كـتـاب ألموقع

• قيامة المسيح وظهوراته

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

قرداغ مجيد كندلان

مقالات اخرى للكاتب

قيامة المسيح وظهوراته

القيامـة

الرسول بطرس قد اوضح ان المسيح أ ُعطي من الله ان يصير ظاهرا ، بمعنى أنه كان يُظهر ذاته بإرادته للذين انتخبهم ليكونوا شهود قيامته :" هو الذي اقامه الله في اليوم الثالث ، وخوله أن يظهر لا للشعب كله ، بل للشهود الذين اختارهم الله من قبل ، اي لنا نحن الذين اكلوا وشربوا معه بعد قيامته من بين الاموات ." (اعمال10: 40 و41 ) .

القيامة لاتمت الى التأريخ بصلة . فالموت هو ختم نهاية التأريخ لكل انسان ، وليس من بعد الموت تأريخ لانسان قط . فأن يقوم المسيح من الموت حيا بجسده ، وبجروحه القاتلة وطعنة جنبه النافذة ، يتكلم ويُحيي  ، ويكشف جروحه في ايديه ورجليه وجنبه ، ويأخذ يد توما ويضعها في مكان الحربة ، فهنا حدث ما فوق التأريخ .

الموت دخل الى المسيح ، فمات المسيح حقا ، وقـُبر ، وبقي ميتا من الثالثة بعد ظهر الجمعة الى فجر الاحد مايقارب 36 ساعة . فالمسيح مات ليقوم ، ويقوم بذات الجسد في ملء كماله وجروحه عليه ، وعلامات الموت صارت برهان وصدق القيامة . والقيامة صارت برهان وصدق التجسد :"في شأن ابنه الذي وُلد من نسل داود بحسب الطبيعة البشرية ، وجُعل ابن الله في القدرة ، بحسب روح القداسة ، بقيامته من بين الاموات ، ألا وهو يسوع المسيح ربنا" (رومة 1: 3 و 4) .

فمن القبر استـُعلنت القيامة التي هي الركن والسند للإيمان المسيحي ، وكان الملاكان اول من أعلن القيامة :" إنه ليس هنا ، بل قام "(لوقا 24:6) . وفي انجيل يوحنا كان عمل الملاكين هو تحديد مكان وضع الجسد ، واحدا عند رأس المسيح والاخر عند رجليه . وهذا التحديد الملائكي هو بحد ذاته شهادة فائقة ليقين موت ودفن المسيح ويقين القيامة حيث جلوس الملاكين وليس وقوفهما فهو يشير الى انتهاء نوبتهما في الحراسة ، بعد ان قام المسيح وغادر القبر ، فمجرد وجودهما جالسين عند طرفي القبر هو بمثابة إشارة اول من أعلن القيامة ( يوحنا 20: 12 ) .

المجدلية ترى الحجر مرفوعا والقبر فارغا ،ويوحنا يرى اولا الأكفان موضوعة ولم يدخل ، نظرة بسيطة عابرة ، وبطرس ثانيا  يرى اللفائف وحدها ومنديل الراس وحده ، نظرة تأملية فاحصة  ، ويوحنا ثالثا يرى ايضا فآمن ، وهي نظرة تصديق وإيمان .

ظهورات المسيح وحديثه

1. المسيح يظهر للمجدلية :

" اما مريم ، فكانت واقفة عند القبر في خارجه تبكي ، فانحنت نحو القبر وهي تبكي ،  فرأت ملاكين في ثياب بيض جالسين حيث وضع جثمان يسوع، أحدهما عند الرأس، والآخر عند القدمين . فقالا لها : لماذا تبكين أيتها المرأة؟ أجابتهما : أخذوا ربي ، ولا أدري أين وضعوه . قالت هذا ثم التفتت إلى الوراء، فرأت يسوع واقفا، ولم تعلم أنه يسوع. فقال لها يسوع : لماذا تبكين ، أيتها المرأة، وعمن تبحثين؟ فظنت أنه البستاني فقالت له : سيدي، إذا كنت أنت قد ذهبت به، فقل لي أين وضعته، وأنا آخذه . فقال لها يسوع : مريم ! فالتفتت وقالت له بالعبرية : رابوني ! أي: يا معلم . فقال لها يسوع : لا تمسكيني ، إني لم أصعد بعد إلى أبي ، بل اذهبي إلى إخوتي، فقولي لهم إني صاعد إلى أبي وأبيكم، وإلهي وإلهكم . فجاءت مريم المجدلية وأخبرت التلاميذ بأن قد رأت الرب . وبأنه قال لها ذاك الكلام . "  (يوحنا 20: 11 – 18 ) .

