اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• علام هذا الصمت المطبق ؟؟؟

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

عادل حبه

مقالات اخرى للكاتب

علام هذا الصمت المطبق ؟؟؟

 

خلال موجة الاحتجاجات المطالبة بالحريات العامة والديمقراطية والتصدي للنهب والفساد التي عمت البلدان العربية، علت أصوات العراقيين في المدن العراقية أيضاً مطالبين بحقوقهم ومعالجة القضايا الخطيرة التي تعصف بالبلاد إلى جانب تضامنهم مع أشقائهم العرب. وهنا لم يخلو الداء الطائفي الذي ينخر بجسد العراق من التعبير عن نفسه خلال هذه الفعاليات. فرأينا بعض التيارات الإسلامية العراقية تتخذ موقفاً يتسم بالإزدواجية، فهي تتضامن مع الشعب البحريني على سبيل المثال وتطالب بتعطيل جلسات مجلس النواب وتعطل الدروس في الحوزة العلمية، ولكنها لا تدين وحتى لا تناشد و تلتزم الصمت ازاء انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان في بلدان مجاورة حسب الوصفة الطائفية. هذا الموقف لا يعبر عن مصداقية في الدفاع عن المظلومين والمضطهدين وانصار الحرية والديمقراطية في عالمنا، بل هو تشويه للحركات المطالبة للحريات وحرفها عن مسارها المشروع ويوجه ضربة لها، مما يسهل على الجبابرة خنق وقمع هذه الحركات بذريعة طائفيتها. ولعل أبرز مثال لذلك ما تعرض له الشعب البحريني الشقيق من تعسف، حيث استغلت الحكومة شر استغلال حملات "التضامن" الطائفي المفتعل مع الشعب البحريني من قبل الحركات الطائفية ومن ضمنها في العراق، من أجل توجيه ألة قمعها ضد الحركة الشعبية المطالبة بالاصلاح والديمقراطية والحريات العامة بذريعة طائفيتها. وأصبح هذا "التضامن الطائفي " وبالاً ونقمة على البحرانيين بدلاً من  أن يكون نعمة وعون لهم.

ولا يقتصر هذا الموقف الطائفي والكيل بمكيالين على مثال البحرين، بل هناك ما هو أدهى من ذلك في موقف الحركات الطائفية من الأحداث الضخمة التي جرت وتجري في جارتنا إيران أو غيرها، وما يكابده الإيرانيون من نير وجور على يد طغاة الإستبداد الديني. إن المشهد هنا يبدو صارخاً حيث لوحظ الصمت المطبق من قبل التيارات الطائفية ازاء الانتهاكات وأعمال القتل وملاحقة المعارضين للإستبداد الديني في هذا البلد الجار، مما يثير التساؤل والإستغراب عن مدى مصداقية هذه التيارات في تبني قضية  الدفاع عن المظلومين وحماية حقوق الإنسان وحريته. فمنذ أشهر والضحايا وحملة الإعدامات مستمرة والسجون تحتضن خيرة أبناء وبنات الشعب الإيراني وخاصة إثر الانتخابات المزورة التي جرت في إيران، حيث فرض على الشعب الإيراني تنصيب أحمدي نجاد رئيساً لإيران (بالمناسبة هو الآن ربما قيد الإقامة الجبرية لخلافه مع خامنئي)، ولكننا لم نسمع أية مناشدة للسلطات الإيرانية لوقف هذه الإجراءات و بالكف عن هذا الإستبداد والجور، مجرد مناشدة دون ضجيج ودون تعطيل جلسات مجلس النواب العراقي ولا تعطيل الدراسة في المدارس الدينية، ، وكأن الذين يتعرضون إلى هذا الجور هم من الكفرة وليسوا من أبناء نفس المذهب الذي تنتمي إليه التيارات الطائفية في العراق.

إن آخر ممارسات الإستبداد الديني في إيران هو ما أقدمت عليه الحكومة في الخامس من أيار 2011 بتنفيذ حكم إلإعدام شنقاً بعدد من الشبان العرب الإيرانيين في ميدان حميديه في الأهواز بذريعة المشاركة في المظاهرات الاحتجاجية للسكان العرب في نيسان الماضي ضد الظلم والتمييز القومي ومن أجل الحريات العامة، والتي قتل خلالها العشرات من أهالي الأهواز. ونفذ الحكم وعلى الملأ العام لزرع الرعب في نفوس المواطنين في ثلاثة أشقاء وهم كل من علي حيدري (25 سنة) وجاسم حيدري (23 سنة) وناصر حيدري (21 سنة). كما تم شنق ستة آخرين في سجن كارون في الأهواز وهم كل من أمير معاوي وعلي نعامي وأمير بدوي وأحمد ناصري (23) وشاب قاصر لم يتجاوز عمره ستة عشر سنة وهو هاشم حميدي (16 سنة) الذي أنفصل رأسه عن جسده أثناء الشنق.

