كـتـاب ألموقع

• العولمة .. و((هموم الترجمة)). وأعلى مراحل الرأسمالية

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

د. هاشم عبود الموسوي

العولمة .. و((هموم الترجمة)). وأعلى مراحل الرأسمالية

 

عندما كُنتُ في العقدين ما قبل الأخير أنشر مواضيعاً متعددة في علوم متنوعة لجرائد عربية ولمجلة النفط والتنمية العراقية   و التي كا يدير تحريرها الأستاذ جاسم المطير آنذاك ، والذي نقل اليّ بواسطة بعض الأصدقاء بأنني ولّدت له يعض المشاكل ولليوم لا أدري أبا كان نوعها،  وهكذا كنت مبتعداً ومؤجلاً للنشر الأدبي. .. و كانت تصادفني مصطلحات، وكلمات جديدة، أقرأها بالمصادر الألمانية والإنكليزية لأول مرة، وأكثرها يكون قد تطوّر مع تطور الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وفي الغالب كانت تتخذ هذه المصطلحات صيغة المصدر وتنتهي بالحروف الإنكليزية الثلاثة (ism).

هذه "الإيزمات" الإنكليزية كثرت وخثرت، وأصبحت ظاهرة لغوية كما هو الحال عند الياء والتاء المربوطة في اللغة العربية.. وأنا مُدرك بأن ايزم (ism) من الممكن إضافتها على ما يُمكن من الأسماء والمفردات لتُصبح بقدرة قادر مبدأ أو مذهب.. وأذكر أنني كُنتُ أُريد أن أُترجم مقالاً من اللغة الإنكليزية في منتصف الثمانينات من القرن الماضي، فواجهتني كلمة (Globalism)، وأخذتُ أُفكّر فيما تعني هذه الايزم عندما تُضاف إلى (Globe) "الكون"، فالأقرب كان في ذهني هو "الكوني"، الذي يوحي بوجود نظرية وتطبيق لها. عندما قرأت التقرير الصادر عن منظمة العمل الدولية شعرتُ بأني قرأت بياناً عن (الإيزم) هذه لا تعني أكثر من أن يخضع العالم لمنظور فكري واحد هو المنظور الرأسمالي المطروح من وجهة نظر مجموعة الدول الرأسمالية والصناعية الكبرى بقيادة أمريكا، وأنها تعني من وجهة النظر الرأسمالية الاتجاه الذي ينبغي أن يسير العالم بقاراته الخمس وجزره المبعثرة في البحار والمحيطات عليه وغير ذلك ينبغي مواجهته ومحاربته والعمل على تفتيته. ومن هنا كانت وجهة نظري أن هذه الـ(Globalism) لا تعني سوى (التدويل) أي تدويل العلاقات بين الدول وبين المجتمعات بعضها البعض تدويل علاقاتها كلٌ على انفراد، وتدويل علاقاتها الإنتاجية والصناعية وخدماتها، وأسواقها وأسواق عملها تدويلاً رأسمالياً، وتدويل علاقاتها الثقافية ومواقفها الثقافية الأدبية والفنية وعلاقاتها السياسية وأنظمتها في اتجاه واحد هو الاتجاه الرأسمالي على النمط الذي تسير عليه الدول الرأسمالية الكبرى ومنظماتها وتنظيماتها المختلفة، ومن هنا جاءت توصيات منظمة العمل الدولية في اتجاه هذا الخط من مفهوم هذا التدويل، ومن هنا كانت توجيهاتها هو المزيد من تشجيع القطاع الخاص الرأسمالي، (أي فتح) الحدود بدون قيود أمام الصادرات والواردات أمام الأسواق الرأسمالية... فتح الطريق أمام الشركات المتعددة الجنسيات وتغيير جميع العقائد والفلسفات والتشريعات في جملة الدول والحكومات التي تشكّل (المعمورة) أمام رؤوس الأموال الأجنبية الأمريكية والفرنسية والإنجليزية، وبدون قيود أو حدود، أي أن توصيات منظمة العمل جاءت في هذا الاتجاه من التدويل، وضربت أمثلة كثيرة من هذا القبيل، ومن ثم فإنّ هذه لا تحتاج إلى هذه الرطانات الإجهاضية، وإلى هذه الاجتهادات في الترجمة مِن عولمة وكوكبة، ... إنها لا تعني سوى تدويل العالم وعلاقاته بمُجملها العام الخاصة والعامة في اتجاه واحد هو (التدويل الرأسمالي في أعلى مراحله). وحركية رأس المال على المستوى الدولي.. وربما تشهد هذه الحركة عدة تغيرات من حيث أحجامها واتجاهاتها وتطرح علينا مصطلحات أخرى جديدة.