اخر الاخبار:
محافظ نينوى يزور مطرانية القوش - الثلاثاء, 16 نيسان/أبريل 2024 10:33
زيارة وفد هنغاري الى دار مطرانية القوش - الثلاثاء, 16 نيسان/أبريل 2024 10:32
طهران تتراجع عن تصريحات عبداللهيان - الإثنين, 15 نيسان/أبريل 2024 11:24
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• "سيرك" البصرة يشكل تهديداً "للشريعة"!!!!

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

عادل حبه

 

 مقالات اخرى للكاتب

·        "سيرك" البصرة يشكل تهديداً "للشريعة"!!!!

 

 

سيرك مونتي كارلو أثناء تقديم عروضه في مدينة البصرة

 

إن المهمة الاساس للمتطرفين الدينيين في كل العهود ومن مختلف المذاهب هو وضع المواطن ، وخاصة المرأة ، في خيمة الجهل وفرض وترديد تعويذات مفعمة بالبكاء والنكد، وابقاء الشعب مشلولاً وغير فعالاً لإصلاح حياته، وحرمانه بفتاوى وتخريفات من  كل ما هو جميل وبهيج في طبيعتنا وكوكبنا الرائع، ومن ما أبدعته قرائح الإنسان من قيم جمالية وفنية وإرث حضاري على مختلف الأجيال. ولعل السنوات السبع الماضية في عراقنا الجريح الذي استباحته قوى الظلام من إرهابيين وفلول الحكم المنهار وحملتهم الإيمانية الشائنة أو من أدعياء الدين من المتطرفين والميليشيات الدينية المتطرفة الذين انتشروا على الساحة العراقية بعد التاسع من نيسان عام 2003 هي خير شاهد على ما يكنه التطرف الديني من جهالة وتخلف للعراق وللعراقيين.

إن هذه الزمر المتطرفة ومن شتى المذاهب لا يهمها بناء البلد ورفع المستوى المعاشي والثقافي للشعب، ولا رفع الظلم والحرمان عن ما تعرض له المواطن العراقي خلال العقود العجاف لحكم البعث، بقدر ما تسعى إلى فرض الجهالة والظلامية على المواطن العراقي كي يتسنى لهذه الزمر المتسترة بستر دينية أن تفرض سطوتها على العراقيين وتنفيذ مشروعها الاستبدادي والرجعي المتخلف وتكريس هيمنتها على البلاد. وهكذا شاهدنا كيف عاثت الزمر الإرهابية التي عبرت الحدود وضمن أجندات إقليمية مشبوهة وراحت تفرض فتاوى عجيبة وغريبة على العراقيين وتنفذ أبشع الجرائم من دق الأعناق وتفجير العراقيين وهدم مساكنهم وأماكن عبادتهم وكل المرافق الخدمية والإقتصادية تحت واجهة كاذبة من المقاومة المزعومة. كما إثارت هذه الزمر المشبوهة النعرات الطائفية والمواجهات بين الأديان بهدف أن يخلو لها الجو لتكريس سطوتها وإستبدادها الديني وإرجاع عجلة الزمان إلى الوراء. ولم يتردد كل أرباب التطرف الديني من كل الألوان عن هذا المسلك الشائن.

 فشهد العراقيون خلال هذه السنوات الدموية العجائب من تصرف التيارات الدينية المتطرفة واندفاع رجال التطرف الديني نحو السلطة والنفوذ والتحكم بالشارع العراقي والتغلغل في أجهزة الدولة وتهديد العراقيين حول سلوكهم ولباسهم ووسائل لهوهم وأفراحهم وبشكل يتعارض مع ما حدده الدستور للعراقيين من حق التمتع بالحريات الفردية، ولقيت المرأة العراقية حصة الأسد من هذه الممارسات المدانة. لقد نصبت هذه الزمر من رجال الدين المتطرفين نفسها كوكلاء للخالق يحق لهم حتى تنفيذ ما حرمه ربهم من إيذاء عباد الله و قتلهم بشتى الذرائع. إن القانون والدستور العراقي ليس له قيمة عند هؤلاء، بل لهم قوانينهم التي ينفذونها عبر التهديد واستخدام السلاح أو الحيل والمؤامرات التي لا تخفي على أحد.

لقد كان آخر مبتكرات هذه الزمر المتطرفة هو السعي الخطير لتنفيذ القتل الجماعي والإبادة الجماعية على غرار ما سلكه النظام المنهار. وتشكل المجزرة التي أرتكبت بحق العراقيين المسيحيين في كنيسة سيدة النجاة في الكرادة والتفجيرات التي طالت بغداد في اليوم التالي  أوج ممارسة الإجرام والإبادة الجماعية للعراقيين. هذه الأفعال أماطت اللثام عن جوهر هذه النفوس المريضة المشبعة بالكراهية للإنسان والتي لا تريد أن يخيم السلام والمحبة والمودة على ربوع العراق، ولا أن تعلو الفرحة والبسمة على شفاه العراقيين. إن هذه النزعة السوداوية الشيطانية التي  يبرع ويتنافس عليها أنصار التطرف الديني هي التي وقفت وراء عرقلة  مهرجان بابل قبل أشهر، وهي التي منعت العديد من الفعاليات الثقافية وفتح دور السينما والمسرح  في مختلف مناطق العراق. فقوائم المحرمات تزداد كل يوم وأصبح كل شئ محرم في إذهان هؤلاء ، ولا يحلل إلا الوجوم والبكائيات واللطم وضرب الزناجيل وكأن العراقي لا يسعى إلى الفرحة واستشراف الأمل والحلم بما هو جميل لبلده العزيز.

