اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• قدح شاي معطر بالعنفوان

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 يوسف أبو الفوز

قدح شاي معطر بالعنفوان

 

أطوف غرف "طريق الشعب" ، برد يعض ساقي ، ونيران تشتعل في روحي ، اجلس الى طاولة في " الثقافية " استمع الى خطط  المحررين لعمل الايام القادمة ، انتقل الى طاولة في " الاخيرة" ، فيضعون أمامي  قدح الشاي الأسود ، واذ التفت يسارا ـ اليسار دائما ! ـ  أراه انيقا يقف عند الباب، يبتسم لي وعيناه مترعتان بالألق :

 

ـ أما زلت تشربه بدون سكر !

 

أكاد اصيح ممازحا ، كما الايام الخوالي :

 

ـ تعال ضع اصبعك ليكون الاحلى بطعم روحك المترعة بالعنفوان ، ...

 

 لكن هاتفي المحمول يرن . يختفي من امامي ، فالحق به عبر ممرات الجريدة ، امر عند  غرفة "الثقافة الجديدة" ، فأجدها مغلقة . واتذكر ... آه .. كانت في مكان اخر . لم التقه هنا ، كان لقاؤنا الاخير عند فتحة السلم ، قال يومها :

 

ـ زورنا في " الثقافة الجديدة " ، لنتجمل بقدح شاي !

 

لم الحق لزيارته وشرب الشاي ، ثمة اشياء عديدة ، لا تدري من اين تأتيك ، تشغلك عن اتمام رغبة بسيطة ، فلم اتمكن من زيارته في غرفة عمله ، وأذ كنت اشرب الشاي مع الرفاق الشغيلة، وضحكات مرحة تعطر الاجواء ، ربت على كتفي وهو يغادر :

 

ـ في مرة قادمة سنشربه معا .

 

ولم نلتق بعدها ، أذ خطفته رصاصات غادرة ظلامية على طريق محمد القاسم وسط بغداد في ظهيرة من آب 2008 . هأنا  يا رفيقي كامل اطوف مكاتب الجريدة ، اتابع الرفاق المحررين ، يعملون بنشاط وهمة لانجاز عدد الغد . ثمة من يصحح ، وثمة من يسأل : هل هذه الصورة مناسبة لهذا المقال السياسي  ؟ واخر يقول : والله جوعان !

 

واراك تبتسم لي وتضحك هامساً :

 

ـ ارجوك كررها !

 

ـ لكني رويتها لك أكثر من مرة ، وعلى الهاتف قبل لقائنا الاخير .

 

ـ لكنها طريفة !

 

واعود لأسترجع  ما كان ابي يمزح به معنا ونحن صغار ، اذ يسألنا :

 

ـ لماذا نأكل ؟!

 

ونكرر ما درسناه في درس العلوم وما تعلمناه في المدرسة :

 

ـ حتى نكبر ونصير اقوياء ، وتظهر لنا عضلات و .. ، ..

 

ويبتسم أبي ، عامل السكك الذي احنى الكد ظهره ، ومن تحت شارب أبيض خفيف ، تلتمع اسنانه، ليقول بمرح :

 

ـ نأكل حتى نشرب الشاي ، هكذا هم العراقيون !

 

وارفع رأسي ، عبر الطاولة ابحث عن كامل شياع ، ووجدتني انهض ، اتوجه لمكان اعداد الشاي، احمل قدح شاي ساخنا واتوجه الى فتحة السلم ، حيث لاخر مرة قابلته فيها  ، واجلس هناك واشرب بصمت ، وانظر فأراه يستند بأناقة الى الجدار، يرقبني باسما . هأني يا رفيق البي الدعوة واشرب الشاي معك ، فأنت معنا تطوف كل يوم ، وفي اروقة الجريدة نراك ، تفرد اصابعك لتمسك قلما او تطوي ورقة ، ومع الشبيبة والدعاة الحزبيين وهم يطوفون البيوت في حملة " طرق الابواب " ، ومع مرشحي قائمة "اتحاد الشعب " ، وهم بين الناس ليخبروهم ان التغيير بيدنا ، وان المستقبل لنا ، ويؤلمنا ان قتلتك ما زالوا يسرحون ويمرحون ، وساهموا من بعد رحيلك في ايقاع المزيد من الشهداء والضحايا ، ولكن ما يعزينا انهم لم يستطيعوا ان يزيلوا اثر صدى خطواتك وكلماتك من اسماعنا وقلوبنا . نلتفت فنراك قادما محتظنا كتابا او ملفا . لا زلت بيننا يا كامل ، تشاركنا عملنا وافكارنا ، واقداح الشاي المرة ، وتقترح وتعترض وتبتسم ، ويشع اسمك من بين شعاع نجمة تموز ، مع حروف "اتحاد الشعب " فالغد والمستقبل لنا ، والامل في قلوبنا المترعة بالتحدي والعنفوان !

 

بغداد   12  شباط 2010

 

* عن طريق الشعب العدد 124 السبت 13 آذار 2010

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.