اخر الاخبار:
اخبار المديرية العامة للدراسة السريانية - الأربعاء, 24 نيسان/أبريل 2024 18:10
احتجاجات في إيران إثر مقتل شاب بنيران الشرطة - الثلاثاء, 23 نيسان/أبريل 2024 20:37
"انتحارات القربان المرعبة" تعود إلى ذي قار - الإثنين, 22 نيسان/أبريل 2024 11:16
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

الأنوثة ..كيف ننقذها .. ثم تنقذنا من فحولتنا المستبدة؟ -//- د. هاشم عبود الموسوي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

 

اقرأ ايضا للكاتب

د. هاشم عبود الموسوي

الأنوثة ..كيف ننقذها .. ثم تنقذنا  من فحولتنا المستبدة؟

أبدأ متسائلا : ما هو العمل المناسب والفعال والمفيد للمرأة في مجتمعنا الحالي، الذي تحيط به الأزمات والكوارث ، من كل  صوب و مكان ؟

يُعرّف العلماء والمختصون ، التربية  بأنها عملية يقوم بها المجتمع لتربية أبنائه ، لتمييزهم عن غيرهم بصفات معينة .. وذلك بإكسابهم المهارات المختلفة ، الوجدانية و الإجتماعية و الإقتصادية  والسلوكية .

ولا شك بأن الغاية الأساسية من التربية ، فهي لتشكيل الفرد ، والمجتمع تشكيلا إنسانيا ، وتطويره خلقيا ، لغرض بقاء المجتمع الأنساني و إستمراره ، وتلعب الثقافة دورا كبيرا في هذا التشكيل ، لأنها تجمع كل المكونات من اللغة والعادات و التقاليد والتراث والسلوك الأجتماعي والديني التي تستند عليها التربية .

لقد لعبت المرأة (ضمن الأسرة) الدور الرئيسي ، عبر كل مراحل التاريخ ، دورا مميزا في تزويد الأطفال بالمعرفة الثقافية ، وبدءا باللغة  و معاني المفردات والكلمات و الرموز والإشارات والممارسات اليومية لشؤون الحياة ، الى الحكم على الأشياء بالصواب والخطأ ، وتنمية الأبعاد الأنسانية فيهم ، حتى يصلون الى أقصى حد  لهم من  النمو والنضوج ، كما يقال قديما: (إن حضن الأم هو المدرسة الأولى) ، وبالتالي  فإن الأسرة والأم على رأسها هي أول موقع لتربية الأنسان و نضجه ، فعلى الوالدين  تعليم أطفالهم منذ الصغر دروسا في الإحترام ، والأتكيت ، بالإضافة  الى الطريقة المناسبة لإرتداء الثياب ، والأسلوب المناسب في الأكل و الشرب ، والفسيولوجيا ، وعلم الصحة الجسدية .

ولعل من أبرز جوانب التربية الخلقية ،هي القدوة ، والتي تمتد من مرحلة الحمل الى مرحلة النضوج والثبات ، ويكون الأطفال أكثر تأثرا بالقدوة ، إذ يقلد الأطفال في سنواتهم الأولى ، كل ما ما يفعله الكبار . ، ويعتقد الأطفال أن مايفعله الكبار هو صحيح ، وبأن أباءهم هم أكمل الناس وأفضلهم ، لهذا فهم يقلدونهم ويقتدون بهم , وعلى الوالدين تقع مسؤولية جسيمة ، فهم يقومون بمساعدة أبنائهم

في النمو والنضوج ، ومحاولة زرع الثقة في أنفسهم ، لتجاوز الصعوبات والعقبات .

في مجال تربية الأفراد في المرحلة الممتدة بين ولادة الطفل وحتى نضجه وبلوغه سن المراهقة ، لابد لي أن أوضح مسألة تخص الوالدين ( الأب و الأم)

ولا أريد هنا أن أخوض في الفوارق البيولوجية بين الذكر والأنثى ، لأني سأبدلهما بمصطلحين أعتقد بأنهما هما الأصح في موضوعة تعالج مسألة التربية ، ألا  وهما  (الفحولة ، والأنوئة ). و سآتي لشرح السبب في ذلك .

لو نظرنا الى الشخصية العراقية المعاصرة ، بما إكتنفتها من تعقيدات وأحداث تاريخية ( منذ عصور سحيقة ، وحتى يومنا هذا ) ، لوجدناها تميل الى التأزم نوعا ما و الى السلوك العنفي ،  والذي تفاقمت مظاهره في الفترة الأخيرة ،وهنالك أسباب متعددة ، لا أرى من المناسب الخوض فيها في هذه المقالة المتوجهة أساسا لشرح مقترح محدد ، أجده من الأهمية القصوى لصالح خلق سلوكية سليمة ، قد تنقل مجتمعنا الى الحالة المثلى في العقود القادمة .