 لقد كان آخر إبداعات التيار الديني المتطرف الذي يحارب الفرحة واللهو البرئ خلال السنوات السابقة في البصرة، هو الهجوم على مكان عرض السيرك الدولي وتطويقه ومنع إجراء مشاهده بذريعة أن الأرض التي قامت عليها هذه الفعالية تعود إلى الوقف الشيعي!!. وبين مدير الوقف الشيعي في البصرة محمد المطوري في حديث لـ"الشرق الأوسط" أن "الأرض التي أقام سيرك مونتي كارلو فعالياته عليها هي وقف حسيني ولا يجوز استخدامها بطريقة مخالفة "للشريعة"!!!!. ولا ندري أية شريعة هذه التي تهاب "السيرك". لقد أضحت هذه الشريعة الملتبسة كالمطاط يسحبوه ويقلصوه حسب هوى هؤلاء المتطرفين.

إن المشكلة لا تكمن في الأرض وعائديتها بقدر ما أن هناك مسعى حثيث ومبرمج من المتطرفين في البصرة وغيرها لفرض نمط رجعي متخلف من السلوك والحياة على العراقيين، وفرض نظام ثيوقراطي لا يقل شراً عن أنظمة الطلبان والوهابيين وولاية الفقيه. وكما كشف مصدر مقرب من ديوان محافظة البصرة، رفض الكشف عن هويته، في حديث لـ"الشرق الأوسط" أن "هناك ضغوطا مورست على المحافظة وديوان الوقف الشيعي تهدف لوقف عروض السيرك في البصرة". وتابع المصدر أن "شخصيات دينية وأحزابا إسلامية كانت تقوم بتلك الضغوط، ومنها من أصدر بيانات تندد بإقامة فعاليات السيرك على أرض تابعة للوقف الشيعي".

لنفترض أن هذه الأرض تعود إلى الوقف الشيعي، فهل أن الوقف الشيعي مؤسسة تقوم على منع النشاطات الثقافية للأطفال والكبار وتفتي بحرمان الترويح عن خواطر عباد الله كي يبتعدوا وينسوا ولو لبضع دقائق الجرائم والأحداث المؤلمة التي يرتكبها أقرانهم الإرهابيين القادمين من خارج الحدود والتي تسفك دماءالعراقيين. ألم يكن من الأجدر بالوقف الشيعي أن يشجع مثل هذه الفعاليات البريئة ويقدم كل امكاناته لنجاحها كي يبتعد الناس عن أجواء الرعب والتوتر والعنف والإنحراف. أوليس من الأجدر بالوقف الشيعي أن يوظف كل الموارد الهائلة التي يحصل عليها والتي تصرف بدون أية رقابة شعبية، من أجل بناء مؤسسات للترفيه عن هذا الانسان البصري الذي نكب بالحروب والبطش وبالحرمان وهو يعيش على بحيرة نفطية؟ أليس من الأجدر بالوقف الشيعي في البصرة، بدلاً من غلق السيرك " هذا المرفق الخطير" بنظرهم، أن يشجع الناس ويصرف ما عنده من موارد مالية ضخمة للمساعدة على نظافة مدينة البصرة، و"النظافة من الإيمان" كما يردد الدين؟ وأليس من الأجدر بالوقف هذا أن يسعى لبناء المدارس لوضع حد للمدارس الطينية والمدراس المزدحة بدلاً من إنزال غضبه وتكفيره لسيرك بسيط تحمّل أفراده المخاطر بالقدوم إلى العراق من أجل رسم البسمة على أطفال البصرة الأبرياء. يبدو إن هؤلاء لا يريدون إلاّ أن ينشئوا عبيداً وجيلاً جاهلاً لا يعرف ما يجري في عالمنا من تطورات كي يسهل زجه في مناورات المتطرفين والمتعصبين من شتى الألوان. إن كل ممارسات أقطاب التطرف الديني منصب فقط على التفنن في تسطير المحرمات ومطاردة العراقيين في لهوهم البرئ وملاحقة المرأة العراقية وتهميشها وتحويلها إلى جارية في أروقتهم ومواطن من الدرجة المتدنية. أما بناء البلد وحل المشاكل العويصة التي خلفها النظام السابق ومعالجة نتائجها الاجتماعية الخطيرة والتوجه لحل مشاكل اليتامى ، على غرار ما تقوم به جمعيات خيرية دينية في دول أخرى، فهي ليس من صلب مهماتهم. إن على رجال الدين المتنورين أن يتصدوا لهذه المظاهر الخطيرة وردع تلك القوى المتطرفة الدينية كي تتخلى عن نزعة الوصاية على سلوك الناس وانتهاك الحريات الفردية وإثارة الفتن. فالإكراه مرفوض عقلياً ودينياً، والسعي للنفوذ والسلطة والتجبر ليس من شيم الدين الذي يسعى للرحمة والرأفة بين الناس كما يقال.

8/11/2010

  

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.