كـتـاب ألموقع

• كتابا قرأته : جزء 2- الكلدان .. منذ بدء الزمان ، سكان العراق الاصليون

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 
 

قرداغ مجيد كندلان

كتابا قرأته : جزء 2-  الكلدان .. منذ بدء الزمان ، سكان العراق الاصليون

 

يعود تأريخ الاستيطان المعروف في العراق الى ما قبل 100.000 عام ق.م ، وتشير المكتشفات الآثارية الى ان أقدم استيطان واسع في العراق كان ابان العصر الحجري القديم الاوسط في حدود 60.000 ق.م . توفرت لدى الباحثين من العصر الحجري القديم في العراق آثار انسان النياندرتال وتحدد تواريخ الهياكل العظمية لإنسان نياندرتال العراق والادوات المستيرية التي استخدمها بحدود 60.000 سنة ق.م ، علما ان اقدم الادوات الحجرية لانسان النياندرتال قد عثر عليها في بردة بلكا قرب جمجمال- كركوك إنما يرقى زمنها الى نحو 100.000 عام ق.م ، وتعود هذه الادوات الى الطور الاشولي الذي يعد اطول ادوار العصر الحجري القديم . مر وطننا الام ببعض المراحل التأريخية بعد الطور الاشولي وعلى النحو التالي :

العصر الجري القديم الاعلى والعصر الحجري الوسيط  الذي يمتد من 12.000 الى 8.000 عام ق.م  وبدأت في العراق القديم اولى محاولات الزراعة . ثم بدأ العصر الحجري الحديث في حدود الألف الثامن ويمتد الى 5600 ق.م ، والى هذا العصر يعود نمط الزراعة المستقرة وتدجين المعيز والخراف الجبلية والطير البري ولاسيما في مستوطنة جرمو التي عرف سكانها ايضا صناعة اسلحة متطورة كالرماح الخفيفة والقوس والنبال . العصر الحجري المعدني 5600 – 3500 ق.م حيث يتسم بنمو الحضارة الراقية التي ابتدأت بشكل واضح المعالم في مستوطنة جرمو/ العصر الحجري الحديث التي عرفت بناء بيوت الطين المستديرة ، وقد شهد العصر الحجري المعدني تطور العمارة الرافدية وابتكار العجلة ودولاب الخزف وتطور عملية تدجين الحيوانات فشملت الجاموس والابقار والحمير والبط والكلاب التي تم تدجينها في اوروك بين أواخر الألف الخامس ومطلع الألف الرابع ق.م أي فترة اسلاف الكلدان القدماء ، كما تطورت وسائل الزراعة فشملت زراعة القمح التي تطلبت مهارات في صناعة المحراث وتنظيم الري والسدود ، كذلك نشأت في هذا العصر بدايات الكتابة ممثلة بخرزات الطين والفخار المعلمة رقميا او باشكال بدائية تجريدية .

اما العصرشبه التأريخي والعصر التأريخي فقد اثبتت التنقيبات الأثارية في وسط وجنوب العراق وجود شعب ( غير سومري ) قديم مارس طور اريدو 5300 – 4900 ق.م حتى طور العبيد 4300 – 3500 ق.م حياة متحضرة في منطقة ما تسمى بالقطر البحري  الكبير اي ( مستوطن  اسلاف الكلدان التأريخي ) الذي يمتد من الحافات السفلى لمرتفعات حمرين شمالا حتى قطرايا / قطر جنوبا ومن الأحواز شرقا حتى مدينة ماري غربا وكانت أشهر مدنه اريدو وأور وأوروك وكيش ولما لم تكن الكتابة قد ابتكرت بعد فقد اطلق العالم لاندزبيركرالتسمية الافتراضية ( الفراتيون الأوائل ) على ذلك الشعب الذي كانت عاصمته مدينة أريدو التي تكتب مقطعيا ( نون كي ) ويعني اسمها باللغة العتيقة أصل أو باب الحياة أو الرفاهية وفي قراءة اخرى بيت النخيل . تعود حضارة أسلاف الكلدان ( الفراتيون الاوائل ) وفي مستوطن الكلدان التأريخي بالذات لأكثر من 5300 عام ق.م ، كما تعود اولى المستوطنات العراقية الى الالف العاشر قبل الميلاد ناهيكم عن الوجود البشري الذي يعود الى الدورين الاشولي والمستيري من العصر الحجري القديم ( الباليوليني ) 100.000 ق. م والاوسط ( الباليوليتي ) 70.000 ق.م  و( المستيري ) 50.000 ق.م علاوة على العصر الحجري الوسيط  في العراق بحدود 10.000 ق.م .  