إن سجل الظلم والتصفيات الجسدية والقمع للسلطات الحاكمة الإيرانية يفوق كل سجلات الإجرام القذافي وأقرانه العرب ويوازي سجل طاغيتنا صدام حسين، ولكن أنصار الحرية والدفاع عن المظلومين في التيارات المذهبية لا يرف لهم جفن على ضحايا القهر والظلم في إيران، وهم الذين يكررون كلمات الإمام علي بن أبي طالب ومنها قوله :"الساكت عن الحق شيطان أخرس" دون تطبيقها إلا بمقاسات طائفية. وقد فضح أخيراً مهدي محموديان أحد الإعلاميين الإيرانيين المعتقل في سجن مدينة "رجائي" في رسالة مفتوحة وجهها إلى علي خامنئي يكشف فيها عن حجم الكارثة التي تواجه المجتمع الإيراني والسجون والسجناء السياسيين في إيران. وقد بدأها بالآية القرآنية:" ولتكن منكم أمة يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون"!!. وشتان بين ما تعلنه هذه الآية وبين حملات الإعدام بالجملة وملاحقة الأطفال والنساء التي يتميز بها حكم التشدد الديني الطائفي في إيران. لقد أورد محموديان في رسالته سرداً طويلاً من الانتهاكات التي لمسها هذا الإعلامي السجين في سجون ولاية الفقيه، تتراوح بين انتشار المخدرات وتوزيعها بين السجناء بحرية في حين تمنع زيارات العوائل عن السجناء ويمنع دخول الكتب إلى السجن، وبين أمثلة مقرفة  عن تعاطي اللواط بحيث تم التجاوز على فتى سبعة مرات في ليلة واحدة. وهذا ما أشاع أمراضاً خطيرة كالأيدز والأمراض التناسلية. هذا ناهيك عن حالات التعذيب والانتهاكات الففجة ضد السجناء في سجن هذه المدينة.

والحديث يطول لو عرضنا ملفات كاملة عن أفعال القتل في داخل إيران وخارجها. ولكن ما نود أن نشير إليه هو هذا الصمت الغريب من قبل التيارات المذهبية و بعض الواجهات الدينية في العراق على أفعال تتعارض مع القيم الإنسانية ومع الدين يرتكبها حكام التطرف الديني في أيران، أو الكيل بمكيالين حيث يتم إدانة بعض الحكام والسكوت عن آخرون من نفس القماش الطائفي. إن غالبية هذه التيارات الدينية العراقية تدين ليل نهار الطائفية وتلعنها، وتردد نقمة الشعب العراقي على ما جرته الطائفية من كوارث على العراقيين. ولكن عندما يحين اتخاذ الموقف يبرز الموقف الطائفي الضار سواء في الشأن الداخلي أو في الشأن الإقليمي والخارجي. إن أصحاب هذه النزعة لا يعون ما يجره هذا الموقف من نتائج سلبية على استقرار الوضع في العراق وانعكاساته الإقليمية على العراق ونتائجه الخطيرة.فأي موقف طائفي داخلياً كان أو خارجياً. فهذا النهج لا يؤدي إلاّ إلى تشرذم المجتمع واشتداد الاحتقان والنزاع الطائفي والسير ببناء الدولة على النمط الطائفي والمحاصصة الطائفية، الذي فاقم من مشاكل العراق خلال السبع سنوات، حيث مازال البلد يراوح في مكانه ويئن أبنائه من نتائج هذا الخيار الطائفي المدمر.

إن أية خطوة في اتجاه الاستقرار في العراق تتطلب أولاً التخلي عملياً وليس لفظياً عن هوس الطائفية، عن طريق فصل الدين عن الدولة مع احترام وحماية حرية العقيدة والدين، واصدار قانون للأحزاب يمنع قيام الأحزاب على أسس دينية. فكل حزب يؤسس على أساس ديني في ظروف العراق، مهما رفع من شعارات حول التسامح الديني أو الأخوة في الدين ، هو حزب طائفي كامل العيار يشتت ويدمر المواطنة ولا يوحد العراقيين. فالمعيار الطائفي خلال السنوات السابقة لم يجلب لنا إلا المسؤول الأمي والفاشل والفاسد، في حين أن ما يحتاجه العراق هو المسؤول النزيه والماهر الذي يلتزم بالهوية الوطنية الشاملة وليس هوية طائفية لا تتناسب مع قيم وبناء الدولة العصرية والقيم الإنسانية العامة والديمقراطية. إذا أرادت الأحزاب الدينية الإستقرار وبناء بلدنا المهدم فما عليها إلا اللجوء إلى خيار يتماشى مع روح العصر، خيار تشكيل أحزاب ببرامج اجتماعية وتتبنى خططاً اقتصادية تنشل العراق من دائرة التخلف والفساد والفوضى، ووضعه على سكة الفضاء الحضاري الرحب، ويفتح الطريق أمام العراقيين للحاق بالدول المتقدمة والديمقراطية.

12/5/2011

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.