أستطيع أن أجزم بأن العنف هو ظاهرة ذكورية في الأنسان ، حتى ولو قامت بها  أنثى ، والأنوثة أعني بها الليونة التي نحتاجها اليوم أكثر من أي وقت مضى ، و الفحولة تعني لي ، الصلابة والتصلب حد الإنكسار. وإن الأنوثة والرجولة  هما قوى مجردة ، وإن كل أنثى فيها نسبة محددة من الفحولة ، وإن كل ذكر فيه أيضا نسبة محددة من الأنوثة . وأعتقد بأن العنصرين ، هما الأساسيان في هذا الكون ( الأنوثة والفحولة) ، (المانح و المستقبل) –بكسر الباء- ، ( الفعال الدافع العنيف، والمستقطب الساكن  الهادئ) .

وأرى  بأنه لا مجال أمامنا اليوم لنبقى على تعنتنا وعقليتنا العشائرية الرجولية ، بالتمادي الواضح في تحقير دور المرأة ، التي تبلغ أعدادها ونسبة وجودها  في مجتمعنا الى أكثر من نصفه .

وأذكر هنا بأن دراسة مهمة أثارت إنتباهي ، سبق لي وأن إطلعت عليها ، وكانت قد نشرت في مجلة " النزاهة و الشفافية للبحوث و الدراسات" في عددها الصادر في أيار 2009، وكانت بعنوان " الأساليب التعليمية في تعليم قيم النزاهة للتلاميذ" ، وكانت من إعداد كل من الباحثين : "حسين ميران عجيل " ، و " عقيل شهاب حسين " ، والذي إستنتجا فيه بشكل قاطع ، الأرجحية و التميز الواضح  لصالح الأناث في العملية التربوية .. وجاء ذلك في الصفحات  (64  - 67) في نفس المجلة المذكورة آنفا .

حيث جاء في نهاية إستنتاجات البحث  :

" أن المعلمات يحسن الظن أو يتقبلن الواقع  أو أقل مطالبة بالسلطة التربوية من زملائهن من الذكور ، ومن جهة أخرى فقد يكون المجتمع الذكوري  الذي يجعل السلطة والقيادة  بيد الرجل يطالبه  بالمسؤولية المالية  ، دافعا الذكور للبحث عن مصادر تمويل وغنى سريع ، و إستثمارفي مجالات المهن الحرة المتعددة ، التي تقتصر بطبيعتها على الرجال دون النساء  ، أو قد يكون السبب أن المعلمات أكثر رضا بجكم طبيعتهن النسوية الأنثوية

وتكوينهن البايولوجي ، في الإنصراف للعناية بالأسرة و تربية الأطفال ، وتربية البيت ، وإستثمار ما يتيسر لها من جهد و وقت في العمل التدريسي ، والتفرغ للعناية بشؤون الدراسة والمدرسة و المحافظة على النظام و الحرص على الدوام نظرا لعدم تقاطع المسؤوليات الحياتية الزوجية " .

لذا اقترح بأن تخصص معاهد وكليات  التربية لقبول الأناث فيها فقط، من أجل أن تكون بعد ذلك مؤسسات دور الحضانة ورياض الأطفال والمدارس (بمراحلها الثلاث، حتى إنهاء مرحلة الأعدادية " البكالوريا") حكرا على المربيات والمعلمات والمدرسات من العنصر النسوي، وذلك من أجل منح فرص أكثر للمرأة للعمل والمشاركة في بناء المجتمع، وللنهوض بواقعها المعنوي والأجتماعي والمادي ، ولجعل هذه المؤسسات آنفة الذكر مراكزا تثقيفية وتعليمية  وتربوية،تبث قيم التنشئة الحقيقية فيها من خلال التوجيه المتزن الذي يمكن للمرأة أن تزرعه في نفوس الأطفال بلمساتها الأنثوية الحنونة  وللحد من الفحولة التي باتت متيبسة لدى أفراد المجتمع

ذكرت الكاتبة سمر محفوض أحد مقالاتها  قائلة بأنه : في عام 1998 أطلق فرانسيس فوكوياما نظرية عنوانها "تأنيث المستقبل" يدعو فيها إلى إعادة ظهور سلطة المرأة لأن تأنيث الشؤون الدولية، حسب رأيه، سيضيِّق الفرصة أمام الحروب ولا سيما إذا وضعت المرأة في المجتمعات الديمقراطية في موقع القرار السياسي. فالمرأة ستكون أكثر رأفة بالناس من الرجل، وأكثر حكمة منه عند اتخاذ القرارات.

ذاك هو الحلم الذي تدمع له عيوننا ،في أن يتحول هذا المستنقع الدموي الى روض يعيش به الجميع في أمن وسلام . هنا يمكن للأنوثة نسبة أعلى من الفحولة الكامنة فيها ، لتتحرر من الشرنقة التي أجبرت على الإنحباس فيها منذ عقود . وبالتالي يمكن لنا أن نكسر السلاسل  الحديدية .الفاصلة بين نصفي المجتمع .

فطوبى للأنوثة التي لديها كل الأقبال على الحياة و الإنطلاق  والتطور  و لها القدرة أن تحرك  جبالا من الفحولة .

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.