اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

يوميات حسين الاعظمي (904)- خبراء المقام العراقي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

حسين الاعظمي

 

عرض صفحة الكاتب 

يوميات حسين الاعظمي (904)

 

خبراء المقام العراقي

الجمعة 4 شباط 2022.

     يبدو ان كنية او مصطلح او وصف بعض شخصيات الوسط المقامي في بغداد بـ(خبير المقام العراقي) يكاد يكون وصفا مجازياً، او انها تطلق على البعض جزافاً، او انها صفة للمكنى بها غير دقيقة تماماً..! ومع ذلك فهي ما تزال حتى اليوم شائعة كثيرا بين الاوساط الفنية والمقامية والجماهيرية على وجه الخصوص، دون ان يحمل من يكنى بهذه الصفة مقومات الخبير الحقيقي في معرفة دقائق المقامات العراقية في تقاليدها التاريخية ومعارفها الموسيقية وتفصيلات الفورم التراثي لهذه المقامات العراقية، والمعاناة الادائية التي يدركها بصورة مباشرة كل المغنين المقاميين العراقيين اكثر من اي فنان مقامي او متذوق لسماع غناء وموسيقى المقام العراقي..! واعتقد ان اشاعة مثل هذه الصفات وتفخيم اصحابها ووصفهم بالخبراء الذين لايضاهون في علمهم ومعلوماتهم المقامية، اخذت مداها الواسع من خلال الجماهير اكثر من المقاميين انفسهم، والامر يبدو طبيعي لأن غالبية الجماهير غير متخصصة بتفصيلات الغناء والموسيقى والتراث..! فالجماهير عموما تعتمد في الدرجة الاولى على جماليات ما تسمع دون ان تولي اهتماما بتفاصيل التقنيات الفنية والعلمية الاخرى، هكذا اذن ينبغي على المتخصصين بشؤون تراثنا الخالد (المقام العراقي) ان يدلوا بدلوهم ويشخصوا من يستحق لقب او كنية (خبير) في شؤون المقام العراقي المغنى في بغداد، لتنوير الجماهير المتذوقة لسماع المقامات العراقية لمكامن الخبرة والمعرفة، وايقاف مثل هذه الصفات والكنيات غير الدقيقة للبعض ممن يطلق عليهم لقب (خبير).

 

    فيما اعتقد، انه لابد للذي يطلق عليه خبير، او هو قد وصل فعلاً الى درجة خبير في موسيقى وغناء المقام العراقي، ان يكون ملمّاً بالنقد الموسيقي المقامي والتحليل الادائي للغناء المقامي او للغناء عموما، او يتمتع بوجهات نظر نقدية، ودقة ملاحظة عفوية ودراسية. وكذلك تمتعه بالتحليل الادائي لِما يسمعه من غناء وموسيقى عامة او مقامية. قديمها وحديثها، وعليه فقد اصبحت حاجتنا ماسة ايضا الى مواجهة القديم في صورته النهضوية الجديدة، ومواجهة هذا الجديد في صورته البراقة رغم ايغاله بالفردية..! ان الكاتب والمؤلف او الناقد المتخصص والفنان الغناسيقي (عمليا ونظرياً). يستطيع التعبير عن القضية الادائية بعمق وتفصيل، وكذلك يستطيع الفنان العملي، مغنيا او عازفا، تحسس وادراك الانتقال من المعنى العام الى الفكرة فالاسلوب. في حين يتوجب على المتخصص النظري فقط، ايجاد المعنى العام او رؤيته بواسطة التحليل الدقيق للتفاعل العملي في النتاجات الغنائية ان كان في استطاعته ذلك التحليل، لأنه ليس جلياً، كيف يستطيع الكاتب والمؤلف النظري فقط التحدث عن المعنى العام لقضية الاداء مباشرة دون القيام بتحليل دقيق للتفاعل الاسلوبي الذي يعتبر امتيازاً خاصاً يتمتع به المتخصص (العملي والنظري معا).

 

      قبل اكثر من عشرين عاما مضت، صدر كتابي الاول في بيروت الموسوم بـ(المقام العراقي الى اين..؟). وفي صدد حديثي عن الحاج هاشم الرجب (خبير المقام العراقي الاول في القرن العشرين)(هامش1) في صفحات الفصل الرابع. قلت حينها على حد تجربتي زمنذاك ما يلي.

 

]وفي هذا الصدد يمكنني القول معتمداً على تجربتي الشخصية  في هذا المجال، حيث أشيع عن الكثير ممن عملوا في الوسط المقامي، خبراء أو باحثين أو مؤدين على أنهم خبراء و لديهم علمٌ وافرٌ في تفصيلات واعماق المقام العراقي، فالتقيتُ بالكثير منهم واستمعتُ الى أكثرهم وتعرفتُ على مستوياتهم في هذا الشأن. فلم أجد غير ثلاثة لا رابع لهم، يمكن أن ادرجهم ضمن الدرجة الممتازة كأفضل مستوى معرفي في شأن المقام العراقي. وهم الحاج هاشم محمد الرجب ويوسف عمر ومجيد رشيد ابن جورية رحمهم الله جميعاً، وقد دُهشتُ إذ لاحظتُ بشكلٍ عفوي، أن هؤلاء الثلاثة هم بالأساس فنانون مؤدون للمقام العراقي..! وبذلك فإن حالتهم تؤكد على أهمية اقتران المعرفة النظرية بالمعرفة التجريبية والتطبيقية الحية الخالصة المتمثلة في الاداء، لذلك فإني أرى ان من يمارس الأداء المقامي هو أقرب في التعبير عن حقيقة مكنونات المقامات وتفصيلاتها، كونه يعيش العملية الادائية بكل تفاصيلها، ويدرك معاناة وهموم أداء الجملة الغنائية والموسيقية ان كان عازفاً، وأخيراً فهو مطرب متمكن في هذا الميدان وأعني به الميدان الغنائي المقامي وليس كأي مؤدٍ حفظ الشكل وكذا المضمون دون درايةٍ و لا استيعابٍ واع، هكذا نرى ونحن في صدد الحديث عن الحاج هاشم محمد الرجب. حيث يمكننا عدَّه من الطبقة الممتازة بل أفضل من زميليه في الحديث عن المقامات بسبب ثقافته العامة وثقافته الموسيقية خاصة وهو صاحب المؤلفات العديدة، في حين نرى أن زميليه فقيرا الثقافة الموسيقية ولا يمتلكان أية شهادة دراسية أُخرى..!! لكنهما مدركان بالفطرة والتجربة المكتسبة معرفة دقائق المقامات وبشكل ممتاز..![.

 

والى حلقة اخرى ان شاء الله.

 

هوامش

   - هامش1: لقب فني (خبير المقام العراقي الاول في القرن العشرين) تم منحه للحاج هاشم الرجب عام 2003 من بيت المقام العراقي المركز العام عندما كنتُ مديرا للبيت زمنذاك، حيث وضعتُ نص اللقب بنفسي، ثم حصلت الموافقة من وزير الثقافة واحتفلنا في الدائرة بالحاج الرجب بهذه المناسبة..!

 

 

الحاج هاشم الرجب خبير المقام العراقي الاول في القرن العشرين.(1920-2003).

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.