كـتـاب ألموقع
يوميات حسين الاعظمي (948)- الادب العربي يودع سامي مهدي
- المجموعة: حسين الاعظمي
- تم إنشاءه بتاريخ الخميس, 22 كانون1/ديسمبر 2022 09:48
- كتب بواسطة: حسين الاعظمي
- الزيارات: 1194
حسين الاعظمي
يوميات حسين الاعظمي (948)
الادب العربي يودع سامي مهدي
كما ذكرتُ سابقا في اكثر من مناسبة فيما يخص تأسيس (دائرة المستشار الفني) مطلع سبعينات القرن العشرين التي استقر اسمها بعد اكثر من عام على تأسيسها الى اسم جديد بقي صامداً حتى اليوم بـ (دائرة الفنون الموسيقية) التي كان الموسيقار الراحل منير بشير اول مدير عام لهذه الدائرة الموسيقية. وكنت انا من نواة اعضاء فرقة التراث الموسيقي العراقي وباسم حنا بطرس في الادارة ومحمد لقمان مصوراً فوتغرافياً وفي الترجمة عادل وكاتب الطابعة غزوان، كلنا مع مديرنا العام الموسيقار منير بشير اول الموظفين للدائرة، حتى توسعت هذه الدائرة وتطورت بمرور الزمن والتجربة. واذا حصرنا حديثنا عن ادارة الدائرة، فقد توالى على ادارتها بمثابة معاون للمدير العام عدة اسماء ادارية يتم اختيارها من قبل المدير العام. وفي انتصاف العقد السبعيني تم تعيين الاديبة المعروفة ثبات نايف ام نوار مديرة لادارة الدائرة قادمة من وزارتنا وزارة الثقافة والاعلام، وعرفنا بعدئذ انها زوجة الشاعر الكبير سامي مهدي، ومكثتْ السيدة ثبات في دائرتنا مديرة لادارة الدائرة اكثر من عام ثم انتقلت عائدة الى وزارة الثقافة والاعلام في دائرة اخرى. من هنا تعرفتُ لاول مرة شخصيا على الاستاذ سامي مهدي من خلال مجيئه بين الحين والآخر الى دائرتنا لاصطحاب زوجته مديرة الادارة بعد انتهاء الدوام الرسمي. وفي كل هذه الحقبة من الزمن لم تكن علاقتي بالاستاذ سامي مهدي مباشرة، بل كانت لاتتعدى السلام بيننا عندما نلتقي في الدائرة.
مضت سنوات قليلة حتى عام 1979 سافرتُ خلالها في شهر مايس الى باريس مع فرقة الجالغي البغدادي المنبثقة من فرقة التراث الموسيقي العراقي التابعة الى دائرتنا الموسيقية. وتكونت فرقة الجالغي من العازفين حسن النقيب عازفا على آلة الجوزة وسعد عبد اللطيف عازفا على آلة السنطور وسامي عبد الاحد عازفا على آلة الطبلة الايقاعية وجبار سلمان كشيِّش عازفا على آلة الرق الايقاعية. هذا ويذكر ان سفيرنا لدى فرنسا في هذه الآونة كان الاستاذ نوري إلويس، ومدير مركزنا الثقافي الاستاذ سامي مهدي، والملحقية الثقافية كان الاستاذ صادق عزيز ابو لهيب(1 ). وسفرتنا هذه الى باريس، وحسب ما اتذكر كانت بمناسبة إفتتاح معرض باريس الدولي، حيث اقمنا فيه ثلاث حفلات في جناحنا العراقي في المعرض وسط جمهور منوع من كل الجنسيات الاجنبية والعربية القادمة. وكانت الحفلة الرابعة قد اقامها لنا مركزنا الثقافي بباريس والذي يديره الاستاذ سامي مهدي في بناية المركز. فكانت امسية جميلة حضر فيها الكثير من الجالية العراقية برعاية الاستاذ سامي مهدي مدير المركز.
على كل حال، كانت سفرتي هذه الى باريس قد وسعت من معرفتي عن قرب بالاستاذ سامي مهدي، وجعلت من علاقتي به علاقة معرفية متفاعلة رغم فارق العمر، فهو بالنسبة لي أخاً كبيراً واستاذاً وصديقا عزيزاً كريماً، وبالتالي فهو شاعرنا الكبير من ثمرات جيل الخمسينات والستينات من القرن المنصرم. وخلال رحلتي هذه الى باريس، التي تعرفتُ فيها عن قرب بالاستاذ سامي مهدي، وجدته انسانا ودودا هادئا وقوراً لم الاحظه يتكلم كثيرا، انسانا راقيا باخلاقه الرفيعة بكل ما يمكن ان تحتويه هذه الكلمات من معنى، وعليه بقيت سفرتي هذه الى باريس عصية على النسيان، لكثافة احداثها وما لمسته خلالها من نجاح مهمتنا الفنية ورعاية سفيرنا الوقور الاستاذ نوري إلويس ومدير مركزنا الثقافي المرموق الاستاذ سامي مهدي والملحق الثقافي الاستاذ صادق عزيز الذي ندر ان رأينا مثله موظفا عراقيا دبلوماسيا حقيقياً.
في الاول من الشهر الجاري –ايلول، سبتمبر- اعلن في صفحات الفيسبوك عن رحيل شاعرنا الكبير سامي مهدي بعد مرض عضال ألمَّ به. هكذا يكون الادب العربي والعراقي قد ودع احد اهم ادبائه وشعرائه المرحوم سامي مهدي بعد حياة حافلة بالادب والعطاء وخدمة بلده. رحم الله شاعرنا الكبير سامي مهدي واسكنه فسيح الجنان، والرحمة والنور على روحه الطاهرة، تغمده الله بواسع رحمته التي وسعت كل شيء، وألهم عائلته السيدة ثبات وابناؤهما واهله جميعا بالصبر والسلوان وانا لله وانا اليه راجعون.
والى حلقة اخرى ان شاء الله
1 - صادق عزيز ابو لهيب: الرجل الدبلوماسي المميز، الذي وقف بين نائب رئيس الجمهورية العراقي صدام حسين ورئيس الوزراء الفرنسي جاك شيراك مترجما حوارهما عام 1978.
المتواجون الان
424 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع