اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

يوميات حسين الاعظمي (960)- ذكريات مبكرة/ 4

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

حسين الاعظمي

 

عرض صفحة الكاتب 

يوميات حسين الاعظمي (960)

ذكريات مبكرة/ 4

البيئة الاسرية

اليوم هو الاربعاء 19/10/2022.

 

     اعود معك عزيزي القارئ الكريم واكرر قولي المستديم فضل شقيقي الاديب وقارئ القرآن الكريم محمد واثق العبيدي الذي يكبرني باربع سنوات. الانسان الذي فتحتُ عيني عليه يعلمني ويرشدني ويغرس في اهوائي وميولي اشياء كثيرة من الاخلاق الفضيلة وحب الدين والادب والفن والرياضة وغيرها من امور النشأة الاولى والتعلم السريع..! لقد كنتُ وانا صغير أراه يجمع الصور الفوتغرافية بكثرة ويحتفظ بها ويدوِّن عليها تاريخها ومعلومات اخرى تخص الصورة من حيث المكان والمناسبة والشخصيات التي تحتويها والحدث الذي ادى الى التقاط الصورة. الامر الذي أثـّـرَ في أهوائي وميولي الطفولية في هواية جمع الصور وتدوين ما يشمل المعلومات التاريخية لالتقاطها. وهكذا استمرت هذه الهواية معي منذ بواكير حياتي والى يوم الناس هذا، بعد أن أدركتُ بمرور الزمن أهمية وقيمة هذه الهواية في المنظور التاريخي لذكرياتنا في حياتنا التي نعيشها..!

 

       كذلك تأثرتُ بشقيقي الحبيب محمد واثق العبيدي كثيرا وانا الاحظ إهتمامه بقراءة القرآن الكريم والكتابة واللغة والادب والرواية والقصص والشعر. وبصراحة فقد كانت كتاباته تثيرني في تعابيرها وانشائها الادبي الفخم المتسم بالخيال الخصب، حتى بات عندي انه افضل من يكتب المواضيع الانشائية والتعبيرية، وأفضل من يعبر عن الفكرة كتابةً..! وما أزال أعتقد ذلك حتى اليوم..! وهو الذي أتقن دراسة اللغة العربية نحواً وصرفاً، الامر الذي ساعده في أن يصول ويجول في كتاباته الادبية الجزيلة في سباكة لغتها وتماسكها وعمق تعابيرها الانشائية ومعانيها العميقة..! حتى امسى مدرِّسا للغة العربية والادب العربي في المدارس الثانوية ببغداد. متسلحاً بأهم عناصر موهبة وامكانية الاديب والشاعر، ألا وهو الخيال الخصب والافكار المنيرة..!

 

تأثر الآباء والاجداد

     لقد كان آباؤنا واجدادنا متأثرين غاية التأثر بقصص وحكايات فارس الاسطورة العربية عنترة ابن شداد..! التي وصل نعتها عند المؤرخين، بالتاريخ والحكايات الاسطورية..! من خلال شجاعة هذا الفارس المقدام النادرة، ونبله المثير، وكرمه الجميل، وعفوه النادر عند المقدرة، ووفائه المؤثر، وهمته الجامحة، وهيبته القتالية المخيفة لكل من يقابله، وشعره الصريح النابض من الثقة المطلقة بنفسه وقوته في مجابهة اعدائه، وجمالية التعبير عن حبه وعاطفته وهيامه بابنة عمه عبلة، وبالتالي أخلاقه العربية الاصيلة، مجسداً في ذلك كل شخصيته المثالية في التاريخ..! ومن هذا المنطلق، كان والدي بالرغم من كبر سنه نسبة لنا نحن الابناء، إلا أن الأمر وصل به الى أن يشتري كتب عنترة إبن شداد المطبوعة في مجلدات، شأنه في ذلك شأن معظم الآباء والاجداد، التي تحكي تاريخ حياة هذا الرجل العربي الاسطورة. فعنترة عربي من جانب والده شداد العبسي، وحبشي من جانب والدته الحبشية زبيبة. كتبٌ بل مجلدات تحكي كل صفات مواقفه الرجولية في الاخلاق والشجاعة النادرة والعفو والاقدام وغير ذلك من قيم سمحاء مثالية. يشتريها والدي المرحوم كي يقرأها له أخي محمد واثق..! وهكذا يكون أخي محمد واثق معظم الوقت أو في أوقات فراغه، راوياً قصص عنترة لوالدي ويقرأ له من كتب او مجلدات عنترة ابن شداد وبطولاته  الجميلة المصاغة بصورة أدبية ترضي جماليات وتشرح صدور آبائنا واجدادنا في تذكُّرها وسماع اخبارها البطولية التي لايملّـون سماعها أبداً..! والاستئناس بالقصائد التي يقولها عنترة ابن شداد متفاخرا ببطولاته واهله وعشيرته وقيمه السمحاء وغرامه بإبنة عمه عبلة..! ومن هنا أعتقد أن أخي محمد واثق بصورة او باخرى ومنذ بواكير حياته، نمتْ عنده حب اللغة والتاريخ والرواية والادب، وقصص عنترة ابن شداد طبعاً..! زائدا موهبته العفوية التي تمتع بها التي استمرت في نموها منذ صغره حتى اليوم.

