كـتـاب ألموقع

التحالف ضد الجمهورية الاسلامية وانعكساته الداخلية// ترجمة عادل حبه

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

الموقع الفرعي للكاتب

التحالف ضد الجمهورية الاسلامية وانعكساته الداخلية

بقلم الكاتب الايراني كاظم علمداري

ترجمة عادل حبه

 

يبدو أن حكومة روحاني تدرك أن الطريق الوحيد لبقاء النظام الحالي هو معالجة اقتصاد البلاد والاستجابة لحاجات الشعب ومطاليبه. ولكن المتطرفين الإيرانيين بزعامة آية الله خامنئي والحرس الثوري يرون أن الحفاظ على السلطة لا يتم إلاّ عبر إشاعة الرعب كوسيلة لكم أفواه الشعب وقمع المعارضين. إن إدارة البلاد عن طريق إشاعة الرعب والقمع لها علاقة مباشرة بإشاعة الاضطرابات وعدم الاستقرار في المنطقة ورفع الشعارات الدائمة ضد الأعداء المفترضين. إن مشاهد عدم الاستقرار وانعدام الأمن والحرب والارهاب في المنطقة وإثارة القلق في ذهن الشعب الإيراني لا يعو د إلاّ بالفقر على المجتمع وانتشار البطالة والتضخم المتزايد والاختلاس والفساد والديكتاتورية وكل مظاهر عدم الاستقرار. لقد بلغ الأمر حداً بحيث أن بعض معارضي النظام راح يبرر هذه السياسة تحت ذريعة الحفاظ على الأمن الداخلي وتعزيزه في مقابل التهديدات الخارجية، في حين أن الجمهورية الاسلامية نفسها تقوم بدور بارز في خلق حالى عدم الاستقرار والحروب الدينية والخراب في سوريا والعراق ولبنان واليمن، وتعتبر نفوذها وحضورها في هذه البلدان بمثابة "عمقها الستراتيجي". إن اعتماد سياسة عدم الاستقرار في المنطقة أدت إلى معارضة الجمهورية الاسلامية لاقرار السلام في سوريا، إذ أن أي سلام يمكن أن يؤدي إلى إزاحة الأسد من السلطة من شأنه أن لا يبقي أي أثر للجمهورية الاسلامية في سوريا مستقبلاً، في حين أن استمرار الحرب من أجل الحفاظ على الاسد سيؤدي إلى الإبقاء على تركية والدول العربية في المنطقة تخوض في آتون الأزمة. وبذلك تجني الجمهورية الاسلامية الفائدة من هذا الوضع.

كونفرنس الأمن في ميونيخ

عقد في نهاية شباط المؤتمر الأمني في ميونيخ بمشاركة ممثلي 70 دولة وعدد من المنظمات الدولية ومن ضمنها السكرتير العام لهيئة الأمم المتحدة والسكرتير العام لحلف الناتو والأمناء العامين منظمة التعاون الاسلامي وجامعة الدول العربية ومنظمة شانغهاي ورؤساء البرلمانات الأوربية ومجلس اتحادها ورئيس السياسة الخارجية للاتحاد الأوربي والمدراء العامين للوكالة الدولية للطاقة النووية والبوليس الدولي والمنظمة الدولية للهجرة والوكالة العليا لشؤون اللاجئين ولجان الاتحاد الأوربي. وهاجم وزراء خارجية العربية السعودية وتركية ووزير الدفاع الاسرائيلي ومعاون رئيس الولايات المتحدة في هذا اللقاء  سياسة عدم الاستقرار التي تتبعها الجمهورية الاسلامية. أمن جانبه، أشار محمد جواد ظريف إلى فرضية الانتقال من "النظام العالمي الذي كان يهيمن عليه الغرب"، وبرر السياسة المتشددة للجمهورية الاسلامية في المنطقة وطالب بقبولها في الرقابة في المنطقة. إن جواد ظريف الذي يعلم علم اليقين بأدوات الضغط العالمي على الجمهورية الاسلامية، صوّرموافقة الجمهورية الاسلامية على الاتفاق النووي بكونه لا يمثل تراجعاً أمام الضغظ الدولي، بل نتيجة للدبلوماسية الايرانية. ولكن خلافاً لوجهة نظر ظريف، فإن المحافل الدولية توصلت إلى استنتاج بأن الجمهورية الاسلامية لا تتراجع إلاّ عندما تتعرض إلى الضغوط الدولية وبعد أن تشعر بالخطر. ولذا السبب يطرح الآن على جدول العمل تشكيل تحالف واتحاد ضد الجمهورية الاسلامية في المنطقة.

افتتاح المكتب العربي لحلف الناتو

وإضافة إلى التعاون بين العربية السعودية وتركية والامارات العربية المتحدة واسرائيل، افتتح المكتب العربي للناتو في الكويت بمشاركة أربعة بلدان، هي الامارات العربية المتحدة وقطر والبحرين والكويت. ومن المقرر أن تلتحق كل من العربية السعودية وعمان بهذا التحالف. وسيتولى الناتو عبر هذا المكتب مهمة تقديم العون العسكري والأمني لدول الخليج العربية عن طريق اقامة دورات تعليمية متقدمة في ميدان الأمن السيبري والأمن النووي والأمن الكيمياوي والأمن البيولوجي والأسلحة النووية.