لا تمسكيني  ، لم يشأ المسيح أن يلمس المجدلية بسوء ، فاكتفى أن حذرها : لا تمسكيني . توما لما لمس حقيقة المسيح صرخ ( ربي والهي ) ! لقد رجه اللاهوت رجا ، وسرى فيه سريان النار في الحطب ، فكيف لهذه أن تضم النار في حضنها ولا تحترق .

فرق ان يقول هو : " المسوني " ( لوقا 24: 39 ) ؛ وأن نحاول نحن أن نجسه ونلمسه ، فهو وحده الذي يخضع طبيعة جسده الإلهي للجس او اللمس في حدود إحساسنا ، لأنه أصلا لا يُحسّ ُ. اما نحن ، فيستحيل ان نبلغ من أنفسنا مستوى مجسته وملامسته بطبيعتنا . النسوة تمسكن بقدميه كإله ، وخررن ساجدات عابدات ، فارتضى . ولكن ان تلمسه (امرأة) لمسة الصداقة ، فهذا غير وارد . لقد تغيرت وظيفته . إنه في لحظة العبور وليس الإقامة .

2. ظهور المسيح  لمريم ام يعقوب وسالومة :

" ولما انقضى السبت وطلع فجر يوم الاحد، جاءت مريم المجدلية ومريم الاخرى فهي ام يعقوب ويوسي  تنظران القبر. { الانجيلي مرقس يضيف سالومة  ( 16: 1 ) والانجيلي لوقا  يضيف يونا واخريات } . فإذا زلزال شديد قد حدث . ذلك بأن ملاك الرب نزل من السماء وجاء الى الحجر فدحرجه وجلس عليه . وكان منظره كالبرق ولباسه أبيض كالثلج . فارتعد الحرس خوفا منه وصاروا كالاموات . فقال الملاك للمرأتين : لاتخافا أنتما . انا اعلم أنكما تطلبان يسوع المصلوب . إنه ليس ههنا ، فقد قام كما قال . تعاليا فانظرا الموضع الذي كان قد وضع فيه . واسرعا في الذهاب الى تلاميذه وقولا لهم : إنه قام من بين الاموات ، وها هوذا يتقدمكم الى الجليل ، فهناك ترونه . ها إني قد بلغتكما . فتركتا القبر مسرعتين وهما في خوف وفرح عظيم ، وبادرتا الى التلاميذ تحملان البشرى . وإذا يسوع قد جاء للقائهما فقال لهما : السلام عليكما ! فتقدمتا وأمسكتا قدميه ساجدتين له . فقال لهما يسوع : لاتخافا ! إذهبا فبلغا إخوتي ان يمضوا الى الجليل ، فهناك يرونني ." ( متى28: 1- 10 )

3. ظهور المسيح  لتلميذي عمواس

الانجيلي لوقا انفرد وحده في سرد قصة تلميذي عمواس ، كان التلميذان يسردان معا اخبار قيامة المسيح بعد الصلب وكان ذهنهما منشغلا حزينا ، وإذا بالمسيح يمشي بجوارهما ويسألهما عما يبحثان ، وقالا في حزن : اين كنت ؟ ألم تسمع الاهوال التي حدثت؟ فالمسيح يظهر لهما بهيئة رجل غريب ويسألهما عما حدث . أخذ المسيح يفتح فهمهما قليلا من موسى والانبياء والمزامير ، نبوات تحكي عن كل ما سمعاه ورأياه من جهة المسيح . ولما دخلا القرية ترجياه ان يأتي ويبيت معهما ، فوافق وعند كسر الخبز أعلن شخصه وفي الحال اختفى عنهما . لقد تعلمنا من قصة تلميذي عمواس أن حضور الرب هو الذي ينشيء الخبر ثم يُنشيء البشارة .

