اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

التحديات التي تواجه الدبلوماسية العراقية في عهد ترامب// عادل حبه

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

الموقع الفرعي للكاتب

التحديات التي تواجه الدبلوماسية العراقية في عهد ترامب

عادل حبه

 

مع حلول يوم العشرين من كانون الثاني 2017، بدأ دونالد ترامب بتولي منصب الرئاسة الأمريكية في ظل تضارب في آراء المتابعين للشأن الأمريكي والعالمي حول مستقبل سياسة الولايات المتحدة ودورها على المسرح الدولي. فالعالم يشهد تغييراً ملحوظاً في اصطفاف القوى المؤثرة على المسرح الدولي من الناحية السياسية والاقتصادية من ناحية، ومن ناحية أخرى تثير التصريحات المتضاربة التي أطلقها ويطلقها دونالد ترامب ومعاونيه حول الخطوات التي ستتخذها الإدارة الأمريكية الجديدة داخلياً وعالمياً القلق والحيرة لدى حلفاء الولايات المتحدة وأصدقائها وخاصة في أوربا والشرق الأوسط، أو على نطاق منافسي الولايات على المسرح الدولي كالصين وروسيا.

كل هذه التحولات تجري والدبلوماسية العراقية بعيدة كل البعد عن مناقشة التطورات التي ستجري على النطاق العالمي والاقليمي بعد تولي ترامب مهمة الرئاسة الأمريكية وتأثيرها المباشر على العراق وخصوصاً بما يتعلق بمواجهة شرور الإرهاب والصراعات في المنطقة التي ستستمر كما يبدو لفترة ليست بالقليلة، بالرغم من الانتصارات المهمة التي تحرزها القوات الأمنية العراقية على داعش وشرورها. فالدبلوماسية العراقية لم تستعد للقيام بمراجعة للفترة السابقة ولم تعقد أية ندوة أو تُجري أية بحوث أو دراسة واضحة على ما سيتأثر به العراق في عهد دونالد ترامب. هذا وللأسف نرى إن المسؤول عن الدبلوماسية العراقية السيد ابراهيم الأشيقر وزير الخارجية يركز على القيام برحلاته وسياحاته المكوكية من أقاصي آسيا إلى أقاصي أوربا، ويغيب عن مناقشة وتحليل التطورات الحاصلة في الولاياتالمتحدةوالشرقالاوسط وتأثيرها على العراق.

إن الدبلوماسية العراقية للأسف لا تتابع ولا تدرس ولا تستخلص الاستنتاجات من المتغيرات الدولية وتأثيرها على العراق. فمن المعلوم من خلال التصريحات المتناقضة للرئيس الأمريكي الجديد أنه لا يقف مع مبدأ التمسك بالاتحاد الأوربي وحلف الناتو من خلال تصريحه الشهير بدعم "البريكزت" القاضي بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوربي بعد الاستفتاء البريطاني حول تخلي بريطانيا عن الاتحاد الأوربي. كما أنه كرر عدة مرات عن رفض إدارته استمرار الدعم لحلف الناتو حيث تتحمل الولايات المتحدة 75% من نفقات هذا الحلف. هذا الموقف قد يؤذن بنهاية الاتحاد الأوربي وحلف الناتو الذي لم يعد له أي دور على حد تعبير دونالد ترامب، خاصة في ظل تنامي التيار القومي اليميني المتطرف الأوربي. وبالتالي سيضعف ذلك من دور أوربا الغربية في السياسة الدولية وانتهاء تبعيتها للولايات المتحدة التي بدأت منذ نهاية الحرب العالمية الثانية في عام 1945 وحتى كتابة هذه السطور. وهناك احتمال أن يفقد العراق دعم طرف دولي نشط هو الاتحاد الأوربي، أو يقل دعمه للعراق في حربه ضد الإرهاب لوجستياً ومادياً وتسليحاً وتدريباً علاوة على الدعم الذي يتلقاه العراق في الإسناد الجوي الاوربي.

كما أنه من الواضح إن الدبلوماسية العراقية لا تتابع بدقة ما يجري من تطورات سريعة على النطاق الدولي. فقد تراجعت ظاهرة القطب الواحد وتَحَكُّم الولايات المتحدة الأمريكية بالشأن العالمي خاصة بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، وأصبح العالم الآن يخضع لظاهرة تعدد الأقطاب. ههههذا إضافة إلى التغيرات الاقتصادية السريعة في عالمنا المتمثلة في صعود الصين التي احتلت المرتبة الاقتصادية الثانية في العالم وتنامي القدرات الاقتصادية لكل من روسيا والهند والبرازيل، وعدد من دول شرقي آسيا وأمريكا اللاتينية وتركيا وإيران. وبرزت تكتلات سياسية-اقتصادية جديدة في العالم كـكتلة "بريكس"، علاوة على تحالفات سياسية تكتيكية كتلك التي حدثت بين روسيا وإيران وسوريا، وأخيراً مع تركيا بعد فترة من التوتر بينها وبين روسيا وبعد تخلي تركيا عن دورها في دعم الإرهاب والتحالف مع السعودية وقطر في دعمه في سوريا والعراق.