وعلاوة على ذلك يدور الحديث عن تشكيل منظمة دفاعية شبيهة بحلف الناتو يضم عدداً من البلدان العربية في المنطقة إضافة إلى تعاون أمريكا واسرائيل مع هذا الحلف. وستصبح القرارات الدفاعية والأمنية لهذا الحلف شبيهاً بحلف الناتو: أي أن الحملة على أي عضو في الحلف سيعد بمثابة حملة على كل أعضائه. ولذا ففي حالة نشوب الحرب، فبالاضافة إلى الدول العضوة في الحلف الجديد، ستنبري كل من أمريكا واسرائيل في خوض المواجهة ضد الدولة المعادية. وإضافة إلى ذلك، فإن رئيسة ووزراء بريطانيا في خلال زيارتها الدول الخليج، أعلنت عن دعمها الكامل لدول الخليج في مواجهة ايران. ومع اتخاذ الخطوات العملية صوب تشكيل هذه التحالفات والاتحادات، فمن المتوقع أن نرى انعطافة جدية في سياسة الجمهورية الاسلامية في سياستها الراهنة.

زيارتان

بتاريخ 26 كانون الثاني الماضي، قام الشيخ خالد الصباح بزيارة مفاجئة إلى ايران، وسلم رسالة دول التعاون الخليجي الموجهة إلى القيادة الايرانية. ونتيجة لهذه الزيارة، قام الرئيس حسن روحاني في 27 من كانون الثاني بزيارة إلى كل من عمان والكويت. والظاهر أن روحاني طلب وساطة عمان والكويت بين العربية السعودية والجمهورية الاسلامية. ولكن افتتاح مكتب الناتو وطرح مشروع تشكيل تحالف عسكري شبيه بالناتو في المنطقة، قدأكدا على أن دبلوماسية روحاني لم تأكل أكلها، لأن سياسة الجمهورية الاسلامية في المنطقة قد خرجت من يد روحاني ليستمر حرس الثورة بإدارة ملف هذه السياسة.

مؤتمر السلام في آستانه

إن مجيء ترامب إلى البيت الأبيض وتقارب موسكو مع واشنطن كما لوحظ في مؤتمر آستانه يمكن أن يؤدي إلى إضعاف مكانة الجمهورية الاسلامية في سوريا. ففي الوقت الذي تسعى الجمهورية الاسلامية إلى بقاء الاسد في منصبه عن طريق النصر في الحرب، فإن لقاء السلام في آستانه يسعى إلى خروج الميليشيات من الأزمة الحالية. كما إن دعوة أمريكا للمشاركة في الكونفرنس خلافاً لإرادة الجمهورية الاسلامية تشكل رسالة جديدة إلى المسؤولين الإيرانيين. كما أن اتفاق تركية وروسيا وأمريكا حول احتمال ابعاد الأسد عن الحكم يشكل قلقاً آخراً للجمهورية الاسلامية. هذا في الوقت الذي تعتمد فيه الجمهورية اعتماداً قوياً على روسيا في مواجهة الضغوط الغربية. ولكن الروس يسعون إلى مصالحهم ووقفوا إلى جانب أمريكا وأوربا كما شهدناه في مجرى اتخاذ القرارات الخاصة بمقاطعة الأمم المتحدة والوكالة الذرية الدولية للجمهورية الاسلامية.

الكونفرنس السادس للدفاع عن فلسطين

عقد الكونفرنس السادس للدفاع عن فلسطين بتاريخ 22 شباط في طهران. وقد غابت عن الاجتماع المنظمات الفلسطينية الرئيسيةكمؤشر على ابتعاد الفلسطينيين عن الجمهورية الاسلامية وتقاربهم مع الدول العربية. وقد افاد خامنئي في خطابه إلى توصيف إسرائيل بأنها "الغدة السرطانية" و "المزورة"، وحمل على أمريكا وحذر المنظمات الفلسطينية عندما قال:" إن كل منظمة فلسطينية تبتعد عن المقاومة، فإنها تبتعد عنا". وأدرك خامنئي حقيقة توجه الفلسطينيين صوب العرب بمثابة ابتعاد عن المقاومة وعن الجمهورية الاسلامية. وهنا يطرح السؤال التالي، هل أن السياسة التي اتبعتها الجمهورية الاسلامية خلال 37 سنة الماضية قد قدمت المساعدة للفلسطينيين أو أنها كانت تهدف إلى تأمين مصلحة الشعب الايراني وامن أيران، أم أنها أدت إلى دفع العرب حلفاء فلسطين للوقوف إلى جانب إسرائيل؟

استنتاج

إن التحالف السياسي والعسكري الغربي مع الدول العربية وغير العربية في المنطقة ضد الجمهورية الاسلامية ستجبر المرشد وحرس الثورة إلى إعادة النظر في سياستهما. فالجمهورية الاسلامية عندما تشعر بالاخطار المحدقة، تتراجع بشكل مفاجئ وغير متوقع عن مواقفها. هكذا الحال عندما قبلت بقرار الأمم المتحدة رقم 598 للسلام مع العراق، والتخلي عن مشروعها النووي الذي أطلقت عليه أسم "المرونة البطولية"، وهما نموذجان بارزان من التراجع الحاد للجمهورية الاسلامية أزاء الضغوط والتهديدات الخارجية. إن البتعاد عن سياسة عدم الاستقرار وانعدام الأمن في المنطقة، ستجبر الجمهورية الاسلامية من أجل بقائها إلى الاستجابة لحاجات ومطاليب الشعب الايراني بدلاً من إثارة الرعب والقمع، والقبول بإقامة علاقات عادية مع دول الجوار والغرب. فنظراً للمشاكل المالية والاقتصادية والبنكية وتدهور مستويات المعيشة لدى لشعب، فإن هذا التراجع يمكن أن يشكل بداية لتحولات اجتماعية وسياسية أخرى في إيران.