4. ظهور المسيح للتلاميذ بدون توما

" وبينما هما يتكلمان إذ به يقوم بينهم ويقول لهم : السلام عليكم ! فأخذهم الفزع والخوف وظنوا أنهم يرون روحا . فقال لهم ما بالكم مضطربين ، ولِمَ ثارت الشكوك في قلوبكم ؟ أنظروا الى يدي ورجلي . أنا هو بنفسي . إلمسوني وانظروا ، فإن الروح ليس له لحم ولا عظم كما ترون لي . قال هذا وأراهم يديه ورجليه . غير أنهم لم يصدقوا من الفرح وظلوا يتعجبون،  فقال لهم : أعندكم ههنا ما يؤكل ؟ فناولوه قطعة سمك مشوي . فأخذها وأكلها بمرأى منهم . ثم قال لهم : ذلك كلامي الذي قلته لكم إذ كنت معكم وهو أنه يجب أن يتم كل ما كُتب في شأني ، في شريعة موسى وكُتب الانبياء والمزامير . حينئذ فتح أذهانهم ليفهموا الكتب ، وقال لهم : كُتبَ أن المسيح يتألم ويقوم من بين الاموات في اليوم الثالث ، وتعلن باسمه التوبة وغفران الخطايا لجميع الامم ، ابتداءً من اورشليم. "( لوقا 24: 36-47 )

ظهور المسيح للأحد عشر هو تدشين اول كنيسة روحية على الارض تجتمع مع عريسها السمائي الذي اعطاه لحمه وعظامه وقوة قيامته . وصارت الكنيسة هي نفسها جسد المسيح السري .

دخل الرب الى حيث كان التلاميذ مجتمعين والابواب مغلقة عليهم ( يوحنا 20: 19 ) . هذا أول مفهوم لطبيعة القيامة ، فالقيامة من الموت لم تعد تخضع بعد لكل ما هو خاضع للموت ، اي الطبيعة البشرية بكل القوانين التي تحكمها وتتحكم فيها المادة والمكان والزمان والجاذبية والحركة والحرارة  وغيرها التي كلها تختص بالمادة ، فالجسد القائم من الموت هو جسد روحاني له عالمه الروحي ، وله قوانينه الروحية . ويلاحظ أن المسيح اختار يوم الاحد بالذات ، ليقدسه للكنيسة بحضوره في وسط التلاميذ (يوحنا 20 : 19) . ويوم الاحد بالذات وهو اليوم الذي قام فيه ، لأنه عاد وظهر مرة اخرى للتلاميذ ولتوما في يوم الاحد التالي ، وليس يوم السبت او اي يوم من ايام الاسبوع الاخرى . ومن هنا يتأكد لنا بكل قوة وبيان ان المسيح قصد قصدا تقديس يوم الاحد ليكون ( يوم الرب ) على مدى الدهور ، وهو يوم القيامة ، فصار كل يوم أحد للكنيسة يوم القيامة .

5. ظهور المسيح لتوما وللتلاميذ

" وبعد ثمانية ايام كان التلاميذ في البيت مرة اخرى ، وكان توما معهم . فجاء يسوع والابواب مغلقة ، فوقف بينهم وقال : السلام عليكم ! ثم قال لتوما : هات اصبعك الى هنا فانظر يدي ، وهات يدك فضعها في جنبي ،  ولا تكن غير مؤمن بل كن مؤمنا . اجابه توما : ربي والهي !  فقال له يسوع : ألأنك رأيتني آمنت ؟ طوبى للذين يؤمنون ولم يروا ."  (يوحنا20: 26-29 )

6. ظهور المسيح  لاكثر من 500 شخص وليعقوب ولبولس

" ثم تراءى لأكثر من خمسمائة اخ معا لايزال معظمهم حيا ...، ثم تراءى ليعقوب ، ثم لجميع الرسل حتى تراءى آخر الامر لي أيضا أنا السقط . " ( 1 قورنتس 15: 6-8 )

