كـتـاب ألموقع

• مع كـهـنوت الأب سـرمـد يوسف باليوس

تقييم المستخدم:  / 1
سيئجيد 

بقـلم : مايكل سـيـﭙـي

 

 مع كـهـنوت الأب سـرمـد يوسف باليوس

 

/ سـدني

 

أسعـدتـني قـراءة مقالك الأول الذي تـذكـر فـيه الأسباب التي دفعـتـكَ إلى أن تـصبح كاهـن الرب . لا شك إنها الجـسد المائت ينفي ذاته إلى بقاع الأرض المنبسطة وليس يقـبع في أوجار المخـفـيات ، هي الروح الحـيّة المتسامية في الأعالي ولا تهـبط إلى الهاويات ، يغـتسل في نهر الأردن لا في رغـوة الشلالات ، يغـض النظر عـن وُجَهاء القـوم ويـدعـو جَهَـلـَـتهم لـيُـخـزيَ بهم حكماءَ الفـلسفات ، لا يملك وسادة لرأسه ولا مكاناً يأوي إليه لأن له منازل كـثيرة في السماويات ، لا يمارس حساب الجـمع والطرح لأنه لا يملك حساباً مصرفـياً وهـو مالك كل شيء واللاشيئيات ، لا يعـرف الكلمات : لي ... لكَ ... أنـتَ ... أنا ... لأنه يُـجـيد كل اللغات ، لا يحـيا متـطفلاً عـلى سذاجة البسطاء لأنه وديع كالحـمام حـكـيم كالحـيّات ، لا يأبه بتملق الوضيع لأنه أسمى من مجاراة الوضيع والوضيعات ، يوبّخ مُـضـَـيّـفـَه المتعالي لأن ليس عـنده محاباة ، يُعَـقــّـمَ كـفـّه من جـراثيم مصافـحـيه لأن له في البحـر أسماك في فـمها لؤلؤات ، ليس له عائلة بل عائلته البشريات ، إنه واقـف أمام مرآة لـنرى فـيها مسيحـنا الآتي بمجـده العـظيم يوم القـيامات ، فـهل سنرى المسيح في تلك المِرْآة يا أبونا أم سنرى أشباحاً تخـدع رب الكائـنات ؟

أين أولئك الكهنة الذين كانوا يشـمّون رائحة الشموع والبخـور ، يتجـنبون السهر بـين القـبور ، يقـتدون بقـديس فـيَـتـَسَمّـون بإسمه المشهور ـ يوحـنا ، عـمانوئيل ، ﭙـولص ، يوسف ، أوﮔـين ، ﮔـوَرﮔـيس ؟ اليوم عـندنا مُمارسـو الكِهانة يتـعـطـّرون بالعـطور ، ويسهـرون حـتى السحـور . يسمي نـفـسه الأب سرمد وهـو ليس سرمدياً ، ماهـر وليس ماهـراً ، روني وليس رياناً ، أركان وليس رُكـناً ، سـرور ولم يحـقق له الكهنوت سروراً ، حاله حال راهـبة هـذا الزمان فهي الأخـت بثينة ترى كل شيء جـميلاً ، ليلى ترى ربّان السفينة هاتـفاً وبـيده مُـلـَـوّحاً ، سناء تضم في فانوسها السحري عـفـريتاً ، فـهل إخـتاروا طريق القـديسين والقـديسات بـطراً ، أم عـلينا تمويهاً ؟ .

لقـد مَـثــَّـلوا ربَّهم بالصنميات ، ونصبوها أمامنا بالتمتمات ، وهم يَعْـلمون أنها وهـميّات ، ودَعَـوا سُـذّجَ القـوم إلى تـقـبـيلها بالروﭙـّـيات ، ثم إلى وليمة فـباعـوا الأكلات في هـيكل القـدس يوم صوم رب الكائـنات ، فـهل سيرى المُـمَـجَّـدُ إبن الإنسان إيماناً حـين يأتي ليدين الأحـياء والأموات ؟

إستـوقـفــّـتــْـني عِـبارتـكَ : ( كهنة الطرقات ، ولديهم تـصريح خاص من المطران قـبل الخـروج إلى الشارع ) ، يا أبونا لقـد تـنـوّعَـتْ الدروب والطرقات ، وجاء الإنـتـرنيت والموبايلات ، والأعـذار كـثيرة عـنـد الأمسيات ، فـما فائدة التصاريح والتـصريحات ، حـتى إذا كانـت بعـِلم المطران والـﭙطركـيات ؟ كما إنـني أراك شاباً بريئاً قـليل الخـبرات ، يوم تلـقـّـيتَ مكالمة من الأم المنكـوبة وربما مكالمات ، نعـم إنك بريءٌ ولكـني أقـول لك أنـك لستَ شرطي المباحِـث والأمنيات ! كان الأفـضل أن تسألها : هل إنـقـطعـتْ كل المداخـل والمخارج أمامها لتـطـلبكَ في تلك الساعة من الأوقات ؟ إنّ مَن لا تبحـث عـن إبنها نهاراً أو تستـفـسر عـنه من رفاقه عـصراً ، كـيف تـتـجـرّأ وتسأل الكاهـنَ بهذا الخـصوص في ساعة متأخـرة ليلاً ، ولا تـنـتـظر حـتى تشرق شمس الضحى صباحاً ؟ المنطق منطق يا أبونا وإذا كان مقالنا يؤلمكَ وجـعاً فـعـذراً ، ومع ذلك أدّيتَ واجـبكَ فـشكراً ، وأنـتَ أفـضل من غـيرك الذي كانت له قـصته التالية ـ الحـقـيقـية ـ مع إحـدى العـجـوزات : كانـت عـجـوز ساذجة تـعـبد ربها وتـؤمن بمسيحها وتسلك طريق إنجـيلها تجمع في صرتها بعـض الدراهم من بـيع بـيض دجاجاتها ، وقـروشاً بيضاء يـبعـثها لها إبنها كل شهر فـتجمعها للأيام السوداء من حـياتها . خافـتْ عـجـوزتـنا عـلى أموالها من فـقـدانها وأرادتْ أنْ تستـثمرها حـفاظاً عـليها ، وعـسى أنْ تـدُرّ عـليها بـبعـض الفـليسات لتـسعـفها . فإستـشارت الـ أبونا في كـنيستها وقالت : أريد أن أشتري داراً فـيدرّ إيجاره عـليّ مالاً ، أو أشتري أرضاً زراعـية أستـفـيد من غـلتها سنوياً ، فـما هـو رأيك يا أبونا . قال لها : لا تـفـكـّري بالدار والأرض والغـلة الفانيات ، بل إحـصلي لكِ عـلى دار الأبديات ، قالت : أنا لا أعـرف الوكيل أو الدلاّل هـناك ، فـقال : أنا الوكـيل ! فأعـطتْ له كل ما عـندها حالاً ، وصارت تسلـّمه كل ما يأتيها لاحـقاً ، وتسأله : ما خـبر الدار الأبدي يا أبونا أما وفـَّـيْـتــُه ثمناً ؟ فـيقول : الثمن غالٍ ولا يَكـْمل مهما طال العـمر عـمراً ، فلا تـقـلقي طالما توفـين من ثمنه شهرياً ، وحـين يأخـذ الله أمانـته ستـذهـبـين وتستلمينها حالاً ( خـلـّينا ساكـتين يا أبونا ليش دا تـْـحَـﭽّـينا ) ، وأتمنى لك السلامة في حـياتك الكـهـنوتية .