بين المؤرخ الاثاري هوتجنسون في كتابه الموسوم ( قصة الامم ) أن الساميين ( اسلاف الكلدان القدماء ) الذين يكونون جزءً من المجتمع الذي استوطن بابل ( الاقليم ) يجب ان يكونوا قد جاءوا من وطن ( القطر البحري ) . كما توصلت الباحثة العراقية الدكتورة حياة ابراهيم المختصة بالتأريخ الكلداني الى حقيقة أن الكلدان ليسوا من القبائل الارامية البدوية وإنما هم سكان القطر البحري الحضريين مؤكدة في ذلك ما ذهب اليه العهد القديم والحوليات الاشورية التي كانت تفصل بين جيوش الكلدان والقوات المتحالفة معها من آراميين وغيرهم وكذلك بعض مراسلات الاقليم التي أوضحت ذلك بصورة دقيقة ، مما يؤكد أصالة الكلدان في منطقتهم التأريخية . لهذا لم يذكر الكلدان في حوليات حكام الدولة الاشورية إلا كشعب حضري متمدن ومنفصل ومتميز عن الاراميين البدو الذي أنفصلوا في زمن سابق عن جذرهم الكلداني المستقر (المديني) العتيق وانتقلوا عكسيا بسبب عامل الهجرة المتواصل من الزراعة الى حالة البداوة ، ووفق ذات السياق الحضري المتمدن جاء ذكر الكلدان بحسب كـَـتبة العهد القديم ولا سيما في سفر التكوين وأسفار إرميا ودانيال وإشعيا مما يؤكد بأن سكان القطر البحري قد حملوا تسميات عديدة خلال تأريخهم الطويل (7310) عام ، وذلك إما نسبة للمدينة التي يؤسسونها أو لواقعة تميزهم عن بقية أفخاذ أرومتهم ، لذلك بقول عنهم الدكتور فوزي رشيد في كتابه الموسوم ( الملك نبوخذنصر الثاني ) ص37 : إن الكلديين / الكلدان عموما قد عاشوا بين السومريين ، مع أن الشائع خطأ بين غير المختصين هو أن الكلدان لم يؤسسوا إلا السلالة البابلية الحادية عشر حسب 626 – 539 ق.م ، غير أن العديد من الدلالات العلمية والتأريخية التي أوردناها تؤكد بأن الكلدان القدماء قد حملوا طول تأريخهم الطويل تسميات مختلفة منهـــا ( الاكديين ) نسبة الى مدينة أكد التي أسسها شروكين / سركون الكبير أو كما يلقب بالاكدي . وتشير مسلة شروكين الى أن مدينة ( أكد ) قد بنيت بتراب بابل ، بمعنى انها كانت ضاحية من بابل ( كا دنكر را أو بابيلم ) مثلما اطلقت عليهم تسمية عمورو باللغة الرافدية القديمة ومارتو بالسومرية والتي تعني  (الغربيين) وهو مجاز لغوي يعني ( الشماليين ) لأنهم دخلوا بابل من البوابة الشمالية . المهم في هذا الموضوع أن نبين بأن السكان الأصليين للعراق القديم هم الكلدان الأوائل قد سبقوا السومريين في الاستيطان في الحوض الأوسط والأسفل من وادي الرافدين والى ذلك يذهب الاستاذ باقر في كتابه ( مقدمة في تأريخ الحضارات القديمة ) ص64 : وسنرى من كلامنا حول الساميين أن السومريين لم يكونوا أقدم المستوطنين في السهل الرسوبي . والسهل الرسوبي هنا كما نعرف هو ( المساحة الجغرافية ) التي تمثل المستوطن التأريخي الرئيس للكلدان وعاصمته ( أريدو ) بتركيبتها العرقية القديمة التي تدعمها الأسانيد المختبرية لحضارة العبيد التي تبعد ثمانية كيلومترات عن أور الكلدان ، بأنهم في الواقع ووفق كل هذه الأدلة المادية وتراثهم اللغوي وبيانات الكتاب المقدس عن كلدان أور قبل سيادتهم سياسيا ( الكلدان.. أمة عريقة منذ القدم )  وتسمية الخليج ببحر الكلدان ( تام تي شا مات كلدي ) قبل ما يزيد على ألف عام من حكم السلالة البابلية الحادية عشر والتي يسميها المؤرخون المحدثون السلالة الكلدية ، علاوة على أن اسم أول ملك حكم اريدو قبل الطوفان هو الملك إيلوليم ( تسمية كلدانية ) ، وهذه جميعا ما هي إلا دلائل دامغة على حضورهم القومي المتواصل تأريخيا ً في ذات المنطقة عل ( تنوع تسمياتهم ) ، وبالتالي تأكيد تواجدهم الاقدم بين سكان وادي الرافدين ، والذي يعود بحسب الدلالات المادية والوثائق المتحفية الى عام ( 5300 ق.م ) .

ومن الجدير بالذكر أن تسمية وادي الرافدين ليست تسمية أجنبية متأخرة كما يعتقد البعض ، مع انها قد اشتهرت بعد استخدامها من قبل المؤرخ الإغريقي فوليبوس 202 – 120 ق.م في منتصف العهد السلوقي عندما أطلقها على القسم الشمالي من العراق القديم الى حدود بغداد ، مع ان الاغريق كانوا يستعملون جريا على العادة المحلية تسمية أثرا ( الوطن ) التي ترجموها الى اسيرا ثم ( أسيريا ) الاقليم الشمالي والتسميتان القديمتان ( بابلونيا ) للاقليم البابلي و ( بار ابوتاميا/حافات الرافدين ) للقسم الصحراوي الذي يضم باديتي الشام والعراق ، غير انهم كانوا يخلطون بين بابل وأشور في احيان كثيرة .

استخدمت تسمية ( بلاد ما بين النهرين ) منذ العصر البابلي القديم ، حيث استخدمت بصيغتها القديمة  مات بريتم ، اي ارض المابين ، كما استعملت كصفة للمنطقة الواسعة من الإقليم البابلي التي كانت تحيط بالقرب من كوثي/ كوتم أو كودوا القديمة ، حيث كان اسم تلك المنطقة يقرأ بيرت ناريم اي ما بين النهرين وهما دجلة ( إيد دقلت/ دكنا ) ونهر الفرات ( ايد بوراتم ) ، ومازال الكلدان يستخدمون هذه التسمية المحلية الوطنية العريقة بين النهرين ( بيث نهرين ) .

 

يتبع جزء 3