 

      هي موهبة وتجربة إذن..! فهذه الفطرة في الاهتمامات وفي مقتبل العمر لايمكن لها ان تكون إلا موهبة عفوية وفطرية من العلي القدير سبحانه وتعالى. إذا ما علمنا انه نشأ معتمداً على جهوده الذاتية فقط، فلم يكن له أخا كبيراً يعلمه في البيت، ولم تتح له وسائل اخرى ليطور نفسه ويصقلها غير الهواية وقراءة كتب الادب وقصص عنترة ابن شداد والرغبة في إثبات الذات.

 

     مرة سأل خال أبنائي السيد ماجد الجبوري (الزنكين) عندما كان صغيراً، سأل والده المرحوم خضر عباس محمد الجبوري الذي كان محبا لقصص عنترة ابن شداد ويرويها على الدوام لابنائه. حتى وصل الامر الى إبنه ماجد أن يطرح عليه سؤالا يكاد يكون منطقيا لكثرة روايات والده عن عنترة.

-    بابا هل عنتر من أقربائنا..!؟ ولماذا لا يزورنا..؟ متصورا ذلك من كثرة ما يحكي والده عن عنترة..!

      هكذا ومن خلال هذه الاجواء العامة لآبائنا واجدادنا وميولهم وجمالياتهم وحبهم للتاريخ وقصص البطولات والشجاعة والرجولة. وحبهم بصورة مطلقة لقصص عنترة ابن شداد العبسي. تبلورت كما يبدو شخصية أخي محمد واثق ونمت بمرور الزمن وهي تحمل مقومات رجولة الاخلاق والفطرة والذكاء والموهبة والتعلم والدراسة والكتابة كل قيم الفضيلة..! وأنا من جانب آخر، الاصغر منه عمرا، كنتُ أراه واشاهده وهو يخوض تجاربه قبلي واحذو حذوه بطبيعة الحال في كل ما يتعلمه ويسلكه..! وهكذا ايضا كانت معظم اهتماماتي منذ البداية مشابهة كثيرا لاهتمامات وهوايات اخي محمد واثق وعلى الاخص في حب الادب والكتابة وقراءة الشعر والتاثر بالذكريات وحب التدوين والارشفة والتوثيق وجمع الصور الفوتغرافية بإدراك ووعي قلَّ نظيره وهو في عمر مبكر.

 

      بطبيعة الحال، فالانسان يعيش في بواكيرحياته متطلعا وطامحا بجموح كبير مستمر دون استقرار، وهو يتطلع الى الحياة رويدا رويدا، يأخذ منها ويتعلم فيها تجارب حياتية جديدة مستمرة، ليقرر بعدئذ اختيار طريق المستقبل المناسب له نزولا عند ظروف نشأته من عادات وتقاليد وعلم ومعرفة وتفكير وخيال، حتى تتبلور شخصيته متطلعا الى خصوصيتها المتفردة.

 

     هكذا هي فترة الحداثة وبواكير الشباب وعنفوانه، التفكير فيها مشتت غير مستقر. يغلب عليها الخيال والاحلام والتأملات، لكنها من جانب آخر فترة ممتعة وجميلة يمكن ان تعد أحلى، أو من أحلى فترات حياة الانسان..! وليتذكر كل منا فترة حداثة حياته تلك، وفترة المراهقة الجميلة وذكرياتها التي لاتنسى أبداً..! التي يملؤها بالحب والغرام وسماع الموسيقى وصداقاته الجديدة مع أشخاص من عمره وإلتقاط الصور التذكارية وغير ذلك من أحداث المراهقة..! التي ربما تمتد الى بلوغ سن الرشد وما بعده بقليل..!

 

 والدان كبيران حزينان

       مهما يكن من امر، فقد نشأتُ في ظلِّ والديـْن حزينيْن كبيريـْن في العمر نسبة لي، أثقل الدهر عليهما من الأحزان والآلام ما يكفي لترك آثاراً عظيمة في نفوسنا جميعاً. سبق ان تطرقتُ إلى بعض حكايات هذه الاحزان في كتابي الموسوم (حكايات ذاكرة صورية) في جزئه الاول. وتولى أخواتي واخوتي تربيتي المباشرة والاعتناء بي، فأنا صغيرهم وانا المدلل عندهم والمحبوب فوق العادة..! فوالدي يكبرني بأربعةٍ وخمسين عاماً، وهو من مواليد 1898. ووالدتي أقل من ذلك بعشر سنوات أو أكثر.

 

والى حلقة اخرى ان شاء الله.

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.