كـتـاب ألموقع

مفـارقـة طريفـة ومخيفة (6)// سعيد شامايا

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

سعيد شامايا

 

عرض صفحة الكاتب 

مفـارقـة طريفـة ومخيفة (6)

سعيد شامايا

  

تصاعدت ملامح دكتاتورية حزب البعث بعد 1975 تجاه القوى السياسية خصوصا تجاه الشيوعيين والتركيز على اشاعة مفهوم الحزب القائد كما تنامى دور صدام اعلاميا وتنفيذيا وهو يستعد لخوض تجارب مهمة مطلوب أن تكون خالية من أي صوت معارض وظهور العراق موحدا كأقوى دولة عربية مهمتها الدفاع عن الحقوق القومية، وكانت الخطوة المهمة استلام صدام الرئاسة وإبعاد احمد حسن البكر ومن ثم الاستعداد للتجربة الكبرى خوض حرب ايران .

 

في 1978 أُعتقل ابني غسان (ضمن حملة اعتقالات) طالب في السادس ثانوي بتهمة توزيع مناشير حزبية، كان الخبر صدمة لوالدته خصوصا وهو يعاني من التهابات وعليه أن يتناول الادوية التي وصفها له الطبيب في اوقات معينة، بدوري أيضا كنت قلقا رغم التزامي باوقات معينة لتدريس الطلاب الطموحين في نيل درجات عالية، ظهر هذا حين نبهت طالبتي ضحى ان محاضرة المساء مؤجلة لكن امها الطيبة استفسرت عن السبب اعلمتها أنني اتحرك لانقاذ ولدي، طمأنتني المرأة الطيبة أن ابا لؤي والد احد طلابك صديق مدير الامن العام وسأخابره ليعالج قضية ابنك، بالفعل عادت بعد قليل لتقول أن ابا لؤي طلب منك أن تزوره في الثامنة من صباح الغد ومعك الدواء لابنك، في الثامنة صباحا كنت واقفا لاطرق الباب لاحظتني ام لؤي ودعتني مرحبة: أبو لؤي بانتظارك، وكان الرجل الطيب مرتديا بزته العسكرية الرسمية كعميد في الجيش تزين صدره بعض النياشين وقادني الى سيارته العسكرية في مقدمتها جندي وحارس وكنت الى جانبه، توجهت السيارة الى مديرية الامن العامة كما اخبر السائق، وما أن اقتربنا سألته برجاء: الى أين؟ قال كما طلبت إلى المدير لنعالج مشكلة أبنك. اشتد قلقي وفي داخلي صوت يهمس (هنيئا لك تدخل مديرية الامن العامة وانت سعيد شامايا المختفي، ومطلوب امين مخازن دار الرواد والملاحق من قبل الامن) قلت هل من الضرورة ان ارافقك؟ ضحك وهو يربت على كتفي: اعرفكم، الشيوعيون دوما قلقون في التقرب من الامن، المفروض بالامن يا استاذ دائرة وطنية ترعى الناس وتصون أمنهم، لكنها في دولنا هي خصم عنيد للسياسيين المعارضين لانهم يسببون القلق للسلطة بل الخطورة على وجودها، وكان الحراس يقفون مؤدين التحية ودخلنا غرفة المدير الذي كان حقا بانتظارنا مرحبا،

أبو لؤي: هذا صديقي الطيب يدَرِس لؤي واخته، وكما اخبرتك ابنه موقوف ومحروم من دوائه، وانت تعرف الاهل خصوصا الوالدة،

المدير: اسمه بالكامل. ابو لؤي منبها أن أخبره، قلت غسان سعيد ياقو (وأخفيت شامايا) في الصف السادس من الاعدادية الشرقية. أمر احد باحضار غسان الموقوف البارحة، وراح الصديقان يثرثران في قضايا خاصة بينهما، وجاء غسان برفقة شخص فساله المدير: شنهي سالفتك غسان؟ أجاب غسان: البارحة صباحا دخلت صفنا لاضع كتبي وجدت في رحلتي رزمة وتبينت أنها منشورات سياسية فصرخت ملفتا نظر زملائي (داتشوفون هسا وصلت ووجدت هذه الرزمة موضوعة في رحلتي ارجوكم تشهدون، وقبل ان اكمل كلامي دخل اثنان وكانهما كانا بانتظاري، سُحبتُ الى الىسيارة وكان فيها آخرون من الطلبة و...قاطعه المدير: باوع ابني وضع أبوك وقلقه انتو واجبكم النجاح ملمين بدروسكم ومعلوماتها لتخدموا الوطن والشعب والاهل، انتظروا لتكملوا اعلى الدراسات المهمة وتفهموا الافكار المتنوعة في الحياة التي تبني الوطن بمسؤولية كواجب وطني حينها تختارون منها، هذه تجربة مهمة لك نعفيك عن اية محاسبة اكراما لابيك الطيب كما أخبروني فهو مخلص في واجبه ولا يتدخل في شؤون ليست من واجبه اتعظ بابيك الطيب (ابتسم غسان ابتسامة سريعة وهو يرميني بنظرة خاطفة من زازية عينه) وارحم والدتك القلقة (الى المرافق: انت الملازم اخبرهم ينطونو وجبة طعام ليتناول الدواء وبنهاية الدوام توصلوه لاهلا، ...نعم سيدي) تقدمت وشكرته بحرارة كما ودعه أبو لؤي متواعدين للقادم . وما أن خرجنا من المديرية حتى شكرت أبا لؤي وانا أتنفس شهيقا عميقا ووعدته بالزيارة المسائية لاولاده واستأذنت مغادرا رغم ملحته ليوصلني سائقه الى داري.

سعيد شامايا

26/5/2020