وفي ظل كل هذه التطورات السريعة، على الدبلوماسية العراقية انتهاج قدر من التوازن بين هذه الأقطاب رغم صعوبة بلورة مثل هذا التوازن. فلم يعد من الصحيح رمي كل "بيوضنا" في سلة الولايات المتحدة، بل الموازنة  بين علاقاتنا مع الأخيرة ومع الأقطاب الأخرى وخاصة روسيا والصين دون التخلي عن مواثيقنا مع الولايات المتحدة. فالولايات المتحدة في عهد ترامب لا يركن إلى ثباتها واستقرارها في الموقف تجاه العراق والالتزام بالاتفاقية الأمنية معها. كما أن النفس الطويل الذي أبداه العراق تجاه تعنت أردوغان وسعيه للصدام مع العراق في وقت تخوض قواته حرباً شرسة ضد الإرهاب، كان نهجاً حكيماً يجب أن يتم تطبيقه مع كل الأطراف الاقليمية التي تسعى إلى إثارة التوتر والعداء ضد بلادنا. فالوضع الحالي للبلاد لا يسمح لها بخوض مواجهات حادة وعسكرية والانجرار إلى أجواء العداء خاصة مع الدول الاقليمية وبلدان الجوار أو الانجرار إلى نهج المحاور. وعلى هذا، يجب أن تسعى الدبلوماسية العراقية إلى شل محاولات أطراف في السعودية وحتى في العراق لشحن العداء الطائفي وإلحاق الأذى بالعراق. فاستمرار التوتر بين البلدين لا يصب إلاّ في صالح تلك القوى المعادية الاقليمية والدولية التي تسعى إلى استنزاف قدرات البلدين وحرفهما عن طريق الاستقرار والتنمية وحل مشاكل البلدين ووضع العراق في زاوية التورطفي المحاور الطائفية بعيداً عن المصالح الوطنية وحماية استقرار وأمن العراق. هناك مؤشرات تساعد على لجم هذه القوى في السعودية. فالمشروع السعودي والقطري للهيمنة على المنطقة من خلال إثارة الحريق في العراق وسوريا وبعض دول الاقليم تبدو قد فشلت وأرهقت الميزانية السعودية وعرضتها للعزلة اقليمياً ودولياً. وتمثل ذلك في موجة الإدانة ضد حكام السعودية في أوساط الرأي العام الدولي. كما أن هناك مؤشرات وتلميحات حول مساعي صوب قدر مع التفاهم بين ايران والسعودية لكبح موجة التناحر الطائفي بين قطبي الصراع الطائفي في المنطقة. ويمكن للدبلوماسية العراقية أن تلعب دورها البناء في ذلك وأن تبتعد عن الشحن الطائفي الذي يغذي الأطراف المتطرفة الطائفية في كلا البلدين، إضافة إلى تطبيع العلاقات بين السعودية والعراق.

وهنا ينبغي على الدبلوماسية العراقية أن تقف على مسافة واحدة بين الطرفين (ايران والسعودية) خاصة حينما ما يتعلق الأمر بالثوابت الإنسانية. ففي الوقت الذي تتعالى فيه أصوات الدبلوماسية العراقية وبعض العراقيين تنديداً بإعدام ثلاث من الشبان البحرينيين، وهم على حق كنهج في الدفاع عن حقوق الإنسان الذي نص عليه الدستور العراقي، يجب على الدبلوماسية العراقية أن تتخذ نفس الموقف تجاه انتهاكات أخطر ضد حقوق الإنسان في أيران أيضاً دون السكوت عنها لمدوافع طائفية. ويمكن أن تلجأ الدبلوماسية العراقية إلى تبصير الطرفين بخطورة هذه الممارسات المنافية للمعايير الدولية وتداعياتها على بلدان المنطقة دون تأجيج المواجهة معهما، أو التزام الصمت تجاه كلا الطرفين الذين ينتهكان الحقوق الإنسانية تجنباً لمزيد من التوتر والتجاذب بين بلدان الجوار والوقوع في فخ المحاور الطائفية وتجاذباتها المدمرة  للعراق.   

ولا يمكن للدبلوماسية العراقية أن تكون نشطة وتلعب دورها في حماية البلاد وإرساء أجواء السلم والتعاون إلاَ عن طريق سعي العراقيين بكل مكوناتهم ترميم الأجواء الداخلية وإحلال أجواء الألفة والتعاون خاصة بين الكتل السياسية التي تتحمل النسؤولية الأولى في إذكاء موجة العداء الطائفي. فليس هناك أمام العراقيين من طريق للخروج من أزمتهم سوى اللجوء إلى الحوار في بغداد وليس الحوار في أنقرة وطهران والرياض التي لم تجلب الخير والاستقرار للبلاد، ونبذ التجاذب والمواجهات الطائفية والمذهبية والقومية، والالتزام بالمعايير الوطنية العراقية. ولعل مجريات ملحمة تحرير الموصل من براثن الإرهاب على يد القوات الأمنية العراقية الباسلة بمختلف صنوفها ومكوناتها العراقية لخير دليل على أن المواطنين العراقيين البسطاء على اختلاف مشاربهم لا يحملون أية ضغينة تجاه أبناء جلدتهم، مهما تنوعت أديانهم ومذاهبهم وقوميتهم وأفكارهم وإنهم بعيدون كل البعد عن اللعب بالورقة الطائفية والمذهبية والقومية رغم التعبئة المحمومة لأجهزة دعائية وفضائيات بعينها لبذر يذور المواجهات الدموية بين مكونات هذا البلد. فالعلة اذن تكمن في المصالح الضيقة للكتل والشخصيات السياسية المتاجرة بالطائفية والمذهبية والقومية التي لا يمكن لها أن تهيمن وتكرس سطوتها وتتقاسم الحصص والغنائم إلاّ عن طريق إذكاء شرور التجاذب الطائفي والطيني والعرقي كي تحقق أحلامها في السيطرة على السلطة والنفوذ والمال. إن بقاء مثل هذه الكتل الطائفي في مواقعها تضعف الدبلوماسية العراقية وتشتت جهودها وتعرقل أي مسعى للعراق في إرساء أجواء السلام والتعاون بين الدول ولا يحقق للعراق الأمن والتنمية وتصفية مواقع وحواضن الإرهاب في بلادنا.

21/1/2017

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.