كـتـاب ألموقع

شخابيط ذات معنى: جميعنا نسعى لكي نملك هذا العالم// د. عامر ملوكا

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

د. عامر ملوكا

 

عرض صفحة الكاتب 

شخابيط ذات معنى

جميعنا نسعى لكي نملك هذا العالم

د. عامر ملوكا

 

من سلسلة من أفكاري المبعثرة كتبت مرة: "جميعنا نسعى لكي نملك هذا العالم، ولهذا نعيش في عالم سيء. ولو أبدلنا كلمة نملك بكلمة نحب، لأصبح عالمنا جميلاً وآمناً".

 

معظمنا يسعى، بقلق وشغف، إلى امتلاك هذا العالم. نريد المال، المناصب، البيوت، العلاقات، وحتى قلوب الناس. لكننا ننسى في هذا السعي المستمر شيئاً بسيطاً وعميقاً: في محاولتنا للامتلاك نفقد القدرة على الحب.

 

ربما لهذا يبدو العالم من حولنا قاسياً، مليئاً بالصراعات والتوتر والحروب والإحباط. لكن ماذا لو حاولنا استبدال كلمة "نملك" بكلمة "نحب"؟ لربما تغيرت نظرتنا، وربما تغير العالم حقاً.

 

هذا الكلام ليس جديداً. كثير من المفكرين والفلاسفة وعلماء النفس والروحانيين عبر التاريخ تحدثوا عن خطورة التعلق بالتملك، وفضلوا بدلاً منه الحب والمشاركة.

إريك فروم، الفيلسوف وعالم النفس الشهير، كتب في كتابه فن المحبة أننا نعيش في ثقافة تمجد التملك، فنريد امتلاك الأشخاص كما نمتلك الأشياء. لكنه يؤكد أن الحب لا يُمتلك، بل يُعاش. وهذا يفسر لماذا تنهار كثير من العلاقات، لأنها بُنيت على الامتلاك لا على المشاعر الصادقة.

 

غاندي قال يوماً: "العالم فيه ما يكفي لحاجة كل إنسان، لكن ليس لطمع كل إنسان". ونرى هذا بوضوح اليوم: ملايين الأطنان من الطعام تُرمى في بلدان غنية، بينما يموت الفقراء جوعاً في أماكن أخرى. لأننا نملك، لا نحب.

 

أما أينشتاين فقال: "قيمة الإنسان لا تقاس بما يملك، بل بما هو عليه." لكن الواقع يقول عكس ذلك. نحكم على الناس بما يملكون لا بما يحملون من قيم. نحترم من يملك السلطة، ونتجاهل من يملك المبادئ.

 

النظام الاقتصادي الحديث يشجع على المنافسة والأنانية. الشركات تريد السيطرة على السوق لا خدمته. السياسات تُبنى على المصالح لا القيم. وحتى في حياتنا اليومية، أصبحنا نرى الآخرين كمنافسين لا شركاء.

 

إحسان عبد القدوس رأى أن بين الحب وغريزة التملك خيطاً رفيعاً، لكنه يكشف عن فارق كبير. فالحب عاطفة تسمو بالإنسان لأنه يقوم على التضحية والعطاء، بينما التملك عاطفة تهبط به لأنه يقوم على السيطرة والأنانية.

 

الحب يمنح، بينما التملك يستولي. ومع أن الحب الإنساني قد يتضمن شيئاً من الرغبة في الامتلاك، إلا أن الخطر يكمن حين تتحول هذه الرغبة إلى هوس بالسيطرة. فالحب قد يرافقه التملك، لكن التملك لا يعني بالضرورة وجود حب.

 

لكن، ماذا لو غيرنا هذا التفكير؟

تخيل رجل أعمال يختار خدمة الناس بدلاً من احتكار السوق. أو سياسي يبدل رغبته في السلطة برغبة صادقة في خدمة وطنه. أو أب يمنح ابنه من وقته بدلاً من منحه هاتفاً جديداً. أو إنسان يقرر أن يحب الآخر لا أن يسيطر عليه.

 

حتى العلم يدعم هذا. فقد أثبتت دراسات علم الأعصاب أن الحب والعطاء يفرزان هرمونات السعادة، بينما التنافس والطمع يرتبطان بالتوتر والخوف.

 

جان جاك روسو قال إن التملك هو بداية الفساد والظلم. فبمجرد أن يقول الإنسان "هذا لي"، يبدأ ببناء الجدران والخوف من الفقدان. أما الحب، فلا يحتاج إلى جدران، بل إلى جسور.

 

الأديان أيضاً أكدت هذه القيم وقدمت أمثلة كثيرة عنها.

المطلوب ليس أن نتخلى عن كل شيء، بل أن نغير نوايانا. أن نشارك بدلاً من أن نحتكر. أن نعطي بدلاً من أن نتحكم. أن نربي أبناءنا ليكونوا طيبين، لا فقط ناجحين. وأن نقيس النجاح بما نعطيه، لا بما نملكه.

 

العالم السيء الذي نعيشه اليوم هو نتيجة لاختياراتنا. والعالم الذي نحلم به ليس وهماً، بل ممكن. كل ما نحتاجه هو تغيير بسيط في المفردة:

بدل أن نملك… نحب.

جميعنا نسعى لكي نملك هذا العالم

تصبح

جميعنا نسعى لكي نحب هذا العالم

 

Meaningful Scribbles

We All Strive to Own This World

Dr. Amer Maloka

 

We often chase the idea of owning the world—money, power, houses, relationships, even people’s hearts. Yet in trying to possess, we lose the ability to love. Perhaps this is why the world feels harsh, full of conflict and frustration. But what if we replaced “own” with “love”?

Thinkers through history warned of the dangers of possession. Erich Fromm wrote that love cannot be possessed, only lived. Gandhi said the world has enough for everyone’s need but not for everyone’s greed. Einstein reminded us that human value lies in who we are, not what we own. Still, our culture glorifies possession over principle.

Love gives, possession takes. When love turns into obsession with control, relationships collapse. But imagine a businessman serving people instead of monopolizing markets, or a politician seeking to serve rather than dominate. Even neuroscience shows that generosity releases happiness, while greed breeds stress.

Rousseau called possession the root of corruption. The moment we say “this is mine,” we build walls; love, by contrast, builds bridges. Religions, too, remind us of this truth.

What is needed is not to abandon life, but to shift intention: to share instead of hoard, to give instead of control, to raise children to be kind rather than only successful. Success should be measured by what we give, not what we own.

The world we live in is the result of our choices. The world we dream of is possible—with one simple shift in words:

Instead of owning… we love.