة طموحة هذا التبني الشعبي دفاعا، هو موقف لا يندرج حكما، في الاطار العاطفي، بل هو دفاعا وجوديا، هو فعل مقاوم ينطلق من ان الصمت خيانة، في ظل التجاهل واللامبالاة، حين تصبح القضايا العادلة هوامش، فيتخلى الموقف عن شعبيته، ليتحول إلى مطلب سياسي، لا سيما يعد أن يخرج من حدود الوطن المحلي نحو العالمية كقضية رأي عام، يصبح ابجدية ما، لبرنامج مطلبي يعبر عن التقصير السياسي في تحقيق المساواة، والعدل، وقصور القوانين وتراجع التنمية وكل ما من شأنه أن يندرج تحت واجبات الموقع السياسي. وفي هذا المجال يصبح الصمت الشعبي تواطؤ، استفادة من المواقع، لمصالح شخصية على حساب الحقوق والتنمية المحتمعية. فالسياسة قد تتجاهل، وجع الناس، لكن الحقيقة لا تُلغى بالصمت.

 

وحين يؤكد الفيلسوف: "جان بول سارتر"، بان الالتزام الأخلاقي نوع من انواع ممارسة الحرية فيما نختاره وما نلتزم به من قضايا، وحين يطغى التبني الشعبي لقضية أخلاقية يتطلب بحثها والحسم بها قضاء عادل، وحين تُقصى قضايا الشعوب عن طاولات القرار السياسي، ففي ذلك شكوك تجاه الموقف السياسيي في تبني قضايا المواطن، ويكون لزاما على الآخرين التدخل، ليس من باب التعاطف، بل من باب المسؤولية الوطنية لتصويب عدالة منقوصة قد تطال كل فرد، وقد يكون عرضة لمواجهة نفس المصير. فيتحول الشخصي من القضايا إلى برنامج مطلبي حقوقي داخل حدود المحلي إلى العالمي، الذي رسم مبادئ الحقوق الإنسانية وتنمية الشعوب، مع التحفظ على واقعية شمولية التطبيق لهذه المفاهيم عالميا.

 

وهو سؤال آخر ربما، لجهة:

من هو الإنسان، الذي يستحق الدفاع عن حياته عالميا؟

فمما لا شك فيه، اننا نواجه هذه المعضلة في السياسات العالمية الجديدة، التي تربط بين السياسي والانسانية، بشكل غير متكافئ، لجهة تصنيف وتفاوت احقية العيش والحياة للشعوب.

اما المسألة الأخرى والتي لا تقل أهمية، من قضية الدكتورة بان،، هي الموقف الثقافي، فحين يقول أدوار سعيد، في كتابه "الاستشراق": بان المثقف صوت الذين لا صوت لهم، في حين يسبقهم الصوت من الموقف الشعبي، ومتابعاته الدؤؤب، فلا بد أن نسأل:

اين هو المثقف العراقي من القضايا الحقوقية الانسانية؟

ودون التعميم بالطبع، هل بات المثقف العراقي عاجزا في ظل سياسات الأمر الواقع؟

ام انه اختار أن يكون ملحقا بها؟

 

ان قضية كهذه، لا شك تعكس ازمة على مستوى الدور والمفاهيم والاولويات والتبعية والوعي والممارسة في المجتمعات، وبالعودة إلى إن تبني قضية شعبية هو ممارسة نقدية ضد أنظمة تُسَطح قضايا المواطن، وتستسهل آليات التشويه والتبرير

للقضايا المواطنية، والتي لا تموت إلا إذا خذلها العقل والوعي النقدي والضمير. ليبرز دور المثقف الحقيقي، الفاعل في المواجهة. فالمثثف لا يندرج تحت توصيف  الموظف لدى السلطة دفاعا، او صمتا، بل خصمًا يُشرح الوقائع لمصلحة وعي ارقى، وأمن اجتماعي مؤتمل.

 

خديجة جعفر

7 /9 /2025.