كـتـاب ألموقع

• الشعـب الكلداني حيٌّ بأبنائه بأوراقه الخـضراء ، ببراعـمه وتــُـوَيجاته الإخـوة الأعـزاء

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 
بقـلم : مايكل سـيـﭙـي

مقالات اخرى للكاتب

·        الشعـب الكلداني حيٌّ بأبنائه بأوراقه الخـضراء ، ببراعـمه وتــُـوَيجاته الإخـوة الأعـزاء

 

/ سـدني 

 

نقـرأ في كـتب التأريخ عـن فـيضانات وبراكـين ثائرة ، زلازل وأعاصير مدمّـرة ، إنهيارات أرضية قاهـرة ، كـوارث طبـيعـية مريرة ، شوَهـتْ تضاريس الأرض وخـصوبتها ، وتسبّـبتْ مؤقـتاً أو بصورة دائمية في هـجـرة الساكـنين فـيها ، والرحـمة عـلى مَن وافاه الأجـل في حـينها . كـما يعـلم الجـميع بالصراعات الدولية والحـروب الأهـلية وهي من صنع أهاليها ، دفعـتْ بشعـوبها إلى هـجـرة أوطانها ، مشواراً من الزمن أو عـلى إمتـداد الأيام أمامها ، بعـد أن ضحّـتْ بحـياة الآلاف من خـيرة أبنائها ، كل ذلك حـصل ويحـصل بثـوانٍ أو أشـهُـرٍ أو حـقـب تأريخـية طويلة سنينها . إنّ ما ذكـرناه من أسباب الفـواجع وتأثيرها ، ألـَـمَّـتْ بالبشرية وحـصدتْ الملايـين من أفـرادها ، مُخـلـَّـفة مشاكلَ صحـية وأمراضاً إجـتماعـية كانـت أو ربما لم تـكـن في حسبانها ، فالرحـمة عـلى شهدائها . ورغـم ذلك فالشعـوب باقـية حـية بأبنائها متواصِلة مسيرتها معـتـزة بكـيانها وأصالتها ، إنها سُـنة الحـياة وديمومتها بمُجـملها لا يمكـن إيقافها . ولا يخـفى عـلى أحـد أياً كانت قـناعاته ، بأنّ شعـبنا الكـلداني غـنيّ بتـراثه شهـِمٌ بتواضعه رفـيع بأصالته ، أمين في تـفـكـيره ، واثـق من نـفـسه ، لا ينكـر آثار غـيره خِلاّناً كانوا أم أقـواماً آخـرين مثـله ، ولا يستـصغـر جـليسَه مهما كان حـجـمه . إنّه غـزير بعـلومه عـميق بثـقافـته لا يطالب شيئاً مِمَّن نـقـلَ مِن كـتبه وأودعها في مكـتبته ، لا يسمح أن تـتغـلب جـزئِـيّاته عـلى مصلحة وطـنه ، وليس أنانياً ليخـطّ إسمه وحـيداً منـفـرداً في سجلاته ، إنه متشبّـث ومخـلص لأرضه ،  ولكن كـوارث الزمن الماضي والحاضر أدّت إلى إنـتـشاره مرغـماً إلى أرض فـصار جـزءاً منها ، أو ضرورة حـين دارت الأيام فإتحـد وتآصَر وتــَـواصَـل أبناءُه في بـيث نهـرين أرضِه والخلاّن معه ، أو طوعاً فأرض الله واسعة أمامه . الشعـب الكـلدانيُّ أبيٌّ ومقـتـدرٌ نسِيَ منغــِّـصات الماضي وأحَـبَّ محـفـزات الحاضر ليـبني مستـقـبله الباهـر ، فعانق الجـميع ، وآمن وإعـتـمذ فأصبحـوا واحـداً في المسيح الفادي القادر ، وهُـم اليوم يواصلون الحـياة بجـدّية وإبـداع وتـفانٍ نادر ، ولم يقـولوا عـن أبناء الأسرة الواحـدة يوماً (هـذا ورديٌ لونه فاتر ، والآخـر جُـمـْـبَـديٌ لونه وافـر ) بل يرَون الحـديقة مَـزهُـوّة بألوانها الكـثيرة وكل عـطر فـيها طاهـر . وحـينما يـفـتخـرون بالماضي لا لكي يعـيشوه مجـدّداً بمحـراثه وثيرانه ، ولمّا يعـرضون شريطه السينمائي الفائت ليس تشفـياً بذكـريات المتألـّمين من أبنائه بل لأخـذ العـبرة من أحـداثه ، ولا يريدون لغـيرهم ما لا يـتمنوه لأنفـسهم ولكـنهم يضطـرّون أحـياناً فـيردّون عـلى البعـض مِن بُسطاء القـوم الممتـلئين سذاجة حـينما يهذون ويقـولون إلى دياركم تلك أرضكم إذهـبوا ، فـيعَـبّـرون عـن حالتهم الدنيئة الذميمة ، ونياتهم المبَـيَّـتة غـير السليمة ، فـيـبوحـون بغـرابتهم عـنا وينهـون قـرابتهم منا ، ويعـلنون زيف وحـدتهم معـنا ، ويطلقـون صراحة ما في أعـماق مشاعـرهم المريضة حـولنا ، وهُم يَدْرون أنّ الأرض لا تـنبت بشراً ، بل يأتي إليها البشر ليـبنوها ويسكـنوها ويحـرثوها ويزرعـوها ومن دمائهم يسقـونها ، ومِن تعَـبـِهم يـجْـنون خـيراتها ، وهـكـذا يواصلون المسيرة أجـيالاً لا تـنـتهي من أحـفادها ، فـتصبح جـزءاً منهم وهم جـزءٌ منها . الكـلدان أمة أصيلة وجـذع شجـرة باسقة لا تبالي  بضباب صباحات مؤقـت يحـجـب إسمها ، وشمس الضحى مشرقة عـند أفـقها ، ولا تــُعـير أهـمية بالأوراق اليابسة من أغـصانها والمتـناثرة عـلى مخارج ظلالها ، فالرياح والزمن كـفـيلان بإنـدثارها ، وتبقى الأوراق المخـضرّة علامة حَـيَويتها ، وبراعـم أغـصانها مصدر ديمومتها ، وتــُـويجاتها دليل رُقـيّها . كـما ليست تـنـتـظر ــ بل ليست بحاجة إلى ــ مَن يمدحها لأنها أمة جـذورٍ عـميقة في التأريخ أوجـد عـلماؤها الثواني ودرجات الستينات ، سَـنَّ حُـكماؤها مَسَـلة القـوانين لتـنـظيم الحـياة ، صمّـمَ مهـندسوها جـنائـنها المعـلقة رمزَ الحُـب بساتينَ عاليات ، وسَقـوها من جـبـينهم عَـرَقاً ومن النهر مياهاً أيامأ وسنوات . هم أهـل العـجـلة والقـيثارات ، ويتـحـدّثـون بلغة إعـتـز وتـكلم بها ربّ الكائـنات ، مَنَّ الله عـليهم بمياه خالدات ، وليقـل ماء شاء طوارق المشارق والمغارب من تـرّهات ، فالخـميرة الأصيلة لا تـشوّبها شائبات . إنّ المتخـلفـين عـن الرتل لا يمثـلون فـيالق شعـبهم ، وإنما هم متوهّـمون . نعـم ، نـتـوق إلى يوم صحـوَتهم ، وإنْ لم يـرغـبوا فهم أحـرار لا سلطة لنا عـليهم ، ولا يمكـنـنا أنْ نـَـهدي مَن نشاء إلاّ إذا هم يريدون ، وليس بعـيداً يومُ نهضتهم ورجـوعهم إلى دارهم ، فـكـلنا أخـطأنا وأعـوَزنا مجـد الله .