7. ظهورالمسيح  للتلاميذ على بحيرة طبرية

" وتراءى يسوع بعدئذ للتلاميذ مرة اخرى . وكان ذلك على شاطيء بحيرة طبرية . وتراءى لهم على هذا النحو . كان قد اجتمع سمعان بطرس وتوما الذي يقال له التوأم ونتنائيل وهو من قانا الجليل وابنا زبدي وآخران من تلاميذه . فقال لهم سمعان بطرس : أنا ذاهب للصيد . فقالوا له: ونحن نذهب معك . فخرجوا وركبوا السفينة ، ولكنهم لم يصيبوا في تلك الليلة شيئا . فلما كان الفجر ، وقف يسوع على الشاطيء ، لكن التلاميذ لم يعرفوا انه يسوع . فقال لهم : ايها الفتيان ، امعكم شيء من السمك ؟ اجابوه : لا . فقال لهم : القوا الشبكة الى يمين السفينة تجدوا . فألقوها ، فإذا هم لا يقدرون على جذبها ، لما فيها من سمك كثير . فقال التلميذ الذي أحبه يسوع لبطرس : إنه الرب . " ( يوحنا 21: 1-7 )

8. ظهور المسيح لتلاميذه  في الجليل

" واما التلاميذ الاحد عشر ، فذهبوا الى الجليل ، الى الجبل الذي أمرهم يسوع أن يذهبوا إليه . فلما رأوه سجدوا له ، ولكن بعضهم ارتابوا . فدنا يسوع وكلمهم قال : إني أوليت كل سلطان في السماء والارض . فاذهبوا وتلمذوا جميع الامم ، وعمدوهم باسم الاب والابن والروح القدس ، وعلموهم أن يحفظوا كل ما أوصيتكم به ، وهاءنذا معكم طوال الايام الى نهاية العالم " . ( متى 28: 16-20 )

9. ظهور المسيح لتلاميذ ه اربعين يوما

" وأظهر لهم نفسه حيا بعد آلامه بكثير من الأدلة ، إذ تراءى لهم مدة أربعين يوما ، وكلمهم على ملكوت الله .  (اعمال 1: 3 )

10. ظهور المسيح للتلاميذ في الصعود

" ثم خرج بهم الى القرب من بيت عنيا ، ورفع  يديه فباركهم . وبينما هو يباركهم ، انفصل عنهم ورُفعَ الى السماء ." (لوقا 24: 50 ) ، و " رُفعَ بمرأى منهم ، ثم حجبه غمام عن ابصارهم . وبينما عيونهم شاخصة الى السماء وهو ذاهب ، إذا رجلان قد مثلا لهم في ثياب بيض وقالا : أيها الجليليون ، ما لكم قائمين تنظرون الى السماء ؟ فيسوع هذا الذي رفع عنكم الى السماء سيأتي كما رأيتموه ذاهبا الى السماء ." (اعمال 1: 9-11 )

وبظهور المسيح لتلاميذه كما كان اولا بجسده المادي إنما يعطي للكنيسة عهد التواجد فيها بجسده ودمه ، حتى تنعم به كبكر دائم بين إخوة كثيرين ، ليس عن ايمان او خيال وحسب بل عن تجسيد حب وعواطف الجماعة التي تلتف حول حبيب وصديق . وعن طريق معجزة  الجسد والدم يحقق شخصه بصفة الخبز الحي النازل من السماء ، الذي يأكله يجوع اليه ، والذي يشربه يأتي اليه عطشانا ، فيحقق وجوده وفعله السري كفعل الطعام وشرب الحياة .

بهذه المناسبة السعيدة ، قيامة المسيح ، ابعث ارق التحيات والتبريكات الى الجميع  متمنيا ان يعيده الرب يسوع المسيح عليكم باليمن والبركة ، نطلب من الله ان يحفظ الامن والسلام في ربوع عراقنا الحبيب ،  ويعود الصفاء والوئام بين  الاحزاب السياسية لوقف نزيف الخصام والتوجه الى المصالحة مما يؤدي الى الاستقرار ورقي وتقدم العراق .